الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تحتقر أمة لا تعرف اخلاقها وطباعها

صباح ابراهيم

2022 / 7 / 31
العولمة وتطورات العالم المعاصر


نصيحتي لك ان تسافر الى الشرق البعيد او الغرب دون تردد لتعرف اخلاق وطبائع الأمم الآخرى التي تكفّر انت دينها و تحتقر اخلاق شعوبها وثقافتها، لمجرد انهم يختلفون معك في الدين و العقيدة .انهم خدعوك وقالوا لكم انكم خير أمة أخرجت للناس وأنتم الأعلون وغيركم كفار ومشركون . انتم امة في دار سلام وإسلام وهم امم في دار حرب . ولابد ان تجروهم الى الإسلام والسلاسل في رقابهم .
سافروا الى امم اخرى وستعرفون أننا لسنا افضل شعوب العالم، و لا اعرقهم علما وحضارة ولا أحسنهم اخلاقا ولا افضلهم دينا. لا احد هناك يعرف شيئا عن عنترة وعمرو بن العاص والقعقاع وخالد بن الوليد و الصعصاع. ولم يسمعوا ببطولاتهم البلهاء . فأنتم وحدكم تمجدون السفاحين والقتلة عبر التأريخ.
ستكتشف كذبة الحضارة التي تأسست على شرب بول البعير وررضاع الكبير ونكاح المحلل وحبة البركة التي فيها شفاء من كل داء، ستكتشف ان بلادك صحراء جرداء وارض رمال صفراء، وليست جنان خضراء كما كنت تحسبها .
في بلادنا طائفة تحتفل بعيد الاضحي يوم السبت وطائفة أخرى تعتبر العيد يوم الأحد، وكلاهما يريان هلالا واحدا في مدينة واحدة... يا للعجب !!
ستعلم أننا لسنا خير أمة أخرجت للناس بعد ان تقارن ثقافة وعادات أمتك مع ثقافة وطباع الأمم الأخرى .
ستعرف أننا امة جاهلة اصبحت عبئا على الأمم المتحضرة، وعلى البشرية ، نحن نأكل ما لا نزرع، ونلبس ما لا ننسج، ونتعالج بدواء لم نصنعه ونركب طائرات وسيارات وقطارات اجتهد غيرنا سنوات كي يقدمها لنا جاهزة لنستمتع بخدماتها ثم نلعنهم من فوق منابر مساجدنا .
ستتأكد ان لا رغبة ولا طاقة في تلك الأمم في التآمر علينا لأنهم مشغولون بما هو أهم منا بكثير. انهم يخططون لغزو القمر والمريخ واكتشاف الكواكب البعيدة، وتصنيع لقاحات وادوية للأمراض المستعصية. ستستغرب من لطف سائق التاكسي هناك، ومن تعامل الشرطي وعامل المطار و موظفة ختم الجوازات، وسترى ابتسامة جميلة من نادل الكشك الذي يقدم لك القهوة او الشاي .
ستتعجب عندما تعلم ان فرقة المطافئ كاملة جائت بمعداتها لأنقاذ قطة عالقة على حافة شرفة في احد الطوابق لبناية عالية وعلى وشك السقوط والموت .وتتعجب من أن شرطي المرور يوقف مسيرة السيارات كي تعبر وزة مع صغارها الشارع الى بركة الماء .
ستندهش عندما ترى رئيس وزراء تلك الدولة او وزير فيها او نائب في البرلمان يمشي لوحده في السوق دون ان يتحلق الناس حوله او يحيط به حراسات ورجال مدججون بالاسلحة وكأنهم في ساحة حرب . رئيس وزراء السويد يذهب لدار السينما مع زوجته بلا حراسة، ورئيسة وزراء المانيا تتسوق الخبز من الفرن القريب من بيتها بنفسها . وتعيش في شقة صغيرة في مجمع شقق للعوائل . اما حكامنا وسياسيونا الأفذاذ فلا يخرجون للشارع من غير مرافقة لموكب سيارات فارهة مضللة ،تقطع الشوارع كلها ليمر الأستاذ مع مدرعاته وسياراته المصفحة وحرسه المدجج بالرشاشات . ويتبين فيما بعد انه وصل لمنصبه بشهادة مزورة او تخرج من حوزة دينية بعلم الكلام واستلم منصب نائب رئيس الوزراء من دولة فيها خمسة ملايين معمم .
في تلك البلاد الأجنبية ستستغرب من أن الناس تبتسم لك في الطريق وانت لا تعرفهم، يسلمون عليك قبل ان تلقي التحية عليهم . تبتسم لك امراءة حسناء او عجوز تمر امامك وتقول لك مرحبا دون ان تعرف من هي .
انهم ينظرون لك على انك إنسان تستحق الإحترام لا غير ، ولا يهمهم من تكون ومن اي بلد جئت وماهو دينك و من اي عشيرة أنت .
ستتعلم احترام غيرك لتنال احترامهم، وستخجل من تصرفات سيئة كنت تقترفها كبديهيات في بلدك ، مثل تجاوزك الطابور، ورمي علبة السكائر على الأرض اينما كان ، ودفع رشوة او قبولها لتسهيل مهمة ما .
ليس غريبا علينا تخريب مقعد في حديقة او متنزه ، او كتابة شعارات حزبية باصباغ ملونة على جدران مدرسة بنيت حديثا، ليس حرجا عليك القاء القمامة قرب باب منزلك او في الشارع ، فهذه من البديهيات التي اعتدنا عليها في بلادنا .
لقد اعتدنا ان نتفاخر في بلادنا بقرابتنا من مسؤول حكومي من الدرجة العاشرة، او نستخدم اسم العشيرة كي نظهر الناس اننا ننتمي لعشيرة الوزير او النائب الفلاني . او نتباهى لصداقتنا لرجل يعمل مفوضا في دائرة الأمن العام . ونتفاخران الكهرباء في بيتنا لا تنقطع لأننا ربطنا سلك بيتنا لسرقة الكهرباء مجانا من محولة االمستشفى المجاورة لبيتنا .
سوف تشتاق لزيارة اهلك في وطنك بعد ان هاجرت بضعة سنوات الى بلاد المهجر الجميلة، وتعلمت من ثقافتها واكتسبت علما من جامعاتها وتعلمت الكثير من أخلاق وطباع شعبها، وتأقلمت مع ابناء شعبها، لكني متأكد انك لن تتمنى أن تعود لوطنك يوما وترى الأخ يقتل اخاه والعشيرة تشن حربا دموية بمختلف الأسلحة على العشيرة المجاورة او شابا يذبح فتاة في الشارع او امام بوابة الجامعة لأنها رفضت الزواج منه . لن ترضى ان تعود لتلك الحياة الموحلة بعد أن اختبرت بنفسك طعم الحرية والديمقراطية الحقة هناك، و جودة الخدمات التي تقدمها الدولة لك ولأطفالك. وإن عدت لبلدك زائرا فستقسم يمينا ان لا تعود للعيش فيها طويلا بعد ان استمتعت بحياة الجنة في بلد المهجر .
انا متأكد انك لن تلوم من هجر وطنه قبلك. فلو كان وطنا حقا يُحترم فيه الإنسان ويعيش بكرامة وحرية فيه لما تركته و هاجرت الى بلاد الحرية والكرامة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطائرات من دون طيار الفاعل الرئيسي الجديد في الحروب


.. سيول جارفة ضرب ولاية قريات في سلطنة عُمان




.. دمار مربع سكني بمخيم المغازي جراء القصف على غزة


.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: سنرد على إيران وقاعدة نيفاتيم




.. بايدن ينشغل بساعته الذكية أثناء حديث السوداني عن العلاقة بين