الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيلبس العراقيون ملابس حزن عاشوراء هذا العام مبكرا؟

محمد رضا عباس

2022 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


تعود العراقيون على لبس السواد في ذكرى مصرع الامام الحسين وانصاره في شهر محرم من كل عام . الذكرى تقترب سريعا ولم تبقى الا أيام اقل من عدد أصابع اليد الواحدة , ولكن احتمال لبس السواد هذا العام قبل حلول هلال شهر محرم الحرام وارد جدا , بعد تظاهرات انصار السيد مقتدى الصدر يوم الأربعاء المصادف 27 تموز والتي من المفروض ان تبدء وتنتهي في ساحة لتحرير , ولكن بقدرة قادر اتجهت نحو المنطقة الخضراء المحصنة ودخل انصار السيد الصدر الى بناية البرلمان بدون تدخل القوى الأمنية . اكثر من ذلك فقد وجه مكتب السيد محمد الحلبوسي , رئيس مجلس البرلمان العراقي, " حماية البرلمان بعدم التعرض للمتظاهرين او المساس بهم , وعدم حمل السلاح داخل البرلمان فضلا عن توجيه الأمانة العامة لمجلس النواب بالتواجد في المجلس والتواصل مع المتظاهرين", وهي دعوة اعادها مرة ثانية النائب الثاني لرئيس مجلس البرلمان والمحسوب على الحزب الديمقراطي الكردستاني شاخوان عبد الله حيث طالب بضرورة الحفاظ على سلمية التظاهرات فيما وجه قوات حماية البرلمان الى عدم التعرض او المساس بهم .
الفضائية العراقية الإخبارية كانت أيضا واضحة جدا في دعم التظاهرات معتبرتا بانها تظاهرات شعبية ضد " المحاصصة", بدون الإشارة الى دخول المتظاهرون عنوة الى داخل بناية البرلمان والذي يعد خرق واضح لأقدس مقدسات العملية السياسية وهو البرلمان الذي يمثل إرادة الشعب , فيما اعتبر محللون سياسيون من اتباع التيار الصدري ان التظاهرات كانت تظاهرات شعبية وعفوية واجتمع الالاف في مكان واحد وفي وقت واحد للتعبير عن رغبتهم بالقضاء على نظام المحاصصة , وهي دعوة قريبة من المستحيل. فكل من درس الإحصاء يعرف ان احتمالية اجتماع عشرة اشخاص بدون معرفة الواحد الاخر في مكان واحد و لهدف واحد قريبة من الصفر , فكيف اذا كان الاجتماع يتكون من عشرات الالاف ؟
على كل حال رفضت الأمم المتحدة دخول المتظاهرين عنوة الى بناية البرلمان , واعتبر نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الى " ضرورة ان تعمل جميع الأطراف والجماعات السياسية في العراق معا , في وقت تتفكك فيه الوحدة , وهذا مصدر قلق كبير". اما بيان الاطار التأسيسي ( المنافس القوي للتيار الصدري) فقد اعتبر ان التظاهرة غير عفوية وانما كانت هناك " تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى واثارة الفتنة و ضرب السلم الأهلي", معتبرا ان ما جرى يوم الأربعاء " من احداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب والمؤسسات الدستورية وعدم قيام القوات المعنية بواجبها يثير الشبهات بشكل كبير", داعيا جماهيره الى " اليقظة والانتباه و تفويت الفرصة والاستعداد لكل طارئ".
اذا , الأيام القادمة ستكون حبلى بالأحداث الخطيرة وقد تشاهد شوارع بغداد والجنوب العراقي دماء بريئة و غزيرة قد لا تختلف كثيرا من فضائع الإبادة الجماعية بين عشيرة الهوتو والتوتسي في رواندا والذي ذهب ضحيتها 800 الف خلال مائة يوم فقط من عام 1994 . هذا الاحتمال وارد خاصة وان تحذير اخر جاء من مسؤول " سرايا السلام" الجناح المسلح للتيار الصدري , تحسين الحميداوي , من " المساس" بالمحتجين . وقال في " تدوينة" له ان " الجماهير اقوى من الطغاة مهما تفرعنوا", مضيفا " اياكم والمساس بالمتظاهرين". وقبل يوم نشره " وزير الصدر" صورة ساخرة لرجل من السودان يصافح ظله" في إشارة الى مرشح الاطار لراسة مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني , مما اثارت " التدوينة " امتعاض " عشيرة السوداني" التي طالبت الصدر بالتوضيح .
التيار الصدري خرج من البرلمان العراقي ولكنه لا يريد ان تشكل حكومة بدون ارادته وهو الامر الذي جعله استخدام و تحريك انصاره في كل مرة لا يرغب التيار بمرشح الاطار لقيادة الحكومة العراقية , و في النهاية يجري في العراق ما جرى قبل أسابيع في سريلانكا , حيث هرب رئيس وزراءها خارج البلد بعد ان هاجم المحتجين مقر عمله. لحد الان لم يعلن الاطار عن سحب مرشحه السيد محمد شياع السوداني وانه مصمم تقديم اسمه الى البرلمان كمرشح لرئاسة الوزراء .
على اكثر الاحتمالات ان السيد محمد شياع السوداني سوف لن يهرب من العراق في حالة إصرار الاطار على ترشيحه وفوزه بالمنصب لأنه مرشح من قوى سياسية كبيرة في العراق , وان هذه القوى لديها قاعدة شعبية ربما اكبر من قاعدة السيد الصدر , وان تملص التيار من مسؤوليته لتظاهرات يوم الأربعاء , ودعوته على انها تظاهرة الشعب العراقي , دعوة غير صحيحة . تظاهرة يوم الأربعاء كانت تظاهرة لانصار السيد الصدر , وليس للشعب العراقي شغل فيها , لأنه يعرف جيدا حجم مخاطرها في هذا الوقت . السيد ومن وراءه يريد ان يقض على الاطار( منصب رئيس مجلس البرلمان و رئيس الجمهورية أيضا بالمحاصصة) حتى لو كلف ذلك فناء الشعب العراقي ورفع اسم العراق من الخارطة العالمية . تظاهرات اليوم مشبوه لأنها دعمت من قوى معروفة ليس لها حب للاطار وتريد القضاء عليه الى الابد . فمن تابع اخبار التظاهرة يكتشف سريعا ان هناك ارادات داخلية وخارجية تريد من هذا الاختلاف الشيعي -الشيعي ان يكون خلاف قومي بدلا من اختلاف سياسي , فاصبح الاعلام المعادي يسوق للتوجهات السيد الصدر "القومية" وتبعية قوى الاطار الى ايران , بل ترشح من بعض وسائل الاعلام ان المتظاهرين الذين دخلوا قاعات مجلس النواب بدأوا بالهتاف مرة ثانية " ايران بره بره".
ليس دفاعا عن الاطار , فله جيش من المدافعون عنه , ولكن شخصيا لا اريد ان يراق دم أي مواطن عراقي بسبب قضايا سياسية يربح فيها المترفون ويصبح حطبها الفقراء . نعم بقاء كل مخيم واضع أصابعه على الزناد سوف لا ينجم منه الا الموت , ويصبح عاشورنا هذا العام عاشورين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران