الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة تشكيل الحكومة العراقية هو أنعكاس لفوضى الليبرالية الجديدة و صراع الأجندة !

صابر محمد

2022 / 7 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ان تراكم رؤوس الأموال في ظل الوضع الراهن لليبرالية الجديدة للنظام الرأسمالي أخذ بعدًا أكثر بشاعة و طمعًا بحيث أضعفت دور الدولة البورجوازية من حيث السيطرة الاحتكارية و الانتاج والتوزيع الراسماليين .

ان الصراع الامبريالي بين القطبين الغربي والشرقي حول تراكم رؤوس الأموال و في ظل تحرر الراسمال من قيود الدولة المركزية والذي سمي بالليبرالية الجديدة اي الحرية المطلقة لحركة الراسمال على الصعيد العالمي أدى الى استحداث أوضاع سياسية و فوقية جديدة ، بحيث أصبحت الشركات المتعددة الجنسيات و من يساهم في إدارتها هي التي تحكم الدول والمجتمعات و تدير شؤون الطبقة البورجوازية من خلال خلق سلطة مساهمة لكل الأطراف والقوى والشركات و تبقيها كقوة إقتصادية وسياسية تستعبد بها الطبقات المضطهدة في المجتمع لإدامة حركة تطور و تراكم رؤوس الأموال.

فالأحداث والتحولات الأساسية التي مرت بها المنطقة والعراق ما بعد حرب الخليج و اسقاط النظام الدكتاتوري القومي البعثي في سنة 2003 من قبل الأمريكان والتحالف الامبريالي الدولي ، لم تكن تغييرات وتحولات سياسية فوقية او انقلابات سياسية ، بل كانت تغييرات اساسية في طبيعة وأسلوب الانتاج الراسمالي والذي بدوره أضعف دور و نموذج التخطيط المركزي للدولة التي كانت تتبعها الدول الملتفة حول القطب الاقتصادي والسياسي للاتحاد السوفيتي السابق ، وفتحت للرأسماليين الأغنياء الفرص الكفيلة واللازمة لابتزاز وإستغلال الأيدي العاملة الرخيصة جراء البطالة المتفشية في البلاد و التجارة الدولية بالأيدي العاملة الأجنبية و خلق المنافسة بين صفوف الطبقات العاملة لقبولهم العمل وبأسعار زهيدة لصالح التجار والراسماليين المحليين و الأجانب، وبذلك خلقت هذه الأوضاع وجاءت بالعشرات بل بالمئات من المليونيرين العراقيين و الأجانب نتيجةً للفساد المستشري في العراق و خلق اكثر الأجواء وحشية لاستغلال قوة وطاقات عمل الملايين من البروليتاريا العراقية والأجنبية.

إن التشكيلة السياسية للنظام السياسي في العراق كما هو معروف للجميع من حيث فشله و عمالته لدول الجوار و الإمبريالية العالمية و وحرمان الجماهير المضطهدة و العاملة والفقيرة من أبسط الحقوق الاقتصادية والسياسية والثقافية والرفاهية والتي سببت استياء و ومعاناة و غضب الجماهير من كل ذلك الوضع القائم ، ولكن المؤسف والمخيب للآمال هنا هو اغتراب وعي الطبقات المضطهدة وتوجيه معاناة و بؤس وغضب هذه الجماهير بالاتجاه الذي يخدم الطبقات المالكة و أحزابها الميليشية الشيعية والسنية والطائفية والقومية .

ولكن هذا الصراع الطائفي و القومي والديني الذي برز على الساحة السياسية في شكل صراع مسلح للميليشيات و الأحزاب والتكتلات الدينيه و القومية و العرقية يجسد بحد ذاته مصالح الطبقات البورجوازية لكل هذه الأطياف و القوميات والمذاهب الدينية .

ان أقتحام أنصار مقتدى الصدر للمنطقة الخضراء و مبنى مجلس النواب العراقي يوم الاربعاء الماضي والذي جاء كنتيجة لفشل تشكيل الحكومة من قبل الممثلين المندوبين عن السلطات القومية الكومبرادورية الكردية ، و ممثلي الطائفة السنية من الرجعيين القوميين السنة و إنفراد كتلة او جماعة ( الإطار التنسيقي ) للطائفة الرجعية الدينية وحزب الدعوة في تشكيل الحكومة العراقية وإنسحاب واستقالة المندوبين عن كتلة الصدر و تحديًا لقرار ( الإطار التنسيقي ) الشيعي المدعوم من إيران والذي يترأسه نوري المالكي في إختيار النائب والقيادي السابق في حزب الدعوة ( محمد شياع السوداني ) كرئيسا للحكومة العراقية القادمة على أعتبار انها أكبر كتلة شيعية متبقية داخل مجلس النواب العراقي ، يظهر هذا الصراع الطائفي والديني والقومي الموجود على الساحة السياسية في العراق .

ان حادثة أقتحام مجلس النواب العراقي من قبل أنصار مقتدى الصدر الشيعية وتكراره وتشابهه مع حادثة أقتحام الموالين للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لمبنى الكابيتول في 6/ كانون الثاني لسنة 2021 لم يكن وليد الصدفة أو نموذجا خاصًا تابعًا للتيار الصدري في العراق ، وإنما هو تعبير واضح عن صراع التكتلات والأحزاب والطوائف المختلفة على السيطرة و الاستحواذ القسري لمراكز السلطة تبعًا لمتطلبات حركة تراكم رؤوس الأموال في ظل الليبرالية الجديدة العالمية ، وسوف تتكرر مثل هذه الحوادث في أماكن ودول أخرى في العالم .

ان الخلافات والصراعات الجارية بين الاطراف والأحزاب القومية والطائفية و الدينية وميليشياتها هي خلافات بعيدة عن وغير مرتبطة بمصالح الطبقات المضطهدة العراقية بعربهم و كردهم و غيرهم من القوميات والأطياف الأخرى، بل انها خلافات سياسية داخل الأسرة الحاكمة لنظام المحاصصة الطائفي والديني والقومي في العراق و إنها ليست الا معارضة برجوازية و إصلاحية داخل نفس المنظومة السياسية والاقتصادية الحالية .

إن تسمية هذه المحاولة لاقتحام مبنى البرلمان العراقي من قبل أحد وزراء الصدر ( صالح محمد العراقي ) على إنها " جرة اذن " من أجل " ثورة اصلاح " هي بمثابة التعبير الموجز عن منهج السياسة الإصلاحية للتيارات البورجوازية على كافة أشكالها الدينية والقومية وكذلك اليساريون الاصلاحيون الشعبويون الذين تحالفوا مع تيار الصدر في الحكومة الطائفية الرجعية للبرجوازية العراقية برمتها.

وان هذا المنهج والعقلية السياسية الإصلاحية المخادعة هي التي ولدت أحداثًا معينة أخرى سابقًا عندما اقتحم فيها التيار الصدري حينها آنذاك المنطقة الخضراء وانسحبوا منها وأثبتوا كما هو معروف بأنهم ليسوا بصدد إسقاط النظام بل ان سياستهم الإصلاحية هذه بقيت وسيلة وسياسة مخادعة لجر الملايين من المضطهدين العراقيين وراء سياسات و اعتصامات لا تصب في مصلحة الجماهير أنفسها بل في مصلحة الأحزاب والميليشيات الدينية والقومية الرجعية وبقائهم في الحكم .
ان مصير و حياة الطبقات المضطهدة والعاملة العراقية سوف تسوء يوما بعد يوم و يشتد الخناق بهم في ظل سلطة وحكم المحاصصة القومية والدينية و الطائفية التي تديرها شلة من العملاء و المرتزقة المرتبطين بمصالح صندوق النقد الدولي وسياسات الرأسمالية العالمية والدولية .

وبالرغم من بقاء العالم و النضال الطبقي و سياسته البروليتارية الثورية في دوامة الاثار السلبية لإخفاقات ثورة أكتوبر البلشفية وتعرضه للتشويهات المتعددة التي قامت بها البورجوازية العالمية ومؤسساتها الإعلامية وكذلك الشرائح المثقفة من البرجوازيين الصغار وأحزابهم الإصلاحية المنهج الذين ساهموا في ذر الرماد أعين الطبقات المضطهدة وخصوصا الاصلاحيون الشعبويون الذين نادوا وينادون بالاشتراكية القومية والوطنية ، وكذلك الإصلاحيون العماليون على مختلف أشكالهم والذين انبثقوا من رأس الاشتراكية الديمقراطية البرنشتانية والكاوتسكية الإصلاحية .

سيبقى النضال الطبقي و السياسي مستمرًا طالما وجدت هناك أستغلال و فروقات طبقية و امتيازات لطبقة معينة على حساب فقر وإضطهاد و إستعباد الأكثرية العظمى من البشرية، وان الهمم الثورية في العراق والمنطقة والدول العربية الأخرى في غليانه وهيجانه المستمر لحين تنظيم نضالاتهم الطبقية والسياسية على النحو والشكل الذي يتطلبه النضال الطبقي والماركسي ضد الرأسمالية العالمية .

حركة البروليتاريا الماركسية !

29 / 7 / 2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران