الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يتفقون على توريد الطاقة الى الغرب و ينسون فلسطين

محمد رضا عباس

2022 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


كل قادة المنطقة يدعون ان فلسطين قضيتهم المركزية , وكلهم ينتقدون , في العلن, التوسع الصهيوني على حساب اهل الأرض , وكل يوم نسمع عن اعتداء إسرائيلي ضد الفلسطينيين و الدول المجاورة لها , وكل يوم نسمع ونشاهد كيف ان المستوطنين يهاجمون الأماكن المقدسة ولا يراعون حرمة مكان واحترام شعور الاخرين .
لقد حشد الاعلام العروبي الهمم بين الخمسينيات والثمانيات القرن الماضي لتحرير الأرض المحتلة بقوة السلاح , ولكن التحشيد كان مجرد اعلام واغاني ثورية بدون بناء قاعدة شعبية وقوات مسلحة مجهزة بما تحتاجه الحروب الحديثة . ولهذا السبب خسر العرب جميع معاركهم مع إسرائيل .هذه الخسارات كشفت ان النظم العربية تخلفت عن النظم السياسية الحديثة وان المعارك كانت تقاد بواسطة نوعين من القيادة , حضارية متطورة على الجانب الاسرائيلي يقابلها قيادة عسكرية عفى عليها الزمن . كانت الجيوش العربية تدخل الحروب وينقصها كل شيء مع جيش إسرائيلي واحد مجهز بكل شيء. قادة العرب استخدموا شتى أنواع القهر ضد شعوبهم , بالمقابل كان الشعب الإسرائيلي يزدهر اجتماعيا وثقافيا وصناعيا . وفوق كل شيء اعتبر الغرب بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ان الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة هو المفتاح الحقيقي للسيطرة على ثرواتها ولاسيما النفطية . ولهذا السبب قدموا كل أنواع المساعدات المالية والعسكرية والعلمية والصناعية الى إسرائيل , فيما قدموا الى دول المنطقة كل شيء يعارض ازدهارها وتقدمها .
توسعت فجوة التقدم والازدهار بين العرب والإسرائيليون , وأصبحت الأخيرة قوة عسكرية ضاربة تدعمها على الأقل 250 قنبلة ذرية . لقد قبل العرب بالهزيمة وقبل اغلب قادتها التطبيع بالسر والعلن , واصبح حراك القرن الماضي ضرب من الخيال . الاعلام العربي المسالم لإسرائيل ربح الحرب ولم يعد ان نرى تظاهرات القرن الماضي تغرق شوارع بغداد وبيروت والقاهرة وهي تطالب بالتحرير . لقد نجح الاعلام العربي المسالم لإسرائيل بجذب كتاب و فنانين و سياسيين واصبحنا لا نسمع الأغاني والاناشيد الثورية التي كانت تشحذ الهمم , بل اصبحنا نسمع من بعض ساسة المنطقة من يدعو الى التطبيع ويردد ما يذاع على الاعلام العبري.
ولكن مهما طبل المطبلون للتطبيع تبقى هناك حقيقة واحدة وهي ان هناك ارض عربية اغتصبت بالقوة وان هناك شعب مهجر يعيش تحت الخيام , ومهما حاول حكام العرب تبرير بعدهم عن القضية العربية , فان التاريخ سوف لن يغفر لهم ويرحمهم.
هذه المرة الرحمة والمغفرة جاءت هي تطرق أبواب قادة العرب لتختبر ارادتهم ,لكنهم على ما يبدوا فضلوا السلامة وعدم الازعاج. الحرب في اكرانيا والعقوبات على روسيا أصبحت فرصة ذهبية لتحقيق مطالب الفلسطينيين بكل سلام وبدون حرب , وطائرات متقدمة ودبابات واناشيد وطنية . كل ما في الامر , كان على العرب ان يقولوا للغرب والولايات المتحدة الامريكية نحن مستعدون لسد بعض العجز في توريد الغاز الروسي الى اروبا وبالمقابل بيضوا صفحتنا امام شعوبنا وحققوا مطالب الشعب الفلسطيني وهي ليست بالكثيرة , خاصة وان اغلب الفلسطينيون قد وافقوا علنا وسرا بالدولتين . ولكن , بكل اسف, لا السيد بايدن في زيارته الأخيرة , ولا العرب الذين اجتمعوا معه طرحوا موضوع فلسطين , وكان قضية فلسطين ليست قضية تعيش في وجدان كل عربي ومسلم و انسان حر.
الاسوء من ذلك , ثلاث دول عربية( مصر والامارات والجزائر) و دولة إسلامية غنية بالغاز الطبيعي (أذربيجان) يقررون توريد الغاز الى اروبا لتعويضها عن النقص المتوقع من امدادات الغاز الروسي مع غياب كامل بالمطالبة بالحقوق الفلسطينية , وهو امر محير , لأنه اذا لم يستطع العرب والمسلمين (أصحاب الغاز) من فرض ارادتهم على اروبا وامريكا في هذا الوقت الحرج, فمتى سيحصل الفلسطينيون على حقوقهم ؟
على كل حال , لم نسمع من الذين قرروا توريد الغاز الى اروبا من انهم ما زالوا يفكرون في القضية الفلسطينية وانهم راغبون بحلها وبذلك يمهدوا الطريق لدول الشرق الأوسط بالتقدم والازدهار , ولو طرحوا القضية الفلسطينية كجزء من الاتفاقيات توريد الغاز لسمعناها و لرددها الاعلام العربي مليون مرة , ولكن الاعلام العربي على ما يبدو ليس لديه ما يقوله .
مع هذا , نقول ان الامل ما زال حيا , وان أصحاب الغاز ما زال لديهم الوقت الكافي لفرض شروطهم على الدول التي هي بأمس الحاجة للغاز , خاصة وان الشتاء قادم بسرعة وامكانيات عيش اروبا بدون الغاز الروسي أصبحت مستحيلة . بموجب حديث الخبير في شؤون الطاقة الروسي بوريس مارتينكيفيتش , فان خطة أوروبا في التخلي عن امدادات الغاز من روسيا خطة غير واقعية بدون مساعدة الاخرين . بكلام اخر , ما زال أصحاب الغاز من العرب عندهم الوقت الكافي لطرح موضوع فلسطين على اخوانهم الغربيين , ولا اعتقد ان الغربيين سوف يردوا طلبهم و يخيبوا أمالهم , لان عندما يصل الامر بمصلحة شعوبهم وسلامة نظمهم يصبح كل شيء مسموح به , حتى وان تطلب الامر شطب إسرائيل من الخارطة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط