الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدرسة سجن كبير

زكرياء مزواري

2022 / 7 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مؤسسة المدرسة وليدة عصر الاستنارة، عصر ضبط الطبيعة والإنسان. لا وجود في هذه المؤسسة لاجتهادات الأفراد، أو انفراد جماعة بتدريس محتوى دون آخر. الكل مراقب من طرف الوحش البارد /الدولة، و الكل مسيّر بنظام إداري وقانوني صارم.
هذه المدرسة تستلهم نموذجها في المراقبة والمعاقبة من سجن البانوبتيكون، السجن الحديث الذي رسمه جريمي بينتام، حيث يشعر جميع سجنائه بالمراقبة، ويستدخلون
فكرة الانضباط والاكراه للسلطة، وتصير العبودية جزءا من السلوك المألوف للمسجون.
هكذا، تنضبط سلوكات المتعلمين/السجناء في مؤسسة المدرسة/السجن، وأول ما يروض فيه جسده، تماما كما يحصل للسجين، فيفرض عليه زي معين، ويزجّ به في قسم/زنزانة معينة، ويلقن جملة من التعاليم/تعاقد بيداغوجي، كما يستبطن داخله سلطة المدرس، هذا الناطق الرسمي باسم الدولة، والتي خولت له صلاحيات واسعة لتدجين عقله وخياله عبر مقررات الوزارة الوصية، ونظامها التقويمي، حتى تضمن متعلما/سجينا منضبطا وخنوعا ومتماشيا مع المنظومة التربوية/العسكرية.
هذه المؤسسة/السجن السلطوية التي تتغيا الانضباط الجماعي، تسمح للمتعلم/السجين الذي يقضي سحابة يومه فيها بفسحة/استراحة ليتنفس شيئا من هواء البانوبتيكون وهو تحت حراسة المراقبين التربويين/العسكريين إن هو أخل بنظام الاستراحة، ثم يعود جرس الرهبة والخوف ليدق من جديد معلنا انتهاء الفسحة، والتحاق المتعلم/السجين مجددا بالقسم/الزنزانة.
في المدرسة/الثكنة، يتم إضفاء هالة رمزية على المعرفة المقدمة، وتسييجها بقدسية، حتى تصير معتقدا يعتنقه المتعلم/السجين، ويعيد انتاجه بشكل تراجيدي طوال حياته. إن المدرسة في نهاية التحليل، سجن للمعرفة والفكر والضمير وكذا الجسد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة