الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهافي والمتعافي

عبد الرؤوف الشريفي
كاتب.

(Abdul Rauf Al-shuraifi)

2022 / 8 / 10
سيرة ذاتية


سلسلة يوميات موظف مدجن


لاشيء افعله، لاشيء افكر به منذ ساعة طويلة الساقين، انا علبة فارغة مرمية في مخزن قليل العمل في اخر الشركة. انتظر اكتمال سلق البطاطا الوحيدة. في القدر الصغير. فارقبه وهو يبقبق. يرفع عن فمه الغطاء لينفث غيظه المأزوم. ثم يعود الغطاء بصوت متكرر كانه قرقعات القطار على السكة المصلوبة الى الارض والحصا.
البطاطا المسلوقة الماسخة هي افطاري من الصوم المستحب لهذا اليوم في مناوبة العمل. اضيف اليها زيت الزيتون الايطالي كما مكتوب على القنينة.
ومع طماطة وحيدة. اظنها من مزارع اللحيس. فهي عادة بطعم حامض وحلو.وهي تنتظر الشواء على الهيتر نفسه.
وتكتمل المائدة بصمونة شعير او شوفان سمراء مثل وجه مطلقة. تحسبها الذ من معجنات العالم الحر والثالث وما بينهما.
فهل هو زهد في عصر يتمسك بالقشة ويتطلع الى الدرهم قبلة وعبادة. فان كنت هكذا، فما حاجتي اذن لطعام الجنة من لحم طير وفواكه متدلية الى الايادي والى حورياتها الحسان. واحدتهن شطب ريحان مثل نانسي عجرم. ربما اجد في الخمرة تعويضا مرغوبا عن سكرة مفقودة.
والحقيقة ان رغبتي في الطعام تتضاءل فتصغر معدتي ويذوي كرشي. فانا مذ خلقت احسبه واجبا عسكريا. تمنيت لو تحول الى قرص تبتلعه فتشبع مثل رواد الفضاء.

انا وحيد هنا في هذه الارجاء السبخة. ثمة اربعة مخازن متقاربة. تلقي عليها الشعلة القريبة ،(الفلير flare) دخانا وحرارة وتلوث.
انا وحيد لنفسي والاشجار والليل الذي يدنو من مليارات السنوات.
وحيد. اواصل نسخ الافكار ذاتها. فيستجيب ذهني لكل تفاصيل المكان طوال النهار.
وحين اضجر من تكراره، اخرج الى الساحة الممتدة حتى معمل غاز الجنوب حيث تظهر شعلاته الثلاثة بالدخان الفاحم الملوث للروح.
فجاة، تدخل المشهد قطة تجري بكل روحها.وخلفها اربعة كلاب نهمة فتقفز الى الشجرة. تصعد لمنتصفها وهي تتنفس رعبها. وترقب حيرة الكلاب الغاضبة.
فاطرد الكلاب. لكن اخبثها يختبئ وراء حاوية قريبة متظاهرا بالتبول.
فاسال هل اختارت القطة قدرها الارعن بالدنو من منطقة الخطر.، ام ان الصدفة اتت بالكلاب الجائعة.
امضي لاتوضا فالاحظ اتقاد سلك في قاعدة الخزان. احدق فيه ثم ارشه بالماء لينطفئ. فهل يعالج تسرب الكهرباء بالماء. هذا غباء! وخطورة.

اتنصت بصعوبة الى الاذان الخافت القادم من دور الشركة. فادعوا لنفسي وعائلتي ثم ملايين المسلمين الذين لا اعرفهم.
لكني اسقط في الحيرة. فهل ادعوا للشفاء للرزق للصحة المغفرة. فاستذكر صديقا قضى عمره يدعوا ربه باسم (الرزاق) فكانت قدماه خضراء حيثما ذهب. واخر ظل يدعو (يا مهيمن) فاصبح لاحقا شيخ عشيرة مستجد. له هيبة متوسطة.
فاختار الامان، فادعوا (اللهم اكفنا شر الاشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار ) وترجمتها بالعامية ( اللهم اكفنا شر الهافي والحافي والمتعافي).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل