الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإبتلاء – الإختبار – الإمتحان.!!

وفي نوري جعفر
كاتب

(Wafi Nori Jaafar)

2022 / 7 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حينما تناقش أتباع الدين حول الشرور المجانية كالأمراض والتشوهات التي تأتي مع الولادة أو المجاعات والمصائب والكوارث الطبيعية وغيرها، فيُجيبك المؤمن بأن الحياة دار ابتلاء وامتحان وأن الله يبتلينا لينظر كيف نشكره في السراء والضراء وكيف يأمرنا بالصبر على ما نكره ثم يستشهد بنصوص مثل:
{ولقد خلقنا الإنسان في كبد}، {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}، وبأن المؤمن مبتلى أو بالحديث (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)، وتجده أحياناً كثيرة يستشهد بأمثلة الأستاذ والتلاميذ أو مثال الأب والإبن.!!
وللرد على ادعاءات المؤمن وافتراضاته فنحن هنا نتنزل ونفترض أن الله موجود، وإلا فالمؤمن يجب عليه أولاً أن يثبت وجود الله ثم بعد ذلك عليه أن يبني افتراضاته وادعاءاته، مع ذلك كما قلت سوف نتنزّل ونناقش المؤمن في فكرة الإبتلاء والإمتحان ونواجهه ببعض الأسئلة لعل وعسى أن نفتح له طريقاً لكي يعيد حساباته ويفكر بما يردده من جديد.!!
في الحقيقة إن فكرة الإبتلاء أو الإمتحان هي فكرة هشه ومتهافتة، لأنهٌ عادةً الشخص الذي يَمتحن أو يَختبر الشيء يكون جاهلاً وغير عارفاً بما يختبر أو يمتحن، أو على أقل تقدير أنه لا يعرف ويريد أن يتأكد من النتيجة، والله حسب الوصف والإدعاء الديني لا ينطبق عليه ذلك فهو عارف وعالم بكل شيء فضلاً عن أن كل شيء مكتوب في لوحه المحفوظ، يعني النتيجة مسبقاً معروفة والمشهد كله أساساً مثبتٌ عنده.
فإن قلت صحيح أن الله مسبقاً يعلم كل شيء، لكن مع ذلك هو يريد أن يُلقي علينا الحجة، فالسؤال هنا:
هل الله بحاجة لفعل ذلك؟؟ أي لإلقاء الحجة علينا؟؟
فإن قلت لا هو غير محتاج لفعل ذلك، هذا يعني أن ابتلاءه وامتحانه عبثي، وإن قلت هو بحاجة إلى إلقاء الحجة، هنا أصبح الله تحت تأثير الحاجة وهذه الحاجة تنتقص من كماله المطلق.
وإن قلت لا الله غير محتاج لإلقاء الحجة بل نحن البشر من يحتاج إلى إلقاء الحجة، هنا أقول لك: بأن البشر أساساً لم يرغبوا بفكرة الإيجاد والخلق المزعوم، كما أن البشر لم تتم استشارتهم أو تخييرهم في خوض الإبتلاء والإمتحان، فهل يصح أن تأتي بشخص وتجبره على خوض امتحان أو ابتلاء هو أساساً لا يريد خوضهما ثم تقول له بأني أريد أن ألقي عليك الحجة؟؟
أما إذا قلت بأن الله أشهدهم في عالم الميثاق (الذر)، هنا سأقول لك: بأنه لا أحد من البشر يتذكر عالم الميثاق ولا أحد منهم يتذكر أن الله أخذ شهادته أو خياره في ذلك العالم المزعوم، فهل تريد أن تفرض على البشر شيئاً هم لم يكونوا شهوداً عليه؟؟
ثم بأي منهج أو تعاليم يمتحن الله (الأستاذ) البشر (التلاميذ)؟؟ هل يمتحنهم بمناهج اليهودية؟؟ أم بالمسيحية؟؟ أم بالإسلام؟؟ أم بالهندوسية أم بالصابئية أم بالزرادشتية أم بالطاوية أم بمئات الديانات والعقائد المختلفة؟؟ إذن فالمناهج التعليمية للأستاذ (الله) غير موحدة وهي بالمجمل فاسدة وفيها إشكالات كثيرة، ناهيك عن أن هناك إشكالية كبيرة وهي عدم وصول المنهج الصحيح أو حتى بقية المناهج لكل البشر والكثير منهم لم يدركها أو يتعرف عليها، فهل يصح الإمتحان والإختبار في هذه الحالة؟؟
طيب وهل يشمل الإمتحان أو الإبتلاء كل الفئات العمرية؟؟ أي بمعنى هل يصح الإمتحان والإبتلاء لرضيع جاء ليعيش يوم واحد فقط فيموت مع شخص عاش وخاض التجربة لمدة تسعين عاماً؟؟ ثم هل يصح الإمتحان لشخص عاش في ظروف صعبة مع شخص آخر عاش في ظروف جيدة؟؟ أو هل يصح الإمتحان لشخص عاش في بيئة أو عائلة عرفت المنهج الصحيح (الدين والمذهب الصحيح) وعلم هذا الشخص مقدماً بأسئلة الإمتحان، مع شخص عاش في بيئة أو عائلة لم تعرف المنهج الصحيح ولا يعرف نوع الأسئلة التي ستوجه له أساساً؟؟ أو هل يصح الإمتحان لشخص جاء إلى الحياة وجسمه سليم معافى من التشوهات والأمراض مع شخص آخر جاء إلى الحياة وهو يعاني من تشوهات وأمراض وإعاقات مزمنة؟؟
فإن كان جوابك على تساؤلاتي بلا يصح، وتقول أن الله عادلاً لا يظلم أحداً، فيجازي كل واحد على حسب إمكاناته وقدراته وما أتيح له من مناهج صحيحة أو غير صحيحة وبالتالي سيحظى كل من يستحق الدخول للجنة بالرغم من التفاوت والإختلافات، فجوابي سيكون لكَ:
بغض النظر عن دخول الجنة ومن يستحقها، لكن يبقى السؤال الجوهري هو: كيف تتحقق في الحياة العدالة الإلهية؟؟ فالذي عانى ليس كمن لم يعاني؟؟ والذي تألّم وقضى حياته في بؤس وشقاء ومرض ليس كمن عاش حياته سعيداً ومرفهاً وسليماً، والذي عاش فترةً قصيرةً في الحياة ليس كمن عاش فيها مدة أطول، ومن عاش مسجوناً ومكبوتاً ومحافظاً على أداء الفروض والطاعات الدينية الشاقة ليس كمن عاش حراً طليقاً بلا التزام في أداء الفروض والطاعات لسبب بسيط وهو عدم وصول المنهج الصحيح له أو لأن الحجة لم تلقى عليه وهكذا.!!
ثم لدينا إشكال آخر وهو: يفترض إن إرادة الله ومشيئته هي العليا والنافذة على إرادة ومشيئة الإنسان البسيط (هذا إن كان للإنسان فعلاً مشيئة أو إرادة حقيقية)، فمن كان في علم الله ومشيئته المكتوبة في لوحه المحفوظ ضالاً غير مؤمناً، فما فائدة الإختبار والإمتحان لهٌ؟؟ فإن قلت بأنه يبتلي ويمتحن الضال لكي يزيده في طغيانه وضلاله ومن ثم يلقيه في نار جهنم.
طيب ما هي الحكمة من ابتلاء أو امتحان إنسان لم يعطه الله الفرصة للهداية بل هو من أراد له أن يكون ضالاً غير مهتدي؟؟ والدليل: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين}.
أو {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصّعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون}.؟؟
وأخيراً عزيزي المؤمن: إذا كنتَ ترى وتعتقد بأن الله هو الخير المطلق وله الكمال المطلق، فهل يصح منه أن يفعل الشر؟؟ أو هل يصح منه أن يفعل الرجس؟؟ أو هل يصح منه أن يفعل الفتنة؟؟ أو هل يصح منه أن ينزل المصائب والويلات؟؟ فإذا صحّ ذلك وصدرت من الله المزعوم كل هذه الأفعال القبيحة فأقول لك يا عزيزي المؤمن:
بئس الإله الظالم المتوحش الذي لا تستطيع أن تثبت وجوده ورغم ذلك فأنت تعبده، وبئس الإله الذي تؤمن بامتحانه وابتلاءه رغم كل المغالطات والإشكالات والتساؤلات التي ذكرتها لك في ادعاء الإمتحان أو الإختبار ورغم ذلك فأنت تعبده بجهل وتردد كلاماً ساذجاً لا قيمة لهُ.!!
وفي الختام أقدم لكل مؤمن متوهم بنصوص دينه وأوهامه باقة مفيدة ليتأمّل فيها وليتعرف على سلوك وأفعال إلهه الماكر الظالم:
- {وما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله}.
- {إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر}.
- {كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون}.
- {وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون}.
- {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد}.
- {فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون}.
- {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إنّ ذلك على الله يسير}.
#ملاحظة: كل الأديان على الأرض من صنع البشر.!!
محبتي واحترامي للجميع
https://www.facebook.com/Wafi.Nori.Jaafar/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد