الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية كوبري عباس

عطا درغام

2022 / 8 / 16
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


ينقسم هذا الكتاب( حكاية كوبري عباس) لسيد محمود حسن إلي أربعة فصول رئيسية، يعرض الفصل الأول للتجارب التاريخية للحركة الطلابية في مصر بداية من إضراب نادي المدارس العليا 1906 وحتي الحرب العالمية الثانية كاشفًا عن الثابت والمتحول في أسباب هذه التجارب ونتائجها.
ويقدم الفصل الثاني عرضًا لمختلف القوي السياسية في مصر قبيل الحرب العالمية الثانية وتأثيرها علي الحركة الطلابية.
وقدم الفصل الثالث مسحًا شاملًا لطبيعة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي مرت بها مصر في الفترة نفسها وركز علي طبيعة التحرك الوطني بعد الحرب وكشف العوامل المؤثرة في دفع الحركة الطلابية لكي تلعب الدور الأساسي في الحركة الوطنية في مرحلة ما بعد الحرب.
أما الفصل الرابع فهو دراسة تاريخية لانتفاضة 1946 في مراحلها المختلفة بداية من الإعداد لها ومرورًا بأحداث كوبري عباس الشهيرة، وحتي تشكيل اللجنة الوطنية للطلبة والعمال ودورها الذي انتهي بقرار حكومة إسماعيل صدقي باعتقال العناصر الشهيرة فيما عرف وقتها بقضية الشيوعية الكبري فضلًا عن تقييم شامل للانتفاضة في أبعادها المختلفة.
وكشفت هذه الدراسة التاريخية التي تدور حول الدور السياسي للطلبة المصريين في انتفاضة 1946 عن عدة نتائج من أبرزها أن التجربة كانت أكثر تجارب الحركة الطلابية المصرية قبل ثورة 1952 أهمية من حيث الفاعلية والالتحام بالجماهير، علي الأقل في مراحلها الأولي، ولا شك أن تلك الانتفاضة تستحق موقعها المتميز في أدبيات الحركة الطلابية المصرية منذ بداية القرن العشرين وحتي الآن.
وأكدت الدراسة أن الطلاب المصريين نجحوا في لعب دور نضالي مهم وطليعي في الحركة الوطنية، خاصة بعد أن اتجه تفكيرهم نحو التحالف مع العمال باعتبارهم أحد أهم القوي الثورية في المجتمع، ولا يمكن النظر علي ضوء تجربة 1946 إلي العمال باعتبارهم قوة ثورية تابعة، ولا يمكن وضع الطلاب في موقع الطليعة الثورية التي يمكن أن تتوب علي العمال في إنجاز مهام الثورة.
كما لا يمكن رد انتفاضة 1946 إلي أسباب نفسية ، بل إن الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كانت هي الدافع الأول للتحرك الطلابي، للتعبير عن أماني الحركة الوطنية المصرية وطموحاتها في الوقت نفسه لا يمكن القبول بما هو شائع عن الحركة الطلابية باعتبارها حركة تتبني مطالب وطنية في المحل الأول.
وإذا كان المؤلف من الذين يؤمنون إيمانًا كاملًا باستحالة الحديث عن أيديولوجية موحدة لأية حركة طلابية ؛ فإنه لا ينكر أيضًا أن الأرضية التقدمية لفكر الحركة الطلابية عام 1946 ،كانت هي الأساس الذي تحركت عليه الأحداث؛ إيمانًا منه بأن الانتفاضة بكل مراحلها جاءت مطالبها بتأثير التحالف التكتيكي الذي كان قائمًا بين يسار حزب الوفد والشيوعيين المصريين داخل الجامعة، وربما علي هذه الأرضية سمح للطالبات الجامعيات بالمشاركة علي نطاق واسع كخطوة من خطوات التحرر الاجتماعي، ويُعرف من زعيمات تلك الفترة لطيفة الزيات، ثريا أدهم، فاطمة زكي وأخريات.
وأثبتت الدراسة الواردة في هذا الكتاب إمكانية العمل السياسي سواء من داخل الجامعة أو خارجها تحت صيغة التحالف باعتبارها من أنجح الصيغ التنظيمية لأية حركة سياسية إذا ما وجدت القيادة الواعية خاصة أن قادة الحركة الطلابية عام 1946 نجحوا علي النحو الذي بينته الدراسة في التأكيد علي أن أي نجاح للتحرك الطلابي مرهون بقدرة قادتها علي تجاوز الانتماء الحزبي رغم ان التجاوز الذي تم في انتفاضة 1946 كان تجاوزا مؤقتا ؛فإنه في كل الأحوال أجبر القيادات الحزبية علي احترام التحالفات الطلابية، كما أجبر الأحزاب القائمة علي تعديل برامجها السياسية، وتبني سياسات جديدة. ونلمح هذا التطوير في تحول مصر الفتاة إلي حزب اشتراكي بعد سنوات من انتفاضة 1946 ، ونلمح التطوير الحادث في حزب الوفد بعد أن أكدت الانتفاضة علي الدور الذي لعبته الطليعة الوفدية فيها.
ودفعت انتفاضة 1946 الطلابية قادة الحركة الشيوعية المصرية للتفكير جديًا في توحيد المنظمات الشيوعية، وهو ماتم عام 1947، أي بعد عام واحد من الانتفاضة، ومن ناحية أخري أكدت الانتفاضة في 1946 رفض الجماهير لفكرة التفاوض ودفعت الحكومة نفسها لرفض الفكرة، وإعلان الكفاح المسلح عام 1915.
وأخيرا بدا واضحًا أن فاعلية الحركة الطلابية المصرية دائمًا تظل مرهونة بقدرة النظام السياسي علي اختبارادعاءته الديمقراطية، حيث تعكس الحركة الطلابية دائمًا التناسب الطردي بين درجة الحرية الموجودة في المجتمع لكل عام ودرجة الحرية العامة المتاحة في الجامعة، ولا شك أن استقلال الجامعة وحريتها مقياسًا لحكم الحريات العامة وللحرية السياسية داخل المجتمع والتضييق عليها هو دليل علي عدم حيوية النظام السياسسي.
وفي إطار هذا المفهوم يؤكد المؤلف أن انتفاضة 1946 التي تمت في إطار شبه ليبرالي من الناحية السياسية، ورغم ما تعرضت له من تخريب تمتعت بمميزات لم تتوافر للحركات الطلابية التي حدثت بعد عام 1952(أعوام 1991-1984-1972-1968-1954)؛إذ أن هذه التجارب والحركات الطلابية راحت ضحية لقمع النظام الذي لم يتمتع بسعة الصدر التي تمتعت بمميزات بها الأنظمة السياسية قبل الثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل