الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعا عن التنوير -ح4، الوعي بالعلوم الانسانية ب من سلسلة الوعي الاجتماعي - الكتاب الثاني

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2022 / 8 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نستشف من العلوم الانسانية كما اوضحنا في المبحث السابق الكثير من الاخلاق وساورد فيما يلي بعض النصوص الواردة في الذات والتي من الضروري احداث الوعي تجاهها لتمكين المجتمع من اجتذاب اخلاقها للبناء والاعمار للبشر وقد اوردت في المبحث السابق بعض النصوص الدينية المهمة فاقتباس هذه النصوص من التراث ومن الاديان يصور لنا اهمية الاخلاق في حياة الامة وضرورة بعثها من العلوم الانسانية ومنها التراث / يقول ابن المقفع في رسالة الادب الكبير : " اجعل غاية نيتك في مؤاخاة من تؤاخي ومواصلة من تواصل توطين نفسك على انه لا سبيل لك الى قطيعة اخيك، وان ظهر لك منه ما تكره ،فانه ليس كالمملوك الذي تعتقه اذا شئت، او كالمرأة التي تطلقها اذا شئت ولكنه عرضك ومروءتك فانما مروءة الرجل اخوانه واخدانه ، فان عثر الناس على انك قطعت رجلا من اخوانك وان كنت معذرا نزل ذلك عند اكثرهم بمنزلة الخيانة للاخاء والملال فيه وان انت مع ذلك تصبرت على مقاربته على غير الرضى دعا ذلك اليك العيب والنقيصة فالارتياد الارتياد (ومعناه التطلب دقة البحث) والتثبت التثبت وبالتالي نرى اهمية هذا القول ينطلق من كونه قولا اخلاقيا مميزا لابن المقفع وينطلق من ضرورة التواصل مع المجتمع والاصدقاء وعدم القطيعة لاسباب تافهة ، بل حتى وان ظهر لك منه ما تكرهه أي: من الانسان ويجعل من مروة الرجل اخوانه واصدقاءه وعدم الخيانة للصديق هو ضرورة حتمية مهمة يركز عليها ابن المقفع وهذا كمثال سقناه على تواجد الاخلاقيات المجتمعية عبر التاريخ بل ان تاريخنا يزخر بهذه المعاني فنرى رسالة المحاسن والاضداد للجاحظ تبين اخلاق مجتمعية عديدة منها محاسن الكتابة ومحاسن المخاطبات والمكاتبات ومحاسن الجواب وكتمان السر ومحاسن المشورة والشكر والصدق والعفو والمودة والوفاء ومساوئ البخل ومحاسن الشجاعة وحب الوطن وفضل الدنيا ومحاسن الزهد والنساء وغيرها من معاني انسانية جمة يركز عليها الجاحظ في رسالته وينقل عن الحكماء هذه المباهج الاخلاقية العليا فترى الجاحظ ينقل عن علي بن ابي طالب مثلا في وصيته لابنه الحسين : ابذل لصديقك كل مودة ولا تطمئن اليه كل الطمأنينة واعطه كل المواساة ولا تفش اليه كل الاسرار .
وقال العباس بن جرير : المودة تعاطف القلوب وائتلاف الارواح وانس النفوس ووحشة الاشخاص عند تنائي اللقاء وظهور السرور بكثرة التزاور وعلى حسب مشاكلة الجواهر يكون الانفاق في الخصال .
وقال بعضهم نقلا عن الجاحظ: من لم يؤاخ من الاخوان الا من لا عيب فيه قل صديقه ن ومن لم يرض من صديقه الا بايثاره اياه على نفسه دام سخطه ومن عاتب على غير ذنب كثر عدوه، وكان يقال: اعجز الناس من فرط في طلب الاخوان فنرى التشابه الواضح في الحث على الاخوة سواء عند الجاحظ او عند ابن المقفع، مما يدلل على اهمية مثل هكذا رسائل اخلاقية تراثية تسبب وعيا بالعلوم الانسانية والوعي بها ومن خلالها مهم جدا ويكتسب اهميته من اهمية الرسائل التي نتبناها مجتمعيا.
ومع الاهتمام بالتراث نحن بحاجة الى القطيعة مع العصور الظلامية منه، عبر فعل التنوير ، الذي انبثق باسم( اوفكلار ونغ) أي: التنوير وراح ينتشر في سياق ديني وسياسي شديد الخصوصية فالمانيا كما يرى الباحث (غيرهارد سودير) الاستاذ في جامعة سار بالمانيا، قد خرجت توا من حرب ال30 عاما التي دمرتها اريافا ومدنا، وهي الحرب الطائفية التي جرت بين المذهبين الاساسيين في البلاد :البروتستانتي، الكاثوليكي، وقد انبثق التنوير كحركة احتجاجية عنيفة ضد التعصب الديني الذي جعل الناس يذبح بعضهم البعض على الهوية تماما كما حصل في لبنان في سبعينيات القرن العشرين .
وراح الفلاسفة ينتقدون رجال الدين بشكل لاذع لانهم خلعوا المشروعية اللاهوتية أي الالهية على هذه الحرب الطائفية التي سحقت المانيا وافنت شبابها ويرى الباحثون المعاصرون ان بدايات التنوير الالماني تنحصر ما بين عامي (1680-1720) أي :بعد حرب الثلاثين عاما بفترة قصيرة (1618-1648م) وهذا يعني انه ظهر كرد فعل مباشر عليها وعلى الجرائم الوحشية التي ارتكبت فيها باسم الدفاع عن الدين او تشويهه او معرفة مقاصده الحقيقية فالكاثوليكيون يدعون تمثيل الارثذوكسية المسيحية أي: المذهب المستقيم او التفسير القويم للدين وينعتون البروتستانتيين بالهراطقة ويتهمونهم بالخروج على الدين المسيحي والبروتستانت يردون عليهم الصاع صاعين ويتهمونهم بالجمود والوثنية والانحراف عن المبادئ الاولية للانجيل.
ملحوظتان :
1-يبدو ان الانوار الالمانية كانت تتبع منذ البداية خطا لاهوتيا يولد نقدا موجها ضد التراث المنقول بشكل عام وضد الكنيسة بشكل خاص ثم راحت الفلسفة تحل تدريجيا محل اللاهوت.
2-علينا التعرف اكثر على عصر الانوار او التنوير لاهميته وعلينا احداث الوعي به ،فالوعي بالتنوير اساسي ومهم ويشكل عنصر تساؤل لماذا تقدم الغرب وتخلفنا نحن . فالتقدم كان اساسه التنوير .


3- ب- الوعي بالعلوم الانسانية :
نستشف من العلوم الانسانية كما اوضحنا في المبحث السابق الكثير من الاخلاق وساورد فيما يلي بعض النصوص الواردة في الذات والتي من الضروري احداث الوعي تجاهها لتمكين المجتمع من اجتذاب اخلاقها للبناء والاعمار للبشر وقد اوردت في المبحث السابق بعض النصوص الدينية المهمة فاقتباس هذه النصوص من التراث ومن الاديان يصور لنا اهمية الاخلاق في حياة الامة وضرورة بعثها من العلوم الانسانية ومنها التراث / يقول ابن المقفع في رسالة الادب الكبير : " اجعل غاية نيتك في مؤاخاة من تؤاخي ومواصلة من تواصل توطين نفسك على انه لا سبيل لك الى قطيعة اخيك، وان ظهر لك منه ما تكره ،فانه ليس كالمملوك الذي تعتقه اذا شئت، او كالمرأة التي تطلقها اذا شئت ولكنه عرضك ومروءتك فانما مروءة الرجل اخوانه واخدانه ، فان عثر الناس على انك قطعت رجلا من اخوانك وان كنت معذرا نزل ذلك عند اكثرهم بمنزلة الخيانة للاخاء والملال فيه وان انت مع ذلك تصبرت على مقاربته على غير الرضى دعا ذلك اليك العيب والنقيصة فالارتياد الارتياد (ومعناه التطلب دقة البحث) والتثبت التثبت وبالتالي نرى اهمية هذا القول ينطلق من كونه قولا اخلاقيا مميزا لابن المقفع وينطلق من ضرورة التواصل مع المجتمع والاصدقاء وعدم القطيعة لاسباب تافهة ، بل حتى وان ظهر لك منه ما تكرهه أي: من الانسان ويجعل من مروة الرجل اخوانه واصدقاءه وعدم الخيانة للصديق هو ضرورة حتمية مهمة يركز عليها ابن المقفع وهذا كمثال سقناه على تواجد الاخلاقيات المجتمعية عبر التاريخ بل ان تاريخنا يزخر بهذه المعاني فنرى رسالة المحاسن والاضداد للجاحظ تبين اخلاق مجتمعية عديدة منها محاسن الكتابة ومحاسن المخاطبات والمكاتبات ومحاسن الجواب وكتمان السر ومحاسن المشورة والشكر والصدق والعفو والمودة والوفاء ومساوئ البخل ومحاسن الشجاعة وحب الوطن وفضل الدنيا ومحاسن الزهد والنساء وغيرها من معاني انسانية جمة يركز عليها الجاحظ في رسالته وينقل عن الحكماء هذه المباهج الاخلاقية العليا فترى الجاحظ ينقل عن علي بن ابي طالب مثلا في وصيته لابنه الحسين : ابذل لصديقك كل مودة ولا تطمئن اليه كل الطمأنينة واعطه كل المواساة ولا تفش اليه كل الاسرار .
وقال العباس بن جرير : المودة تعاطف القلوب وائتلاف الارواح وانس النفوس ووحشة الاشخاص عند تنائي اللقاء وظهور السرور بكثرة التزاور وعلى حسب مشاكلة الجواهر يكون الانفاق في الخصال .
وقال بعضهم نقلا عن الجاحظ: من لم يؤاخ من الاخوان الا من لا عيب فيه قل صديقه ن ومن لم يرض من صديقه الا بايثاره اياه على نفسه دام سخطه ومن عاتب على غير ذنب كثر عدوه، وكان يقال: اعجز الناس من فرط في طلب الاخوان فنرى التشابه الواضح في الحث على الاخوة سواء عند الجاحظ او عند ابن المقفع، مما يدلل على اهمية مثل هكذا رسائل اخلاقية تراثية تسبب وعيا بالعلوم الانسانية والوعي بها ومن خلالها مهم جدا ويكتسب اهميته من اهمية الرسائل التي نتبناها مجتمعيا.
ومع الاهتمام بالتراث نحن بحاجة الى القطيعة مع العصور الظلامية منه، عبر فعل التنوير ، الذي انبثق باسم( اوفكلار ونغ) أي: التنوير وراح ينتشر في سياق ديني وسياسي شديد الخصوصية فالمانيا كما يرى الباحث (غيرهارد سودير) الاستاذ في جامعة سار بالمانيا، قد خرجت توا من حرب ال30 عاما التي دمرتها اريافا ومدنا، وهي الحرب الطائفية التي جرت بين المذهبين الاساسيين في البلاد :البروتستانتي، الكاثوليكي، وقد انبثق التنوير كحركة احتجاجية عنيفة ضد التعصب الديني الذي جعل الناس يذبح بعضهم البعض على الهوية تماما كما حصل في لبنان في سبعينيات القرن العشرين .
وراح الفلاسفة ينتقدون رجال الدين بشكل لاذع لانهم خلعوا المشروعية اللاهوتية أي الالهية على هذه الحرب الطائفية التي سحقت المانيا وافنت شبابها ويرى الباحثون المعاصرون ان بدايات التنوير الالماني تنحصر ما بين عامي (1680-1720) أي :بعد حرب الثلاثين عاما بفترة قصيرة (1618-1648م) وهذا يعني انه ظهر كرد فعل مباشر عليها وعلى الجرائم الوحشية التي ارتكبت فيها باسم الدفاع عن الدين او تشويهه او معرفة مقاصده الحقيقية فالكاثوليكيون يدعون تمثيل الارثذوكسية المسيحية أي: المذهب المستقيم او التفسير القويم للدين وينعتون البروتستانتيين بالهراطقة ويتهمونهم بالخروج على الدين المسيحي والبروتستانت يردون عليهم الصاع صاعين ويتهمونهم بالجمود والوثنية والانحراف عن المبادئ الاولية للانجيل.
ملحوظتان :
1-يبدو ان الانوار الالمانية كانت تتبع منذ البداية خطا لاهوتيا يولد نقدا موجها ضد التراث المنقول بشكل عام وضد الكنيسة بشكل خاص ثم راحت الفلسفة تحل تدريجيا محل اللاهوت.
2-علينا التعرف اكثر على عصر الانوار او التنوير لاهميته وعلينا احداث الوعي به ،فالوعي بالتنوير اساسي ومهم ويشكل عنصر تساؤل لماذا تقدم الغرب وتخلفنا نحن . فالتقدم كان اساسه التنوير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س