الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مولانا - عمل روائي مهيب للكاتب والصحفي المصري إبراهيم عيسى الجزء الأول 1 /5

عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)

2022 / 8 / 4
الصحافة والاعلام


نشر الكاتب والصحفي المصري إبراهيم عيسى روايته الشيقة " مولانا" عام 2012 ، يتعلق الأمر بعمل روائي مهيب جاء في 554 صفحة متعدد الطبعات. ولعل أهم مميزات هذا العمل الرائع ،كونه أشبه بفسيفساء من الآرابيسك التقليدي امتزج فيها بواقعية ملفتة وبموضوعية جارحة ، وبمهنية عالية الجودة صفاء المعيش اليومي للمواطن المصري ،بأسلوب الصحافة الاستقصائية ذات المعالم المهنية المكتملة تصورا وتحريرا ، فضلا عن دسم الموروث الشعبي الغني لمكونات المجتمع المصري العريق في صراع متعدد الواجهات ،الذي يعتبر التدين علامة فارقة، ولغة القرآن والحديث والفقه والتفسير ملح الحياة ونكهة الوجود ،دون أن نستبعد وجهة نظر المؤلف ،ومواقف ومبادئ الكاتب الصحفي المتحرر، صاحب الأفق الاجتماعي والديني والسياسي المستنير، لتستمر بذلك قنوات الاتصال والتواصل الأكثر حيوية وجاذبية للقراءة على الإطلاق .
ولإبراهيم عيسى ريبيرتوار من الإصدارات التي تسبح في ذات الإشكالاليات المجتمعية المصرية،نذكرمنها رحلة الدم –رصاصة في الرأس – حروب الرحماء-مقتل الرسول الكبير – كل الشهور يوليو – المرتد- دم الحسين ...
يقول إبراهيم عيسى عن روايته "مولانا " وبطلها الشيخ حاتم الشناوي الشخصية الرئيسية ، الذي يشكل نموذجا لداعية مستنير في اعتداله ، معتدل حد التحرر والحداثة المعاصرة . داعية ومفت يبدي حدا من المرونة في تبسيط الدين حد المرح والظرافة . " حيث يخاطب جورجيت" وهي تضع بلمسة احترافية بودرة على جبهته في الاستوديو قائلا " تفتكر يا شيخ ما هو إحساس المصلين وراءك ،والمريدين لك ،وطالبي فتاواك ،لما يشوفوا مولانا وشيخنا يضع مكياجا قبل التصوير ؟ فيرد بحسم منبسط "مالنبي صلى الله عليه وسلم يا خويا كان بيحني شعره وبيكحل عينيه ، النبي ياأنور تتلهي من أسئلتك الرخمة دي . وفي مشهد مماثل في السخرية والظرافة " " يميل الكعكي مستفهما كأنما يريد قتل قلقه:لكن مين المعتزلة دول صحيح يا مولانا؟ رد حاتم بسرعة " هؤلاء لاعبون في فريق النادي الأهلي ،لما اعتزلوا عملوا فريق اسمه المعتزلة ؟وضحك كل من في الاستوديو"

ليس هذا وحسب بل ثمة ما يميز هذا الداعية ويفرده ، إذ يرى مولانا الشيخ حاتم الأحاديث النبوية بميزان ظروف الحياة ومتغيراتها، وليس بميزان الرواة وقداستهم المنفعية ." بدأ إبراهيم عيسى كتابة هذه الرواية عام 2009 " وأنا أعارض الرئيس السابق يقصد "حسني مبارك " وأثناء محاكماتي ، ثم منعي من الكتابة حتى قامت الثورة، ومرورنا بالمرحلة الانتقالية، واستمررت في الكتابة حتى مارس 2012، إنها من أعز الروايات إلى قلبي".
في "مولانا" يتطرق إبراهيم عيسى إلى مواضيع مختلفة ،العديد منها يقارب الإشكاليات المجتمعية التقليدانية ،لا سيما ذات الطابع الإسلامي منها ، حيث جدل الحديث النبوي ما بين قوته وترددات ضعفه ، والمعتزلة العاقلة ، والتشيع أمس واليوم ، وأهل الذمة ، ومعضلة الإرهاب، ودعاة التلفزيون وشيوخ الفضائيات... تعدد الزوجات وتردداته ، النقاب والحجاب و...
في لحظة داخل الاستوديو ضمن حلقة برنامج خاص يجيب فيها عن أسئلة المستمعين " قال أنور معد البرنامج "معنا مكالمة تلفونية الأستاذ سمير من القاهرة ،أخبار عمر إيه يا مولانا ولا نسيته؟؟؟
أما حكاية عمر ابن الشيخ حاتم ، فقد كان حاتم يتمزق كلما رآه بعد نجاته من الموت طفل في الرابعة عشرة من عمره فقد الذاكرة . كان أمرا يضرب كل مقاومته ويمتحن كل ساعة درجة صلابة إيمانه ، ولهذا لم يمانع حين قررت زوجته أميمة أن تسافر به لمصحة ومدرسة في إنجلترا متخصصة في التعامل مع هذه الحالات ، وقد منعته من الاتصال به حتى يتعافى ،خصوصا أن ضعفه كما بدا ،يضعف أمل عمر ،وقد قضى الشهور كلها يعود نفسه على غياب ابنه ، ويبث في روحه مناعة تحمل فقده ، ويبكيه قبل أن ينعاه ويعزي نفسه قبل أن يلطمه خبر رحيله . وما يدره لعله رحل فعلا ،وما إخفاء أميمة رقم هاتفه ومنعه من الكلام معه ومع أطبائه إلا إخفاء لخبر رحيله ، كانت آلة فرم اللحم تفرم لحم قلبه لحظة هبوب هذا الهاجس.

منذ الوهلة الأولى تمسك الرواية بتلابيبك كقارئ ، وتشد الخناق على أنفاسك وتجبرك على الانقياد الجارف وراء فصولها وأحداثها ،وتتابع وقائع الاستعداد لبث حلقة من برناج خاص" كانت تضع البودة على جبهته بآلية أصابع محترفة وهي تقول مستجلبة رضاه"تمام يا مولانا . ضحك وهو يرد بارك الله فيك يا أخت جورجيت"وكرر أنور عثمان صحفي ومعد الحلقة نفس جملته الرتيبة التي يقولها منذ عام ،حين صار الشيخ حاتم ضيفا رئيسيا معه في البرنامج" كانوا يضحكون من كلامه حيث أن رجلا بمهابة ما يتحدث به ،وبصوته وهو يتلو القرآن ،وبتدفقه الهائل ،باحاديث الرسول وقصص السيرة يجعل من كلامه خارج سياق صورته تناقضا . كما أنه يفاجئ ، فهو يثير التعجب. ويبدو أنهم يشعرون بالرضا أن رجلا مثلهم وقح أحيانا في كلامه ،ومادي في طلباته ، وطريف في ملاحظاته ، هو نفسه داعية ومفت . كأنهم يدركون فيستريحون ،أن هؤلاء الشيوخ ليسوا قريبين من ربنا ،بل قريبون منهم" ص7 الجزء الأول 1/5








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العاهل الأردني يؤكد أن الأردن لن يكون ساحة لحرب إقليمية| #مر


.. بايدن: ملتزمون بأمن إسرائيل وأمن قواتنا وشركائنا بالمنطقة وم




.. هجوم للمستوطنين على قرية خربة الطويل جنوب نابلس


.. استشهاد4 فلسطينيين بينهم طفل وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي اس




.. سلسلة غارات عنيفة من الاحتلال على مخيم النصيرات في غزة