الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد أكثر من قرنين من النضال الصعب / كولومبيا تقدم درسا جديدا في الانتصار

رشيد غويلب

2022 / 7 / 19
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


اعداد: رشيد غويلب

اعلنت كولومبيا يوم الاحد 19 حزيران 2022، قطيعة مع تاريخها الانتخابي المحافظ وفازت لأول مرة قوة يسارية. بعد الانتفاضات الشعبية في عام 2020، تمكن تحالف “الاتفاق التاريخي” اليساري بقيادة غوستافو بيترو وفرانسيا ماركيز من التعبير عن الإرادة الشعبية الأكبر للتغيير وهزم اليمين المتطرف في جميع المجالات.
بعد حملة انتخابية مليئة بالهجمات القذرة ضد اليسار، ما هي فرص حدوث تغيير حقيقي في المسار في أهم جيب تسيطر عليه الولايات المتحدة في القارة اللاتينية؟
لقد ملئت المزامير والاعلام شوارع بوغوتا. كان الجو ممطرًا، كما هو معتاد في العاصمة الكولومبية. وتحولت الشوارع الرئيسة في المدينة إلى ساحات مهرجان. وكان المشهد مشابها في مناطق ساحل المحيط الهادئ المدمرة وذات الأغلبية السوداء. وشهدت مدن أخرى مسيرات بالسيارات المزينة. لقد تراكمت صور الاحتفالات الليلية في البلدات والقرى، مثلما هي صور الناخبين يصطفون في طوابير طويلة أمام مراكز الاقتراع، او يملؤون الحافلات أو الشاحنات، ويمتطون ظهور الخيل وتعج بهم زوارق الهنود الحمر الصغيرة، أو يسيرون على الأقدام، قادمين من زوايا البلاد النائية والمنسية، حاثين الخطى إلى مراكز ومحطات الاقتراع.
كان الاحتفال بانتصار غوستافو بيترو وفرانسيا ماركيز، صرخة كتمها القمع منذ زمن طويل: قرنان بلا حكومة شعبية، و70 عامًا من العنف السياسي المستمر، و30 عامًا من الليبرالية الجديدة وملايين الضحايا. قالت فرانسيا: “بفضل هذه القوة الهائلة التي نمت من الماضي لأجيال التي لم تعد بيننا، فنحن مجرد جزء من تراكم مقاومة عمرها خمسة قرون”. وقال بيترو في خطابه أمام الحشود في بوغوتا: “نحن حصيلة عمليات المقاومة الكولومبية”. كان الفرح مضاعفا، مرة بفوز تحالف اليسار في الانتخابات الرئاسية بنسبة 50.44 في المائة من الأصوات، وأخرى بالاعتراف السريع بنتائج الانتخابات من قبل اللاعبين الرئيسيين في معسكر السلطة وداعميهم على التوالي: الرئيس المنتهية ولايته إيفان دوكي، الخاسر في الانتخابات رودولفو هيرنانديز ، الرئيس الأسبق الأشد عنصرية ألفارو أوريبي، الذي ترتبط السياسة في العقدين الأخير باسمه “الأوربسموس”، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين.
لم يكن هناك تشكيك ولا نزاع ولا ادعاء بحدوث مخالفات أو احتيال رافق العملية الانتخابية. انتصر بترو، وصعد على المسرح مع نائبته فرانسيا، واستقبلا بترحاب حار، وخاطبا الجموع وانتهت الليلة بمهرجان في ساحة بوليفار، تلتها حفلات موسيقى السالسا الشعبية وموسيقى الريغتون، وموسيقى الريغه تون وفجر المدينة عند سلسلة تلالها الشرقية.
وأخيرا احتفلت كولومبيا، التي اعتادت الدفاع عن النفس وتوصيف المأساة. شوهد ذلك في الشوارع، في الضحك، في الألعاب النارية، في صور العديد من الكولومبيين المنفيين بسبب نزاع مسلح مستمر، وفي فيديو لرجل أسود خاطب اول نائبة سوداء للرئيس: “تعيش كولومبيا، تعيش فرانسيا “، في العديد من الرسائل على شبكات التواصل الاجتماعي. كما لو ان لعنة قد انكسرت، وكما قال بيترو في إشارة إلى غابرييل غارسيا ماركيز، إن الأجيال التي عاشت مائة عام من العزلة، انتزعت فرصة ثانية للعيش على الأرض.

