الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيحقق السيد الصدر مطالبه؟

محمد رضا عباس

2022 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


قبل حوالي 15 يوم قام انصار التيار الصدري باحتلال بناية البرلمان العراقي مطالبين بالقضاء على الفساد والفاسدين , الغاء المحاصصة الطائفية والعراقية , حل البرلمان , تعديل الدستور , وتحويل النظام السياسي من نظام برلماني الى نظام رئاسي . اعداد المعتصمين تزايدت بمرور الأيام بعد ان دخل معهم أعداء التغيير و جميع من يعادي التيارات الاسلامية السياسية , وبذلك فان في البرلمان اختلط الماء بالزيت , ولكن الفضائية العراقية ما زالت تصر على ان الاعتصام اعتصام شعبي يشترك فيه كل مكونات الشعب وبكافة اتجاهاتهم . الخلطة العجيبة لهذا الاعتصام سوف لن ينتج عنه شيء , عدا ان السيد مصطفى الكاظمي سيبقى على راس السلطة التنفيذية من اجل العمل على تحييد " الاطار التأسيسي" و الإسراع بربط العراق بالحضيرة العربية وطرد نفوذ ايران من العراق . وعليه , فانه سيؤجل النظر بباقي المطالب الى تالي السنوات لأنها كبيرة جدا ويعرفها كل من له الاطلاع بالقانون ولا يمكن حلها في وقت قصير و للأسباب الاتية:
الفساد : مرض لا يمكن ان يقضى عليه لا في هذا العام ولا حتى بعد خمسين عاما ما لم يتغير هيكل النظام السياسي . جميع المشاركين في الحكم منذ تغيير 2003 متهمة بالفساد المالي , وهذا ما يتداوله الناس بمختلف مشاربهم السياسية , حيث يتحدثون عن وجود مكاتب اقتصادية في المقرات المركزية للأحزاب وان وظيفة هذه المكاتب فرض اتاوات على المقاولين والمتعاقدين مع الوزارات الحكومية . وتأييدا على ما نقول , فقد جاء في تقرير صحيفة الصباح العراقية يوم 8 اب 2022 , من ان الفساد المالي والاداري في إقليم كردستان اصبح افة يتغذى عليه ساسته , حيث يقول احد نوابه ان السياسيون في السلطة يمارسون الاعمال التجارية ويملكون مليارات الدولارات ويستحوذون على الشركات الكبرى . يضاف الى ذلك ان القضاء بالكامل بيد الأحزاب النافذة وعائدات النفط غير شفافة.
وعليه فان قضية الفساد في العراق لا يمكن حلها بدون قانون أحزاب يحدد في مواده الكشف عن الجهات الممولة وحجم التمويل وأهدافه , وتفعيل القوانين لملاحقة كل متهم بالفساد بغض النظر الى انتماءه السياسي و هذا مستحيل في الوقت الحاضر , لان أي قاضي يتعامل مع قضية الفساد في العراق يكون عرضة الى القتل . الأحزاب السياسية لديها السلاح ولديها القدرة على كم الافواه . هل قراءة مقال في احد الصحف العراقية المستقلة يتهم احد الأحزاب السياسية بالفساد بالاسم ؟ ان قول سيد مقتدى الصدر ان الإصلاح سينتصر على الفساد ربما ليس هذا العقد وانما في العقود القادمة بأذن الله.
حل البرلمان : حل البرلمان يتم عن طريقتين , اما ن طريق رئيس مجلس الوزراء بموافقة رئيس الجمهورية او عن طريق الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس البرلمان بناء على طلب ثلث اعضاءه , كما جاء في الدستور العراقي. السيد مصطفى الكاظمي رئيس وزراء تسيير اعمال وبذلك فانه لا يستطع حل البرلمان . الطريق الثاني يحتاج الى موافقة ثلث البرلمان وهي رغبة بعيدة المنال في الوقت الحاضر بدون موافقة رئيس الكتلة الأكبر في مجلس البرلمان , والا فانه لا توجد قوة أخرى تستطيع حل البرلمان . اخر تصريح للسيد نوري كامل المالكي رئيس ائتلاف " دولة القانون" هو رفض اجراء انتخابات مبكرة قبل عودة مجلس النواب للانعقاد. الانتخابات المبكرة تتطلب تغير قانون الانتخابات او تغير المفوضية و طالما وان التيار الصدري مصر على عدم تغير المفوضية وقانون الانتخابات والبقاء على نظام الدوائر المتعددة وهو ما يضر الكرد والعرب السنة والاطياف المتبقية في الاطار التنسيقي كلهم يريدون ان تكون المحافظة دائرة واحدة والتيار الصدري مصر على ان تكون دوائر متعددة.
تغيير الدستور : تغيير الدستور او بعض مواده يحتاج الى موافقة رئيس مجلس الوزراء ومن ثم احالته الى لجنة من الخبراء لدراسة التغيير المطلوب ومن ثم طرحه على الشعب العراقي في اقتراع عام . تمرير أي تغيير سوف لن يكون سهلا . السنة ترفض تغيير الدستور خوفا من خسارة المكاسب التي حصلوا عليها . الكرد أيضا سيرفضون التغيير لنفس السبب . هذا مع العلم انه يمكن رفض أي تغيير في الدستور بعدم موافقة ثلاث محافظات .السيد محمد الحلبوسي وافق على حل البرلمان , الا ان قادة إقليم كردستان لم يقرروا بعد.
تغيير النظام السياسي من نظام برلماني الى نظام رئاسي : هو الاخر غير ممكن في الوقت الحاضر . انه يحتاج الى تعيد المادة الأولى من الدستور ويجب طرحه وفق المادة 142 ثالثا . ربما سيقبل به قادة المكون السني لأسباب تاريخية ولكنه سيرفض من الكرد والشيعة . الكرد ترفضه لان كل الماسي التي مرت على الاكراد جاءت من قبل حكومات يقودها رئيس الجمهورية , حتى وان كان هناك رئيس للوزراء . الشيعة قد ترفض التحول الى النظام الرئاسي لنفس السبب وهو التخوف من ان يتحول النظام الى نظام ديكتاتوري يقوض جميع المكتسبات التي تحققت تحت إدارة النظام البرلماني . بالحقيقة , حتى قادة المكون السني قد يرفضون النظام الرئيسي خوفا من تضعيف قوة البرلمان والذي يقودوه وفق المحاصصة المعمول بها منذ التغيير.
القضاء على المحاصصة : لا يمكن القضاء عليها في الوقت الحاضر ولا حتى في المستقبل المنظور . الولايات المتحدة الامريكية ما زالت تعاني من المحاصصة حتى بعد اكثر 200 عام من تأسيسها . المكون اليهودي لا يوافق على تشكيل أي حكومة بدون المشاركة الفعالة فيها . بعض الدول الاوربية اضطرت الى تشكيل الفيدراليات والمقاطعات من اجل مشاركة الجميع في إدارة الدولة . العراق أيضا لا يمكنه تشكيل حكومة بدون مشاركة المكونات فيه على الرغم من وجود الأكثرية . قادة المكونات يشعرون بالتهميش ما لم يكون لهم حصة في إدارة الحكومة , وهو امر ليس مضر اذا وضعت المكونات مصلحة البلد فوق مصلحة المكون , وهذا يتم من خلال برنامج حكومي مسؤول عن تحقيقه حزب رئيس مجلس الوزراء ومحاسبة كل موظف حكومي بما فيهم الوزراء بتحقيقه . في بلد مثل العراق ونظرا لوجود مكونات عديدة فيه وتاريخ طويل من تهميش والاقصاء على يد الحكومات المتعاقبة , تصبح قضية توزيع عادل للسلطات مسالة أخلاقية وشرعية قبل ان تكون قانونية . العراق عظيم بشعبه , وحديقته ستكون اجمل وازهى باختلاف الوان واصناف ازهاره.
ماذا سيجري اذن ؟ لا اعتقد سيحصل المعتصمون في مجلس البرلمان ما يصبون اليه مهما بلغت ارتفاع أصوات طبول الفضائية العراقية الإخبارية , ومهما بح صوت محلليها السياسيون المتصابين من أصحاب الشعر المزروع و المصبوغ , وكل ما سيجري هو بقاء السيد مصطفى الكاظمي في السلطة حتى موعد الانتخابات العامة القادمة و هذا ما سيقبله السيد الصدر. حل البرلمان لن يكن بالطريقة التي يردها السيد الصدر , الا اللهم عن طريق خرق الدستور تحت ضغط دولي كبير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن