الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أثر المقامة في نشأة القصة المصرية الحديثة

عطا درغام

2022 / 8 / 1
الادب والفن


لقد كانت المقامة العربية عند نشأتها عند بديع الزمان في القرن الرابع الهجري لونًا من ألوان القصة الإنسانية، وقد قيل إن الهدف من إنشائها هو التعليم ليس إلا..ولكن إذا نظرنا بعين الواقع لوجدنا أن المقامة بها أكثرمن عامل تشويق مما يجعلها تجمع بين هدفي التعليم والتسلية معًا.
ولقد كانت المقامة قصة إنسانية من أول نشاتها ،وظلت كذلك حتي انتهت في تطوراتها الأخيرة إلي أقاصيص مكتملة عند المويلحي ومحمد لطفي جمعة وغيرهما.
وقد تجمعت في "حديث عيسي بن هشام" لمحمد المويلحي أشياء من قديم وأشياء من جديد، فهو من القديم أخذ عن المقامة إطارها وواقعيتها عند الهمذاني ،وطبق هذا فيما أنشأه كذلك.
وقد أخذ عن الأدب العربي الجرأة في النقد والقسوة في اللوم علي الاستبداد والظلم ،وأخذ عنه كذلك الصياغة البناءة المتصلة الأحداث.
والواقع أننا لو طبقنا ما وجدناه من عناصر القصة الحديثة لوجدناها مكتملة في إحدي عشرة مقامة من مقامات الهمداني،مما يدل علي أنه لو أراد الهمذاني أن يكتب أقصوصة مكتملة بحذافيرها غير هذه الأقاصيص لتمكن من ذلك أينما تكن.
ويُقال إن المقامة قد يقلل من وضوح عناصر القصة فيها ، والاهتمام باللفظ والصنعة والاحتفال بالشكل والزينة، فلا يظهر في المقامة أنها قصة..ومن ثم فإن الجانب الأكبر لا ينصرف إلي الموضوع أساسًا ..
ولكن إذا نظرنا نظرة إنصاف إلي عصر الهمذاني مثلًا لوجدنا أن الجناس والبديع من مقاييس هذا القرن الرابع ، وكان هذا الأسلوب المسجوع هو الذي أقام القصة القصيرة علي طابع مشتق من واقع البيئة الذي يحتفل بالعرض دون الجوهر، وبالشكل دون اللب.
ومن يربط بين تأثرنا بالقديم وتأثرنا بالأدب الغربي الحديث يجد أن كلا التأثرين لا يناقض أحدهما الآخر، وأن الموضوعات النقدية من أيام بديع الزمان الهمذاني أو من قبله كانت لها أسس متشابهة.
وعلينا إذا بحثنا في القول القائل بأن القصة القصيرة لم تنشأ في العالم كله بمفهومها الحديث لها من قبل "جي دي موباسان" بألف سمة علي وجه التقريب.
ويؤكد الكاتب أن المقامة العربية في نشأتها الأولي كانت بذور القصة القصيرة بالأدلة والأمثلة المختلفة والتطبيق العملي، وذلك حين رأينا مدي توافر عناصر القصة من موضوع وشخصيات وعقدة في المقامة العربية.
وجاءت دراسة الدكتور محمد رشدي حسن : )أثر المقامة في نشأة القصة المصرية الحديثة)...في مقدمة طويلة تناول فيها نشاة المقامات وتطورها التاريخي حتي عصرنا الحديث، وثلاثة فصول .
وتناول الفصل الأول مقامات السيوطي ومقامات القواس ومقامات البربير.وفي الفصل الثني تناول في القسم الأول منه تيار القصة الغربية مترجمًا إلي أدبنا العربي، وبين أن رفاعة الرائد الأول في نقل كثير من لوم وفنون الغرب إلينا حين قام بترجمة"وقائع تليماك" عن الفرنسية لم يقم بعملية نقل قصة من لغة إلي لغة فحسب،وإنما قام كذلك بعمل خطير كان له أثر كبير في محيط أدبنا العربي(في أواسط القرن التاسع عشر- الوقت الذي قام فيه بترجمته هذه) بصفة عامة وأدبنا القصصي بصفة خاصة- وتلا رفاعة الطهطاوي- عبدالله فكري الذي قام بتعريب المقامة الفكرية عن اللغة التركية عن أخذ لغة أجنبية اخري.
وأهمية عبد الله فكري تظهر في صياغته للقصة علي شكل مقامة مما دل علي أن المقامة القديمة في إطارها كانت صالحة للقصة الحديثة- وحين ترجم محمد عثمان جلال رواية "الأماني والمنة في حديث قبول وورد جنة" في أواخر القرن التاسع عشر كان قد أكمل الصورة للقصة الغربية، هؤلاء هم الفرسان الثلاثة رفاعة الطهطاوي وعبدالله فكري ومحمد عثمان جلال.
أما في القسم الثاني ؛فيتناول التيار الشامي وهو متمثل في مقامات ناصف اليازجي "مجمع البحرين" ومقامات أحمد فارس الشدياق في كتابه" الساق علي الساق فيما هو الفارياق" ، وسنجد أن ناصف اليازجي قام بإحياء المقامة العربية القديمة بدون تصرف و غير مراعاة التطور ومقتضيات العصر فجاءت مقاماته نسخة مشوهة من مقامات بديع الزمان الهمذاني والحريري ،أما الشادياق فتناول الكاتب دوره الهام في تجديد المقامة العربية علي أساس استخدامها في نقد الحياة الدينية والاجتماعية في عصره.
وفي القسم الثالث تحدث عن تلاقي تيار الأدب العربي بالتيار الشامي في أدب علي مبارك ومحمد المويلحي- وقبل الحديث عن هذين تناول الحديث عن المهدي الحفناوي وحسن العطار الذي كتب مقامة قصيرة أيام الحملة الفرنسية إلي مصر عام 1798
وسنري كيف أن هذه المقامة عبرت عن الدهشة التي أدت إلي فتح أذهان المصريين وآذانهم علي حضارة غربية جديدة لم يألفوها أتتهم مع الحملة الفرنسية.
وسيتناول مرة أخري الحديث عن الطهطاوي في"تخليص الإبريز"فكأن هذا الفصل الثاني يشتمل علي أقسام ثلاثة كل قسم يبحث في تيار ثم تتلاقي هذه التيارات في النهاية ويرتبط بعضها ببعض ارتباطا زمنيا وارتباطا موضوعيا
وعند نقطة التلاقي هذه يتكون مجري آخر ليكون بداية لفصل الثالث الذي سينقسمم إلي ثلاثة أقسام.ويتناول القسم الأول تناول الروافد الفرعية للمقامة والقصة عند عائشة التيمورية وأحمد شوقي.
والقسم الثاني تناول نهاية تطور المقامة بكل مكوناتها إلي قصة قصيرة عند محمد لطفي جمعة وعند محمد تيمور في بدايات القرن العشرين.
أما القسم الثالث اشتمل علي عنصرين من عناصر القصة الحديثة هما عنصر الشخصيات وحوارها وعنصر العقدة وحلها..فكان القسم الثالث ينتقل بين مختلف أقسام هذين الفصلين الثاني والثالث يبحث هذين العنصرين ومقدار تغلغلهما في المقامات والقصص الحديثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ


.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني




.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق


.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع




.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر