الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية حي مصر القديمة لخالد أبو الروس

عطا درغام

2022 / 8 / 14
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


شرع عمرو بن العاص بعد عودته من الإسكندرية وإتمام فتح مصر في تخطيط الفسطاط عام 21 ه-641ه ؛لتكون أولي عواصم مصر الإسلامية..وهي تقع إلي الشمال من مدينة بابليون العتيقة بمسافة 420 مترًا،حيث عسكرت قوات عمرو للمرة الأولي.وذلك بهدف جعلها دار مستقر للقبائل العربية.
وقد عهد عمرو إلي أربعة من المسلمين بالفصل بين القبائل في تنظيم خطة كل منها ،وهم معاوية بن حديج التجيبي وشريك بن سمي الغطيفي وعمرو بن قحزم الخولاني وجبريل بن ناشرة المعافري.
وتم تقسيم الفسطاط علي هيئة خطط مثل خطة أهل الراية ؛أي حاملي الأعلام والمراد هنا ألوية القبائل- حيث كان لكل قبيلة لواء يحمله رئيسها ،وكان أصحاب الألوية رؤساء الجند لذلك كانت هذه الخطة تسمي خطة الرؤساء.وخطتا الحمراء الدنيا والقصوي.
وكانت أكبر الخطط تجيب وعطيف وخولان ومعافر ،وكلها قبائل يمنية، وما إن أخذت تكتمل هذه الخطط حتي أخذ الناس يتسابقون فيها علي بناء الدور والمساجد.
وقد خالفت بتلر هذا الرأي فقالت: " والظاهر أن الذي قام بتنفيذ هذا الأمر- أي تخطيط الفسطاط- إنما هم القبط لدرايتهم بفن العمارة التي كان يجهلها العرب"..ولكن يري الكثير من المؤرخين وعلي رأسهم عبد الرحمن زكي أن تخطيط الفسطاط في ذلك العهد لم يكن من التعقيد بحيث يحتاج إلي معماريين مهرة من القبط.
وقد عمرت الفسطاط واتسعت حتي قال ابن حوقل طغنها مدينة كبيرة نحو ثلث بغداد ومقدارها نحو فرسخ للمسافة علي غاية العمارة والخصب والطيبة واللذة ذات رجاب في محالها وأسواق عظام ومتاجر فخام...".
ويري أندريه ريمون أن مساحة الفسطاط قد بلغت زمن الفاطميين نحو 300 هكتار(أي 740 فدانًا) في حين قدرها بعض الجغرافيين بنحو 2700 مترًا
وقد امتاز موقع الفسطاط بحصانة طبيعية،يتضح لنا ذلك من خلال تحديد مسار المدينة طبيعيًا فهي تمتد شمالًا حتي كوم الجارح وقنطرة السد منطلقة جنوبًا من الرصد" الذي كان قائمًا علي ذروة الشرف المطل علي بركة الحبش"- وحدها الغربي هو الشاطيء الأيمن لنهر النيل ،والذي كان ينتقل علي تتابع السنين مع تنقل الشاطيء نحو الغرب والحد الشرقي ينتهي إلي القرافة.
وكثر سكان الفسطاط حتي إننا نجد المقدسي في القرن الرابع الهجري لم يكتف بما سمعه عن مدي اكتظاظها بالسكان ،فأراد ان يتأكد من ذلك فقال:" وسمعتهم يذكرون أنه يصلي قدام الإمام يوم الجمعة نحو عشرة آلاف رجل ، فلم أصدق حتي خرجت مع المتسرعة إلي سوق الطير فرأيت الامر قريبًا مما قالوا.."
ويستخلص أندريه ريمون رقمًا لتعداد سكان الفسطاط خلال القرن الرابع الهجري أيضًا من وسط العيدي من التقديرات،ويري أن عدد سكانها آ نذاك يقترب من 120 ألف نسمة.
ويرصد خالد عزب حال الفسطاط في العصور التالية من النشأة فقد ازدهرت في العصر الأموي علي يد الوالي مسلمة بن مخلد الانصاري"47ه—62ه. الذي بني مقياس الروضة ودارا للصناعة.وكذلك علي يد عبد الملك بن مروا الذي شهدت الفسطاط في عهده نهضة عمرانية كبيرة.
واستمر عمران الفسطاط وازدهارها حتي زمن الفاطميين ،وبالتحديد منذ بداية حكم المستنصر، فيري المقريزي وغيره من المؤرخين أن تدهور الفسطاط حدث نتيجة سببين:
"الشدة المستنصرية وماتبعها من خراب ودمار حل في ربوع البلاد.
حريق الفسطاط في عهد وزارة شاور بن مجير السعدي عام 1168 م أثناء قدوم عموري ملك الأفرنج – أو مري كما ابن أب اي السرور البكري- ونزل في جموع علي بركة الحبش " يريد الاستيلاء علي مملكة مصر وأخذ الفسطاط والقاهرة، فأضرمت النار في الفسطاط حتي احترقت،واستولي بعد ذلك أسد الدين شيركوه علي الوزارة، ولكنه لم يمكث طويلًا إذ توفي وخلفه ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي الذي عمَّر الكثير من خرائب الفسطاط، فلم يحذو حذو سابقيه من بناح ضواحٍ جديدة وترك آثار الماضي، بل عمل جاهدًا علي إحياء المدن القديمة؛ فقد عقد العزم علي إحياء مدينة مصر، نعني الفسطاط السابقة التي عمها الخراب وتراكمت عليها الأتربة.فضرب سورًا في استحكامات بدر الجمالي، وقيل إنه مد سور بدر الجمالي شمالًا من نهايته عند الخليج علي النيل حيث موضع حصن المقس، أما من الجهة الشرقية ،فقد مد الحائط جنوبًا حتي باب الوزير قرب القلعة.
ويري سير لينبول:" أن فكرة الأسوار لم تكن إلا تطورًا لأسوار بدر الجمالي القديمة،ولكن رغم ذلك لا ننكر فضل صلاح الدين في وقف النزيف الذي حل بمدينة مصر منذ عهد الفاطميين ..فد كان صلاح الدين مشغولًا بمشروعاته الحربية في بلاد الشام لدرء خطر الصليبيين عن ديار الإسلام.
وخلال العصر المملوكي نجد أن مدينة مصر(القديمة) قد حدث اهتمام بها من جانب بعض السلاطين وجاء ذلك مرهونًا بأحوال البلاد الامنية.فالناصر محمد بن قلاوون شيد بها بعض المباني الدينية كالجامع الجديد الناصر قرب فم الخليج،وكذلك أنصب اهتمام الغوري حول ذات المنطقة فقام بهدم قناطر المياة القديمة،وأعاد تشييدها من جديد عند موردة الخلفاء قرب الجامع الجديد مما وفر المياه للمنطقة التي دبت فيها الزروع والبساتين بعد السنوات العجاف التي شهدتها وحل بها السكان بعد العجر.
ولما أقبل العصر العثماني اتخذت مصر القديمة منعطفًا آخر، فقد درج علي وصفها بلقب(حي) رغم احتوائها علي ميناء أشبه بخلية النحل من كثرة الرواج التجاري له..وقيل إن الخراب قد عمَّ أجزاء كبيرة منها وقل نشاطها واتخذت بولاق دور الزعامة بوصفها ميناء القاهرة الأول. فهل صحيح أن مصر القديمة قد تواري دورها خلال العصر العثماني خاصة القرن السابع عشر وهي الفترة التي تعنيها هذه الدراسة.
ويطرح الكاتب العديد من التساؤلات
هل عمّ الخراب تلك المدينة وريثة الفسطاط ذات الماضي التليد؟ ولم تكن هناك ثمة محاولة للعمران من جانب الحكومة(الإدارة العثمانية)
وهذه بعض التساؤلات التي تحلول الدراسة الإجابة عنها في جو من الإنصاف بغية الوصول إلي الحقيقة التاريخية وكشف اللثام عن مدينة كانت ذات ماضٍ جميل حفها الوادي الأمين بالرعاية والنماء عبر عصورها القديمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: مقتل مسؤول في منظومة الدفاع الجوي لحزب الله بغارة إسر


.. قبيل عيد الفصح.. إسرائيل بحالة تأهب قصوى على جميع الجبهات| #




.. مؤتمر صحفي لوزيري خارجية مصر وإيرلندا| #عاجل


.. محمود يزبك: نتنياهو يفهم بأن إنهاء الحرب بشروط حماس فشل شخصي




.. لقاء الأسير المحرر مفيد العباسي بطفله وعائلته ببلدة سلوان جن