الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآخر هو الفاسد

عزالدين معزة
كاتب

(Maza Azzeddine)

2022 / 8 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كلنا نخبة وعامة نطالب بالديمقراطية ودولة المؤسسات واحترام كرامة الانسان والتوزيع العادل للثورة ونبكي عليها ونتألم ونضرب الامثلة بالدول الديمقراطية الغربية واحترامهم لكرامة الانسان وحرية التعبير والمساواة أمام القانون وفتح مجال الترقية والمناصب العليا أمام الجميع دون استثناء ، ولكننا نرفض من يخالفنا الرأي ونكرره ونتجنب لقاءه سواء في الملتقيات العلمية او في المقاهي او في المساجد ،الكل يرى نفسه محور الكون ورأيه لا يأتيه الباطل من بين يده ولا من خلفه ،وذلك من أعلى مسؤول في الدولة إلى أبسط رجل في الشارع والاخرون هم الخاطئون الفاسدون وهم اصل كل بلاء ، هذه الثقافة السلبية تخلصت منها الدول الديموقراطية منذ زمان.
أتساءل أحيانا اين يكمن الشر؟ هل في ثقافتنا الدينية التي عطلت عقل الانسان بما غرسوا في عقله منذ العصور الوسطى " ليس بالإمكان أبدع مما كان " أبو حامد الغزالي.
ثقافتنا لا تقبل الرأي الاخر، ثقافة قبلية عروبية، أنا الاحسن والأخر الأسوأ.
وما زالت تتكرر علينا نفس الهزائم ونفس الآلام وكأننا لا نحسن إلا إعادة انتاج مآسينا والركوع لمن يحكمنا ..
لن نستطيع أن نتحرر من جهلنا وتخلفنا إلا بالتمسك والتقيد بالاخلاق السامية لديننا الاسلامي ولكن لنكن حذرين في التعامل مع موروثنا الديني ، فهناك تاويلين له أحدهما منفتحا تنويريا سبق التنوير الاوروبي الذي يتشدق به دعاة العلمانية عندنا عن جهل ، وهو التنوير العربي الاسلامي الذي ساد خلال العصر الذهبي ، والاخر تاويل منغلق متزمت ساد خلال عصور الانحطاط وهذا ما تريد السلفية المتزمتة احياءه بل وتقتل وتذبح وتكفر المسلمين من اجله.
هناك من يدعو إلى قطع صلتنا نهائيا بالعصور الوسطى والتمسك بما جاءت به فلسفة الانوار الاوروبية ,هذا خطأ فادح مثل قلع الاشجار من جذورها وانتظار جني الثمار منها ، ففي تراثنا العربي الاسلامي قيما انسانية واخلاقية وروحانية راسخة في موروثنا ـ الثقافي الديني عالية المستوى لم تصل إليه حتى المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الانسان ولكن المشكلة العويصة أن هذه القيم الاسلامية العليا لوثتها الخرافات والشعوذة وزادها تلويثا فقهاء التاويل المصلحي ، وينبغي على كل مثقف غيور على تاريخه ودينه والمصلحة العليا لوطنه أن يعمل بجد لإزالة الاوساخ والجراثيم التي التصقت بثقافتنا الدينية في عصور الانحطاط والجهل والعودة للاغتراف من العصر الذهبي من تاريخنا لنتمكن من دخول التاريخ وايجاد مكان لنا بين الدول المتقدمة ،
بعد المحن التي قاسى منها اليسوعيون، تعلّموا في النهاية أنّ الشيوع الكاسح إلى درجة الخناق على الناس كان استراتيجية غير فاعلة وغير منتجة؛ وبمرور الزمن واندلاع الثورات في أمريكا وفرنسا وإصدار قانون العلمانية في فرنسا سنة 1905 جعلهم يرون الأمور بنسبية ويقبلون بالاختلاف واحترام الحريّة البشرية مهما كان الثمن. لأنّ عقيدة الطاعة المطلقة وإقامة كلمة اليسوع في الأرض، بدت غير واقعية مع تطوّر الزمن، بل ومخالفة للحقوق البشرية في اختيار العقيدة أو المذهب. لربّما يفهم الإخوان المسلمون يوماً هذه المسألة حتى لا يؤلّبوا عليهم الناس، ولا يعتقدوا بأنّ الانتشار الكاسح في المجتمع هو الضمان الوحيد لجعل الإسلام هو الحلّ: المشكلة هي أنّه لا حلّ دون إرادة حرة، لا حلّ دون حرية وخيار، لا حلّ دون نقاش وقرار (فردي أو جماعي). الدين والحرية متلازمان، لأن الدين بلا حرية، الدين بالقهر والإذعان، الدين بالقسر والعدوان، هي معاول هدم الدين نفسه. لربما تاريخ اليسوعيين يقدّم لنا مفاتيح ثمينة في فهم شرطنا الحضاري أيضاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س