الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعر والتاريخ

بهاء الدين الصالحي

2022 / 8 / 14
الادب والفن


الشعر ذاكرة وطن
قراءة فى ديوان عيال مهاجرين
للشاعر عبده العباسي
نكتب الشعر كمشروع ام هو شعور يجتاحنا فنفقد صوابنا ولايرده الا كلمات نختطها علي الورق فنتخلص من طاقة القلق الوجود الذي يدفعنا للابداع ؟
ونحن إذا سلمنا بالمقولة الثانية فأننا مطالبون بإستجلاء كيفية بناء ذات الشاعر وكذلك خلفيات الشاعر التاريخية والاجتماعية التي صنعت ذات الشاعر .
تلك الازدواجية تجاوزها الشاعر عبده العباسي في ديوانه الصادر في خطة النشر الإقليمي ،ممثلا لبورسعيد ،الجديد هنا أنه يرصد جزء منه سواء بالمعاصرة أو بتكوين الذات بحكم شخصية بورسعيد معشوقة أبناءها ،فذاكرة أبناء التهجير مليئة بجيوب الألم لتصبح شلالا من إصلاح قروح الذات والعودة كالعنقاء وسط النار .
ياتي العنوان الدال ليعبر عن توافق الذات من خلال إضاءة قناديل الوعي لمسارب الذات ، ولكن البحث عن المدخل لذلك الديوان حيث يأتي موضوع الديوان منعكسا علي شكل القصيدة وطبيعة اللغة وسهولة المفردات ولكن سياق معالجتها ،النابع من قصدية الشاعر في طرح شعر رؤية يتكئ علي التاريخ الخاص المتماس مع الاحداث الثابتة في تاريخ منطقة القناة ،ولكن المعالجة الشعرية هنا نوعا من التحدي حيث يأتي الحرص علي تسجيل اللحظة التاريخية تسجيلا شعريا ،وهنا قد تعلو اللحظة التاريخية علي اللغة الفنية بحكم ثقل الذكريات علي فضاءات الروح ،ولكن نلمس حرص الشاعر علي التوازن .
هنا الرهان علي الذاكرة الجماعية وكأن التاريخ هو البطل الرئيسي ،ولكن اي نوع من التاريخ ؟
هو التاريخ النفسي مخزن اللاشعور لجيل قارب علي الانتهاء ومن هنا أهمية التجربة الشعرية التي نحن بصددها ،وبذلك يصبح البطل هو المكان ، وبالتالي نبحث هنا عن الإنسان داخل المكان ،اذن و المكان المتجاوز لجغرافيته ،ليستعيد الشعر جزء من تنويريته.
وهنا عدة علامات سيميائية هى حرص الشاعر علي تسجيل تاريخ القصيدة ،مع تاريخية الحدث ودلالة العنوان ،وعناوين القصائد التي توهم بعض المتلقين بمباشرة الحدث ولكن آلية التضمين هنا اكبر دليل علي مصداقية الشكل مع الموضوع فكان الصدق الفني نتيجة طبيعية .
في قصيدة بداية ملامح في بداية الديوان لرسم مدخل منهجي من خلال علاقة المكان (بورسعيد ) وامتداداته التي تشي بالحرية :
اتولدت / علي رمل شط / فارد ملامحه للسما / من غير جراح ولا دما / شفت الحياة معلمة / علمتني حرفين كتابة / حرف لبداية حياة /وحرف ثاني للحرية .
حيث أن القاعدة الرئيسية في قراءة الشعر بعد روزنامة الخليل ،هي البحث عن الإنسان / الذات داخل الكلمات حيث يختزل مهده الاول في أجواء الطبيعة الحرة ، ليمهد لنا بعد ذلك قسوة الاحساس بالقهر بعد هجره للحاضنة الأولي ،خاصة مع ازدواج الهزيمة مع الاغتراب ،حيث يتحول الوطن من خلال اللغة الي قيمة ومعني سلوكي حيث علمته تلك البيئة الحرية والحياة .
ولعل مصداقية ما توصلنا إليه نابع من قول الشاعر في قصيدة ( اللقا نصيب في صفحة ٦٠ :
داب فوق لساني الغنا / والصدر مكلوم إنما / ياهلتري – بعد السنين / هيكون لقا ومواعيد ؟ / يادقة القلب الغريب .
تصاعد وفرات الروح تلك لبنات قصيدة جواب تهجير وقطعها علي أربعة مقاطع لتكون نواة لوصف التغريبة ،وهنا الحدث هو البطل لتصبح العناوين ذات دلالة يتم استجلاؤها عبر القصيدة ، ففي المشهد الاول آثار زلزال خطاب التهجير ومشاعر الحيرة والتشكك فيما سيلي، هنا أسلبة الشعر حيث يكون المقطع الشعري جزء من المشهد التصويري وبذلك يتم تقطيع المشهد التأسيسى لتغريبة الهجرة :
كلها بلاد ربنا / نفذ بعد ما توقع هنا / تمام / ودنياتي بقت لاتنين دنيا هنسيبها هنا / ودنيا في علم الغيب .
الموسيقي هنا هي ايقاع الحدث ،حيث ينقل لنا الشاعر لهاثه داخل حدود ذاته حيث يتسع الزمان مع ضيق المكان ،لينبع من تلك العينين ويصطرع في تلك الرأس تفاصيل الأزمنة الماضية ،ولكن كم الذكريات بالاسماء للحارات والأشخاص كنوع من توسد الامان بترسيخ الذاكرة في مواجهة تلك التغريبة غير مأمونة العواقب .
ويبقي السؤال هل كثرة التفاصيل السردية يبطل جو للقصيدة ؟
يبقي هنا حسم فكرة القصيدة الهام مطلق ام قصد مطلق ام كليهما ؟
الموضوع كهم رئيسي للشاعر كإنسان ومثقف ويكون الدافع الاول ترسيخ حالة ذهنية اجتاحت الشاعر ولكن عندما صاغها واجه كثرة التفاصيل ليصبح تلاقي المتلقي نفس الحالة الذهنية ،وتمثلها ،وبذلك يكون للقصيدة إيقاعها الخاص ،فتكون الرؤية من داخل البرواز الذي اختطه الشاعر ويصبح من الحمق أن نحاسبه
بمقاييس من خارج روح النص وموضوعه :
ولمت من التراسينه / ملاية مفرودة تعملها ضليلة / وسابت قلبها مفتوح / علي الجيرة وع الاحباب / ولا مرة واربت باب .
وهنا نحن لانقع كما يتوهم البعض في السرد ،وذلك لان الذات الشاعرة تسرد تلك الأحداث من خلال رؤاها ،فهي متوالية قائمة علي التداعي الحر لشطأنه تلك النوستالجيا القاتلة الممرورة.
وفي المشهد الثاني ليلة للسفر يصل الشاعر لقمة ايقاع التغريبة الشجي من خلال وحدة الحزن للمجموع :
الوداع ...سماع / بين الشوارع بيئن/ رجع البكا بيرن في ودانك / والنوح كلام / مع السلامة ياسي ( فرج) / ياأبوالعربي/ ياصعيدي ماتنساش تبعت جوابات.
من الملامح المشتركة التغريبة في مشاهدها الأربعة ،الحزن والخوف من المجهول :
لما تنقسم روحك مابين الحاضر وبين الغيب . المشهد الثاني .
ودنياتي بقت لاثنين . المشهد الاول .
امتي هيكون النصيب ونرجع لبلدنا تاني ؟ المشهد الثالث .
الوجه الاخر من التغريبة
تحظي فكرة الشجن المصاحب للذكريات ليقوم الشعر بدوره الأبرز من خلال جاذبية شكله ورشاقته ،كلماته وجاذبية صوره ليكون الشاعر شاهدا علي التاريخ الاجتماعي لأمة دون غيرها ولنا في التاريخ سابقة وهي قصيدة البحتري التي وصف فيها قتل المتوكل في قصره بيد أخواله الترك لصالح ابنه وقد شاهد الحدث راي العين بينما كان يسامر الخليفة وقتذاك .
ولعل ملامح ذلك التاريخ واضحة عبر عدد من من القصائد التي تخلد بلاد المهجر ،بالاضافة للخط الرئيسي للديوان ( ابو دشيشة علمتني – ابو دشيشة – مركز بلقاس – دقهلية ؛ جمال مات: جنازات رمزية في القري المصرية :
نزفت شوارع ابودشيشة بشر / فلاحين / متعلمين .
ثم يسرد اسماء العائلات والمتنفذين في ابودشيشة مثل الله عجيبة والجيوشي ....الخ .
أيها السادة نحن بصدد شاعر مبشر شريطة أن يمارس مهارة اصطياد اللغة .
بهاء الصالحي ١٢٨٢٠٢٢








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض


.. تعاون مثمر بين نقابة الصحفيين و الممثلين بشأن تنظيم العزاءا




.. الفنان أيمن عزب : مشكلتنا مع دخلات مهنة الصحافة ونحارب مجه