الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آن الأوان لوضع بونزيو لبنان في السجون

سعيد عيسى
كاتب - باحث

(Said Issa)

2022 / 8 / 3
الفساد الإداري والمالي


د. سعيد عيسى
قبل يوم واحد من حلول الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، الذي أودى بحياة أكثر من 218 شخصا، أصدر البنك الدولي تقريرا يقول فيه: "أنّ المالية العامة في لبنان، بعد الحرب الأهلية هي أداة سيطرة ممنهجة على موارد البلاد، وساعدت على خدمة مصالح نظام اقتصادي – سياسي متجذّر"، ويقصد بالبلاد هنا، ربوع الأراضي اللبنانية كافة.
ويضيف التقرير بأنّ السيطرة تلك، استخدمت التراكم المفرط للديون لخلق وهم الاستقرار، ما يعني أنّ اللبنانيين كانوا منذ بداية التسعينيات لغاية نهاية عام 2019 (مرحلة الانكشاف والدخول في زمن الانهيار) كانوا يعيشون على وهمٍ زرعته لهم السلطات السياسية المتعاقبة والمستمرة حتى يومنا هذا. وكانت التقارير المالية تساهم في تعزيز الوهم، هادفة تعزيز الثقة بالنظام المالي الكلّي، حتى يستمر جذب الودائع، والإفادة منها، وتعزيز الكساد المتعمّد (حسب توصيف البنك الدولي أيضا) الذي أدى إلى إفراغ الدولة من قدراتها على تأمين الحقوق الأساسية للمواطنين، وإدخالهم في عجلة الذل والمهانة والاستعطاء.
ويرصد التقرير الصادر اليوم، وضع "العقد الاجتماعي"، القائم بين اللبنانيين والدولة، في صفّ "دائرة الخطر". والوصف بأنّ العقد هو في دائرة الخطر غير كاف، فقد بات عمليا في دائرة الانعدام، إذ ماذا تبقى منه، عندما لا يستطيع اللبنانيين تأمين الحدّ الأدنى من قوت يومهم، أو فقدان القدرة على تعليم أولادهم والولوج في عتبات الأمية، وسكنهم بات أثرا بعد عين، ناهيك عن التنقّل ومصاعبه، والرعاية الصحية صارت لمن استطاع إليها سبيلا، وفرص العمل معدومة وصارت حلما من الماضي، والبطالة تعدت 40% من القوى العاملة، والكهرباء استحالت وعودا عرقوبية، والمياه لا تُنظر إلا عندما تتساقط من السماء، وغيرها من المواضيع التي يفترضها أي عقد اجتماعي.
إنّ العقد القائم، يفترض بأن يقوم الموكلون بإدارة شؤون الدولة انتخابا، أو تعيينا، والحفاظ على حقوقهم، وممتلكاتهم وإدارتها على أفضل وجه. لكنهم عوضا عن ذلك، "خرجوا عن سياسة المالية العامة خروجا ممنهجا، وقصديا، وحادا ومنظما". واستولوا على أموال المودعين، وحولوها إلى حساباتهم الشخصية، بالتكافل والتضامن مع "جهابذة المصارف"، وعاثوا فسادا في الإدارات العامة، وجعلوها ميدانا، ومسرحا، للاستزلام والاسترزاق دون نتاج يذكر.
يحلّل تقرير البنك الدولي آثار السياسات الكليّة (العامة) والهيكلية العشوائية التي انتهجتها السلطة السياسية ويصفها بـ “الفاشلة"، وبعجزها عن تأمين الخدمات العامة الأساسية للسكان. ويقول:" الأزمة الراهنة أدّت إلى تفاقم أوجه النقص الخطيرة والسائدة منذ وقت طويل في تمويل الخدمات العامة الأساسية: المياه، والكهرباء، والنقل، والرعاية الصحية، والتعليم، والحماية الاجتماعية. وأثَّرت الصدمات المتعاقبة التي أصابت لبنان منذ 2019 على جانبي العرض والطلب لقطاعات الاقتصاد الحيوية. وكشفت الأزمات عن هشاشة نظام تقديم الخدمات في لبنان، وهو نفسه نتاج سيطرة النخبة على موارد الدولة لتحقيق مكاسب شخصية. وكانت عملية إضعاف تقديم الخدمات العامة في سياق جهد مُتعمد لإفادة فئة محدودة على حساب الشعب اللبناني. وكان المواطنون في آخر الأمر يدفعون تكاليف مضاعفة، ويحصلون على منتجات أو خدمات ذات جودة متدنية، وكانت الآثار أيضاً تنازلية بدرجة كبيرة، حيث تؤثِّر على الشرائح السكانية ذات الدخل المتوسط والدخل المنخفض بدرجة أكبر كثيراً من غيرهم.
ويختم التقرير بمطالبة السلطة السياسية على نحو عاجل وفعّال بوضع برنامج شامل للإصلاحات المالية العاملة الكليّة، والإصلاحات الماليّة، والقطاعيّة، وبالحوكمة، والمساءلة.
لكن ما لم يذكره التقرير هو: “أنّ من تولّى السلطة السياسية، منذ نهاية الحرب لغاية اليوم، يجب أن يذهب إلى السجن، ويحاكم بتهمة اللصوصية، وخيانة أمانة موكليه، وبتنفيذ مخطط نصب واحتيال على الشعب اللبناني والتسبّب بكل المآسي التي يعيشها اللبنانيون اليوم".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات