الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مريم العذراء والعلاقة المحرّمة (3)

باسم عبدالله
كاتب، صحفي ومترجم

(Basim Abdulla)

2022 / 7 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مريم العذراء والعلاقة المحرّمة (3)

تشير رواية لوقا ان يسوع ذهب الى الهيكل في القدس ومن ثم الى الناصرة، تعارض رواية متي حول ميلاد يسوع وطفولته اظهرت زيف الرواية، البعض يلقب ابن بانديرا يشو، هناك اختلافات في مخطوطات التلمود في الاسم ما بين يشو بن بانديرا في مخطوطة لندن الى آخر يشوع ابن بنديرا في مخطوطة فينا. في عشاء الفصح تم شنق يسوع وخرج المنادي لمدة اربعين يوما مسبقا معلنا هذا ان يشوع سوف يرجم لممارسته السحر ولإغواء وقيادة اسرائيل للضلال وتم صلبه في عشاء فصح . يقودنا التناقض التاريخي الى عدم دقة تلامذة يسوع وغياب عقولهم في عدم توثيق ما يكتبونه، خاصة اذا عرفنا ان مريم هربت لأجل يسوع، وان الملك الذي ولد يسوع من زمنه نفسه الملك الذي هربت مريم بسببه الى مصر وكذلك هو الملك الذي صلب يسوع في زمنه، فكيف يمكن تفسير هذا التناقض في تتابع الاحداث التاريخية؟ هي انها في الحقيقة تطعن في مصداقية ولادة يسوع من امرأة عذراء وتدفع بالدليل للبروز على ان الهروب لمصر ليس لأجل يسوع بل من اجل نفسها. الادعاء ان مريم هربت لمصر خوفاً على حياة ابنها وقرأنا خلال محاكمة يسوع ان هيرودس دافع عن يسوع فالقرينة تقودنا ان سبب هروب مريم لمصر بسبب الرجم، فالتقاليد اليهودية لم تسمح بعلاقات الزنى. بات واضحاً ان خروج مريم مع يوسف الى مصر رغم عدم وجود توثيق في مصادر تلك الهجرة انما تم نتيجة الخوف من الرجم، فالتقاليد اليهودية تطبق عقوبة صارمة على فاحشة الزنى، هي شكل من اشكال المحرمات في المجتمع اليهودي، وقد ذكر الكتاب المقدس الى كلمة كاريث والتي تعني طرد فرد من افراد امة اسرائيل.
ان القرائن الوافرة بخصوص عدم تبرئة مريم من فحشاء الزنى، دل بشكل قاطع ان الأمر لم يكن مجرد اتهام ظالم او تجني على امرأة لم ينصفها التاريخ، فالكتاب المقدس لم يرد على ادعاءات اليهود بخصوصها حتى بكلمة، لقد التزم يسوع الصمت ولم يدافع عن امه كما جاء في سفر يوحنا، رغم ان هذا السفر الأكثر لاهوتية من بقية الأسفار في ايمانه بالعقيدة المسيحية، ففي الاصحاح الثامن ” انتم تعملون أعمال ابيكم فقالوا له اننا لم نولد من زنا لنا اب واحد وهو الله ” فلم يرد على تلميحهم له بإبن زنى. لقد التصق نسب يسوع بيوسف النجار عدة مرات ولم يحتج يسوع على انتسابه ليوسف، ففي يوحنا من الاصحاح 6 ” وقالوا أليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذي نحن عارفون بابيه وامه فكيف يقول هذا اني نزلت من السماء.. ” فتأكيدهم بمعرفتهم بأبيه وعدم رفضه يدللان على قوة انتساب يسوع العائلي ليوسف. بحسب لوقا في الاصحاح الأول ” ... عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف واسم العذراء مريم ” فشيوع خطوبتها ليوسف فأذا كانت مخطوبة بحسب لوقا، لماذا هربت لمصر بعد ان ثبت تاريخياً ان رواية هيرودس قتل الأطفال ملفقة؟ المجتمع اليهودي لا يطارد فتاة خطبت بحسب التقاليد، انما يطارد فاحشة، فنسب يسوع محاط اصلا بالزناة، تورد القرينة في انجيل متي في الاصحاح 1 ” ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار. وفارص ولد حصرون. وحصرون ولد ارام ” يهوذا زنى، فلقد زنى بزوجة ابنه ثامار كما وردت في قصة سفر التكوين الاصحاح 38. فنسب يسوع بحسب الكتاب المقدس ليس نسباً إلهياً بل اختلط فيه الزنى ان لم يكن في زنى امه فمعه في نسبه. هناك الكثير من زنى المحارم في اصل يسوع اخبرنا عنها الكتاب المقدس، فخروج مريم خوفاً على حياتها من الرجم هو التفسير الوحيد، ذلك ان التلمود اشار بكل يقين لحالتها وقد عرفها المجتمع اليهودي ذلك لأهمية يوسف في المجتمع، اثناء قرائة التلمود اليهودي بخصوص نسب يسوع المسيح لم يمكن تجاوز الاتهام لمجرد لان اليهود اختلفوا مع يسوع في ادعائه انه ابن الله، لان يسوع المسيح اصلا كان يهودياً، له تراث يهودي سبق للتوراة في كتاب التلمود لا مكان فيه للاحقاد الشخصية، استدلت القرائن ان الذي كتبوه عن المسيح وعلاقة امه بجندي روماني لم يبتعد كثيرا عن الحقيقة، اذ كانت سمعة المرأة اليهودية اذا وقعت في حالة الزنى فأنها ترجم لهذا لا نستغرب موقف يوسف الرامي في انقاذها من الرجم. يذكر الفيلسوف اليوناني كلاسيوس أن أم يسوع إرتكبت الزنا مع بانديرا وأنجبت إبن الزنا يسوع وكانت تعيش في خزي وعار. لم يختلف موقف التلمود البابلي بخصوص يسوع المسيح عن التهمة التي تعرض لها يسوع اثناء محاكمته من انه ابن زنى اذ جاء في التلمود ” يدعى مسيحي من يتبع تعاليم ذاك الرجل الكاذب الذي يعلمهم الاحتفال بالعيد الديني عند اول يوم سبت .. المسيحيون من عابدي الاوثان... ابن النجار، الرجل الذي علّق، اعدم، ”ذلك الرجل” رجل معين ” و ” ابن غير شرعي ” وشرير، مجنون، ساحر، مشعوذ، وثني، مضلل ... ولتأكيد هذا المعنى فإن موسى بن ميمون في كتابه مشنا توراة الذي يعتبر الامتداد الشرعي للتلمود في الفكر اليهودي كان يذكر عبارة ” اهلك الله الاسم الشرير كلما ذكر اسم يسوع. ” (4) ان اعدام المسيح، لم يتم من خلال كونه نتاج علاقة غير شرعية فحسب، بل مثًل اختراق العقيدة التوراتية بجعل شخصه ابن الله، وهذا الخروج عن المعتقد اليهودي بمثابة موروثه للألوهية، على ان التفسيرات اللاهوتية التي فسرت محتواه الروحاني قد حولت المسيح إلى اسطورة إلهية في اطارها البشري، فلولا مجمع نيقية لكان تفسير اعدام يسوع قد تم تطبيقه كما تحقق في اعدام باراباس، فتاريخ انصاف الإلهة قد اشترك فيها المسيح كأحد تلك الأقانيم الإلهية، لن تزول بخيالها الميتافيزيقي إلا من خلال العقل المستنير.

مصادر البحث:
1- Tony Bushby / The Bible Fraud (quoted by Michael Tsarion)
2- Midrash Genesis Rabbah 53; Midrash Ecclesiastes Rabbah 1:10.
3- 47البحث عن يسوع، كمال صليبي، دار الشروق للنشر والتوريع، ص
4- 53التلمود البابلي، المجلد الاول، المؤسسة الاردنية للبحوث، الطبعة الاولى، عمان، ص

Further reading
1- Sefer Toledot Yeshu: sive Liber de ortu et origine Jesu ex editione wagenseiliana transcriptus et explicatus (Sefer Toledot Yeshu: or The Book of the rising and origin of Jesus from the Wagenseiliana edition: Transcription and Explanation)
2- Toledoth Yeshu, English translation








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س