حملات قذرة
في اليوم الذي سبق التصويت كان العنوان الرئيس لمجلة سيمانا الكولومبية “مقاتل حرب العصابات السابق أم المهندس. يوم الاحد سيقرر الكولومبيون من هو الرئيس القادم غستافو بيترو ام رودولفو هيرنانديز”. فرد المرشح اليساري عبر التويتر، على رئيسة تحرير المجلة: “أود ان أعْلم حضرتك بأني أستاذ في العلوم الاقتصادية”. وسبق للمجلة ورئيسة تحريرها ان حملت غوستافو بيترو وحملته مسؤولية العنف في الشوارع خلال الاحتجاجات الاجتماعية الواسعة عام 2021.
والمجلة المرتبطة بأكثر أوساط اليمين عنصرية، كانت وراء ما سمي “فيديوهات بيترو”، والتي سربت اجتماعات تحضيرات داخلية لحملة تحالف اليسار الانتخابية، واجتماعات من مناقشات حول كيفية النفاذ لقوى الوسط السياسية. لقد كانت حملة عدوانية.
واستنكر الرئيس المنتخب أن تسجيلات المحادثات الخاصة التي استمرت تسعة أشهر، جاءت عبر تجسس غير قانوني، وهي ممارسة قام بها ا مرارًا وتكرارًا الضباط الكبار في القوات المسلحة. وكانت هذه التسريبات هي الهجوم الرئيسي على حملة بيترو، الذي واجهه مرشح يميني عكس الكثير من نقاط الضعف، في حين بدا من الصعب التغلب عليه، خاصة في الأيام الأخيرة التي سبقت يوم الاقتراع.
كان لدى هيرنانديز نقاط قوة: لغة مباشرة، أسلوب شعبوي، أسلوب خارج السياق في بعض الأحيان، خطاب ضد الفساد، من أجل التغيير وضد السياسيين التقليديين. لقد عكس صورة رجل الأعمال الناجح، المليونير، الرجل القوي والصعب، القادر على الاعتداء الجسدي على عضو مجلس البلدية، في بلد ترسخ أسلوب القيادة هذا بقوة في بعض مناطقة. وربط مرشح اليمين المطالبة بالتغيير، بثقافة أكثر أوساط اليمين عنصرية.
استندت حملته الانتخابية على بناء شبكة واتساب وطنية كجزء من إستراتيجية رقمية. وعانت من أوجه قصور منها: عدم التحضير الجيد لقضايا متعددة، قيود الخطاب في شبكات التواصل الاجتماعي، التصريحات الكاذبة واخطاء المرشح الأخيرة، ولعل أبرزها رفضه الحوار مع بيترو عبر منصة انترنيت واسعة الانتشار. بالإضافة إلى مقطع فيديو مسرب له في حفلة على متن يخت في ميامي مع العديد من الشابات في ملابس السباحة؛ واتهام نجله في قضية فساد اتُهم هو نفسه فيها من قبل النيابة العامة وتضم قائمة الاتهام اسماء رجال أعمال يُزعم أنهم ينتمون إلى شركة فايزر للأدوية.
لقد واجه هيرنانديز صعوبة في إقناع الناخبين من قوى الوسط الاجتماعية، ولم ينجح في الدوائر متنوعة التركيبة التي تطالب بالتغيير وقريبة من “الأوربسموس” التي دعمته في جولة الانتخابات الثانية. لقد حصل على عدد عال من الاصوات: 10,580,412 مليون صوتًا. وحصل بيترو على 112,810,13 مليون صوتا، بزيادة قدرها 2.75 مليون عن الجولة الأولى، وبنسبة مشاركة في التصويت بلغت 58,09 بالمائة، بزيادة 3 في المائة عن ما حصل عليه في الجولة الأولى، وبهذا اصبح الرئيس الحاصل على اعلى نسبة تصويت في تاريخ كولومبيا.

دور الحركات الاجتماعية
إن انتصار بترو وماركيز هو أيضًا نتيجة نضال وتعبئة الحركات الاجتماعية، وخاصة الحركات الأفرو - كولومبية والسكان الأصليين، التي قاومت النظام العالمي العنصري والاستعماري والأبوي منذ بداية الاستعمار قبل أكثر من 500 عام. إنهم يدافعون عن الحق في البقاء وأن تكون لديهم رؤيتهم الخاصة للعالم. ويعارضون الرأسمالية النهمة والمدمرة. باعتبارها نظاما اقتصاديا يقوم على استغلال الناس، واستعبادهم وإقصائهم.
يرى متابعون ان “الاتفاق التاريخي” تحقق بفضل الحركات الاجتماعية. وان الاتفاق هو اتفاق وتقارب العديد من الفاعلين السياسيين الذين سئموا من وضع السياسة الكولومبية الراهن. ويؤكدون أن الحركات الاجتماعية هي بطلة هذا الانتصار. لقد ابتعد الناس من المؤسسات التقليدية، بما في ذلك الأحزاب السياسية والنقابات العمالية. لقد كانت القدرة التنظيمية والتعبئة للحركات الاجتماعية هي التي جعلت النصر ممكنًا. أعضاء الحركة الأفرو- كولومبية، وحركة السكان الأصليين (الهنود الحمر)، والحركة النسوية، وعوائل الشهداء والضحايا، والحركات الشبابية والطلابية، لقد جمّعوا مواهبهم وقوتهم وطاقتهم. كان هذا هو مفتاح النجاح.
الحركات الاجتماعية في كولومبيا تعلم، أن مشاكل البلاد تعود إلى قرون من الاضطهاد والاستغلال البشعين. وإن عدم المساواة الاجتماعية العميقة والأزمة المؤسسية لا يمكن تقويمها خلال أربع سنوات، فهذا يتطلب الوقت والصبر. وعلى عكس سابقاتها، تمثل الحكومة الجديدة، إلى حد بعيد مصالح المهمشين. هذه قيمة مهمة جدا. وفي المستقبل، يمكن للحركات الاجتماعية أن تنزل إلى الشوارع دون أن تخشى القمع الوحشي الذي تعرضت له في الماضي. يمكنهم الدفاع عن حقوقهم وانتقاد الحكومة.
فرانسيا الثورية
يقول سائق وهو في طريقه إلى مسقط رأس فرانسيا ماركيز: “في هذه المدينة عليك أن ترى الكثير ولا تقل شيئًا”. إنها محاطة بالجبال، والكثير من المساحات الخضراء، وتتصل بها طرق صغيرة سيئة تشق القرى الفقيرة، تسكنها أكثرية من الكولومبيين الأفارقة، وفيها عدد قليل من المتاجر وهواؤها ثقيل، لأطلاق النار المستمر في الأماكن القريبة. تنتج المنطقة، الكوكا وتنقله بعد معالجته عبر الممرات المؤدية إلى المحيط الهادئ: المنطقة مزيج مثالي للنزاعات الإقليمية بين الجماعات المسلحة وصفقات بملايين الدولارات.
هناك تحولت فرانسيا ماركيز المولودة في 1 كانون الأول عام 1981 لأبوين يعملان في المناجم، إلى قائدة اجتماعية. بدأت النضال ضد اقامة السدود، ودفاعا عن نهر منطقتها. في سن 13 وفي عام 2018 حصلت على جائزة غولدمان الدولية للبيئة. وأصبحت أما في وقت مبكر، عملت في تنظيف البيوت ودرست القانون، وتعرضت لتهديدات بالقتل والتهجير، وفشلت محاولة اغتيالها عام 2019. يقول أحد رفاقها “البقاء كقائد اجتماعي في هذه المدينة هو معجزة حقيقية”. وكانت تحت حماية الشرطة والجيش بسبب التهديدات التي تكثفت مع اقتراب نهاية الحملة الانتخابية.
حصلت فرانسيا ماركيز في الانتخابات التمهيدية الداخلية لتحالف اليسار في آذار الفائت، على قرابة 900 ألف صوت، فأحدثت مفاجأة كبيرة في الوسط السياسي، وضمنت ترشحها لمنصب نائب الرئيس بالضد من المعارضة داخل التحالف. لعبت دورا حاسما في عملية الجمع بين الحركات والمنظمات والقطاعات التي حشدت قواها خلال الانتفاضة الاجتماعية، والمناطق المهملة تاريخياً في البلاد، والنساء؛ وكذلك في بناء الجسور بين شبكات الناشطين المؤثرين الذين ساندو حملة تحالف اليسار في الجولة الثانية. وجاءت نتائج المناطق التي ركزت عليها في الجولة الثانية لتعكس شعبيتها: 63,85 في المائة في فالي ديل كاوكا، 74,5 في كاوكا، 80.91 في نارينيو، 81.94 في تشوكو، المناطق، والتي كانت حصتها 22.56 في المائة من النتيجة النهائية.
وكان دور فرانسيا ماركيز مهمًا للغاية، لقد تمكنت من إقناع وتعبئة الناخبين الذين كانوا مترددين في انتخاب بيترو، الذين ولأسباب مختلفة لم يروا فيه خيارا جيدا لتغيير جذري. أعطت ماركيز المشروع السياسي لـ (الميثاق التاريخي) مزيدًا من السعة والعمق والبنية. إنها تمثل الجزء المستبعد من كولومبيا، الكولومبيون الذين يعانون أكثر من غيرهم من عدم المساواة الاجتماعية، والذين عانوا أكثر من غيرهم من النزاع المسلح الداخلي. إنها تمثل كولومبيا الناجين من الإبادة. تتحدث بلغة بسيطة، لكنها تبني الجسور الأساسية، حازمة وراديكالية في الدفاع عن أراضي جماعات السكان الأصليين والكولومبيين السود، وفي سبيل حقوق الإنسان، وحماية البيئة. ويرى متابعون أن جزءا كبيرا من الزيادة في القوة التصويتية لليسار يعود إلى فرانسيا وموقفها الواضح المتماسك. لقد حصل بترو على أعلى نسب التصويت في المناطق التي نظمت فيها فرانسيا حملتها الانتخابية.
في السابع من آب، ستتولى امرأة كولومبية من أصول أفريقية، قادمة من الجزء الأكثر تهميشًا في البلاد، والأكثر تضررا من النزاع المسلح، منصب نائبة الرئيس لأول حكومة تقدمية في تاريخ كولومبيا. في تحد للوضع الراهن، الذي تم الحفاظ عليه في كثير من الأحيان بالرصاص، من قبل واحدة من أكثر النخب محافظة وعنفًا في القارة، والتي اعتادت حكم كولومبيا كما لو انها إقطاعتيها الخاصة.


اتفاق وطني واسع
يمثل غوستافو بيترو صورة قائد أعد سياسيا وفكريا بشكل جيد. كان عضوا في حركة الكفاح المسلح التي انهت نشاطها العسكري بموجب اتفاق سلام عام 1990، الذي أدى إلى دستور عام 1991؛ ويمتلك خبرة من عمله كعضو في مجلس الشيوخ، واتسمت فترة ولايته بإدانة الفساد وثقافة الحرب الباردة، وكان عمدة للعاصة بوغوتا. لقد كان أحد أهداف حملته الانتخابية الرئاسية، توفير القناعة بقدرته على تشكيل حكومة مستقرة، ردا على اتهام تحالفه بالعزم على احتكار السلطة والانحياز لـ “كاسترو تشافيز”.
وتحقيقا لهذه الغاية، دعا، ضمن أمور أخرى، إلى اتفاق وطني واسع بعد الجولة الأولى من الانتخابات. وقبل يومين من التصويت الحاسم، التقط صورة مشتركة في اجتماع حضره ممثلون بارزون لقوى الوسط السياسية وممثلون لخلفيات مؤسسية أو اجتماعية متنوعة. وكانت ضرورة التوصل إلى اتفاق مشترك من النقاط التي كررها في خطاب النصر. دعا بيترو بلدًا مقسمًا إلى اللقاء سوية: لقد جاءت خريطة توزيع الأصوات لبيترو ومنافسه مشابهة لجغرافيا التصويت على استفتاء اتفاق السلام لعام 2016، حيث صوتت العاصمة والمناطق المتضررة من الحرب لصالحه، فيما صوتت المناطق الأخرى لصالح منافسه.
يمكن أن تكون “اتفاقية وطنية كبرى” مبنية على أسس قانونية، ومصحوبة بقيود وشروط محتملة مهمة لمواجهة تحديات مثل تغيير سياسات الليبرالية الجديدة بشأن المعاشات التقاعدية أو حيازة الأراضي أو الانتقال إلى الطاقة المتجددة. وأيضًا من أجل قضية السلام المركزية، والتي تتطلب مفاوضات مع المنظمات اليسارية المسلحة بالإضافة إلى تغيير العقائد والممارسات القائمة في الجيش والشرطة، على أساس مفهوم العدو في الداخل؛ وإيجاد حلول لأشكال عدم المساواة التي تغذي قوة الجماعات المسلحة.

طبيعة الحكومة الجديدة
الحكومة الجديدة ستكون حكومة ديمقراطية اجتماعية تقدمية تركز على حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وحماية البيئة. وهي حصيلة لأكثر من 200 عام من النضال الصعب. طوال تاريخها الجمهوري، كانت كولومبيا محكومة سياسياً واقتصادياً من قبل حفنة من العائلات الثرية المتسلطة.
ويبقى السؤال عن مدى قدرة الرئيس الجديد على تنفيذ برنامجه في مواجهة قوة عسكرية مرتبطة غالبًا باقتصادات غير شرعية وتشكلت إلى حد كبير من “الاوريبسموس” وتبعية سياسات الولايات المتحدة؟
ان الفجوة بين مساعي التغيير والقدرة على تنفيذها واحدة من ميادين التوتر التي ستواجهها الحكومة الجديدة. بينت الانتصارات الانتخابية الأخيرة في العديد من التجارب التقدمية في أمريكا اللاتينية، صعوبة تنفيذ الإصلاحات التي تغير الوضع الراهن، خلال دورة انتخابية واحدة. وفق ما متحقق الآن سيكون أمام بترو أربع سنوات لتنفيذ برنامجه الإصلاحي.

ماذا سيفعل اليمين؟
وسائل الإعلام المهيمنة، تعكس وجهة نظر اليمين الكولومبي. إنها تعتبر البلاد اقطاعية خاصة بالمتسلطين. ومن المؤكد أن النخبة السياسية والاقتصادية في كولومبيا ستقاوم التغيير. لكن من غير الواضح كيف ستتعامل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع مشروع الحكومة الجديدة السياسي. التجارب التاريخية في القارة الأمريكية، تبين أن موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تحديد مساحة التحرك باتجاه التقدم الاجتماعي مؤثر، فاذا كانا يحترمان أصوات أكثر من 11 مليون ناخب يريدون العيش في بلد يتمتع بعدل أكثر، فسيتم تحجيم دور اليمين المتطرف في هذا البلد إلى حد كبير. وإلا فسيكون المتطرفون احرارا في إثارة الذعر، ونشر الاخبار الكاذبة، وإلحاق الضرر بالاقتصاد عبر سحب الاستثمارات، وما إلى ذلك. هناك مخاوف من الموقف المستقبلي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. لقد استغلا موارد كولومبيا الطبيعية. ويريد الرئيس الجديد تحجيم عمليات الاستغلال عبر فرض ضرائب أكبر. وهذا يؤثر على الشركات متعددة الجنسيات التي لم تهتم سابقًا بانتهاكات حقوق الإنسان والدمار البيئي في كولومبيا، واستفادت من العنف لأنه جعل نشاطها ممكنًا. اما إذا انتصرت الحكومة الجديدة، فستصبح المواد الخام اكثر كلفة على هذه الشركات.

ردود الفعل الامريكية
كيف سيكون رد فعل واشنطن على الحكومة الجديدة لدولة تتمتع بأهمية قصوى في الجغرافيا السياسية القارية؟ من الثابت ان صقور اليمين الجمهوري سيعتمدون سياسات عدوانية، كما عبر عن ذلك حاكم فلوريدا رون دي سانتيس، الذي وصف بيترو بعد انتخابه بيوم واحد بأنه “ماركسي ومن إرهابي المخدرات سابقا “، ويعتمد „أيديولوجية يسارية شمولية”. وهناك تيار أكثر اعتدالا، كما يتضح من رسالة ستة من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين، حثوا فيها الرئيس بايدن على التحقيق فيما إذا كانت تهم الفساد الموجهة إلى مرشح اليمين الخاسر هيرنانديز مرتبطة بممتلكاته العقارية في فلوريدا. بالإضافة إلى رد فعل غريغوري ميكس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الامريكي، الذي هنأ بيترو وفرانسيا ماركيز على انتخابهم، وسبق له ان استقبلهما قبل أسابيع.
سيكون لكولومبيا رئيس ونائب رئيس تلقيا تهديدات متعددة بالقتل وتجنبوا محاولات اغتيال. تذكر الناجون ليلة انتصارهم قائمة طويلة من أسماء ضحايا الاغتيال، مثل المرشحين الرئاسيين الثلاثة الذين اغتيلوا في انتخابات عام 1990: لويس كارلوس غالان وكارلوس بيزارو وبرناردو جاراميلو. في السابع من آب، تبدأ مرحلة جديدة حال دونها المتسلطون طيلة عقود. لقد استخدموا كل الطرق والوسائل للحصول على امتيازاتهم. هذه المرة لم يتمكنوا من فعل ذلك، لقد اختارت الغالبية التغيير في بلد يعيش أخيرا فرحا كبيرا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي