الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مراجعة لمفهوم التكليف والحساب يوم القيامة

عدنان إبراهيم

2022 / 7 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما سأل الوسيط الروحي والكاتب الأمريكي المرموق نيل دونالد والش سأل عما إذا كان ‏التناسخ عقيدة خاطئة ؟ فقيل له: أنه ليس كذلك، بل هو صحيح وواقع. سأل نيل: لماذا ‏لا تعرف بعض الأديان حقيقة أساسية ورئيسية إلى هذا الحد.! رداً على ذلك قيل له: ‏يجب أن نفهم أن البشر لديهم العديد من الأديان القائمة على الخوف والتي تحيط تعاليمها ‏بعقيدة الإله الذي يجب أن يُعبد ويُخشى من خلال الخوف (1)‏
‏إذا لم تفهم هذا النص، وما علاقة الجواب بالسؤال، فاعلم أنك خارج ميدان المعركة ‏الحقيقي.‏
الله الشخصي هو نور إلهي وشعاع منه وصوت الضمير الذي ‏يعرفه الانسان في قلبه ‏وباطنه ‏ويمثل ذاته الحقيقية، هذا الإله هو منحاز دوما لصاحبه الذي يسكن ‏فيه ويحبه ‏جداً لانه يمثل ‏جسده وبيته الذي يطل منه على العالم.‏
ولهذا نرى فالمؤمن يرى أن ‏كل شئ يصيبه فانه يقع ‏في صالحه حتى في حال النزاع بين ‏المؤمنين او بين الزوجين، ‏يرى كل طرف ان الله يؤيده، وهذا صحيح ولكن ذلك لا يعني ‏انه يؤيده ‏حتى لو ظلم الاخرين، بل يكتفي بتنبيه صاحبه الى الخير ويحذره ‏من الخطأ. ‏وهذا ‏يعني ان هذا الله الشخصي ايضا غير ملزم بالاخلاق، لأن الكل مظاهره، من جلال ‏أو جمال، ولكنه ‏يأمر صاحبه بالعدل والاحسان ‏وينهاه عن الفحشاء والمنكر، ليكون ‏مظهراً لصفات الجمال لا الجلال، وبالتالي فالانسان هو الملزم بالاخلاق. ‏
المبنى الاخر من مباني ‏العرفان والذي يتفق عليه جميع عرفاء الشرق والغرب هو وجود ‏‏عالمين: عالم الغيب ‏والشهادة او عالم الملك والملكوت او عالم الشعور واللاشعور حسب ‏‏علماء النفس، وهذا ‏يعني ان كل فعل يفعله الانسان من خير او شر لا يفنى ابدا بل ‏‏يذهب الى عالم ‏اللاشعور او عالم ملكوت الشخص وهو عالم الباطن ويستقر فيه ويؤثر ‏‏على حياته ‏المستقبلية. وهناك ‏قوانين اخلاقية ‏في العالم على غرار القوانين الطبيعية كما ‏ورد عن الامام علي او عن ‏العرفاء: قامت ‏السماوات والارض على العدل، هذه القوانين ‏الاخلاقية التي يؤكد العارفون وجودها في ‏العالم، هي التي بدورها ‏تعاقب المسئ على ‏سيئاته وتثيب المحسن على احسانه في هذه ‏الدنيا. فعندما يفعل ‏شخص المنكر كأن يسرق ‏او يغش مثلا فان هذا العمل يخلف اثرا ‏سيئا في نفسه وروحه ‏او نكتة سوداء ومظلمة في ‏شخصيته كما في النصوص الدينية ‏وهذه الثغرة في جدار ‏نفسه تجعله مستعدا للاصابة ‏بالمثل، اي ان يتعرض للسرقة او الغش ‏من شخص اخر ‏فلولا وجود هذه الثغرة لما ‏استطاع السارق فيما بعد سرقة شئ منه، اي ‏ان الانسان بهذا ‏العمل يظلم نفسه اولا ‏ويطعنها بهذا الفعل اللا اخلاقي ويعرض نفسه ‏لعقوبة مماثلة وهو ‏قول المثل: بشر القاتل ‏بالقتل ولو بعد حين. او قول المسيح: لا تدينوا ‏لئلا تدانوا، او ‏قول القران: وما ظلمناهم ‏ولكن انفسهم كانوا يظلمون. وكذلك نفهم قول ‏القران: ان الله ‏سريع الحساب. اي ان الفعل ‏الحسن او السئ يخلف اثره فورا على نفس ‏الانسان وباطنه ‏لا ان الله ينتظر الاف السنين ‏ثم يعاقب هذا المسئ في النار ومع ذلك ‏يقول سريع ‏الحساب.. ويتبين مما مضى أن ‏الانسان ‏نفسه ملزم بالاخلاق ويتواصل في حياته مع القانون الاخلاقي في العالم كما ‏‏يعيش مع ‏القانون الطبيعي ويتواصل معه. (2)‏
هل الحساب هنا في الدنيا‏ ؟ وأن الدنيا هي دار التطهير والتصفية؟ في رأيي أنه لا يكفي ‏الفكر المجرد للقطع في مسألة كهذه، نعم هناك شكوك من وجود عذاب يقع على الجسد ‏بعد تحلله أما أعيننا، ولكن القطع يحتاج إلى برهان أكبر وأثبت من الفكر.‏
في القرن التاسع عشر ظهر رجل في فرنسا اسمه آلان كاردك، انشغل بما نفكر فيه، ودله ‏الأقدار على ما يعرف بالموائد الدوارة، وهي ظاهرة موجودة عند مختلف الشوب منذ ‏العصور القديمة (3) وكانوا على وعي تام بوجود عالم الأرواح ويتواصلون معه من خلال ‏تلك الطاولات، حيث تعطي لكل حرف عدد معين من الدقات، وكان هذا أسلوباً صعباً ‏ومملاً للغاية، فقام آلان كاردك بتطوير هذه العملية من خلال الكتابة المباشرة عبر ‏الوسطاء، فكان يستخدم الوسيط في تلقي المعاني من الأرواح العليا التي يظهر من ‏كلامها نور وهدى يشبه كلام المسيح (والوسيط وهو شخص مولود بقدرا باراسيكولوجية ‏متقدمة، اسمه في عالمنا العربي ملبوس أو ممسوس أو مخاوي أو أي مسمى غير علمي ‏فيه تعالي وأستاذية دون بذل مجهود) وهي تجارب أجريت عبر آلاف الوسطاء للتواصل ‏مع الأرواح السامية. ولا يختلف ‏الأسلوب العلمي التجريبي في هذا عن المنهج العلمي في ‏الدراسات نفسية، فالتكرار وعدم ‏الملل من تكرار التجارب لابد وأن يؤدي في النهاية إلى ‏اتساق الإجابات وتكوّن نوع من ‏اليقين أو النظرية المعرفية أثبت من النظرية الدينية، لأن ‏الأولى تواصل مباشر هنا والآن ‏وليس فيها ما يثير سؤالاً واحداً يحير العقل، بينما الأخيرة ‏مليئة بمضادات العقل لأنها ‏خضعت للدس وعوامل التاريخ المختلفة التي من أخطرها ‏عامل الأطماع السياسية والحاجة ‏لوضع قوانين مدنية دينية - منسوبة للنبي ص - ‏للإمبراطوريات الجديدة، وأمور أخرى ‏كثيرة محلها كتب علم الإجتماع الديني ونقد الكتب ‏المقدسة. ونقدها ليس كفراً ولكنه واجب ‏أخلاقي، فالقول مثلاً بعدالة جميع الصحابة بما ‏فيهم معاوية وحزبه، هذا توجيه تربوي!.. ‏ومثله وأشد قبحاً منه أن تقبل وتمرر أن الله ‏يفعل ما فعله أبو جهل بعبده البراء بن عازب ‏من حرق على الجمر، فترفض هذا من أبي ‏جهل وتقبله من الله لا لشيء إلا أن هذا ‏الطغيان (مكتوب) يا أخي! لعن الله الحروف ‏التي تسلب العقول وتسبي الغيرة والنخوة.. ‏الكتابة قد تكون لغرض إصلاحي تكتيكي ‏‏(الرسل بشر مصلحون قد يدونون مشاهداتهم ‏الروحية المليئة بالرموز، فيفسرها الناس ‏تفسيرات مادية) المهم هو علاج التوجيه التربوي ‏الخاطيء المليئة به الكتب المقدسة. ‏وحينما يقول رجل مثل البابا شنودة الثالث: استحالة ‏تحريف الكتاب المقدس، حتى التوراة، ‏فهذا توجيه تربوي مدمر للناس وليس حفاظاً على ‏الدين، فقد كره الناس الدين وفقدوا ‏صوابهم بسبب هذا البابا وأمثاله من علماء المسلمين ‏عندنا، فما الذي سيجري إذا أرحنا ‏عقولنا وصوت الضمير الذي لا يكف عن الأنين؟ يعلم ‏الله والمؤمنون أنه ليس ثمة إلا ‏الكبر والجبن ووطأة السلطة الدينية.‏
قلنا أن الفلسفة المحضة أو الفكر المجرد غير كاف للقطع بـ(كفى بنفسك اليوم عليك ‏حسيبا) وأن الحساب تلقائي في دار الفناء والبلاء، ولكن لابد من برهان وسلطان‏، هذا ‏البرهان عرفته البشرية أخيراً من خلال آلان كاردك (العلوم التي كشفها الكتاب مهولة، ‏لدرجة أن الكتاب أخبر لأول مرة في التاريخ عن نظرية التطور)، حيث صدر سنة 1857 ‏قبل كتاب تشارلز داروين أصل الأنواع بسنتين، لأن الأخير صدر عام 1859 ‏
وهذه المعلومة لم يلاحظها أحد، ولكن منّ الله بها علىّ بفضله.‏

ماذا عرف آلان كاردك من خلال الوسطاء؟ عرف أن التكليف شخصي وأن الحساب ‏شخصي، فإذا كان الخلق صورة الحق، فمن سيحاسب من؟ هناك فرق بين دار التشريف ‏ودار التكليف والتعريف، فهناك إكرام ولطف وفترة استراحة بين التجسدات، وهناك آلاف ‏من حالات العائدين من تجربة الإقتراب من الموت قصوا ما شاهدوه ولم يجدوا شيئاً مما ‏في تراثنا عن جهنم والقبر الخ، وموقع يوتيوب مليء بهذا بلسانهم مباشرة. وإذا كان القرآن ‏مليئاً بذكر الصفات البشرية والصور لله، وقام العلماء بتأويلها، فما المانع أن يأولوا ‏الحساب والعذاب وينقلوه من الحقيقة إلى المجاز، لا سيما وقد نص القرآن أن الإنسان هو ‏الذي سيحاسب نفسه (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا).‏
الله اختار الجنس البشري من بين مختلف أجناس الكائنات الجسدية، لتتجسد فيه الأرواح ‏‏التي بلغت درجة ما من الارتقاء، مما يجعلها متفوّقة أخلاقياً وعقلياً على الكائنات ‏الأخرى، وأن ‏نفس الإنسان هي روح متجسدة ولا يعدو الجسد أن يكون غلافاً لها، وأن ‏الأرواح لا تبقى على الدوام في نفس الدرجة بل يرتقي جميعها مجتازاً درجات التدرج ‏‏الأرواحي على اختلافها، أما ارتقاؤهم فيتم بواسطة تكرار التجسد (أي التأنس) الذي يُفرض ‏على ‏البعض منهم كتكفير وعلى البعض الآخر كرسالة، وأن الحياة في المادة تجربة يتحتم ‏عليهم ‏احتمالها مرات عديدة إلى أن يصلوا إلى الكمال المطلق فالحياة في المادة تعمل ‏بمثابة‏ مصفاة ‏للتنقية يخرج الروح منها مطهراً إلى حد ما.‏
ما رتبه الله الرحيم في نظام تعدد التجسدات لارتقاء الروح ‏يذكرنا إلى حد ما بالنظام ‏‏‏المدرسي حيث يبتدئ طالبو العلم الفصول السفلى ثم ‏يتقدمون رويداً بمجهودهم سنة بعد ‏‏سنة، ‏من الابتدائي إلى الثانوي ‏وإلى الجامعي. وفي ‏هذه المقارنة فإن كل سنة دراسية هي ‏‏بمثابة تجسد، ‏ويمكن تشبيه عطلة الصيف ‏السنوية بالاستراحة خلال الحياة العالم الروحي، ‏‏أما السنوات التي ‏يجب على التلميذ أن ‏يعيدها ثانية من جراء فشله في الامتحان السنوي‏ ‏‏فهي التجسدات الفاشلة ‏التي ينبغي ‏على الروح أن يعيدها، إلى أن ينجز الهدف الذي عزم ‏‏على الوصول إليه. وهكذا ‏يصعد ‏في التعلم سنة بعد الأخرى إلى أن يبلغ الدراسات العليا ‏‏مثلما يصعد الروح الدرجات ‏إلى ‏أن يصل إلى درجة الكمال
إذاً الأرواح تتطوّر من خلال تكرار التجسد. ومن خلال النظر إلى سجل الأحافير والطفرة ‏العلمية التي عرفها البشر عن أنفسهم وتطورهم عن أجناس أخرى غير البشر الحاليين، ‏يمكننا أن نضع الآن نظرية تطور الأرواح جنباً إلى جنب مع نظرية داروين لنفهم ما قاله ‏آلان كاردك أن عمليتي التطور تسيران معاً جنباً إلى جنب، وأن هذه المخلوقات البدائية ما ‏كانت إلا نحن قبل الترقية بنفخ الروح في النسخة الحالية من البشر الذي عرف في الكتب ‏المقدسة بآدم، وهو ليس أبو البشر ولكن أول نسخة وُضع فيها امكانية التعرف على الذات ‏والشعور بالجانب الروحي والسعي نحو الفضائل والكمال.. نحن إذاً عجائز جداً، أعمارنا ‏ملايين السنين، يقول كاردك أن أصلنا المادي كان جماداً ثم ارتقى للنبات ثم الحيوان ثم ‏الإنسان تدريجياً.. فبالله عليك عمرنا ملايين السنين ثم تريد أن تختصر كل هذه الخبرات ‏في ضربة لازب وتجسد واحد (وهوبا اشحن على الجنة أو النار، ويوجد حديث يقول أن ‏الله قبض قبضتين وقال هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وهؤلاء إلى النار ولا أبالي، ويبدو أن ‏واضع هذا الحديث معتوه في عقله شيء، أو بالأحرى روح متأخرة تريد إتعاب الناس، فكل ‏ما يعانيه الناس هو من وضع هؤلاء في تراثهم الديني)
خلق الله جميع الأرواح بسيطة وجاهلة أي عديمة المعرفة وأعطى لكل منها وسائل لتتنور ‏‏بواسطتها، وتصل تدريجياً إلى الكمال بمعرفة الحقيقة ولتتقرّب منه، وبذلك الكمال تجد ‏السعادة ‏الأبدية التي لا تشوبها شائبة. والأرواح يكتسبون هذه المعارف بتحملهم للتجارب ‏التي ‏يفرضها الله عليهم، فبعضهم يقبل تلك التجارب مذعناً لله فيَصِلون بوقت أسرع إلى ‏هدف ‏مصيرهم، أما غيرهم فيتحملونها بتذمر ولذلك فهم يظلون غارقين بذنبهم بعيدين عن ‏الكمال ‏وعن السعادة الموعودة.‏
فالبعض يتجسّد للتكفير عن أخطاء سالفة، تحقيقاً لعدل الله في الأرض، والبعض ‏الآخر ‏لإتمام مهمة أو رسالة، غير أنه لبلوغ ذلك الكمال يتحتم عليهم تحمل كل تقلبات الحياة ‏‏الجسدية ومن خلال التحمّل يكون التكفير. ‏
وهناك غرض آخر في التجسّد وهو تمكين الروح من تحمل قسطها في تشكل الخليقة، ‏‏ولإنجاز هذا الغرض تتخذ الروح في كل عالم جهازاً جسدياً يتوائم مع المادة الأساسية ‏الخاصة ‏بذلك العالم لتنفذ من تلك الوجهة أوامر الله في ذلك العالم. وهكذا فبينما هي ‏تساهم في العمل ‏العام فإنها تتقدم أيضاً • هل تحتاج إلى التجسد الأرواح التي سلكت منذ ‏البداية طريق الصلاح؟ ‏تخلق جميع الأرواح بسيطة وجاهلة، وهي تكتسب المعرفة في ‏معارك الحياة الجسدية وشدائدها، ‏لا يعقل أن الله في عدله يخلق بعضها سعيدة دون ‏مشقة ودون اجتهاد، ومن ثم دون أن ‏تستحق هذه السعادة. ‏
تسيطر المادة (الرغبات الأنانية) على الروح المتجسد، لكن الإنسان الذي يتحرر من ‏تلك ‏‏السيطرة بواسطة الاجتهاد للصعود بروحه والعمل لتنقيتها يتقرّب من الأرواح الصالحة، ‏‏‏ويصبح فيما بعد واحداً منها أما الإنسان الذي يدع نفسه يسقط تحت سيطرة الأهواء ‏‏‏الدنيئة ويمعن إشباع شهواته البذيئة يقترب من الأرواح النجسة، وتسود فيه طبيعته ‏‏الحيوانية ، وتبقى الرغبات غير المحققة مخزونة في النفس إلى أن يتم تحقيقها في نفس ‏‏الجسد أو في تجسد تالٍ.‏

الإستعداد للتجسد
في الحالة غير المتجسدة وقبل أن يبدأ حياة جسدية جديدة لا يدرك الروح الأحداث التي ‏‏ستطرا ‏عليه أو يتوقعها، ولكن يختار هو نفسه نوع التجارب التي يريد أن يقاسيها ويفعل ‏ذلك ‏بموجب حرية ‏اختياره. إذن ليس الله هو الذي يفرض مشقات الحياة كقصاص للروح، ‏‏ولكن الله هو الذي أقام جميع السنن التي تتحكم بالكون. ‏
عندما أعطى اللّه للروح حرية ‏الخيار جعل مسؤوليته عن ‏أفعاله وعن عواقبها كاملة، فلا ‏شيء يقيّد مصيره، إذ له ‏الخيار بين طريق الصلاح وطريق الشر، ‏ولكنه إذا سقط يبقى له ‏تعزية، وهي أن سقوطه ‏ليس نهاية كل شيء بالنسبة له، وأن الله في رأفته ‏يمنحه الحرية ‏ليعيد ثانية ما أساء ‏إنجازه، وليس حياة الفرصة الواحدة التي إن فشل فيها زُجّ به في النار ‏حياً لا ميتاً كالخروف المشوي مثلاً بقصد الإنتفاع بلحمه، ولكن حياً دون انتفاع أو ‏حكمة! (هنا بيت القصيد فيما يخص سؤال نيل دونالد والش عن التناسخ) وفضللاً عن ‏ذلك: يجب التمييز بين ما يأتي من إرادة اللّه ‏وما يأتي من إرادة ‏الإنسان، فمثلاً إذا وجدت ‏نفسك أمام خطر يهدّدك فلست أنت الذي ‏اختلقت ذلك الخطر، ‏ولكنك تريد أن تُعرّض ‏نفسك له لأنك رأيت فيه وسيلة للتقدم سمح الله ‏بها‏.‏
يختار الروح التجارب التي قد ‏‏تكون له تكفيراً عن سيئاته بحسب نوعها والتي تعجّل ‏تقدمه، وبناء على ذلك قد تفرض ‏‏بعض الأرواح على نفسها حياة فقر وعوز لتتحملها ‏بشجاعة، وتود أرواح أخرى تجربة ‏نفسها ‏عملياً بإغراء الثروة والقدرة والشوكة التي هي ‏ذات خطر كبير من جراء الإفراط بها ‏عادة ‏وسوء استعمالها ومن الأهواء السيئة التي ‏تثيرها الناس، وأخيراً قد تود أرواح أخرى ‏اختبار ‏نفسها بالنضال في بيئة الفساد، بينما ‏‏توجد أرواح تختار تلك البيئة بدافع انجذاب عاطفي لأنها ترغب أن تعيش وسط ‏ملاثم ‏لميولها أو ‏لتتمكن من إطلاق العنان لأهواء مادية، ‏ولكن ذلك مقتصر ‏على التي لم تتطور ‏سريرتها بعد، تأتي المنحة من ذات المحنة، ‏وتعانيها تلك الأرواح زمناً أطول من ‏المعتاد، ‏ولكنهم عاجلاً أو آجلاً يفهمون أن إرضائهم ‏لأهوائهم البهيمية عواقبه محزنة، سوف ‏‏يتحملونها زمناً طويلاً يلوح لهم أبدياً (هذا الإعتقاد ‏يعرفه الروح في تجسده أيضاً، وقد ‏يتغلب عليه ‏إذا نوى إصلاح نفسه وقيادتها وتطهيرها ‏من نية الشر الخبيثة والأنانية ‏والعدوانية، وتجميلها بنية ‏الخير والحب لنظيره في البشرية ‏والعطاء والرحمة)، وقد يدعهم ‏الله يظلون في تلك الحالة إلى أن ‏يفهموا خطأهم، ويطلبوا ‏من تلقاء نفسهم أن يعوضوا ‏عنه بتجارب مفيدة.‏
من وجهة نظركم يبدو من ‏الطييعي اختيار التجارب ‏الأقل شقاء، ولكن لا من وجهة نظر ‏الروح، ‏فعقب تخلصه من المادة ‏يزول الوهم وتتغير نظرته إلى الأشياء. الإنسان أثناء ‏وجوده على ‏الأرض، وعندما يكون ‏تحت تأثير الأفكار الشهوانية، لا يرى في تلك التجارب ‏الصعبة سوى ‏الناحية الشاقة منها، ‏فيبيدو له من الطبيعي اختيار التجارب التي حسب ‏نظره تستطبع أن ‏تقترن بالملذات ‏المادية، لكنه في الحياة الروحية يقارن بين تلك الملذات ‏الزائلة الغليظة وبين ‏السعادة الثابتة ‏التي يستشفها، وبسبب ذلك يدرك كم هو قليل بعض ‏الشقاء المؤقت، مقابل ‏تلك السعادة ‏وبناء عليه قد يختار التجربة الأشد قساوة، والحياة ‏الأشد شقاء، على أمل أن ‏يصل سريعاً ‏إلى حالة أحسن من التي هو فيها، مثلما يفضل ‏المريض أقبح دواء ليحصل على ‏الشفاء ‏سريعاً، لأنه يعلم أنه لن يتمتع بتلك الحياة الخالية ‏من المرارة طالما يظل في حالته ‏‏المطبوعة بالنقائص. (الإنسان ولد ناقصاً يسعى للكمال، ‏وكماله هو تحليه بفضائل التي هي الأخلاق ‏الإلهية ‏التي تجعله في صفوف الملائكة ‏الروحانيين، كالحِلم والعفو والرحمة والكرم والحب اللامشروط الخ) إنه يستشف تلك الحياة ‏‏الروحانية، ‏وإذ ذاك يحاول أن يتحسن لأنه يرغب بالوصول إليها.‏
‏ الأرواح خلال حالتها غير المتجسدة تبحث وتدرس وتراقب لتختار نوع ‏‏حياتها، ونحن ‏عندنا مثال من هذا النوع في الحياة الجسدية، فنحن نسعى أحياناً سنوات ‏عديدة وراء ‏‏الشغل الذي تختاره بإرادتنا لأننا نظن أن ذلك الشغل هو الأفضل لمستقبلنا، لا يصل أحد ‏إلى أي مركز اجتماعي ‏سام في العلوم أو الفنون أو ‏الصناعة إن لم يجتز واحداً بعد ‏الآخر من المراكز السفلى، ‏والتي هي تجارب أيضاً. هكذا نرى أن ‏حياة الإنسان هي صورة ‏مطابقة تماماً للحياة ‏الروحية، فإن كنا خلال الحياة الأرضية نختار عادة ‏التجارب القاسية ‏في سبيل هدف ‏عال، كذلك الروح الذي هو أكثر بصيرة من ‏الجسد في الأشياء ويعتبر ‏الحياة ‏الجسدية كحادث عابر، يختار حياة شاقة ومتعبة ‏ولكنها ستوصله إلى ‏سعادة أبدية. ‏أما الذين يقولون لو كان للإنسان الحق في اختيار نوع حياته ‏لطلبوا أن ‏يكونوا أمراء أو ‏أغنياء أو أصحاب ثروة طائلة، فهؤلاء كقصيري النظر الذين لا يرون ‏إلا ‏ما يلمسونه، أو ‏كأولاد الشوارع الذين إن سئلوا عن الصنعة التي يفضلون أن يشتغلوا فيها، ‏‏يجيبون: صانع ‏القطائف أو حلواني. ‏
إن هدف المسافر هو الاستراحة بعد مشقة الطريق، ‏وهدف ‏الروح هو الحصول على ‏السعادة العليا بعد الشدائد والتجارب، فإن احتياجه الحقيقي هو التغير ‏للأحسن.‏
وقد يحدث أن ‏يختار تجربة تتعدى حدود قواه، وحينئذ يسقط تحت الحمل كما نرى في ‏الناس، ولكن هذا بسبب ثقافة الإنفصال، وقد يختار ‏أيضا تجربة لا نفع ‏له فيها، كأن ‏يختار حياة كسولة وعديمة الفائدة، لكنه في هذه الحال، ‏وعقب عودته إلى ‏عالم الأرواح، ‏يرى أنه لم يستفد منها بشي مطلقاً، فيطلب أن يُعوّض الوقت ‏الذي ضيعه.‏
تعرف الأرواح متى ستعود إلى التجسد وتشعر بدنو الأوان مثلما يشعر الأعمى بالنار ‏‏عندما ‏يقترب منها، تعلم بضرورة الانضمام إلى جسد جديد مثلما أنتم تعلمون انكم ‏‏ستموتون يومأ ما، ‏ولكنكم تجهلون متى ستموتون ‏

بعد انتهاء التجسد
الحياة الروحية الخيرة الخالية من اللهث وراء الشهوات والرغبات لها تأثير كبير جداً على ‏طول أو قصر مدة الاضطراب، لأن الروح ‏كان يفهم مسبقاً حالته، ولكن ما له تأثير أقوى ‏هو ممارسة البر وصفاء الضمير. في لحظة ‏الموت يشعر الروح أول الأمر بحالة ارتباك ‏كبير ولذلك فهو يحتاج إلى بعض الوقت ليتيقن من ‏حالته الاضطراب الذي يلي الموت قد ‏يكون طويلاً أو قصيراً وقد يدوم ساعات قليلة أو أشهراً ‏طويلة أو حتى سنين عديدة، ‏قأقصر اضطراب هو عند الذين تطابقت حياتهم على الأرض مع ‏حياتهم المقبلة، لأنهم ‏حينئذ يفهمون حالتهم حالاً، ويتعلق هذا الاضطراب بظروف خصوصية ‏بحسب طباع ‏الأشخاص وعلى الأخص بحسب أنواع الموت، ففي حالات الموت الأحمر (موت ‏الفجأة ‏بأي سبب) يُبْهت الروح ويستغرب ولا يعتقد بأنه مات، ويتشبث بتأكيده بأنه حي، إذ ‏أنه ‏رغم كل شيء ‏ يرى جسده ويعلم أن هذا الجسد هو جسده، ولكنه لا يفهم بأنه منفصل ‏‏عنه، فيذهب إلى الذين يتودّد إليهم ويكلمهم فلا يفهم لماذا لا يسمعونه، ويطول هذا الوهم ‏إلى ‏حين يتم تخلص الإطار بكامله، وحينذاك فقط يتيقن الروح ويفهم بأنه ليس من ‏المتجسدين. ‏يمكن تفسير هذه الظاهرة بسهولة: فعندما يفاجأ الروح بالموت بغتة ينصعق ‏من التغير ‏الفجائي الذي طرأ على كيانه، لأن فكرة الموت لا تزال تعني التلف والتلاشي، ‏لكن بما أنه ‏ما زال يفكر ويرى ويسمع فهو يجزم بأنه لم يمت وما يزيد وهمه هو أنه يرى ‏نفسه جسماً ‏مشابهاً للجسم الآخر بالشكل، ولكن لم يتسنّ له الوقت ليفحص طبيعته ‏الأثيرية فهو يظنّه متيناً ‏وكثيفاً كجسمه الأول، وعتدما ينتبه إلى هذا الأمر يتعجب من ‏كونه لا يستطيع أن يجسّه. هذه ‏الحالة تحدث أيضا للذين لا يفكرون بالموت حتى ولو ‏كانوا مرضى، فنرى منظراً غريباً وهو أن ‏الروح يحضر جنازته كما لو كانت جنازة شخص ‏آخر، ويتكلم ‏ عنه كأمر لا شأن له فيه إلى ‏حين يدرك حقيقة حالته. والاضطراب الذي ‏يعقب الموت لا ألم فيه بتاتاً للرجل الصالح، فهو ‏هادئ، ويشبه من كل النواحي مشاعر ‏من يستيقظ من نوم ساج، أما من له ضمير غير صاف، ‏فصَحُوه شديد القلق والأهواءل ‏والمشاعر الأليمة تزداد بقدر ما يتيقن بحالته
عندما يعود الروح إلى حياته ‏الأصلية (الحياة الأرواحية)‏‎ ‎تنبسط أمامه حياته الماضية ‏‏بكليتها، ‏ويرى الزلات التي ‏ارتكبها والتي كانت سبب شقائه، وما كان من الممكن أن يحول ‏‏دون ‏ارتكايها، يُدرك ‏عدالة حالته الحاضرة، ويسعى إذ ذاك ليحصل على الحياة التي قد ‏‏تُعَوّض ‏عن الحياة التي ‏انقضت حديثاً، يبحث عن تجارب من نفس نوع التي تحمّلها وعن ‏‏المعارك التي ‏يظنها ‏ملائمة لارتقائه، ويطلب من أرواح أرقى منه أن تعينه على العمل ‏‏الجديد الذي ‏‏سيباشره، إذ أنه يعلم ان الروح الذي سيُخصص له كمرشد ‏ضد الفكرة أو ‏‏الرغبة الشريرة ‏التي تخطر لكم في أحيان كثيرة وتقاومونها بديهياً، وفي معظم ‏الأحيان ‏‏تنسبون مقاومتكم لها ‏إلى المبادئ التي أخذتموها من أبويكم، بينما هي الواقع ‏صوت ‏‏الضمير الذي يكلمكم. وهذا ‏الصوت الذي هو تذكر الماضي ينذركم بأن لا تقعوا في ‏‏‏الأخطاء التي ارتكبتموها من قبل. ‏وعليه فإن الروح الذي يدخل في هذه الحياة الجديدة ‏إذا ‏‏احتمل تجاربها بتجلّد وصمود ‏فسيرتقي ويصعد في مراتب الأرواح عند رجوعه إليهم‏ • هل ‏‏يمكن أن يرتكب الإنسان في ‏تجسد ما أخطاء لم يرتكبها في التجسدات السابقة؟ ‏يتوقف ‏‏ذلك على مقدار تقدمه فإذا لم ‏يتمكن أن يصبر أمام التجارب، فقد ينجر إلى ‏أخطاء جديدة ‏‏هي نتيجة للموقف الذي يتخذه ‏في الحياة، ولكن بوجه عام تدل تلك ‏الأخطاء بالأحرى ‏‏على حالة توقف، وليس على حالة ‏تقهقر، إذ أن الروح قد يتقدم أو ‏يتوقف، ولكنه لا ‏‏يتقهقر‏‎ ‎
يختار الروح التجارب التي يريد أن يتحملها لتعجيل ‏ارتقائه، أي يختار نوع ‏الحياة ‏التي ‏يعتقد أنها الأفضل لتمده بوسائل الإرتقاء وهذه التجارب هي ‏دائماً متناسبة ‏مع ‏الأخطاء ‏التي يجب عليه التكفير عنها، فإذا ظفر بها يرتقي وإذا فشل فيجب ‏عليه أن ‏يعيد ‏التجسد. ‏يتمتع الروح كل حين بحربة الإختيار، وهو بمقتضى هذه الحرية كروح ‏غير ‏‏متجسد يختار ‏تجارب الحياة الجسدية، ويشاور نفسه عما سيفعله وما لا يفعله، ويختار ‏‏بين ‏الصلاح ‏والسوء. إن الجحود بحرية الإختيار لدى الإنسان يعادل جعله مجرد آلة. ‏تقلبات ‏‏الحياة ‏الجسدية هي في آن معأ تكفير عن أخطاء الماضي وتجارب لتقوية الروح ‏في ‏المستقبل، ‏‏فهي تُنَقينا وتُرقّينا حسبما نتحمّلها بالاستسلام لمشيئة الله ودون تذمر من ‏نوع ‏التقلبات ‏‏والتجارب التي نتحمّلها نستطيع‏ ان نستدل على ما كنا وما فعلناه، كما أننا ‏‏هذه الدنيا ‏نستدل ‏على أعمال المجرم من نوع العقاب الذي يُحكم به عليه، هكذا ‏سيعاقب ‏فلان بسبب ‏كبريائه ‏بإذلاله في حياة مقبلة تحت أوامر الآخرين، والغني البخيل ‏بحياة في ‏غاية الفقر، ‏ومن كان قاسي ‏القلب سيتحمل قساوة قلوب الآخرين نحوه، ‏والظالم سيعيش ‏العبودية، ‏ويعاقب الابن السيئ ‏بأبناء ينكرون نعمه عليهم، والكسلان ‏بالعمل المكره وهلمّ ‏جراً. ‏

تأثير الأرواح المتحررة على الأرواح المتجسدة
الأرواح المتجسدة تسكن عوالم الكون على اختلافها، الأرواح اللا متجسدة أو المتجولة لا ‏‏تمكث في مكان معين ومحدود بل هي موجودة في كل مكان في الفضاء وإلى جانبنا، ‏فهي ترانا ‏وتختلط بنا على الدوام، وهي تشكل شعبأ لا يُرى يتحرك حولنا ‏
عندما ‏نشعر بحالة قلق شديد وبهم لا يُفسّر نوعه أو بحالة اغتباط باطني دون سبب ‏‏‏معروف هل ينجم ‏هذا الشعور من حالة جسدية فقط؟ في غالبية الأحيان هي ‏اتصالات ‏‏تحدث مع الأرواح دون ‏علمكم أو مخابرات حدثت معهم أثناء النوم‎‏. ولذلك يلزم التحصن ‏بلزوم جماعة المؤمنين الصوفية على أي دين كنت، ففي كل دين جماعة روحية.‏
تؤثر الأرواح تأثيراً مستديماً على الحياة الخُلُقية وحتى على الحياة المادية، ونؤثر على ‏‏المادة وعلى الأفكار، إذ أنها إحدى قوى الطبيعة والمسبب الفعال لظواهر عديدة كانت ‏أسبابها ‏إلى هذا الحين مجهولة أو مفسرة تفسيرا سيئاً، وأمكن إيضاحها بنحو معقول في ‏الأرواحية فقط ‏
علاقات الأرواح مع الناس مستديمة فالأرواح الصالحة فتجتهد في محاربة الميول ‏السيئة ‏في الأرواح الأخرى، لتعينها على صعودها، وتحاول قيادتنا إلى الخير وتقوينا ‏تجارب ‏الحياة وتعيننا على احتمالها بشجاعة وتجلد وهذه الإعانة هي رسالتها. أما الأرواح الشريرة ‏فتُغوينا بالشر، وتتلذذ ‏بمشاهدة سقوطنا وتماثلنا بحالتها التعسة، حسداً، لكونها لم تستحق ‏أن تكون بين ‏الأرواح الصالحة، فهي تريد بقدر إمكانها أن تمنع الأرواح التي ما زالت ‏قليلة الخبرة من ‏الوصول إلى السعادة العليا، وتريد أن تتحمل الأرواح الأخرى الشقاء الذي ‏تتحمله هي، ألا ‏ترى ذلك بينكم؟ ‏
وهم يستغنمون الظروف، ولكن ‏كثيراً ‏ما يثيرونها فيكم، بدفعكم نحو ما ‏تبتغونه دون ‏علمكم، فمثلاً إذا وجد رجل في طريقه ‏مبلغاً ‏من المال فلا تظن ان الأرواح ‏هم الذين جليوا ‏المبلغ إلى ذلك المكان، ولكن من ‏الممكن أن ‏يدخلوا ‏في روعه الفكرة ‏بأن يتجه إلى تلك ‏الناحية وحينئد يوحون إليه فكرة ‏الاستيلاء على ‏المال، بينما توحي ‏إليه أرواح أخرى ‏بتسليمه إلى صاحبه، ويحدث نفس ‏الحال في كافة ‏التجارب. ‏
وهؤلاء عندما يكونون متجسدين كبشر في عالم المادة فهم يميلون إلى جميع الآفات التي ‏تسبيها ‏الأهواء الدنيئة والمنحطة ‏
‏ الروح لدى عودتها إلى عالم الأرواح: تُستَقبل روح البار كأخ ‏حبيب منتظر منذ أمد مديد، ‏وروح الأثيم كشخص محتقر، تشعر الأرواح النجسة بالسرور عندما ‏ترى روحاً سيئة أخرى ‏تصل إليها، لأن الأرواح الشريرة تسر برؤية أرواح مشابهة لها، ومحرومة مثلها ‏من ‏السعادة اللامحدودة، تماماً كما هي الحال على الأرض عندما يصل اللص النصاب بين ‏أمثاله (القرآن ذكر هذه النقطة، إذ يقول لهؤلاء: ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في ‏العذاب مشتركون).‏
نستطيعون أن نُبطلوا تأثير الأرواح الشريرة عليكم بعمل الخير، وبوضع كل ثقتكم بالله ‏تقاومون ‏تأثير ‏الأرواح الدنيا، وتهدمون محاولاتهم للسيطرة عليكم، احذروا من الإنصات ‏إلى ‏إيعازات ‏الأرواح التي تخلق فيكم أفكاراً سيئة وتُحرضكم على الخلاف بينكم وتُثير فيكم ‏‏جميع الأهواء ‏الرديئة، احترسوا بالأخص من الأرواح التي تُعظمكم لإثارة كبريائكم إذ ‏‏تصيبكم في نقطة ‏ضعفكم‏.‏

إذاً في كل حياة جديدة يخطو الروح خطوة على طريق التقدم، وحينما يتجرد من جميع ‏‏أدناسه فلا يعود بحاجة إلى تجارب الحياة الجسدية، فبعد تجسده الأخير يصبح من ‏الأرواح ‏الطاهرة الطوباوية، فإنا نكرر ‏ونكرر بأن الأب المحب يترك باب التوبة مفتوحاً ‏دائماً لأولاده الضالين، ولا يحرمهم من السعادة الأبدية‏ (4)‏
هذه هي خلاصة القول في مسألة التكليف والحساب ويوم القيامة، فمن مات قامت ‏قيامته، ولكنها ليست الأولى ولا الأخيرة، إلا في حالة التجسد الأخير الذي يشبه الثواني ‏الأخيرة في سباق الخيل وقرب الظفر والفوز الكبير.‏
‏_______________________________________‏
conversations with God vol 3 (1)‎
(2) نقلاً عن الأستاذ أحمد القبانجي
(3) https://en.wikipedia.org/wiki/Table-turning
(4) نقلاً عن كتابات العلامة آلان كاردك وتجاربه التي نقل خلاصتها في كتاب الأرواح.‏
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A‎8_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%‎AD#%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%D9%85%‎D8%B9%D8%B1%D9%81%D8%A9_%D8%A2%D9%84%D8%A7‎‎%D9%86_%D9%83%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D9%83_%D8%‎A8%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8‎‎%A3%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AD‎








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد 40 عاماً من تقديم الطعام والشراب لزوار المسجد النبوي بال


.. الميدانية | عملية نوعية للمقاومة الإسلامية في عرب العرامشة..




.. حاخام إسرائيلي يؤدي صلاة تلمودية في المسجد الأقصى بعد اقتحام


.. أكبر دولة مسلمة في العالم تلجأ إلى -الإسلام الأخضر-




.. #shorts - 14-Al-Baqarah