الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 87

ضياء الشكرجي

2022 / 8 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَروا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِن كُنتُم مُّؤمِنينَ (278) فَإِن لَّم تَفعَلوا فَأذَنوا بِحَربٍ مِّنَ اللهِ وَرَسولِهِ وَإِن تُبتُم فَلَكُم رُؤوسُ أَموالِكُم لا تَظلِمونَ وَلا تُظلَمونَ (279)
بعد امتداح المؤمنين في الآية السابقة جاءت هاتان الآيتان لتحذر من جديد من الإصرار، لكن مع قدر من التسامح، بحيث لا ترتب الحكم بأثر رجعي، فتقر ما جرى قبل التحريم من معاملات ربوية، ولكن تنهى عن مواصلة أخذ الفائدة الربوية على ما تبقى من دين. ثم في حالة عدم التزام المسلمين بهذا الحكم واستمرار المتعاملين بالربا على معاملاتهم الربوية، فكما جرى وعيدهم فيما سلف بالخلود في النار، يجري هنا إنذارهم بحرب تشن عليهم من الله، فيما هو العقاب الأخروي الذي مر ذكره، ومن رسوله فيما هي حدود التعزير والعقاب الدنيوي. في كل الأحوال هي حرب معلنة من الله ورسوله عليهم، وبلا شك هي حرب غير متكافئة، فأنّى لمخلوق ضعيف أن يدخل في حرب مع الله، الذي هو على كل شيء قدير، وهو القوي العزيز، وشديد العقاب، بل وأنّى لمسلم ضعيف أن يتحدى الرسول صاحب السلطات الدينية والسياسية والقضائية، ويقف معه كل المؤمنين به. بلا شك إن الربا الفاحش والجشع والمستغل لحاجة المقترض قرضا ربويا هو ممارسة غير أخلاقية، ولكن ألا يمكن أن تواجه بردع من نوع آخر دون مرتبة إعلان الله حربه وحرب رسوله على مزاولها؟ وهكذا سنجد في موقع آخر إن الله سينتقم من الذين يصطادون صيد البر في الأشهر الحرم بعد تحريمه عليهم.
وَإِن كان ذو عُسرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيسَرَةٍ وَإِن تَصَدَّقوا خَيرٌ لَّكُم إِن كُنتُم تَعلَمونَ (280) وَاتَّقوا يَومًا تُرجَعونَ فيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفسٍ مّا كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمونَ (281)
مع إبطال المعاملات الربوية، فكما يجب على الدائن أن يتنازل عن الفوائد الربوية المتفق عليها، يفترض أن يؤدي المدين دينه، لكن إذا كان المدين في حالة عسر، مما يصعب معه أداء الدين الذي عليه، فهنا تطلب هذه الآية من الدائن أن يمهله لحين طروء حالة اليسر عند المدين لأداء الدين، بل وتنصح بأن يتصدق الدائن الغني إن استطاع عن الدين، ويعتبره بمثابة صدقة يؤجر عليها، فهذا خير له من الناحية الإنسانية ومن ناحية استحقاقه للثواب الأخروي من الله. وجميل أن ينحاز القرآن هنا إلى جانب الفقراء والضعفاء. وتأتي الآية اللاحقة لتعد هذا السلوك من مصاديق التقوى، والتي سيكون مردودها أن كل نفس تنال ما تستحق من ثواب وتعويض في الحياة الأخرى دون أن ينالها أي قدر من الظلم. هذا بحدود هذه الآية فهناك العديد من الآيات التي تتوعد بالعذاب الخالد، لما لا يستحق عليه العقاب، وإن استحق ثمة عقابا، فبقدرها المعقول، وليس بما وصفها مؤلف القرآن، مما يتنزه الله عنه بكل تأكيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س