الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم النفس التربوي بين سؤال التطبيق و الآفاق البيداغوجية

بوشعيب بن ايجا
- كاتب و باحث مغربي في الفلسفة و التربية

2022 / 8 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يتكون مجال علم النفس التربية من مجمل المعطيات التي تنتج عن تحليلات و الملاحظات و الدراسات العلمية ، و الاختبارات التي موضوعها دراسة كل أوجه الأوضاع التربوية من الزاوية النفسية ، و كذلك دراسة كل أوجه الاوضاع المختلفة العوامل التي تحددها ، من موضوعات هذا العلم دراسة الطرائق بصورة عامة وتأثيرها على العملية التعليمية التعلمية ، يبدو إذن أن موضوعات هذا العلم متشعبة و معقدة تتطلب تخصصا .
و قد حاول غاستون ميالاريه ، صاحب الخبرة الطويلة في مواضيع علم النفس التربوي و التربية أن يحدد لهذا العلم حقله على ضوء التطورات الحديثة في مجال الطرائق و البرامج متناولا المشاكل النفسية التي تعترض تعليم القراءة و الحساب و الرياضيات و التاريخ بصورة خاصة.
و أخيرا يتطرق هذا الكتاب إلى التقويم المدرسي ، فيستعرض إشكاله و يحدد دوره في العلاقة التربوية ، و تأثيرها على التعلم و الاستيعاب المدرسيين ، و أهم من كل ذلك يتوقف على مفاعيل هذا التقويم النفسي و العوامل المرتبطة بالشخصية (شخصية المعلم و التلميذ) ، فعلم النفس يهتم بمدى واسع من العملية التعليمية التعلمية ، فهو حلقة وصل بين النظرية النفسية و التطبيق التربوي، لاسيما أنه يعمل على حل المشاكل التربوية من أجل رفع نجاعة و فعالية الفعل البيداغوجي.
و علم النفس يهتم بالتعلم لدى التلاميذ ، و يعرف بعض الدارسين التعلم بعدة تعاريف، فالتعلم هو عبارة عن عملية اكتساب الطرق التي تجعلنا نشبع دوافعنا أو نصل الى تحقيق أهدافنا ، و هذا يأخذ دائما شكل حل المشكلات.
و يعرف جيفورد التعلم ، باعتباره تغير في السلوك ناتج عن استثارة ، وهذا التغير في السلوك قد يكون نتيجة لأثر منبهات بسيطة و قد يكون لمواقف معقدة، و يقول روبرت ودورث أن التعلم هو نشاط من قبل الفرد يؤثر في نشاطه المقبل أي يعتبر التعلم سلوكا يقوم به الفرد يؤثر في سلوكه المقبل، و يقول ماكونل "التعلم هو التغير المطرد السلوك الذي يرتبط من ناحيتها المواقف المتغيرة التي يوجد فيها الفرد ، و يرتبط من ناحية أخرى بمحاولات الفرد المستمرة و الاستجابة لها بنجاح


و قد اثار العالم النفسي جان بياجيه، أن علم النفس هو أساس ظهور التربية ، حيت يؤكد أن الدراسات النفسية و كيفية ملاحظتها عملت على انعاش علم التربية خصوصا عند تجاوزه لميدان علم البحث الى الميدان المدرسي، هذا يعني أن علم النفس يركز على أفراد المجتمع على اختلاف طبائعهم و أجناسهم.
وقد ظهر علم النفس التربوي خصوصا مع ادوارد ثورندايك ، الذي شغل منصب أول أستاذ جامعي في علم النفس التربوي، في تاريخ السيكولوجيا ، وقد تم تطبيق أساسيات و مبادئ علم النفس في مجال التربية ، وقد تم الاعلان بأن علم النفس التربوي مادة أساسية و ضرورية للمعلم سنة 1888 عندما قامت الجمعية التربوية القومية بالولايات المتحدة الأمريكية بعقد مؤتمر أكدت فيه ذلك ، و بذلك يدرس علم النفس التربوي كأساس متخصص في الجامعات ، وكما قلنا سابقا اول من ارتاد دراسة موضوعات علم النفس التربوي هو ثورندايك و تشارلز جر و لويس و ترمان، و يتكون علم النفس التربوي، من عدة مصطلحات منها:
1. العلم، و هو الفكر العقلي المنظم الهادف الى فهم الظواهر و طبيعة الاشياء من أجل القدرة على السيطرة عليها.
2. النفس، هو المكان أو الحيز الافتراضي الذي يحتوي على مجموعة من المكونات الداخلية ، الشعورية و اللاشعورية.
3. التريبة، هي ضرورة فردية ، و اجتماعية، تهدف إلى تطوير شخصية الفرد ليتفاعل مع المجتمع بإيجابية ، وأيضا الاهتمام بالمجتمع و تلبية احتياجاته.
وبذلك يكون علم النفس التربوي هو احد مجالات علم النفس الذي يهتم بدراسة السلوك الانساني في الاماكن و المواقف التربوية ، و هو العلم الذي يزودنا بالمعلومات و المبادئ الاساسية التي تساعد في معرفة و فهم التعلم ، و يقع علم النفس التربوي بين النظرية الارتباطية أو ما يعرف بالمدرسة الربطية ، و نظرية الملكات لابن خلدون في كتاب "المقدمة" مثل ملكة الحفظ و ملكة الفهم و الذوق ، و تصقل هذه الملكات باللغة و البيان و البلاغة ، و النحو و علوم الأدب ، حفظا و فهما ، و من هنا لا بد أن تترسخ الملكات في نفوس المتعلمين بالمران و التدريب و المجاهدة ، حتى تترسخ في نفوسهم و تصبح مطبوعة و فطرية و سلوكية و نظرية، و تعتمد على أن أساس التعليم هو الممارسة و التدريب ، فقد أظهرت دور العقل و ما ينتج عنه من سيرورات عليا في اكتساب التعلمات ، فالفهم، لا يتم الا بالممارسة و الفعل.
و علم النفس التربوي يقع بين نظريات التعلم الثلاث؛ النظرية الاجتماعية، التي ترى بأن التعلم سلوك ناتج عن طريق المشاهدة و المحاكاة و التقليد، ثم نظرية الملكات، و التي تعتبر التعلم نشاط مكتسب يتم عبر تفاعل القوة النظرية للذات المتعلمة مع موضوع التعلم في علاقته بمحيطه من خلال قانون التأثير و التأثر ، و أخيرا النظرية المجالية، مع عالم نفس الجشطلت كيرت ليفين، التي يقع فيها التعلم ، و تشكل الدافعية و نظرياتها و القدرات العقلية و الفروقات الفردية ، و هنا ظهرت مجموعة من البيداغوجيا مثل بيداغوجيا الفارقية و الاهداف ، الإضافة الى حل المشاكل و الخطأ، فضلا عن ذلك يهتم بالتقويم و الامتحانات و التحصيل ومناهج البحث .
و إتجاهات المعلم الايجابية نحو مهنة التعليم و في هذه الممارسة لابد من اختيار المعلمين بشكل علمي و دقيق ، و أن تكون عنده الرغبة و الدافع لممارسة مهنة التعليم ، و يتجنب السقوط في بعض الاثار مثل أثر جوردان و الانزلاق الميتامعرفي و الاستعمال المفرط للمماثلة ، بالإضافة الى البعد عن النقد؛ فدور المعلم أن يقود الطالب للنجاح و أن يشجعه على القيام بالعمل بشكل أفضل ، لأن ذلك يؤدي الى زيادة الثقة بالنفس فيصبح لدى الطالب نظرة إيجابية لذاته و هذا يؤدي إلى حالة نشاط و معنوية عالية و مساعدة على تركيز الانتباه للشرح ، و زيادة دافعيته لتحصيل المادة العلمية، و توقعات المعلم الايجابية عن الطالب ؛ على المعلم أن تكون نظرته للطلبة داخل الفصل الدراسي واقعية و ضمن قدراتهم و خصائص المرحلة العمرية التي يمرون بها .
إذ لا بد للمعلم من إلتماس العذر للمخطئ و تقدير محاولاته، و إظهار التعاطف و الحنان و مساعدة ضعيف التركيز على جوانب القوة لدى الطالب في قدراته المختلفة و مساعدته في علاج جوانب الضعف ، إذن علم النفس التربوي يعتبر أحد الميادين التي تطبق و الخاصة بعلم النفس العام ، حيث يقوم بأداء مهمة أساسية وهي أن يزود المعلمين و غيرهم من الكوادر الوظيفية و العلمية في ميادين تعديل السلوك الانساني ، و بعدد من الاسس و القرارات و المعلومات النفسية السليمة حتى يتم التطرق الى مشاكل التربية و مسائل التعليم المدرسي ، ذلك حتى يصبحوا أكثر فهم و إدراك للواقع و المواقف التربوية المتنوعة. و يهتم كذلك علم النفس التربوي بالأسس و القواعد و القوانين الواضحة و الصحيحة و السليمة لنظريات التعلم و التعليم ، و لهذا أصر علماء النفس على أهمية التعلم و بالخصوص الدوافع التربوية الاساسية ، حيث تأكدوا كذلك من التجارب المتعددة التي تم اجرائها على الحيوانات ؛ كلما زادت قوة الدافع كلما زادت فعالية التعلم ، أما الدوافع التي تقوم بتحفيز الإنسان على التعلم فهي متعددة ، فقد تكون دوافع مرتبطة بموضوع التعلم مثل أن يرغب الطفل في تعلم القراءة لأنها تساعد على تشويقه و هنا تدخل نظرية التعلم بالمحاولة و الخطأ لعالم النفس ادوارد ثورندايك ، خصوصا في قانون الاثر ، لاسيما قانون الاستعداد باعتباره الاساس الفيزيولوجي لقانون الاثر ، إنه معنى الشعور بالرضا أو الضيق ، و كما قال بعض العلماء هو الحالة المزاجية التي يكون عليها الفرد أثناء مواجهة الوضع المثيري ، فالتعلم ينجح عن طريق مبدأ التدريب و تكرار المحاولة ، بالإضافة إلى دوافع غير ذاتية إلا أنها تتعلق بظروف التعلم مباشرة من رغبة المتعلم في التقدير أو احترام نفسه أو التعبير عنها ، و هذا ما يؤدي بنا الى القول بأن علم النفس التربوي يهتم بالمثلث الديداكتيكي، خصوصا في البعد البراكسيولوجي و السوسيولوجي ، ناهيك عن تقنيات التنشيط التي تساعد على تحفيز التلاميذ من أجل إشراكهم في النشاط التربوي مثل تقنية العصف الذهني أو الزوبعة بالإضافة إلى تقنية فيليبس و دراسة الحالة......
فالتعليم و التربية هو ذي أولوية في نظام الدولة خصوصا في الجانب السيكولوجي ، لان الميثاق الوطني للتربية و التكوين في الدعامة 10 اعتبر التربية أول أسبقية بعد الوحدة الترابية ، و هنا ظهرت المقاربة بالكفاءات ، أي الكشف عن القدرات الكامنة لدى المتعلم أثناء العملية التعليمية التعلمية و العمل على تنميتها و تطويرها ، و هذا لا يتأتى إلا من خلال بحث الأستاذ في سيكولوجية الطفولة و علم النفس التربوي من أجل فهم نفسية الطالب.
ومن بين المشكلات التي تواجه علم النفس التربوي نجد :
■مشكلة الفروق الفردية بين الطلاب: فيما بينهم في قدراتهم على إنشاء علاقات اجتماعية و القدرات الجسمية و الجسدية لهم ، فالمعلم الناجح هو من يستطيع معرفة هذه الفروقات و اكتسابها و التعامل معها بشكل إيجابي و محاولة معالجتها و أيضا محاولة تحديد كمية الانجازات التي يحققها الطالب.
■مشكلة التعلم: يتوجب على المعلم أن يختار المعلومة الصحيحة التي يجب إعطائها للطالب ، و أن يحاول جذب انتباهه و التأثير فيه ، لدا يتوجب على المعلم الناجح معرفة جميع الخصائص التي بدورها يمكن أن تنظم و تسهل العملية التعليمية التعلمية.
■مشكلة التقييم: و يقصد بالتقييم في علم النفس التربوي تقييم الانجازات و العمليات التعليمية و التربوية ، فيما إذا كانت ناجحة و لها تأثيرها الخاص على الطلاب أو إذا كانت تواجه المشاكل.
إجمالا يمكن القول بأن علم النفس يحضى بقيمة عليا في المجتمع عموما و في مجال التربية خصوصا ، لاسيما من خلال الدور الفعال الذي يلعبه في ضمان سير تصاعدي للعملية التعليمية التعلمية و حل المشاكل التي تواجه كل من المتعلم و المعلم ، سواء تعلق الامر بما هو بيداغوجي أو ديداكتيكي بالدرجة الاولى ، بالإضافة الى الاهتمام بالقدرات العقلية و الفروقات الفردية بين الطلبة خصوصا الذكاء ، و التقويم و الاختبارات و التحصيل و مناهج البحث ، و هذا العلم مهم لأنه يعطي صورة واضحة عن ميدان التعليم بشكل دقيق في الجانب السيكولوجي.

المراجع:
● علم النفس التربوي ، نبيل السمالوطي
● علوم التربية ، سعيد عطاط
● مدونة QSM في علوم التربية
● نظريات التعلم ، عالم المعرفة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر