الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسمي بديعة

حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)

2022 / 8 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا، لست بديعة مصابني الراقصة اللبنانية وإن كنت من جيلها وعاصرتها، إنما أنا بديعة أخرى، ولدت وشقيقتي التوأم التي توفيت فور ولادتنا، لا أستطيع أن اتنبأ بما ستكون عليه ملامحها أو قدرها لو كانت قد عاشت، وهل كانت ستحمل إسمي وقدري بدلاً عني،،
كل منا يفتح عينيه على بدايات توحي وتشي بما سيكون عليه مشوار حياته، بمستقبله وقدره، فأن تولد في أسرة فقيرة أو غنية، متحضرة أو متخلفة، متماسكة أو مفتته، هو الأمر الذي سيحدد فيما بعد من ستكون وكيف ستقضي مشوار حياتك سلفاً..
لا أذكر سوى أنني أصبحت صبية جميلة رغم لوني الأسمر الذي أجده جذاباً على أية حال، لكني سواء كنت جميلة أم قبيحة بالطبع لم أكن لأحلم بالتعليم أو العمل في تلك الظروف والحقبة من الزمن التي تشردنا فيها من أرضنا، فهي رفاهية لا يحصل عليها سوى الذكور إذا حالفهم الحظ.
ولأن الفتاة ليس لها أو عليها سوى أن تتزوج فقد سبقتني أختي الكبرى للزواج وأنجبت ثلاث فتيات جميلات، ثم جائت الرابعة قبل أن يهجرها زوجها ويسافر بعيداً هارباً من مسؤوليات الزواج الذي لم يرقه على ما يبدو.
انضممت تلقائياً إلى أسرة أختي المنكوبة ثم عشنا حياة قاسية لم يخفف من حدة فقرنا وعوزنا سوى مساعدات أخوتنا الذكور في بلاد المهجر..
صحيح، لم أخبركم بعد عن أمي العمياء، لا أبداً بالطبع لم تولد كذلك، لكن سؤ حظها ساقها إلى حياة الكفيفين بخطأ طبي أثناء عملية جراحية لعينيها، كانت المرأة الهادئة الصامدة القابعة بلا شكوى! لكن هل كنت ساسمح بأن تعاني وتشتكي؟
بالطبع لم أفعل، بل تطوعت أيضاً لخدمة أمي الكفيفة المقعدة أرافقها أينما حلت وكانت، كنت عينيها وسلواها والضؤ الذي يتسلل إلى عالمها المظلم ليطمئنها أنها ليست وحيدة ،، أما لماذا فعلت؟
لا تسألوني فنحن نتبع قدرنا من خلال مشاعرنا وأحداث حياتنا التي تأخذنا إلى حيث يجب أن نكون.
نعم،إلى حيث يجب، وليس أمامنا سوى الرضا أو السخط، خياران لا ثالث لهما طالما لا نستطيع تغيير الواقع، وإذا ما اخترنا الرضا يصبح العطاء مصدر سعادتنا حينما تخلو حياتنا من كل مقومات الحياة، فامرأة مثلي في مجتمع منكوب ومحافظ يصبح من الترف أن تسافر أو تعشق أو تعمل أو تكون الصداقات والهوايات، تلقائياً أصبحت الخادمة التي ترافق والدتها،، إلى النهاية.

ومع الزمن لم أعد أشعر بأنني مظلومة، طردت هذه الأفكار الثورية من رأسي، كيف لا فأنا آنسة فاضلة في الأربعين وأي تمرد قد يوحي بشبهات أنا في غنى عنها، بت أحيا حياة جافة وربما غير سوية، ثم تعودت أو استسلمت، لا فرق،
لكن لا أعلم لماذا أشعر وكأني فقاعة غاز ممتلئة، كنت أحتاج إلى لحظات صراخ وعصبية وربما كلمات جارحة انطق بها بلا حساب، كلمات باتت توحي بأني إنسانة عصبية سليطة اللسان!
نعم لم أعد في نظر أحد بديعة القديسة، أصبحت بديعة العصبية سليطة اللسان،،
أنا تلك الإنسانة العصبية أتفوه بأي شىء وكل شىء أحياناً، وإذا لم أفعل أكاد أنفجر أو أنتحر، ثم ماذا لو فعلت؟
إذا فعلت ستشعر أمي العمياء بالخذلان، أما المجتمع فسيجود بكافة التهم الجارحة لفتاة عزباء ليس لها حظ من الحياة،، مضى أربعين عاماً..
وما زلت بديعة العصبية سليطة اللسان، حياتي خالية من أي أحداث ولا تصلح سوى لفيلم مدته عشر دقائق لا أكثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إسمها بديعة
ماجدة منصور ( 2022 / 8 / 16 - 05:43 )
و علل إسمها أن يكون فاطمة..أو عائشة مثلا يعني!!0
ما هم الأسماء حين تلتقي كل عذابات نساء الشرخ الأوسخ...و تنضوي تحت إسم...يديعة0
كلنا في العذاب سواسية
و لا فرق لعربي على أعجمي...إلا...بالتقوى0
و استغفر عشتار و كليوباترا من ذنوب حواء الكثيرة0
و
لتمت بديعة
و
كل النساء المضطهدات على وجه تلك المخروبة
و التي يسمونها ارضا0
ما كتبتيه هو نص فائق الروعة و الجمال0
نريد المزيد من قصص بديعة
ف لبديعة قصص لن تنتهي
شكرا

اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي