الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صور تطبيق الديمقراطية 1 - 1

سعد سوسه

2022 / 7 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ب- الديمقراطية غير المباشرة (النيابية):
وتسمى كذلك بالديمقراطية التمثيلية أو الديمقراطية النيابية والتي تعني أن الشعب لا يقوم بنفسه بممارسة السلطة التشريعية وإنما يعهد بها إلى نواب عنه ينتخبهم لمدة معينة. فالبرلمان في الديمقراطية النيابية هو الممثل للسيادة الشعبية وهو الذي يعبر عن إرادة الشعب.
والديمقراطية النيابية هي "نظام الحكم بواسطة الشعب الذي يمارسه بصورة غير مباشرة من خلال نواب منتخبين من قبله" . وهي أيضا تعبير يطلق اصطلاحا على ذلك النظام الذي لا يتولى فيه الشعب بنفسه ممارسة مظاهر السيادة , أي لا يمارس السلطة السياسية بنفسه, وإنما يكتفي باختيار(انتخاب) أشخاص يطلق عليهم اصطلاحا (النواب) ينوبون عنه في ممارسة مظاهر هذه السيادة, ويتم اختيار هؤلاء النواب من قبل الشعب وذلك من خلال مدة معينة يحددها الدستور ( 11 ) . وعليه فالديمقراطية النيابية هي شكل للحكومة عندما تكون السلطة العليا في يد الشعب ولكن بشكل غير مباشر من خلال نظام نيابي وتفويض للسلطة يتم تجديده على حقب، ويعرف هذا النوع من الحكومة بـ (حكومة دستورية نيابية) .
أن النظام النيابي يقوم على الفكرة القائلة أن الشعب لا يستطيع حكم نفسه بنفسه, وعليه أن يحيل إلى ممثليه مهمة الحكم لأنه من الصعب عمليا اجتماع المواطنين جميعا حول القرارات التي تتعلق بأمور الأمة , وهذا ما دفع روسو مونتسكيو إلى القبول بالحكومة النيابية, فممارسة السلطة تستوجب الكفاءة والأعداد والقابلية وهذه صفات لا يمتلكها جميع أفراد الشعب, مونتسكيو يرى أن الشعب وأن كان لا يستطيع أن يشارك كله في السلطة إلا أنه قادر على اختيار ممثليه ليحكموا باسمه . ونظرياً فإن المواطنين في هذا النوع من الديمقراطية مازالوا يحتفظون بالسلطة المطلقة لاتخاذ القرارات إذ إن الانتخابات الدورية تسمح لهم بإقصاء الممثلين الذي لا يهتمون برغباتهم . ويطبق هذا النوع من الديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا ودول أخرى.
التوفيق بين النظام النيابي والمبدأ الديمقراطي
أن من أهم مبادئ الديمقراطية هو مبدأ السيادة الشعبية وتفترض الديمقراطية أن يمارس الشعب السلطة بنفسه باعتباره مصدر السلطات ومستودع شرعيتها الوحيد, بينما يستند نظام الديمقراطية النيابية على قيام الشعب باختيار حكومته, ويجعل ممارسة السيادة من اختصاص المجالس البرلمانية (النيابية) وتنتهي مهمة الشعب بانتخاب أعضاء المجلس النيابي وانتهاء عملية الانتخاب . وقد أثارت مسألة اختيار الشعب نوابا عنه جدلا واسعا بين فقهاء القانون, فكيف أن يكون الشعب هو صاحب السلطة وفي نفس الوقت لا يمارسها بنفسه وإنما عن طريق ممثلين يتم انتخابهم من قبل الشعب, يحكمون باسمه ونيابة عنه . ونتيجة لذلك قال البعض منهم بأن نظام الديمقراطية النيابية يخالف الأسس التي تنادي بها الديمقراطية, وقد وضعت عدة نظريات للتوفيق بين المبدأين وتفسير العلاقة بينهما, وأهم هذه النظريات هي:

أولا : نظرية النيابة (الوكالة) Theory of Representation .
تفترض هذه النظرية أن هناك شخصا يطلق عليه وكيل أو نائب(Representant) يقوم بأعمال قانونية تؤدي إلى النتائج المترتبة عليها, ولكن هذه الأعمال لا تتعلق بأمواله الخاصة وإنما تتعلق بشخص آخر هو المنيب (Represete) ويترتب على تصرفات النائب أو الوكيل أن أعماله التي قام بها تعتبر من الوجهة القانونية كما لو كانت صادرة من المنيب, وهذه الفكرة قائمة على فكرة تصورية أو خيالية وهي فكرة الوكالة, ومفادها أن يأتي الوكيل بتصرفات قانونية تنتج أثرها, لا في ذمته ولكن في ذمة موكله وكأن الموكل هو الذي قام بالتصرف, وقد وجدت هذه النظرية تطبيقات متعددة في بعض مسائل القانون الخاص مثل الوكالة , كما طبقت في بعض مسائل القانون العام وبالأخص في موضوع النواب ( 12 ) .
وطبقا لهذه النظرية فأنها تصور العلاقة بين البرلمان والأمة بمثابة العلاقة بين الوكيل والموكل, فالبرلمان يعتبر وكيلا عن الأمة والأمة هي الموكل وبما أن الوكيل في القانون الخاص يبرم التصرفات باسم الموكل, فأن ما يؤديه البرلمان من تصرفات تنسحب أثارها القانونية إلى الأمة ذلك أن البرلمان المعبر عن أرادة الأمة يضع القوانين باسمها ولحسابها. وبما أن الأمة تعد كما لو كانت هي التي تقوم بالتصرفات التي يؤديها البرلمان, وأن أثارها تنسحب إليها بموجب أحكام الوكالة, يزول التعارض بين المبدأ الديمقراطي والنظام النيابي.
ومما يؤخذ على هذه النظرية أنها تعتبر الانتخاب توكيل ,والواقع غير ذلك إذ أنه مجرد اختيار, كما إن الإرادة لا يمكن أن تنتقل من الموكل إلى الوكيل لأنه لا يمكن فصلها عن الشخص وتفنى بالانتقال, وهذا هو الأساس الذي أستنتج منه عدم قابلية السيادة الشعبية للانتقال أو التنازل ( 13 ) .
فنظرية النيابة(الوكالة) أعطت للأمة الشخصية المعنوية , مما يعني تمتع كل من الأمة والدولة بهذه الشخصية المعنوية في آن واحد , وهذا ما لا يمكن التسليم به , لأن الشخصية المعنوية تنسحب إلى الدولة فقط , وحتى مع إمكانية الاعتراف للأمة بالشخصية المعنوية فأنها ليست سوى شخصية مجردة , والشخص المجرد لا يمكن أن تكون له أرادة حقيقية وبالتالي ليس محلا للنيابة أو التوكيل , وعليه لا تكون للأمة أرادة قبل وجود من يمثلها , أي أرادة الأمة لا تظهر إلا بعد اختيار الحكام ( 14 ) .
ثانيا : نظرية العضو
هذه النظرية ألمانية في أصلها , وتقوم على أساس أن أرادة الأمة يعبر عنها بواسطة عضو لا يمكن فصله عنها, وهذا العضو هو الهيئات التي تتولى شؤون التنفيذ والتشريع والقضاء , فلا يعتبر الشخص المنتخب وكيلا عن ناخبيه، وإنما هو عضو في الهيئة الحاكمة في الدولة التي لها وحدها السيادة وتباشرها بواسطة أعضاء هذه الهيئة الحاكمة. وتنحصر مهمة الناخبين في اختيار هؤلاء الأعضاء الذين يعتبرون مستقلين تمام الاستقلال عن ناخبيهم، فلا يكلفون بتقديم أي حساب عن أعمالهم لناخبيهم .
ويشبه أنصار هذه النظرية الأمة بالإنسان, والذي يعبر عن أرادة الإنسان هو اللسان, وهو عضو لا يمكن فصله عن جسم الإنسان . فنظرية العضو تفترض وجود شخص واحد هو الشخص الجماعي الذي يتكون من مجموع أفراد الأمة, وهو يعبر عن أرادة الأمة بواسطة أعضائها ومنها البرلمان , فالتلاصق بين أرادة الأمة ككل وإرادة أعضائها شديد جدا لدرجة أن الفقه يشبه هذا التلاصق بالتلاصق بين أعضاء جسم الإنسان, والبرلمان أنما يعد بمثابة العين والأذن واللسان بالنسبة لجسم الأمة دون أن ينفصل عنها .
وعلى هذا الأساس فأن الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية ما هي إلا أدوات لتنفيذ أرادة الأمة وبالتالي فأن البرلمان حين يمارس دوره التشريعي والرقابي أنما يعبر عن أرادة مجموع أفراده الأمة .
وقد تعرضت هذه النظرية إلى الكثير من الانتقادات, فإذا رجعنا إلى الفقه الألماني الذي وضع أسس هذه النظرية نجد أنه لا يعتبر الشعب شخصا معنويا بل يعتبره عضوا للدولة التي تتمتع بالشخصية المعنوية, ولما كانت الاختصاصات التي يتمتع بها الأعضاء الممثلين لهيئة ما هي دائما من صنع هذه الهيئة الأخيرة ...... يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا زادت الجزائر إنفاقها العسكري بأكثر من 76 في المئة؟


.. لماذا تراجع الإنفاق العسكري المغربي للعام الثاني على التوالي




.. تونس: هل استمرار احتجاز المتهمين بالتآمر على أمن الدولة قانو


.. ليبيا: بعد استقالة باتيلي.. من سيستفيد من الفراغ؟ • فرانس 24




.. بلينكن يبدأ زيارة للصين وملف الدعم العسكري الصيني لروسيا على