الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التأثيل تجاوز للتفكيك

المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)

2022 / 8 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


1. نهاية القديم وبداية الجديد:
في نهاية أي فترة تحكم طبقي تظهر فترة معرفة وثقافة جديدة مضادة لنظام أو أشكال المعرفة والثقافة النظرية والعملية القديمة، تنقضها أو تنتقدها بشكل سمته تفكيك التماسك الظاهري لمنطق وحجج الأفكار القديمة وتبيين تناقضاتها، لكن كثيرا ما انتهى نقض النظم الكبيرة أو انتقاد أجزاء منها إلى إعادة بناءها بشكل مختلف إنطلاقاً من نفس الخطاب الذي هدمها.


2. تقدم الرجعية:
تؤدي عوامل كثيرة إلى إعادة تكوين البناء القديم منها عدم تغيير النظام الطبقي بل تغير شكله، ومن ثم تكرار ممارسته ونظم المعرفة والأفكار الحامية لها، ك كذلك احتواء أسلوب التفكيك على خطية ومركزية النظام الفكري القديم.


3. محاولة نملة اكتشاف المحيط:
غالباً إذا دخلت خطية ومركزية أي تفكيك على محيط الأفكار المتداخلة المسمى ميتافيزيقيا قد تتلاشى هذه الخطية ومركزيتها إزاء تنوع التمظهرات والانطباعات والأسئلة المتداخلة اللانهائية في بنى الفلسفة المفتوحة.


4. أزمة تنوع الموضوعيات:

(أ) تنويعات القديم:
قاعدة أسلوب جاكوب دريدا للتفكيك إن لا شيء خارج النص. مفاد هذه القاعدة عدم وجود حقيقة بلا نص يشهد على وجودها. تواشج هذه الحقيقة حقيقة أخرى مفادها إن كل نص مكون من علامات أو معالم فكرية وخبرات سبقت وجوده، من ثم تضحى النصوص تجميعاً إنتقائياً لعلامات، ثم يظهر إن لكل انتقاء تاريخ طبقي سياسي.

(ب) التناقض:
من ثم فإن كل تفكيك يعبر كنص عن انتقاءات أصطنعت في الماضي تعبر عن إيمان بشيء أو كفر به وفق موضوعية معينة يزعم كل تفكيك إنها ميزان الحقيقة أو إنها سور حماية للحقيقة النسبية التي قدمها نص التفكيك بينما هي أيضاً سور وقاية للموضوعية المعينة التي اعتمدها التفكيك المعين من خطر التفكيك بموضوعيات أخرى قد تقتل السلطان المضمر الذي يكرسه أو يرسخه هذا التفكيك المعين.

(ج) ترجيح أحد الأراء:
أي إن التفكيك الكبير يقتل سلطان التفكيك الصغير، وهذا نادر لكن المألوف هو تصادم الإنتقادات التفكيكات الصغيرة. ويتم ترجيح أحدها بقوة البيروقراطيا الأكاديمية أو بيروقراطيا الإعلام ترفع إنتقاد معين أو مركزيته وتهمش إنتقادات أخرى.


5. النص كمبنى من قراءات قديمة:
لكل نص/كلام له حقيقته، لا توجد حقيقة خارج نصها. البداية إن الطبيعة المشاهدة لعموم الناس تتمظهر ثم تختلف رؤية هذا التمظهر أو جزء منه في كل مجتمع/طبقة/فئة/شريحة وعند كل مجموعة كتاب/متكلمين، ثم ببنهم، أيضاً تختلف أعمال ومحاور كل منهم سواء كان محورها تأريخ أو ثقافة أو نظرية أو رؤية، ومع أو بعد كل هذه الاختلافات يختلف تمظهر نص كل كاتب عند فئات وشرائح قراءه، وعند كل قارئي، ومن ثم تصبح/تصير إختلافات تمظهر الحياة أو اختلافات رؤيتها جزءاً من طبيعتها الخاصة في مجتمعات البشر التي يتشكل فيها كل فرد من مجموعة قراءات سابقة توافق أو تختلف عن ما يقرأه.


6. الرؤى تكوين مخزون:
ترتبط رؤية/تفسير كل تمظهر معين بطبيعة مخزون الخبرات في ذهن الإنسان وطبيعة دفعه لإنتقاء معين فعبر تأثير كم ونوع الخبرات ووضعها تتكون طبيعة كل تصور وترتسم فكرته. أي إن الأفكار المصطنعة كبديهيات أو مقدسات أو تاريخ أو نظرية أو ثقافة هي رد فعل ذهني لحادث تمظهر معين في الطبيعة الخام أو في المجتمع:

تحدث الرؤية بتلقاء ذلك التمظهر حيث ترسم الخبرات المخزونة أو تعيد رسم أجزاء جديدة من بعضها كما ترسم جميعها ما يعتقد الإنسان أنه تصوره ألخاص لذلك التمظهر أو حادثته أو لكل تمظهر آخر، من ثم تنشأ كل رؤية أو تفسير أو قراءة أو نص كتاريخ رؤى وتفسيرات نصوص سابقة. وفقاً لهذا السياق بالإمكان القول إن ذاكرة الذهن هي تاريخ وأيضاً بالإمكان القول إن نصوص التأريخ المشفوهة أو المكتوبة هي أيضاً تصورات تدعمها رؤى طبقية أو فئوية أو فردية معينة.


7. المعرفة الإجتماعية والتاريخ أيهما يقرر الآخر؟

(أ) العلوم الطبيعية تحسم تاريخ الطبيعة:
تاريخ بعد فترة من نهاية الحرب العالمية الثانية ظهر إن التأريخ الذي يقل إختلاف الناس والمؤسسات عليه هو التاريخ العلومي المعاصر لوجود وحركة غالبية المواد في الطبيعة الخام فيزياء وكيمياء وأحياء وفي الطبيعة الذهنية النظرية للرياضيات. لكنه حسم يتأثر بطبيعة إستثمار هذه العلوم.

(ب) السياسة الليبرالية تهمل حسم موضوعات التاريخ الإجتماعي:
رغم حسم إختلافات تاريخ الطبيعة الخام بقوانين المادة فإن حسم خلافات التاريخ في تمظهرها البشري المتصور في "العلوم الإجتماعية" حيم قليل في غالبية دول العالم وذلك بحكم إن تاريخ التصورات القديمة وحكوماتها في غالبية الدول الليبرالية في العالم هي التي تقرر طبيعة المعرفة والعلوم الإجتماعية.

(ج) معرفة منفصمة ذات نتائج خطرة:
نتيجة الدقة السياسية في تنضيد العلوم الطبيعية والإهمال السياسي في تنضيد العلوم الإجتماعية صارت المعرفة الإجتماعية معرفة مختلة القوام والنتائج إذ تميل إلى تكثيف الإنتاج أكثر من إهتمامها بعدالة توزيع الإنتاج ما خلق ويخلق أزمات متنوعة في المناخ والبيئة والإقتصاد والمعيشة والمجتمع وثقافتهم وحتى في إنتاج وتذوق الجماليات.

ينتج خلل المعرفة نظرة وخبرات مختلة ونوعاً من الجهل المركب بعضه يجعل نظرة الناس إلى الأمور الإقتصادية السياسية والإجتماعية والثقافية وحتى التعليمية نظرة قصيرة جداً لا تعبأ بالأخطار القريبة الناشئة، أو نظرة بعيدة جداً لأهداف خيالية لا تقدر البون الشاسع والجهد العظيم الخسائر للإسراع في تحقيقها، سواء كانت أهداف هندسية أو سياسية أو أخلاقية دينية.


8. التفكيك كأداة ترسيخ:
فلت الحقيقة العلمية لوجود مجتمعات البشر كجزء من الطبيعة وقوانينها العامة فشلت محاولات بعض المحافظين والمحافظين الجدد Neocons مرة بعد مرة لنفي وجود "المجتمع" بإستعمال تفكيكيات مختلفة منها:
(أ) تفكيكات تربط توسع العقلانية الاجتماعية بكل الأخطار السياسية! (أخطار على تحكم انخب) و
(ب) تفكيكات تنفي علاقة وجود المجتمع ومعيشته بالاقتصاد! تعلق التفاوت السلبي داخل المجتمع والعالم على القدرات والإمكانات الشخصية وحظوظ المضاربة والخسارة! و
(ج) تفكيكات تنفي صلاحية العلوم والأفكار الإجتماعية لـ"الحياة الحديثة"!
(د) تفكيكات متنوعة متناغمة تهاجم التماسك المنطقي لأيديولوجيات العقلانية والسياسة والمجتمع والإشتراكية والبيئة يزعمون إنها مضادة لحرية الفكر والإنسان! بينما هي تفكيكات تكرس تحكم سادة البنوك والشركات العظمى في مجتمعات العالم.


9. العلاج الجذري:
مع أمور أخرى تشمل تعبيرات "ثقافة المجتمع" و"سياسة المجتمع" و"تدين المجتمع" كثير من مظاهر السلوك والاعتقادات وأزماتها الواقعية وفي مجال تنظير حلولها.

لتصحيح نقاش هذه الأزمات من المهم سبر باطن هذه المظاهر أي سبر "الثقافة العميقة" و"السياسة العميقة"، "التدين الشعبي العميق" وحتى "الدولة العميقة" والعالم العميق عالم مزدوج ليس مثل كل العوالم وفي نفس الآن هو ككل العوالم المادية لكن من حيث انه لا متناهي، وان إمكان معرفة جزء من لا نهائيته زاد منذ ما قبل بابل ووادي النيل إلى ما بعد محور بوز-اينشتاين تبعاً لنموء واتساع المعرفة من الظاهر إلى الخفي أو الباطن.


10. مثلث الثقافة والسياسة والدين:

(أ) تنوع وتداخل:
رغم إختلاف كلمات "الثقافة" و"السياسة" و"الدين" إلا إن بينها روابط عددا كونها نتيجة وشكل ظاهر لصراعات وتفاعلات أعمق وحالة نفسية طبقية/مجتمعية تجمعها أو تفرقها بنية إقتصادية محلية قديمة وبنية إقتصادية إقليمية عالمية محيطة بها. وأوضاع إجتماعية تحاول تقديس مزياتها أو تبرير عذابها.

(ب) جذور وأزمات:
بحكم إرتباط هذه الكلمات بكثير من الأزمات الحاضرة في العالم منذ آلاف السنين لذا من المنطقي سبر بواطن الثقافة والدين والسياسة أي كشف عناصر وعلاقات وبنى "الثقافة العميقة" و"الدولة العميقة" و" التدين الشعبي العميق" وطبيعة تشكيل "الوعي الباطن" المسمى "اللاوعي" وتفاعلات الصراعات الإجتماعية والإقتصادية لجزء منهم.

(ج) علاقة النهر بالمناخ:
تؤشر كلمات "الباطن" و"العميق" و"اللا" إلى تفكير بعيد عن نسق الخطوط والأشكال النمطية للعناصر والعلاقات والبنى الواحدة الطبيعة والتمركز وتحول بحوث المعرفة إلى عالم جديد كثيف التفاعلات ومتعدد التراكيب، خروج من المعلوم المحدد والمألوف الذي تحدث ضده ثورات (علمية) منذ عشرات السنين والإنتقال منه إلى تصورات كبرى مكونة من عدد كثيؤ أو أنواع جديدة من الأفكار والانتقاءات والتراكيب.


11. الميتافيزيكس:

(أ) التفكر المفتوح كبداية ضبط:
من خواص نسق التصورات الكبيرات المسمى Meta ان مادته مثل مادية "الضوء" الظاهرة مادية فائقة الدقة يحتاج شرحها ووضعها في صور بيانية إلى سبر وتركيب عدد كثير من الفهوم والعناصر والعلاقات والبنى من ثم بحكم الحجم والتأثير وارتقاء جدل أو تفاعلات التصورات الكبيرة يصل الباحث إلى معرفة أعلى بطبيعة وكنه وجود الأشياء والعلاقات والأفكار.

(ب) الحكاية السائدة عن إرتقاء المعرفة من الأمور المادية إلى أسئلة وتصورات منطقية:
في شبه لإرتقاء دروس أفلاطون من إستعمال أسلوب النموذج المادي "الجمهورية" إلى التدريس بإستعمال أسلوب "القوانين" جاءت الحكاية الشائعة عن بعض تلاميذ أرسطو وإرتقاءهم بتصنيف موضوعات تراثه النوبي الأصل (والبابلي) إلى نوعين من الموضوعات كانت الأولى البدائية منهما موضوعات "مادية" Physics محورها الأشياء جمعت أنواعها وخصائصها في مجلدات، وبعدها بأكثر من مائة/مئات الأعوام تم جمع موضوعات أخرى عن "الأشياء العلى" Meta-physics أي الموضوعات المهتمة أكثر بالأمور الفكرية والنظرية والمعرفية.

(ج) التفكير كموضوع معرفة:
اهتمت نصوص الميتافيزكس المنسوبة إلى أرسطوتول بموضوعات عن مبادئي وجذور الأفكار وعن ثمراتها أي الخلاصات والحكمة منها بداية بكيفية تكونها، طبيعة وجود أو تمثل أو تمايز الأشياء في الذهن، وجودها كفكرة أو حقيقتها أو طبيعتها، ومن ضمن تلك المجموعة إجابات على أسئلة كانت موضوعاتها في ذلك الزمان عبقرية فذة، عرفت "التاريخ" وبينت "السياسة" ووضحت "الأخلاق" وأظهرت "الإيمان" وكشفت للمتفلسفين طبيعة "السعادة" فكانت موسوعة لجغرافيا خرائط النظر والتفكر ومحاولات ربط كيانات ذهنية مفتوحة الحدود مع كيانات فكرية أخرى.

(د) جذور نموء المعرفة الحاضرة:
مع تطور المعرفة بفعل ظروف المعيشة والاكتشافات وتفاعلاتهم ونشوء إحتياجات جديدة حرفية وعسكرية وثقافية تحول جزء من هذا التراث ذو الجذور الإفريقية والآسيوية إلى فلسفات وعلوم شتى محددة المحور والأشياء، وبقى بعضها في ميتافيزيقيته يبحث في تشابه أو فروق كينونات وجود الطبيعة في الذهن وفي طبيعة وجود الكينونات في النظر.


12. المجال المناسب للتفكيك:
"التفكيك" كتشريح لمكونات وتناسق وطبيعة النصوص، له إرتباط بمعرفة تاريخ الفهم وتحديد محاوره، من ثم يحتاج إلى نص محدد ليحقق وجوده كتفكيك أما الصور الميتافيزيقية المكونة من متغيرات تتداخل فيها أفكار وتصورات متحركة فمن الصعب جعلها ثابتة المعالم وبالتالي يصعب تفكيكها بحكم حركة أصولها وحدودها وتصوراتها.


13. التصورات كثقوب سوداء:
صعوبة قيام التفكير الخطي بشرح وتصنيف وتفكيك الميتافيزيكس صعوبة تواشج مياسم الفلسفة المثالية واهتمامها بأمور (حقيقة) الفكرة؟ ومدى صحتها؟ وعيار هذه الصحة؟ كيفية تكون العيار؟ وإثبات صحته؟ عدالة العيار؟ ومنطقه؟ ونتيجته؟ من ثم تظهر ضخامة الحالة اللاعقلية/اللاخطية لحركة التصورات الفكرية (الميتافيزيقيا) وكثرة تغيراتها وضعف واحدية أو مثنوية كل نظر نمطي أو تفكيك إزاءها نأهيك عن محاولة تحديد بداياتها أو قوامها ووضعها.


14. ضعف التفكيك:
إزاء بنية النص المحدد نوعاً ما يسهل على أي تفكيك بيان طبيعة هذه الإنتقاءات وتحديد جزء مهم من طبيعة ذلك النص وإحالاته، لكن تضعف مهمة التفكيك أمام حالة تباطن أو تداخل الإحالات وحالة تنوع وتفارق الإحالات، وهما حالتان غالبتان في انتاج النصوص والتصورات منذ ما قبل أرسطو إلى الزمان الحاضر.

من المنطقي لمواجهة تفاقم الأزمات بناء قراءات/نصوص جديدة تتجاوز محدودية القراءات النمطية ومحدودية التفكيك وعجزه منذ أيام ما قبل السفسطة عن تأسيس عمران جديد بحكم واحديته أو مثنويته وبحكم مركزيته أو تناقضه وبحكم طبيعة إنتقاءاته.


15. عجز القراءة النمطية المعاصرة:

(أ) طبيعة العجز:
تعاني النصوص أو القراءات السائدة من عيوب الإتجاه والمنظار والمحور الواحد ومن الانحياز السياسي الى نسق برجوازي وكل واحد من غالبية هذه القراءات/النصوص هو إنتقاء لعلامات أو معالم من الصور الكبيرة القديمة المكرسة بجهد مؤسسات المعرفة والإعلام وأدواتها كـ "التاريخ" و"الثقافة" أو "النظرية".

(ب) تجديد الجمود:
تقوم القراءات/النصوص النمطية بوضع العلامات المقتبسة من مصادر (قوية) في إتجاه ذهني/عقلي معين يبدأ من أي جزء من مثلث "التاريخ" و"الثقافة" و"النظرية" لينتهي بعد عمليات توكيد ونفي إلى توكيد أو نفي جزء من أحد أضلاع هذا المثلث مشكلة نصاً جديداً من نفس عناصر أو علاقات أو تصورات المثلث القديم. وكلها انتقاءات! من ثم يختلف شكل النص أو التصور المنتج بإنتقاء جديد لنفس العلامات القديمة إختلافاً شكلياً عن غيره من النصوص والتصورات في مجاله لكن مضمونه يكرس نفس بنية التفكير الحصرية القديمة بكل ما فيها من واحدية ومركزية وهرمية وانحياز.

(ج) التلاعب بالإصطلاحات:
تعاني القراءات والنصوص النمطية في مجالات المعارف والعلوم الإجتماعية من شخصنة استعمال الإصطلاحات والتصرف المفتوح بوضعها وتعريفها بشكل يخل بكل عملية حساب معرفي وكالتلاعب بحروف أو قواعد اللغة أو التلاعب بجدول العناصر في الكيمياء أو التلاعب بجدول الضرب أو نظم المعادلات لا يقتصر التأثير السلبي للتلاعب بالإصطلاحات السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعية أو الثقافية على النص الذي ورد فيه التلاعب بل يمتد أثره السلبي إلى كل منظومة المعرفة الإجتماعية والثقة فيها.



16. البديل الضروري:
إزاء ضرورة تجاوز قصور نظام القراءة/ المعرفة السائد وواحدية ومركزية وهرمية قراءات نصوصه وجزئيتها ومحدوديتها، تتكون الحاجة لأسلوب جديد النوع لقراءة/انتاج فهم الظواهر والنصوص. هذا الأسلوب الجديد ماثل في "التأثيل" ومزيات تنوعه وتعدد مهماته على النحو الآتي:


(أ) تمحبص الإنتقاءات القديمة:
بحكم قراءته النص من جهات حركته النمطية من "التاريخ" إلى "النظرية" وبالعكس، أي من التأريخ المجيد أو التأريخ البشع الذي يزعمه النص ونهايته إلى "النظرية" التي يحاول تكريسها وفي نفس الفترة يقرأ حركة نفس النص من الصورة "النظرية" التي يبدأ منها حركته منتهياً إلى صورة "التاريخ" التي يحاول النص المقروء إزالتها أو تكريسها، مروراً بما انتقاه كل نص من صور منسوبة إلى "الثقافة" لدعم رأيه. من ثم بفضل قراءته المزدوجة الإتجاه يمحص "التأثيل" طبيعة توازن/صدقية إحالات النص مؤسساً لبناء جديد بإحالات متوازنة.

(ب) تفكيك جذري:
أيضاً يتضمن التأثيل نوعاً أكثر جذرية من التفكيك، ومن الانتقاد النمطي كونه مرتبط بتفكيك أسس وسياق ونوع المعرفة أكثر من إرتباطه ببعض مظاهر إختلالاتها النمطية في هذا النص أو ذاك.

(ج) ضبط الإصطلاحات:
إضافة لتنوع تتبع "التأثيل" لتوازن الإحالات بين كفتي النص يقوم التأثيل كأسلوب قراءة جديد لنصوص بوزن مادة وإصطلاحات كل نص في التصنيفات الإقتصادية السياسية والإجتماعية الثقافية والجمالية، مهتماً بالصراع الطبقي لإستعمال الإصطلاحات في النصوص وتاريخ إستعمال النصوص في الصراع الطبقي.

هذه الأمور التي يحققها التأثيل عجزت عن تحقيقها أساليب الانتقاد النمطية وعجز عنها التفكيك النمطي سواء في شكله القديم الذي رسخه السفاسطة في اليونان من إفريقيا وآسيا ونهايته البائسة مع سقراط أو التفكيك الجديد الذي تولد من جدل الصور التاريخية والثقافية والنظرية البرجوازية في فرنسا بكل ميولها في محاربة الملكية الإقطاعية و التمتع بالملكية الرأسمالية.



الخلاصة:
إن معرفة بواطن مثلث كيانات الثقافة والسياسة والتدين وأزماتها في المجتمعات ومحاولة التغلب على أزمات المنظار الواحد والإتجاه الواحد والمركز الواحد في عوالم المعرفة والعلوم الإجتماعية تحتاج إلى أسلوب جديد في القراءة وصناعة النصوص والخطابات ماثل في "التأثيل".

إنتهى النص








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة