الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذبحة سميل الآشورية، شكلت بداية سقوط العراق

سليمان يوسف يوسف

2022 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


(مذبحة سميل) الآشورية ، شكلت بداية سقوط العراق
في مثل هذه الأيام من شهر آب 1933، الأمهات الآشوريات في سميل وعشرات البلدات والقرى الآشورية، كن يصرخن بوجه الطغاة السفاحين القتلة، الذين استباحوا الدم الآشوري، وهم يقتلون الشيوخ ، يغتصبون الفتيات ، يبقرون بطون النساء الحوامل ، يحرقون الأطفال وهم أحياء.... الناجية من الإبادة، الأم (مريم ) تقول: "دخل الجنود دارنا وبدأوا بقتل زوجي (هورايا) ثم قتلوا ابني( داود) ذو السبع سنوات . حين بدأتُ أشتم واصرخ بوجههم بغضب وجنون، أراد أحدهم قتلي، فبادر الآخر قائلاً: لا تقتلها.. دعها تعيش تعيسة كلما تتذكر مقتل طفلها وزوجها أمام أعينها ". مأساة الأم مريم تُلخص "مأساة شعب" تكالبت عليه أمماً وشعوباً وقبائل ،غزت واستباحت دمه وأرضه وعرضه. في كل "مذابح الآشوريين والمسيحيين المشرقيين" ، أكانوا القتلة، أتراكاً أم عرباً ،كرداً أم فرساً "داعش "الإرهابي، بعقيدته وجرائمه وتوحشه، كان حاضراً فيها وبقوة.
لصرف أنظار العراقيين عن المشاكل الداخلية التي كانت تواجهها حكومة (رشيد عالي الكيلاني)، افتُعلت الأزمة مع الآشوريين. فقد تم استدعاء البطريرك (مار إيشاي شمعون) الى بغداد بحجة التفاوض معه بشان حقوق ومطالب الآشوريين... لكن التفاوض كان مجرد "خدعة" . فبدلاً من أن تستجيب حكومة (الكيلاني) ،للمطالب المشروعة للآشوريين، اعتقلت البطريرك ووضعته تحت الإقامة الجبرية ومن ثم جردته من جنسيته العراقية ونفته مع أسرته الى قبرص... فعلت هذا لإثارة غضب الآشوريين ودفعهم للعصيان والتمرد ، لتبرير الحملة العسكرية عليهم وإبادتهم.. حكومة الكيلاني، صورت الآشوريين ، سكان العراق الأوائل، على إنهم (أقلية وافدة وانفصالية) تعمل لصالح بريطانيا، وأوهمت الرأي العام العراقي بأن الآشوريين ، مسيحيون كفرة وهم أعداء العراق و العراقيين يجب إبادتهم والتخلص منهم. لتنفيذ الجريمة بأسرع ما يمكن وقبل أن يصل صداها الى الخارج، أعلنت حكومة الكيلاني " الجهاد الإسلامي " على الآشوريين . وأصدرت الأوامر لرجال القبائل العربية والكردية بمؤازرة الجيش، وسخرت كل إمكانياتها لإبادة الآشوريين العزل. بطل المذبحة ،(بكر صدقي)، قائد الجيش العراقي ، كردي خريج المدارس العسكرية العثمانية، رفع شعار" إبادة الآشوريين وإلى الأبد". استغل سفر الملك فيصل والعديد من رجالات الدولة العراقية الى بريطانيا ، للقضاء على الآشوريين في الشمال العراقي ليخلو للأكراد الدخلاء على (العراق- بلاد ما بين النهرين) . في السابع من آب 1933، أوعز (بكر صدقي ) لفرق الجيش ،بتمشيط المدن والبلدات والقرى الآشورية وإعدام كل من يُقبض عليه من الرجال. أما النساء والشيوخ والأطفال ، نقلوا إلى بلدة سميل ، وتم قتلهم بوحشية قل نظيرها . (التعطش للدم الآشوري) بدا واضحاً من بشاعة الجريمة، التي وصفها احد الشهود الإنكليز في تقرير سري له، بالقول: " أنني رأيت الكثير من الأعمال المريعة المرعبة في الحرب إلا أن ما رأيته في سميل فاق كل تصور بشري ". "مجلس الإجرام"، ضم الى جانب الكردي( بكر صدقي) ، كل من رئيس الوزراء ، العربي (رشيد علي الكيلاني) ... ووزير داخليته، الشركسي المملوكي (حكمت سليمان). بحكم جذورهم الغير عراقية وعقيدتهم الدينية ، تعاطوا مع الآشوريين المسيحيين، وفق "عقلية الغازي المحتل"، التي تنتهج سياسية " القضاء على الشعب الأصيل ومحو حضارته وطمس هويته".
الفاشيون والعنصريون ، بذبحهم للآشوريين ، إنما ذبحوا العراق... هذه ليست مبالغة وإنما حقيقة .... فالحملة العسكرية على الآشوريين، فتحت الباب لتدخل العسكر في الحياة السياسية ودشنت عهد الدكتاتوريات والانقلابات العسكرية في العراق، ناهيك عن أنها زرعت بذور الفتنة والكراهية العرقية والدينة وأثارت الأحقاد الطائفية في المجتمع العراقي. ... بذريعة التعاون مع سلطات (الانتداب البريطاني) ذبحوا الآشوريين ، أبناء العراق الأصلاء، واحتفلوا بما اعتبره "عملاً وطنياً ودنياً مجيداً ". بينما عام 2003 أبناء وأحفاد قتلة الآشوريين جاءوا بالبريطانيين والأمريكيين والأوربيين الى العراق لإسقاط نظامه السياسي ، و احتفلوا مع الغزاة المحتلين بتدمير العراق وتمزيقه إلى دويلات و كانتونات (طائفية .. مذهبية .. عرقية) متصارعة.
فيما يخص الدور البريطاني في المذبحة والسياسة البريطانية تجاه الآشوريين : بريطانيا كدولة (احتلال وانتداب ) على العراق، من واجبها أن تحمي جميع مكونات الشعب العراقي من أي خطر (داخلي أو خارجي) . لكن حكومة بريطانيا تخلت عن مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه الآشوريين وتركتهم عرضاً للإبادة. ". سلطات الانتداب البريطاني أكتفت بمراقبة تطورات الحملة العسكرية على الآشوريين ورفع التقارير الى حكومتها في لندن.
الموقف البريطاني ترك أثراً سلبياً وامتعاضاً لدى العديد من الشخصيات البريطانية . (أسقف ريبون) قال: " مذبحة سيميل مثلت ضربة أخرى لسمعة وهيبة بريطانيا العظمى". الكولونيل(ويلسون) صرح قائلاً : "ما هو جدير بالرثاء حقاً، هو أن تسمح أعظم إمبراطورية بالاضطهاد المدروس والقتل الجماعي والتطهير العرقي لأنبل وأعظم أمة في الشرق الأوسط، (الأمة الآشورية) التي أعطت العالم أعظم حضارة إنسانية". المندوب السامي البريطاني قال "أن سياسة بريطانيا نحو الآشوريين لم تكن إلا وصمة عار على درع إنكلترا القومي، ويبدو أننا ضحينا بشرفنا الخاص حينما هجرنا الآشوريين".
مذبحة سيميل هي "جريمة ضد الإنسانية ". على (الدولة العراقية) الاعتراف بها ، والاعتذار للشعب الآشوري والتعويض المادي والمعنوي لجميع أهالي الضحايا وإعادة الجنسية لمن تم تهجيره خارج العراق، واعتبار يوم السابع من آب يوم عطلة رسمية في دولة العراق ،بمناسبة يوم الشهيد الآشوري ..
آشورياً: اقل ما يمكن أن يفعله الآشوريون لأجل شهداءهم ، إقامة (نصب تذكاري) لهم في سميل، التي ارتوى ترابها بدماء آلاف الشهداء الآشوريين . هذه مسؤولية الأحزاب ومختلف المؤسسات والفعاليات (القومية والكنسية) ، الآشورية (سريانية كلدانية).
كما كل المذابح التي تعرض لها الآشوريون عبر التاريخ، ستبقى (مذبحة سميل) محفورة في "الذاكرة التاريخية الأليمة" للشعب الآشوري..
المجد والخلود لأرواح شهداء سميل ولجميع شهداء الأمة الآشورية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة