الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة السورية: خطة تركيا الكبرى

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2022 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


أكثر من تسعة ملايين سوري في قبضة أنقرة لتقاتل بهم القوات الكردية

أندرو إنجلاند ولورا بيتل من الحدود التركية-السورية

في كل يوم ساعة الغروب، تشهد حركة المرور ازدحاماً خانقاً أمام بوابات معبر أونجو بنار على الحدود التركية-السورية. فبعد وقت طويل من تفريغ حمولاتها، تتدافع الشاحنات المغبرة لتسد الشريان المحتقن، متجهة صوب الشمال عودة إلى تركيا. وفي مخرج آخر، يتكدس الموظفون الحكوميون وعمال المعونة الأتراك قاصدون العودة إلى الديار عقب يوم عمل شاق في بلد جار دمرته الحرب.

وليس ببعيد، تتجمع سيارات الدفع الرباعي وفي جعبتها كتل متراصة من أفراد شرطة المرور وخبراء إزالة الألغام تبدو على وجوههم علامات التعب والإجهاد. بينما تقل الحافلات عمال الصحة والمدرسين الذين يسارعون بالنزول منها لإشهار وثائق هوياتهم أمام أعين موظفي الهجرة. وتتكدس مركبات أخرى تقل مسؤولي الجمارك والشؤون الدينية. على ما يبدو كل ذراع تقريباً من أذرع الدولة التركية له من يمثله في هذا النزوح الجماعي عودة من شمال سوريا نحو مقاطعة كيليس التركية- حتى موظفي وزارة الرياضة.

يقول أحد المسؤولين الأتراك إن "أي مؤسسة تخطر على بالك هنا [في تركيا]، ستجدها هناك [في سوريا]،" ويقدر أن نحو 300 عامل تركي و200 شاحنة وقائدوها يمرون ذهاباً وإياباً من معبر أونجو بنار- وهو واحد من ثمانية معابر بمحاذاة حدود طولها 900 كيلومتر.

هذا المشهد يعكس دور تركيا المتعاظم في صياغة مستقبل شمال سوريا بعدما خاضت هناك عمليات عسكرية لطرد مسلحين أكراد من وحدات حماية الشعب، التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية، من هذه المنطقة الحدودية. وبعد ستة أعوام من توغل الدبابات التركية في الأراضي السورية تحولت العملية العسكرية، بمضي الزمن، إلى مهمة تلامس كافة أوجه الحياة الأمنية والمدنية في مناطق ثلاثة تشكل، مجتمعة، موطناً لنحو 2 مليون سوري.

وهذا هو أكبر موطئ قدم تركي في دولة عربية منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية عام 1918- الذي قد يكون على وشك الاتساع إلى رقعة أكبر بعد تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتوسيع نطاق السيطرة التركية عبر عملية جديدة. في حال نفذ أردوغان تهديداته، فقد يتمخض ذلك عن تكثيف الأضواء والأنظار أكثر على الاستراتيجية التركية طويلة الأمد ودور الفاعلين الأجانب في سوريا، بعد أكثر من عقد من الصراع في هذه الدولة المنكوبة.

على مدار العامين الماضيين، وفي أعقاب حرب دموية فجرها الرئيس السوري بشار الأسد لسحق احتجاجات شعبية ضد نظامه في 2011، بات هذا البلد في وضع قائم غير مريح وأسفرت دولنة حربه الأهلية عن تقسيم البلد بين العديد من الفصائل المتنافسة المعتمدة على الدعم الأجنبي.

بدعم من روسيا وإيران والميليشيات التابعة لإيران، نجح الأسد في استعادة السيطرة على معظم البلاد لكنه لا رغم ذلك لا يحكم سوى فوق دولة خربة وممزقة. لقد تم إبعاد بقايا المعارضة باتجاه الشمال، حيث يعتمدون على الدعم العسكري والمعونات المالية التركية. وفي الشمال الشرقي، تسيطر ميليشيات بزعامة كردية على أكثر من خمس البلاد، بدعم من الولايات المتحدة وحماية فعلية من حوالي 800 جندي أمريكي.

الصراع الآن مجمد، لدى تعثر المجهودات الدولية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية وخفوت الاهتمام الغربي. لكن فيما يخص السوريين، تبقى الحقيقة المرة أن هذا التقسيم بحكم الأمر الواقع سيدوم طويلاً طالما بقي الأسد يرفض إبداء أي مرونة أو تقديم أي تنازلات سياسية وطالما بقيت القوات الأجنبية مرابطة هناك.

هكذا تقول دارين خليفة، وهي محللة سورية بمؤسسة مجموعة الأزمات، "لا أحد يريد أن يقولها بصوت عال، لأنها مسألة شائكة سياسياً؛ لا يريد الأمريكان الظهور بمظهر المتورطين في أزمة التقسيم؛ ولا يريد الأتراك سماع هذه الحقيقة من أحد. لكن في واقع الحال لا تزال ديناميكيات ورهانات الصراع حية وتحفز القوى الأجنبية للبقاء في سوريا. وطالما بقي الوضع القائم كذلك، فمن المرجح أن يستمر التأزم الراهن فيما يشبه التقسيم بحكم الأمر الواقع [لبد كان اسمه ’سورية‘]؟"

يتبع،،،
________________________
ترجمة: عبد المجيد الشهاوي
رابط المقال الأصلي: https://www.ft.com/content/a14241de-8dbf-4a69-b064-2991f5992503








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254