الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتاب السادس _ الفصل الجزء 3

حسين عجيب

2022 / 7 / 30
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الجزء 3
الضدان _ الزمن والحياة

1
ما هي العلاقة الحقيقية التي تربط بين الزمن والحياة ، وهل يمكن تحديدها بشكل دقيق وموضوعي ؟!
لماذا يبقى هذا السؤال رغم أهميته ، وبساطته ووضوحه ، خارج مجال الاهتمام الثقافي ، وغيرها من الأسئلة التي تتعلق بالواقع ، والزمن ( أو الوقت ) والحياة والعلاقة بينهما ؟!
الزمن والزمان مترادفان ، أو ثنائية زائفة ، تسميتان لنفس الشيء .
بينما الزمن والوقت ، ربما تكون العلاقة بينهما مختلفة بالفعل ، حيث أن الوقت هو الزمن الإنساني والفردي خاصة بينما الزمن يتضمن ، بالإضافة إلى الوقت ، مرحلة ما قبل الحياة والانسان ، وأيضا مرحلة ما بعدهما .
....
لماذا تجاهل نيوتن العلاقة بين الزمن والحياة ( واعتبرهما واحدا بشكل ضمني ، كما يمكننا الاستنتاج ) وفعل مثله اينشتاين ، وغالبية من بعدهم ؟!
أعتقد أن هذا السؤال ، مع أنه ، من ضمن مجال واختصاص تاريخ العلم ربما تعالجه في المستقبل القريب الآداب _ الرواية والسينما بشكل خاص .
....
موقف نيوتن من الزمن معروف ( ناقشته في الكتاب الأول بشكل تفصيلي ، وموسع ) ، وما يزال الموقف الثقافي العالمي يعتمده إلى اليوم . ويمكن تلخيصه بعدة أفكار ، منها العلاقة بين الحياة والزمن حيث اعتبر العلاقة الحقيقية بين المكان والزمن ، في حين اعتبر ( بشكل غير مباشر ) أن الحياة والزمن واحد ، أو في اتجاه واحد . واعتبر أن سهم الزمن ينطلق من الماضي إلى المستقبل عبر الحاضر ، وأن قيمة الحاضر لا متناهية في الصغر تقارب الصفر ، ويمكن اهمالها بدون أن تتأثر النتيجة .
( بهذه النقطة توجد مغالطة ، ومفارقة معا . حيث أن حركة الحياة والزمن مزدوجة عكسية ومجموعهما يساوي الصفر دوما ، الحركة الموضوعية للحياة من الماضي للمستقبل عبر الحاضر ، وعكسها الحركة التعاقبية للزمن من المستقبل إلى الماضي . بينما الحركة التي تدرسها قوانين الفيزياء ، تمثل الحالة الخاصة ، التي تحدث في الحاضر المستمر فقط ) .
2
توجد ثلاثة احتمالات نظريا ، للعلاقة بين الحياة والزمن :
1 _ هما واحد ، او في اتجاه واحد .
2 _ هما اثنان ، وتربطهما جدلية عكسية بطبيعتها .
3 _ احتمال ثالث ، ربما يكتشف في المستقبل .
تتبنى النظرية الجديدة الاحتمال الثاني ، وتعتبر أن الزمن والحياة اثنان ، لا يمكن اختزالهما إلى الواحد ، ولا يمكن بالمقابل اعتبارهما أكثر من اثنين .
....
الاحتمال الأول : الزمن والحياة واحد .
هذا الموقف سهل ، ويتناسب مع الرغبة الأولية والمشتركة ( حلم التسيب الطفولي ، بحسب ترجمة محمود منقذ الهاشمي لإريك فروم ) وهو يمثل الموقف الثقافي العالمي ، الحالي ، لكن بشكل ضمني وغير مباشر .
خطأ هذا الموقف ظاهر ، وهو يتناقض مع جميع اشكال الخبرة اليومية والمشتركة . لو كانت حركة الحياة والزمن في اتجاه واحد ، أو أنهما واحد فقط لا اثنين ، لكانت الحركة الموضوعية للواقع ظاهرة ومباشرة ، وتقبل الملاحظة والاختبار والتعميم .
بكلمات أخرى ،
يولد الانسان في الحاضر ، ويستمر في الحاضر طوال عمره ، حتى لحظة الموت . والسؤال كيف يتشكل الماضي ، بالتزامن ، مع تحقق المستقبل بالفعل ؟
كلنا نعرف أن حدث قراءتك الآن ، سوف يتحول خلال لحظة إلى الماضي ، بينما تستمر _ين أنت بالوجود في الحاضر ، وبالتزامن ، يقترب المستقبل ( بنفس سرعة ابتعاد الماضي ، وهي نفسها السرعة التي تقيسها الساعة ) ويتحقق المستقبل ، بدءا باللحظة القادمة والغد .
تفسير ذلك ، غير ممكن ، مع افتراض أن الحياة والزمن في اتجاه واحد .
والاحتمال الثالث ، بنفس درجة الغرابة والتناقض : افتراض أن الحياة والزمن اكثر من اثنين ، أو توجد بينهما أكثر من علاقة !
مصدر هذا الموقف الغريب ، الفوضى الثقافية العالمية حول طبيعة الزمن والحياة كل بمفرده ، والعلاقة بينهما ثانيا .
....
لنتذكر تسمية المجلة التي كان يشرف عليها سارتر : الأزمنة الحديثة .
ليس الزمن ، بل الأزمنة !
بينما عنوان رواية مارسيل بروست " البحث عن الزمن المفقود " ، لا الأزمنة .
بدوره باشلار ، يعتبر أن للزمن أنواعا عديدة : للزمن كثافة ، للزمن أبعاد .
كتاب جدلية الزمن ، ترجمة خليل أحمد خليل . ( موجود على النت ) .
يتقدم موقف الأدب والفلسفة ، والشعر خاصة ، من العلاقة بين الزمن والحياة على الموقف العلمي الحالي ، بوضوح .
3
الزمن والحياة اثنان ، والعلاقة بينهما جدلية عكسية بطبيعتها .
هذه الفكرة ، الظاهرة ، تقبل الملاحظة والاختبار والتعميم بلا استثناء .
البرهان الحاسم على ذلك : العمر الفردي .
لحظة الولادة يكون العمر يساوي الصفر ، وبقية العمر كاملة .
والعكس تماما لحظة الموت :
تكون بقية العمر تساوي الصفر ، والعمر كاملا .
تفسير ذلك ، سهل وبسيط بعد فهم العلاقة العكسية بين حركتي الحياة والزمن أو الوقت ( وقد ناقشت الفكرة سابقا ، في الكتاب الأول خاصة ) .
....
....

عملية أو حركة ، التقدم في العمر
( بدلالة العلاقة بين الحياة والزمن أو الوقت )

1
التصنيف الثلاثي بسيط ، وواضح وموضوعي ، وتبقى مشكلته الأساسية ( الوحيدة كما أعتقد ) أنه غير دقيق مقارنة بالمقياس الرباعي ، وما فوق .
بالتصنيف الثلاثي ، بعد البلوغ ينقسم البشر إلى ثلاثة مستويات وأنواع ، بحسب الموقف من تقدم العمر :
1 _ موقف الانكار .
رفض الكلام عن العمر الشخصي وكأنه رزيلة ، وغير مقبول .
2 _ موقف التبجح .
خلال ساعة ، يتكرر ذكر العمر الشخصي عدة مرات .
3 _ الموقف الاجتماعي ، أو الطبيعي .
يكون الحديث عن العمر ، أو غيره ، مثل أي موضوع آخر .
حالة التوازن بين الكلام والاصغاء ، بالوقت والاهتمام .
....
التقدم في العمر حقيقة موضوعية ، واجتماعية ، وثقافية . تشمل جميع الأحياء ، وعلى المستويين الفردي أو المشترك .
لكن طبيعة العمر هي المشكلة ، المزمنة ، في هذا النص أو غيره .
....
يعرف الفرد الإنساني ، بالإضافة إلى الاسم والمهنة ، بالطول والوزن والعمر ولون البشرة ، وزمرة الدم ، وغيرها .
بعبارة ثانية ، العمر حقيقة موضوعية لا خلاف حولها .
لكن هذا الأمر سطحي ، وسرعان ما يتكشف الارتباك والفوضى في الموقف من موضوع العمر ، على مستوى الثقافة العالمية بلا استثناء .
في حالة بعض الأفراد ، تتضخم المشكلة لديهم ( مشكلة العمر ) إلى درجة الرهاب والعصاب الشخصي .
2
يمثل التقدم بالعمر ( الحركة الموضوعية للحياة ) ، ويجسدها بالفعل عبر الفرد الإنساني ، وغيره من بقية الأحياء .
الحركة الموضوعية للحياة تقابل الحركة التعاقبية للزمن ، تتساويان بالسرعة وتتعاكسان بالإشارة والاتجاه .
الحركة الموضوعية للحياة تبدأ من الماضي إلى المستقبل ، عبر الحاضر .
( تتمثل بتقدم العمر ، أيضا بتعاقب الأجيال )
الحركة التعاقبية للزمن أو الوقت ، بعكس الحركة الموضوعية للحياة ، تبدأ من المستقبل إلى الماضي ، وعبر الحاضر بالطبع .
المثال المباشر ، عمرك الحالي نقص من بقية العمر . والأمر نفسه ، ينطبق على كل كائن حي .
( هذا هو القانون ، الحقيقي ، الذي تمثله حركة التقدم بالعمر )
....
توجد حركة ثانوية للحياة ، تتمثل بالحركة الذاتية ( حركتك الشخصية وحركتي ، وحركة كل فرد آخر ) ، وهي اعتباطية ويتعذر التنبؤ بها .
أيضا توجد حركة ثانوية للوقت أو الزمن ، وتتمثل بفرق التوقيت العالمي بين البلدان والمدن الكبرى .
3
ما هي العلاقة ، الحقيقية ، بين حركتي الحياة والزمن ؟
أولا ، يلزم التمييز بين طبيعة كل من الزمن والحياة ، وهنا المشكلة الكبرى ، المزمنة ، والمشتركة في الثقافة العالمية ( بين العلم والفلسفة خاصة ) .
....
بالتصنيف الثلاثي ، توجد ثلاثة مواقف للعلاقة بينهما :
1 _ الزمن والحياة واحد ، واتجاههما واحد أيضا .
هذا الموقف الغريب ، والشاذ بالفعل ، هو موقف العلم الحالي متمثلا بالفيزياء النظرية !
بالإضافة إلى موقف الفلسفة أيضا !!
2 _ الزمن والحياة اثنان وتربطهما علاقة ، جدلية عكسية ، أو معادلة صفرية من الدرجة الأولى : س + ع = الصفر .
هذا موقف النظرية الجديدة .
3 _ الزمن والحياة أكثر من اثنين .
هذا الموقف الغريب ، والشاذ أيضا ، يمثل موقف غالبية المثقفين في العالم ، لا في العربية وحدها .
4
حركة التقدم في العمر ، فكرة ، ظاهرة وتقبل الملاحظة والاختبار والتعميم بلا استثناء .
لنتخيل الأيام الثلاثة الأخيرة للمسيح ، أو لأي فرد آخر ؟
1 _ اليوم الأول يضاف إلى العمر الحالي .
بالتزامن ينقص من بقية العمر .
2 _ اليوم الثاني ، نسخة طبق الأصل عن اليوم الأول .
3 _ اليوم الثالث ، والأخير ، ميزته الأساسية أنه لا ينقص من بقية العمر ، مع أنه يضاف إلى العمر .
فكرة اليوم الثالث والأخير ، جديدة . لم أفكر بها سابقا .
....
كيف يمكن فهم النص السابق ، بشكل صحيح ومتكامل ؟
أعتقد أن القارئ _ة الجديد _ة ، يتعذر عليهما فهم النص بشكل صحيح ، قبل الرجوع إلى الأفكار الأساسية ( المشتركة ) للنظرية .
مثلا ، خلال النص اعتبرت أن القارئ _ة يعرف الحركة المزدوجة للحياة : الموضوعية والذاتية _ بالتزامن _ يعرف أيضا الحركة المزدوجة للزمن أو الوقت التعاقبية والتزامنية .
الحركة الموضوعية للحياة ، تحدث بين الماضي والمستقبل ، خارج إدراك الفرد ووعيه وملاحظته بالطبع .
( من يدرك حركة تقدم العمر بشكل ذاتي ! ) .
بينما الحركة الذاتية للحياة ، ومثلها الحركات الصناعية والآلية ، فهي تحدث في الحاضر ( المستمر ) فقط .
الحركة الذاتية للفرد ، ومثلها الحركات الآلية ، تحدث بين النقاط 1 ، و 2 ، و3 ... و س .
أو بين الحاضر 1 ، والحاضر 2 ، والحاضر 3 ، ... والحاضر س .
وقد ناقشت هذه الفكرة في الكتاب الأول ، أيضا في نصوص أخرى منشورة على الحوار المتمدن .
نفس الشيء ، بالنسبة لحركة الزمن أو الوقت :
الحركة التعاقبية للزمن أو الوقت ، تحدث ( بعكس الحركة الموضوعية للحياة ) من المستقبل إلى الماضي عبر الحاضر . أيضا تحدث خارج إدراك الفرد ووعيه .
لكن الحركة التزامنية للوقت ، تشبه قليلا الحركة الذاتية للحياة ، وتختلف عنها أكثر . تتشابهان بأن كلا الحركتين ، تحدثان في الحاضر فقط ، وتختلفان بأن الحركة التعاقبية للزمن يمكن التنبؤ بها ، بينما الحركة الذاتية للحياة اعتباطية بطبيعتها .
....
نقطة أخرى ، ربما تكون غير واضحة للقارئ _ة الجديد _ ة ...
الموقف الثالث من العلاقة بين الحياة والزمن ، مثال غاستون باشلار ، فيلسوف العلم الشهير من الزمن ، كان يعتقد أن له عدة أنواع وكثافة أيضا . في كتاب جدلية الزمن ، ترجمة خليل احمد خليل ، إصدار المؤسسة العربية للدراسات والنشر ( كما أتذكر ) .
سبب هذا الموقف ، أو الاعتقاد بأن الزمن والحياة اكثر من اثنين أو ثلاثة ، يرجع إلى النظر للتنوع والاختلاف الشديد في أشكال الحياة ، بالتزامن ، مع الاعتقاد بأن للزمن عدة أنواع واشكال ، لا مراحل متعاقبة ثلاثة فقط : المستقبل والحاضر والماضي .
( هذه الفكرة تستحق مناقشة أوسع ، وربما تتوضح أكثر عبر الحوار ) .
....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت