الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الأسرة الحمصية العربية إلى الأسرة التدمرية العربية

عيسى بن ضيف الله حداد

2022 / 7 / 31
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


من الأسرة الحمصية العربية
إلى الأسرة التدمرية العربية
مقدمات
ملخص المشروع الحمصي السوري العربي / : نهر العاصي يصب في نهر التبر الروماني- تلكم هي أقوال المؤرخون لتلك الفترة
في تلك المرحلة العصيبة بين 193 و194، المتميزة بالاضطرابات والحروب القاسية التي شبت كالحريق في أرجاء الإمبراطورية الرومانية، في شرقها وغربها، وكان من نتائجها استطاعة سبتيم سفير قائد جيش الدانوب، قهر خصومه، وسيطر على الجيوش الرومانية الأخرى: السوري، والبريطاني، وفيالق الدانوب، وغيرها.. والاستيلاء على روما، وأسس بعد وصوله للعرش، حكم اسرته الحاملة لاسمه (193-235)..
وقفة مع سبتم سيفير (193-211) مقتبس من الحضارات القديمة ص (684)- أو قل الانقلاب العسكري ل سبتم سيفير، / والقول لي..
" أول إمبراطور جندي. أبن مدينة قرطاجة، من أعمال لبتس من مدينة لبدة ليبيا، يتكلم اللاتينية بنبرة هيلينية، متحمس ل هانيبال مولع به، فكان إذن غريبا عن روما. ضرب بيد لا ترحم الأرستقراطية الرومانية التي وقفت إلى جانب خصومه: أبيد عدد كبير من أسر الأعيان، ومكنته المصادرات الوحشية (بالأصح الواسعة والقول لي) من إشباع خلصائه. ضوعفت رواتبهم، صار من حق الجندي البسيط أن يدخل صف الضباط. وسرح سبتيم سيفير الفصائل الإمبراطورية المشكلة في إيطاليا، وألف حرسا جديدا، اختاره من صفوة جيوش الأقاليم، بحيث صارت روما تغص كما يشكو ديون كاسيس، بخليط من العسكر، بسيماء غابية تتكلم لغة البربر المتمردين بطريقة فظة ( 72،2 ) - وخوَّل الجندي الزواج، وأذن للقوات المعسكرة على الحدود بامتلاك قطعة أرض، ليعيش كل مع أسرته وفي موطنه، ولا يأتي إلى الثكنة إلا من أجل التمارين القتالية " .
شرع سبتيم سيفير بوضع الجيش في خدمة سياسية خارجية حازمة. شن حملة موفقة على البارث/الفرس/ ووسع كثيرا الممتلكات الرومانية خلف الفرات ومات في حملته على بريطانيا..
تعليق من قبلي على هذا النص، بعد تنقيته من ألفاظ تحمل نظرات الكاتب: ماذا نرى من هذا النص المقتضب سوى انقلاب عسكري جذري، ألم في الإمبراطورية الرومانية، أراد منها سيفير سلوك سياسة جديدة لها طابع مغاير..
إضاءات- لنبحث أولاً عن المزيد في تاريخ هذا الشخص الفذ، الذي أظهرته مصادر أخرى..
لننظر قول أتى: نهر العاصي يصب في نهر التبر الروماني- تلكم هي أقوال المؤرخون لتلك الفترة.. يصفه ويل ديورانت في أسرة بونيقية تتكلم بهذه اللغة، ودرس الآداب والفلسفة في أثينا واشتغل بالمحاماة في روما، وكان رغم لهجته السامية من أحسن الرومان تربية وأكثرهم علما في زمانه، كان مولعا بأن يجمع حوله الشعراء والفلاسفة، ولكنه لم يترك الفلسفة تعوقه عن الحروب، ولم يدع الشعر يرقق من طباعه، كان رجلا وسيم الطلعة، قوي البنية، بسيطا في ملبسه قادرا على مغالبة الصعاب، بارعا في الفنون العسكرية.[7] مقداماً لا يهاب الردى في القتال، قاسي القلب لا يرحم إذا انتصر، وكان لبقا فكها في حديثه، نافذ البصيرة في قضائه، قديراَ صارماً في أحكامه..
ابتسم الحظ له ولزوجته حينما انتقل سبتيم سيفر ليكون قائدا عاما للقوات الرومانية في بانونيا.
بعدما أن اعتلى سبتم سيفير العرش، ببذل كل جهده لإحلال السلام والأمن، وأسترجع الولايات التي خرجت عن حكم روما، وبذل الجهد الكبير لإصلاح الجيش والقضاء وإزالة مساوئ الفتن الأهلية.. ( على سبيل التمهيد لمشروعه الذي يخفيه، (والقول لي)..
أقدم الإمبراطور على تعيين زوجته، جوليا دومنا مساعدة له ورئيسة لديوانه. ولدت جوليا عام 170 م، وهي امرأة سُوريَّةٌ نَبيلَةٌ، تنتمي لمدينة حمص، اشتهرت أسرتها بخدمة إله حمص الاكابالاس - إله الشمس- كان ابوها باسيانس كبيرا للكهنة في معبد المدينة.
عملاً بالتقليد أعطاها النفوذ التدخل، إلى درجت حضور الآلهة السورية إلى روما، ثم اتم دخال طرائق الحياة الاجتماعية بتعددها..
في المجال السياسي: النفوذ العربي تجلّى واسعا ومتنوعاً في: مجلس الشيوخ، رئيس مجلس الوزراء، في مجلس الحكام، وزراء، قادة في الجيش..
أقدمت جوليا دومنا لتشكيل مجلس استشاري للمساعدة في إدارة شؤون الإمبراطورية، وشكلته من العلماء والفلاسفة والأدباء، ومعظمهم من سائر المناطق الشرقية والعربية، تم تعيينهم في مناصب عليا في الدولة التي أصبحت حكراً على السوريين..
كمثال: أقدم على تعييين حيران والد اذينة في مجلس الشيوخ، وكان هذا قد شارك مع قواته في حروب الامبراطور سبتيميوس سفروس SEPTIMIUS SEVERUS
في عهد هذه الأسرة الحمصية تم اصدار قانون ثوري مرسوم كركلا، المرسوم 212 : ( أمنح كل الناس غير الرومانيين الساكنين على أرض الإمبراطورية، حق المواطنة الروماني وكل الأشكال المستقرة من المؤسسات البلدية، عدا البربر المقيمين كمستوطنين)- ولعل هذا المرسوم هو خير ما ارتبط باسم كراكلا، حتى لو كان بتحريض من جوليا دومنا، والدته..
يؤكد هذا المرسوم حدوث تحوًل ما تركيبة في السلطة، أو قل بمفاهيمها، وهو تحوًل بكيفية أو بأخرى جرى نحو العولمة أو قبولها ضمن شروط مصلحة السلطة بحد ذاتها، ولعل اندلاع العداوة للفرس، ما يفتح الباب لعناصر من خارج البيئة المعتادة لتصبح في رأس الهرم..
ولعل منطق العسكرتاريا هو ما يتيح لتلك الظاهرة، ولا ننسى كون المجتمع قد تشكل بأصول متعددة المنابت، منذ الأزمنة القديمة..
[ وقفة مع فيليب العربي: أول ما نلمسه هو كونه، قد فتحت السلطة له أبوابها، كنتيجة لقانون كراكلا المتمثل بتعميم التابعية الرومانية لتشمل المواطنين الأحرار المنتمي للأصول غير الرومانية.
ونحن إن قرأنا سلوكه السياسي يؤكد كونه قد كان مخلصاً لأصوله العربية، الأمر الذي ظهر معلناً في سلوك الإيجابي مع المسيحيين في المنطقة، وفي زواجه من قبل مارقيا سـِڤـِرا وهي على انتماء بأسرة سپتيميوس سڤروس، وهي قد ساعدته في حكمه، وتمجيداً لها ظهرت على نقود تحمل صورتها وتكريماً لها.. ولا ننسى مدى اهتمامه بمنشآته العمرانية الفذة التي تعلن عن ذاتها بكل جلاء فيما اعتمده في مهبط رأسه - شهبا، كما لو أراد أن ينافس روما بها.. ]
ô
ظاهرة عربية ثورية فذة – من الأسرة الحمصية إلى الأسرة التدمرية..
النص
الأب: حيران وهو والد اذينة - اشترك والده (أذينة) حيران مع قواته في حروب الامبراطور سبتيميوس سفروس SEPTIMIUS SEVERUS..
أقدم الامبراطور سبتيميوس سفروس على منح حيران صفة المواطن الروماني وعضوية مجلس الشيوخ..
وقفة مع أذينة ملك تدمر: بدايات وتحولات
هو أُذَيْنَة بن حيران بن وهب اللات بن نصّور ملك تدمر، ويعرف في المصادر الكلاسيكية باسم Odaenathus، ينسبه الطبري والمسعودي إلى هوبر العمليقي من بني السميدع من قضاعة.
أذينة الثاني (Odaenathus؛ اسمه الروماني: Lucius‎ / Oḏainaṯ باليونانية: ملك تدمر (توفي عام عام267م) كان يحكم تدمر بمساعدة مجلس الشيوخ. وقد نجح في استرداد الشرق الروماني من الفرس وأعاده للإمبراطورية الرومانية.
الوالد حيران: اشترك والد (أذينة) حيران مع قواته في حروب الامبراطور سبتيميوس سفروس Septimius Severus، أقدم الإمبراطور على منح حيران صفة المواطن الروماني وعضوية مجلس الشيوخ، فأضاف حيران إلى اسمه كلمة سبتيميوس. وتذكر الكتابات التدمرية حيران وتلقبه « رأس تدمر».
وكان حيران من بني "السميدع" وهي قبيلة بدوية ثرية، ولها نفوذ على عشائر البادية، وكان شيخهم أذينة بن حيران واسع المطامح. يحلم بعرش يصبح عليه ملكاً، طالما هو موضع ثقة الرومان.
وكانت أول خطوة تحققت هي قرار القيصر بتعيينه رئيساً لمجلس الشيوخ، ساعده هذا المنصب لكي يوطد نفوذه على البادية ويعبئ صفوفها لتحقيق أمله بالتحرر من تبعيته للرومان، ابتداءً من إعلان شعبه بتسميته ملكاً على تدمر، ولكن قيصر وقد أقلقه هذا القرار، دفع من قتله في قصره، وعين رئيساً لمجلس الشيوخ ابنه الأكبر خيران، وكان ابنه الأصغر يحمل لوالده حباً دفعه للتخطيط للانتقام لمقتله من الرومان.
وكان هذا الابن مقرباً من أبيه ويحمل اسم أبيه أذينة الثاني، وقد تمتع بشخصية جذابة صارمة، مما جعل البدو يلتفون حوله لتحقيق مشاريعه، ويهتفون لنجاحاته. ولقد بدا ولاؤهم وحبهم له عندما احتفل بزواجه وهو ابن السابعة عشر. ثم عندما ماتت زوجته الأولى إثر الولادة، وتركت له ابناً دعاه باسم هيرودوس .
كانت شخصية أذينة وثروته كفيلتان بالسيطرة على أكثر القبائل، وكثيراً ما أعلن أذينة عن أهدافه البعيدة أمام هذه القبائل التي عاش بينها..
كانت تلك القبائل تهفو إلى ذلك اليوم الذي تصبح فيه تدمر حاضرة دولة واسعة، تضاهي وتتحدى الإمبراطورية الرومانية، التي قضت على أبيه، تعالت مطامحه وحمل مسؤولية تحقيقها.
زواجه من زنوبيا.
عندما تزوج أذينة من زنوبيا ابنة زباي قائد الفرسان، اقترن بنصير عنيد، لا يقل عنه رغبةً في تحقيق أهدافه الجريئة والطموحة. كانت زنوبيا رائعة الجمال راجحة العقل والتفكير، مثقفة. وكانت تعد بحق أجمل امرأة في الشرق».[2]
كانت معرفة أذينة بها قبل زواجه سبباً لعودته إلى المدينة، يجالس فيها القادة والشيوخ ويتدخل في شؤون الحكم والحرب. ولكنه لم يكن قادراً على الاستغناء عن البادية ورجاله فيها.
وفجأة يموت أخوه رئيس مجلس الشيوخ، فاحتل أذينة مكان ابن أخيه "معني"، معلناً عن عصر جديد سيقود تدمر إلى مصيرها في الذروة..
الحروب- استغل أذينة حدثاً هاماً، هزيمة امبراطور روما فالريان الذي قاد الحرب ضد ملك الفرس، سابور، فخسرها وأخذه أسيراً..
اقدم أذينة على شن حرب ضد سابور ملك الفرس، عام 259، ربح فيها جولات ثلاث، هزمه فيها إلى ما وراء الفرات وأصبح حاكماً لولاية سورية الفينيقية وبيده السلطات المدنية والعسكرية في عهد الامبراطور فالريان، ومنحه الامبراطور غاليان لقب « مصلح الشرق كله» (بالتدمرية: متقنا دي مرنحا كله).
وبعد عام 260 م تم تأسيس الملكية في تدمر، حارب أُذَيْنَة الفرس عامي 262 و267 م هزمهم وحاصر عاصمتهم طيسفون (المدائن) وأصبح يلقب بملك ملوك الشرق (بالتدمرية: مَلْكا دي مَلْكا)، منحه الامبراطور غالينوس لقب امبراطور Imperator ورتبة القائد العام للجيوش الرومانية في سورية Dux Romanorum. وسك نقوداً عليها صورته ووراءه بعض أسرى الفرس، ولعله اتخذ لقب أوغسطس Augustus وهو لقب امبراطور رومة.
وفي سلسلة من الحملات السريعة والناجحة، ترك خلالها تدمر تحت قيادة نائبه (N.S.I. Nos. 127-129) سبتيميوس ورود، وعبر الفرات وفك حصار إدسا، واستعاد نصيبين وكارهاي، حران الحالية Carrhae . وهاجم بلاد فارس، وحاصر مرتين العاصمة الفارسية المدائن نفسها؛ وربما استعاد أرمينيا إلى الإمبراطورية الرومانية..
وطدت هذه النجاحات الحكم الروماني في الشرق؛ ولم يجد غالينوس غضاضة في الاحتفال بالنصر والأسرى والغنائم الذين أحرزهم أذينة (264).
احتفل أذينة بانتصاراته في الشرق، بأن تشارك مع ابنه الأكبر حيران (هيرودس)[1] في اللقب الشرقي "ملك الملوك".
على الرغم من شهرة أذينة كثائر متمرد على السلطة الرومانية، إلا أن انتصاره وقوته المفاجئة، دفعت روما إلى الاعتراف به شريكاً في الحكم على هذه المنطقة الواسعة، وأطلق عليه لقب "ملك الملوك".
في واقع الأمر، استطاع أذينة فرض نفسه على الإمبراطورية، مما جعل المؤرخ الروماني تريبليوس بوليو في «تاريخ الأباطرة» Historia Augusta حين قال: « كان أُذَيْنَة فارساً شجاعاً مهيب الجانب وصياداً حاذقاً ومقاتلاً باسلاً. كان يصطاد الأسود والنمور والحيوانات المفترسة على حداثة سنه. عاش في البادية فعرف أسرارها، واعتاد شظفها ومتاعبها وأحب السلم ولم يرهب الحرب. ووصفه ملالاس Malalas بقوله: إن أذينة ملك العرب السرسيين Saracens بسط سيطرته على جزيرة العرب وهو زوج ملكة العرب زنوبيا، وقضى على معظم جيش الفرس بقيادة سابور/ Sapor ..
كما أشار أوتربيوس Eutropius إلى معارك أذينة بقوله: لقد هزم أذينة الفرسَ في الشرق، وبعد أن دافع عن سورية بكاملها، وانتزع بلاد ما بين النهرين، وتوسّع بعيداً في بلاد الأعداء حتى طيسفون، فاتخذ لنفسه لقب ملك الملوك..
ومنحه الامبراطور غاليانوس [ر] Gallienus لقب مصلح الشرق كله، وكذلك اللقب الروماني Dux Toitius Orientis الذي يقابل اللقب اليوناني Pasés Anatolés Stratégos أي القائد الأعلى لجيوش الشرق..
أظهر أذينة في الفترة 259-267م قدراتٍ عسكرية فائقة، فتمكّن من هزيمة الساسانيين على ضفاف العاصي، وردّ جيوشهم إلى ما
وراء الفرات، وفرضَ الحصار مرتين على عاصمتهم طيسفون..
وظهر دوره المهم فيما أورده تاريخ الأباطرة: لولا أذينة ملك التدمريين الذي أخذ على عاتقه مهمة ومسؤولية سلطة الامبراطور بعد أسر ڤاليريان[ Valerianus لضاعت دولة الرومان في الشرق.
طفق أذينة يتصرف كإمبراطور وإن لم يحمل لقب الأوغست Augustus...
كان أذينة طموحاً لا تكفيه حدود تدمر، بل وسعى منذ عام 265 م إلى توسيع ملكه في أنحاء سوريا، معتمداً على جنده بعد أن أبعد الجنود الرومان من صفوفه وقد أصبحوا شوكة في كيان دولته بقيادة ابن أخيه "معنى".
وقفة مع استراتيجية أذينة:
أتوقع بكون مجريات الأحداث قد علمته، أنه في موقع جغرافي صعب بين الفرس في شرقه والروم في غربه.. ومن الصعوبة بمكان التملص والتمرد عليهما معاً، ولعله في تحالفه العملي مع روما، هو الطريق الأسلم لمشروعه، ولا سيما أن هناك عرب كثر في الجيش والمجتمع الروماني وسيكونون بجانبه..
فضلاً عن كون القبائل العربية في الصحراء بامتدادها سيكونون قوته الاحتياطية.. بيد أن مقتله قد أطاح بمشروعه.. المتمثل في بناء دولته بمنأى عن روما..
مقتله:
عندما كان أذينة عائداً من إحدى حروبه في اللاذقية إلى حمص، في طريقه إلى كبدوكيا لقتال القوط، وكان ابنه عبد اللات Vaballathus بصحبته، أحاط متمردون به في مكان وليمته، وقضوا عليه وعلى ابنه وعلى حرسه أجمعين، وأعلن "معني " نفسه ملكاً، ولكن إلى وقت قصير فقد تألّب عليه أنصاره أنفسهم، وحاصروه وقتلوه بعد أشهر من حكمه. لا أستبعد أن الرومان هم وراء مقتل اذينة..
وكان على وهب اللات ابن أذينة، أن يسترد عرش أبيه بدعم أمه زنوبيا التي أصبحت وصية على الملك القاصر وتولت الحكم بصفتها ملكة تدمر, وذلك عام 267 ميلادية.
الملكة زنوبيا (هذا السرد مستمد من موسوعة المعرفة)
الملكة زنوبيا، واحدة من الملكات الشهيرات في العالم، كانت ملكة "تدمر "منذ عام 267 م وحتى عام 272 م.
ذكرها ابن خلدون فى مقدمته الشهيرة، إلى أن "الزباء بنت عمرو" اسمها " نائلة" عند الطبرى، و "ميسون" عند ابن دريد، ويقال إن "الزباء" الملكة كانت من ذرية السميدع بن هوثر من بنى قطور أهل مكة، وهو السميدع بن مرثد ابن لاى بن قطور بن كركى بن عملاق، وهى بنت عمرو بن أدينة بن الظرب بن حسان.
اشتهرت الملكة زنوبيا بجمالها وولعها بالصيد والقنص، قيل عنها: أنها كانت ذات رأي وحكمة وعقل وسياسة ودقة نظر، وفروسية وشدة بأس وجمال فائق.
كانت الهيبة والجمال والعظمة تلوح على وجهها، قوية اللحظ ذكية، فعاشت بعظمة ملوكية كملوك الأكاسرة والرومان كأكبر ملوك الشرق ولقبت بملكة ملكات الشرق ، فكانت تضع العمامة على رأسها وتلبس ثوباً أرجوانياً مرصعاً بالجواهر والحلي.. .
وتثقفت بالثقافة الهيلينية، وكانت على اطلاع على تاريخ الشرق والغرب، قرأت لهوميروس وأفلاطون وألِفَت تاريخاً عن الشرق وسورية وما جاورها وآسيا..( على ما يظهر، راح كتابها معها للفناء..)
بعد مقتل أذينة (عام267 م)، تولت المُلك باسم ابنها وهب اللات، واصبحت زنوبيا ملكة الملكات وتولت عرش المملكة، ازدهرت تدمر في عهدها واخضعت الكثير من البلاد لسلطتها. حظيت زنوبيا بشهرة كبيرة بين الدول والممالك القديمة حتى أن البعض أصبح يسمي تدمر باسم ( زنوبة) نسبة إلى زنوبيا. .
انشأت جيشا قوياً واستولت على العديد من البلدان واصبحت تدمر جوهرة المدن ومحط رحال التجار والقوافل وزاد ثراء المدينة ونافست روما في العظمة والفخامة والمكانة وكان لها هيبتها ومكانتها الرفيعة بين البلدان.
ولما ساءت العلاقات بين زنوبيا وبين الإمبراطور الروماني، أرسل الإمبراطور لها جيشه للاستيلاء علي تدمر فهزمته شر هزيمة. وحمت مملكتها بكل شجاعة وازدادت هيبة المملكة و زنوبيا وعرفت بشدتها وعدم تهاونها، وفي نفس الوقت فان الملكة قد خشيت ان يستغل الفرس الفرصة، فيوجهوا جيشهم طمعا في مملكتها الغنية، فجهزت لذلك واستعدت وأنشأت حصنا على نهر الفرات دعته زنوبيا نسبة إليها، بعدها سيطرت على معظم البلاد وتوجهت لمصر وكانت تابعة للرومان واحتلتها واخضعتها لحكمها، وعززت علاقاتها التجارية مع الحبشة وجزيرة العرب وبسطت نفوذها على العديد من البلدان .
توسعت مملكتها حتي شملت ما تبقى مناطق سوريا وامتدت من شواطئ البسفور حتى النيل، وأطلقت عليها الإمبراطورية الشرقية، مملكة تدمر واصبحت أهم الممالك واقواها في الشرق على الاطلاق، مما دعا الإمبراطور الروماني أورليانوس للتفاوض، بيد أنها قد أصدرت النقود السورية التدمرية متميزة عن نقود روما، ووسعت مملكتها وضمت الكثير من البلاد..
صمم الإمبراطور الروماني على التصدي ل المملكة التدمرية القوية التي سيطرت على العديد من المناطق. في سنة271 م ارسل جيشا قويا مجهزا إلى اطراف المملكة وجيشاً آخر بقيادة الإمبراطور أورليانوس نفسه توجه به إلى آسيا الصغرى، يلتقي الجيشان وتدور معركة كبيرة في أنطاكية في سوريا، وتواجه مع زنوبيا بتجهيزات كبيرة وهزمها هناك، مما جعلها تنسحب لتدمر وكان أورليانوس قد بلغ مدينة حمص ، فدارت بينهما معارك شرسة قدمت فيها زنوبيا الكثير، وانهزم جيشها وتراجع إلى تدمر، فتقدم أورليانوس إلى تدمر وحاصر أسوارها المنيعة حصاراً محكما، وكانت زنوبيا قد حصنت المدينة ووضعت على كل برج من أبراج السور إثنين أو ثلاثة من المجانيق تقذف بالحجارة المهاجمين لأسوارها وتمطرهم بقذائف النفط الملتهبة، والتي كانت تعرف بالنار الإغريقية، وقاومت الغزاة بشجاعة معلنة القتال حتي الموت دفاعا..
عرض أورليانوس عليها التسليم وخروجها سالمة من المدينة التي لن تمس، لكنها رفضت ووضعت خطة وحاولت اعادة الالتفاف على جيش اورليانس، فتحصنت بالقرب من نهر الفرات إلا أنها وبعد معارك ضارية وقعت في الأسر ولاقاها أورليانوس وهو في ميدان القتال فأحسن معاملتها وكان ذلك سنة 272م ، ثم اسطحبها معه إلى روما ولم يقتلها، بل قتل بعض كبار قادتها ومستشاريها بعد محاكمة أجريت لهم في مدينة حمص..
وحسب كتاب الحضارات القديمة، دمر أورليانس/ او أورليان تدمر، أكد ذلك يوسف زيدان وأضاف: فلم يتبق منها سوى معبد بعل الهائلة الباقية حتى يومنا..(اللاهوت العربي ص 111).
انتحارها
انتهت حياتها في منزل تيبور أعده لها أورليانوس، وبكبرياء الملكات والملوك رفضت التنازل فانتحرت بالسم وانهت حياتها بعزة وكرامة ملكة عظيمة حكمت أهم ممالك الشرق.. ليس من الغرابة بمكان، انتحار الملكة زنوبيا بعدما فشلت في مشروعها، مما يذكرنا بانتحار هانيبعل في وضع مماثل..
ô
موقفها من المسيحية الوطنية..
ظهرت في تلك الصلة التي تربط زبوبيا ب بولس السميساطي/ في الفرنسية: ساموزات السوري..
ملخصه: في غضون القرن الثالث ميلادي، كان موطنه في شمال بلاد الشام، ارتقى في خدمته الاكليريليكية، حتى رسم أسقفا لإنطاكية سنة 260 م، وظل في منصبه حتى عام 268. تم خلعه بقرار كنسي انطاكي بسبب من اعتقاده ببشرية المسيح، واعتباره نبياً، بيد أن زبوبيا حمته، واختارته نائبا لها، وكانت هي التي دعمته حتى صار اسقفاً.
بزوال الحكم التدمري، زال نفوذ بولس السميسساطي، انتهز الفرصة غريمه تيمايوس (271-279 م)، وتقدم للإمبراطور الذي قرر طرده، معتبرا إياه من فريق زنوبيا، بينما يكون الفريق الآخر من أتباع أساقفة إيطاليا وروما..
هكذا اصبح التدين موظفا للسياسة والانتماء القومي، من حيث كون الإمبراطور وزنوبيا كليهما غير مسيحيين.. في هذا المجال لا يعرف مصير السيمساطي...؟
والجدير بالبيان، أن أفكار السميساطي غدت بحكم الهرطقة (من قبل مناوئيه) تتمحور حول نقطة وحيدة، هي أن يسوع المسيح مخلوق كغيره من البشر، ولا ألوهية له، إنما هو نبي. بيد أن أفكاره لم تمت، إنما قد ظهرت بصيغ أخرى؟؟
ô
وقفة مع التاريخ- للتاريخ في مساره يحمل في أعماقه، بصمات يخفيها لا تموت بل تهجع، تخرج من مخابئها الخفية في أعماقه في ظروف أخرى قريبة أو بعيدة، وفي الغالب تعلن عنها في ثياب أخرى..
تتالت التطورات نحو موت الإمبراطورية الرومانية، ولعل تلك الأحداث قد أسهمت في تحضير المجال لانهيارها، وبعدها اماط اللثام عبر سمات أخرى، بحيث يكون القادم من التاريخ قد تجاوز عثرات عدة وبالأحرى قد صهرها في مرجله، وأباح لمسار متقدم يعلن عن حضوره فيه، وهو ما سنحاول التحري عنه في مساره القادم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس وإيطاليا توقعان 3 اتفاقيات للدعم المالي والتعليم والبحث


.. #إندونيسيا تطلق أعلى مستوى من الإنذار بسبب ثوران بركان -روان




.. الجزيرة ترصد آثار الدمار التي خلفها الاحتلال بعد انسحابه من


.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش صفقة التبادل والرد الإسرائيلي عل




.. شبكات تنشط في أوروبا كالأخطبوط تروّج للرواية الروسية