الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-اعلان القدس-: امن اسرائيل ودمجها في المنطقة العربية

مزهر جبر الساعدي

2022 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


ا" اعلان القدس": امن اسرائيل ودمجها في المنطقة العربية
إعلان القدس، وكما قال عنه أحد المسؤولين الإيرانيين، «إنه لم يأت بجديد»؛ صحيح أنه لم يأت بجديد من ناحية الدعم الأمريكي لهذا الكيان العنصري العدواني والمجرم؛ إنما الجديد فيه، أن أمريكا سوف تعمل على دمج إسرائيل في المنطقة العربية.
والملاحظ أن جميع شعوب الأنظمة العربية المطبعة مع إسرائيل، بما فيها التي أبرمت اتفاقيات سلام معها منذ عقود؛ لم تزل تنظر إلى إسرائيل كدولة عدوان، بما فيها شعوب دول الخليج العربي المطبعة مؤخرا مع هذا الكيان. والملاحظ أيضا أن تلك الدول العربية لم تجرؤ أبدا على إقامة علاقات دافئة أو حارة مع إسرائيل في كل تلك السنوات، ما يعني أنها تخشى ردة فعل شعوبها وقواها، سواء الدينية أو السياسية الرافضة للعلاقات المجانية مع إسرائيل. والملاحظ أيضا أن رؤساء الأنظمة العربية في اجتماع جدة؛ جميعهم تطرقوا في خطبهم إلى حق فلسطين في دولة مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل؛ على أساس المبادرة العربية التي مضى عليها أكثر من عقدين.

جميع الحروب والانتفاضات التي خاضها الشعب الفلسطيني بلا دعم أو غطاء عربي، انتصر فيها على الآلة الجهنمية الإسرائيلية؛ بسلاح الإرادة والتصميم

ومقابل هذا؛ حلت محل القضية الفلسطينية في حوارات اجتماع جدة، خارج ما ورد في الخطابات؛ كيفية مواجهة إيران أو تسوية العلاقة معها وأي الطرق والوسائل هي الناجعة في مخارج التسوية مع إيران، وكأن إيران هي العدو الاستراتيجي للعرب، وهذا مخالف للواقع على الأرض؛ إسرائيل من الناحية الواقعية والموضوعية هي عدو العرب الأول، الطامحين إلى الحرية والتنمية وإلى حيازة عوامل وعناصر القوة، وليس إيران التي ليس في قدرتها ـ حتى إن أرادت ـ تعطيل التنمية أو حيازة عوامل القوة، سواء التقنية المدنية منها، أو العسكرية؛ بينما إسرائيل تعمل بكل جهدها على تعطيل عوامل التنمية الحقيقية، (وليس التنمية الاستهلاكية في علاقة منافع لصالح أمريكا وإسرائيل وغيرهما) لدول المنطقة العربية، خوفا من تغييرات المستقبل. اجتماع جدة عمل على تغييب القضية الفلسطينية بصورة كاملة، وهذا التغييب لم يكن من فراغ، أو ليس له ما يدعمه من تأسيس مستقبلي في ما يخص فلسطين وشعب فلسطين، مقابل إعلان القدس، وجوهر ما فيه في رأيي؛ هو إعلان الرئيس الأمريكي، أنه وإدارته سوف يعملان على دمج إسرائيل في المنطقة العربية، أما حل الدولتين، حسبما قال الرئيس الأمريكي عندما سئل عن مصيرها، إن الوقت غير ملائم للبحث فيها، أو إجراء حوارات حولها، وهذا يعني تماما أن حل الدولتين ليس في وارد هذه الإدارة، وربما ليس في وارد الإدارات الأمريكية مستقبلا. بصرف النظر عما يقوله الحكام العرب، سواء ما قالوه بعد اجتماع جدة، أو ما كانوا يقولونه في السابق القريب؛ من إنهم لن يتخلوا عن فلسطين، وإنهم يسعون إلى تسوية القضية الفلسطينية، حسبما جاء في المبادرة العربية؛ هذا القول لا يوجد ما يسنده في الواقع، بل ما يسنده هو العكس تماما. إسرائيل لم تعر أي أهمية لاتفاقات أوسلو، أو للمبادرة العربية، الأولى مضى عليها أكثر من ثلاثة عقود، ولم تر النور، ولم تطبق إسرائيل حرفا واحدا منها؛ اللهم إلا إذا استثنينا، او أدخلنا في حساباتنا؛ إقامة السلطة الفلسطينية في رام الله، وهي سلطة هشة لا تملك من أمرها أي شيء، إلا الإدارة الذاتية، وهذه لها فائدة كبيرة جدا لإسرائيل.. السؤال المهم والخطير هنا؛ هل هناك ما يخطط لطمس القضية الفلسطينية، أي تمييع الحق الفلسطيني، وهو حق قومي وإسلامي وإنساني؟ وعلى أي قاعدة يتم هذا التمييع؟ وما هو دور الفلسطينيين والشعوب العربية في التصدي لهذه المخططات الخفية؟ من السابق التنبؤ بما سوف تؤول إليه قضية العرب الكبرى، بل المركزية.. إنما في المقابل من الممكن تملس البعض من هذه الخطط: أولا؛ إقامة حكم ذاتي في الضفة الغربية محاط بالمستوطنات كمناطق عازلة بين مدنها، مع ربطها عبر أنفاق أو قطارات معلقة مع غزة، وتوكيل هذه المهمة للصين، أو للشركات الصينية، كما قيل عن هذه الخطط قبل عدة سنوات من الآن، أي سنوات قليلة. ثانيا؛ أو يصار إلى إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة مع جزء من أرض سيناء، أو جزء من بحر غزة بعد.. وهذا الحل قد طرح قبل سنوات أيضا في تزامن مع الطرح الأول. لكن بكل تأكيد هناك في جعبة دهاقنة الشر ما يقود، أو يفضي إلى تمييع القضية الفلسطينية. إنما في الجانب الثاني هل تنجح هذه الخطط الخفية، مهما كان شكلها أو طريقتها في التمييع؟ الإجابة على هذا السؤال؛ نعثر عليه بسهولة ويسر عندما نتابع نضال وجهاد الشعب العربي الفلسطيني، والرفض الذي يكاد أن يكون كاملا من قبل الشعوب العربية. إن الأنظمة العربية المطبعة تحاول أن تتلاعب بالألفاظ في محاولة منها للتعمية على الواقع، أو ما يجري في الواقع لمخادعة شعوبها الرافضة للتطبيع المجاني. من نافلة القول هنا الإشارة إلى المأزق الوجودي الذي تعاني منه إسرائيل في الوقت الحاضر، وستعاني منه أكثر مستقبلا: أولا: على صعيد النمو الديموغرافي للشعب الفلسطيني، الذي تمسك ولم يزل متمسكا بهذه الأرض، حتى الذين أجبرتهم الظروف على المغادرة، والعيش هناك في أرض الشتات؛ فإنهم يناضلون بالقلم وبأدوات أخرى بقدر ما هو متاح لهم على هذا الطريق. الشهيدة شيرين أبو عاقلة التي تحمل الجنسية الأمريكية؛ تركت أمريكا لتعمل مراسلة لقناة «الجزيرة»؛ ليسيل دمها في مدينة جنين. هناك المئات من المناضلين الفلسطينيين من تعقبهم الموساد واغتالهم في دول المنافي؛ لتأثيرهم الفعال في محاربته. ثانيا؛ جميع الحروب التي خاضها الشعب الفلسطيني بلا دعم او غطاء عربي، أو الانتفاضات جميعها انتصر فيها الشعب الفلسطيني على الآلة الجهنمية الإسرائيلية؛ بسلاح الإرادة الصلبة والتصميم على الانتصار وبأدوات بسيطة مقارنة مع آلة الحرب الإسرائيلية. ثالثا: الدعم الأمريكي لا يمكن ان يستمر إلى الأبد في ظل عالم يتغير بسرعة دراماتيكية، سوف يقود حتما إلى تغير في الموقف الأمريكي من هذا الكيان، بفك الارتباط الاستراتيجي معه؛ عندما يتغير الداخل الأمريكي تحت ضغط التحولات الكبرى التي سوف تحدث لا محالة في العالم؛ إذ لا أحد في إمكانه إيقاف عجلة التأريخ مهما حاز من قدرات كبيرة في اجتراح الطرق والوسائل البديلة لإيقاف هذه الحركة. لأن تطور التأريخ يسحق كل جبار عنيد، من الجهة الثانية هذا يحتاج إلى مشروع عربي وفلسطيني واضح في الفكرة، وأسلوب العمل في استثمار التحولات الكبرى في العالم، بما فيها أمريكا وأوروبا وروسيا والصين ودول كبرى كثيرة أخرى، وليس الجري وراء أمريكا وإسرائيل من قبيل نشر نظام الدفاع الجوي الصاروخي العربي والإسرائيلي في المنطقة العربية، إنفاذا لقرار الكونغرس الأمريكي مؤخرا، أو فتح الأجواء أمام طائرات هذا الكيان على ما في هذا من تحرك ربما دفين وراء الأجواء المفتوحة هذه. في النهاية أقول: جميع دول الجوار العربي استعدت منذ حين؛ في استثمار التحولات العالمية لصالحها. هذه التحولات؛ هي تحولات بنيوية لإعادة هيكلة النظام العالمي في المستقبل القريب، ما جعل امريكا تتصرف بهستيريا في مواجهة كل من الصين وروسيا، اللتين تهددان تربعها على كرسي عرش العالم والتحكم فيه؛ تهددان بل تهزان هذا الكرسي هزا عنيفا بلا ضجيج، عبر منظمة شنغهاي والاتحاد الأوراسي الاقتصادي ومنظمة البريكس، والمشروع الصيني في الحزام والطريق. حتى إسرائيل هي الاخرى كانت قبل الآن؛ قد استعدت لهذه التحولات؛ فقد أرست بطريقة أو بأخرى قواعد للعمل والشراكات مع روسيا والصين، مع المحافظة على أسس حلفها مع أمريكا بغطاء من إسرائيل العميقة، أو إسرائيل الظل في أمريكا. للحقيقة وحتى لا أجانب الواقع المعيش؛ أقول حتى بعض الدول العربية ذات التأثير قد عملت في هذا الاتجاه، فهي تضع العدد الكبير من بيضها في السلة الأمريكية، وتحاول كسب ود إسرائيل العميقة أو إسرائيل الظل، ما يؤدي إلى خلل في اللعب في ساحة ملعب قوى التوازن الدولي الصاعدة.. ما يعني بالضرورة الحاكمة وضع القضية الفلسطينية في ذيل هذه السياسة، إن لم أقل نسيانها عمليا، ووضعها على رف انتظارحلول التمييع.. بما يغيّب عمليا مواقف القوى الدولية العظمى من القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل، حتى إن افترضت لها سلامة النية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي