الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على مائدة الرئيس :هموم الحرب وشجون السلام.

مظهر محمد صالح

2022 / 8 / 8
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


كانت غابة استوائية ظلماء لشدة اخضرارها في فصل ربيعي لاتضيع فيه ابتساماتي المكتومة التي لفها نسيم افريقيا الصامت ولكنها تثير في النفس حالاً ،وانت تدخل بوابة قصر ،قوة تشعرك من فورها انك لم تتزعزع امام مسرح للادارة والسياسة والعسكرة والتاريخ الاستعماري للبلاد.
فالقصر الذي شغل مدخله اسد محنط باسم يوحي اليك منظره ان لغزاً ما قد ورثته تلك البلاد عندما تحول المكان وتغير الزمان ليصبح من ممتلكات الامة الزامبية بدلاً من سكن المندوب السامي الابيض الذي حكم روديسيا الشمالية برجالها و اسودها قبل تاريخ استقلالها.
كان الوقت مساءً وقد لفته ظلمة لامعة ونحن ندخل يومها فصل ربيع افريقيا الجنوبية .ففي اواخر سبعينيات القرن الماضي ، استقبل حينها الزعيم الافريقي بنفسه وفدا جاء من شرق المتوسط ليقدم لتلك البلاد قرضاً ميسرا صغيرا لاغراض التنمية في واحدة من بلدان الحزام الافريقي الجنوبي التي كانت تتعرض لخراب عصابات القوى العنصرية البيضاء ممن كان يدفع بهم النظام العنصري في جنوب افريقيا لتخريب البنى التحتية في بلدان شمال الحزام وعلى مسارات نهر الزمبيزي الذي مازال يشق مجراه جنوبا وينتهي بشلالات عظيمة سميت منذ العهد الاستعماري بشلالات (فكتوريا ).هنا تنفس الرئيس الصعداء ونحن على مائدة عشاءه كي يطلق عليها بتلك اللحظة بنفسه بشلالات (افريقيا) بدلاً من الاسم الذي ارتبط بعهد الملكة فكتوريا في القرن التاسع عشر والذي رسم خرائط التقسيم بين روديسيا الشمالية وروديسيا الجنوبية لبلاد افريقية واحدة.
تسلمت من يد الرئيس طبق الطعام بنفسي لاجلس قبالته على مائدة لم تتعدى حينها على نوعين من الطعام ، الاول ، طعام من الذرة المطبوخة وهي رمز وطني لغذاء الشعب الزامبي والاخر هو لحم من الطيور التي تتكاثر في غابات البلاد.
اقتصر حديث الرئيس كاوندا على مائدة طعامنا وهو يمسك بيده السمراء منديله الابيض ولم يتركه من يده لحظة ، ليهمس بصوت خافت انه نتيجة لمعاناة بلاده في الداخل ، فقد تمرد المستوطنون البيض ،الهاربون الى جنوب افريقيا ليهاجموا حافات نهر الزمبيزي ونحن في حرب عصابات معهم عبر غابات البلاد .فالقرض الميسر الذي ستقدمه بلادكم لنا اليوم سيصرف برمته وبالكلفة نفسها على اعادة اعمار احدى الجسور المشيدة على فروع انهار بلادنا والذي فجره العنصريون البيض يوم امس و بوحشية مفرطة. بهذا الاسى ، تحدث الزعيم الافريقي قائلاً انه لما جلا الانكليز عن بلاده ظلت مهمته دراسة احوال البلاد دون ان يغفل التفكير في المستقبل . فبمناجم النحاس الزامبية وحدها لا تحيا البلاد ، قائلاً ،فان استقلالنا بحاجة الى قوة مساندة هي بناء الانسان لضمان وحدتها : لذلك كان شعاري منذ البداية هو : زامبيا واحدة وشعب واحد…فالناس في تلك البلاد هم قوة كامنة بزعامات محلية مختلفة و لا توحدهم الا التنمية والتقدم الاقتصادي .
شعرت حينها بنظرات تلسع وجهه من الالم وانا اتمادى بالسعادة الموعودة والايمان باقبالها القريب ، وبالرغم من ذلك لم اتخلص يومها من الارق الذي احتل ليلة نومي المضنية وانا في تلك الجولة البيروقراطية التي تناثرت السنوات الطوال فيها لاحقاً وعلى مدار اكثر من اربعة عقود من الحروب والصراعات التي خاضتها بلادي ،ليتلقى كياني المتهالك صدماتها .فقد مادت بي الارض وانا اتحرى احزاني وادافع عن نفسي ضد مجهول تحت ياس الضوضاء العالية وضغط العشرات من الايادي القوية … ! .
اما زامبيا التي تركتها قبل اكثر من اربعين عام ونيف فمازلت بانتظار ان تتحول اذرع شلالاتها القوية ويتغير اسمها الى ذراع افريقي واحد هو شلالات افريقيا ….بدلاً من شلالات فكتوريا والعهد الاستعماري .
(( انتهى)).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا