الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعا عن التنوير ح 6 ، الوعي بالتنوير ب ، من سلسلة الوعي المجتمعي الكتاب الثاني،

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2022 / 8 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نحن بحاجة ولاسيما في هذا الزمن الذي يعتمد النقل من قبل خطباء ورجالات دين والنقل المتماشي مع الخرافة والاسطورة بعيدا عن العقل فهنالك نقلا عقلانيا ولكن جل ما ينقل الينا عبر المنابر الفضائية هو النقل المخالف للعقل لذلك نحن بحاجة الى الايمان القائم على العقل لا النقل .
وهنالك من الفلاسفة في عصر التنوير من رفعوا هكذا شعارات . ومنهم غوتهولد افرايم ليسنغ( 1729-1781)م وهو اول ناقد ادبي الماني واول مؤسس للنقد المسرحي ، ولكن اهميته لا تقتصر على ذلك يقول عنه هاشم صالح: وضع قلمه في خدمة فلسفة التنوير وخلال 300 سنة انخرط بكل شغف في دراسة تاريخ الاديان ودخل في معارك حامية مع بعض اللاهوتيين المسيحيين واذا كان قد رفض مهنة الكاهن المسيحي التي اشتهرت بها عائلته ابا عن جد فذلك لانه فقد مبكرا ايمانه باليقين التقليدي أي بالارثذوكسية المسيحية كما لدينا اليوم ارثذوكسية شيعية او سنية والتي يعرفها هاشم صالح الارثذوكسية :هي مجموعة من العقائد والطقوس التي ينبغي لك ان تعتنقها وتمارسها والا اعتبرت خارجا عن الدين .
وهذا ما نراه اليوم متحققا في مجتمعنا فلكونك لا تمارس الطقوس الدينية فانت خارج الدين :كافر وفاسق وكاذب ودجال وغيرها من الصفات غير المهذبة التي يلصقها بك البعض وكان الطقوس الشعائرية هذه هي التي تجعل منك انسانا حقيقيا ، وبالعودة الى ليسنغ فلقد كان في حالة بحث عن ايمان جديد قائم على العقل لا النقل وكان يطالب بحقه في تطبيق المنهج التاريخي النقدي على النصوص المسيحية المقدسة ومن كتاباته الاولى : مسيحية العقل ، أي : المسيحية القائمة على العقل وهي تختلف بالطبع عن المسيحية المسيطر عليها رجالات الدين والقائمة على النقل والتقليد، يقول هاشم صالح عن هذا الكتاب بالذات "تتجلى فكرتان اساسيتان من افكار ليسنغ في هذا الكتاب ، الاولى : تقول بان الله خارج كل الانظمة اللاهوتية ايا تكن، فلا يمكن سجن الله داخل نظام عقائدي لاهوتي اكان مسيحيا ام غير مسيحي فالله اكبر من اية عقيدة خصوصية والفكرة الثانية تقول: بان اعمال الانسان هي: الاساسية وليست معتقداته او صلواته وعباداته فاذا كان يفعل الخير ويحب الاخرين وينفع المصلحة العامة فانه مؤمن جيد وحتى لو لم يصل ركعة واحدة في حياته واذا كان انانيا وغشاشا راكضا لاهثا وراء المنافع الشخصية والمصالح الضيقة ومن كانت هذه صفاته فلن ينفعه ايمانه لو صلى باليوم 1000 ركعة وفعل ما فعل من طقوس كثيرة فالسلفيون ايا كانت انتماءاتهم المذهبية يدعون ان منهجهم متاح وان طرحهم المعلن اصبح خاليا من مفردات التضليل والتكفير وهم يحرصون على نبذ العنف والتشنيع على التطرف والارهاب ولكن كل هذا الكلام هو شعارات يرفعها هؤلاء فهم مليئين بالتبديع والتضليل والتكفير والسؤال هل يجرؤ رموز السلفية وقادة الاصولية المعاصرة على التبرؤ صراحة وبوضوح من كل ما ورد من تراث سلفي ولو كان القائل به من الرموز الكبار والمرجعيات العظام والجواب واضح : كلا لانهم لو فعلوا ذلك فقد فقد هؤلاء قاعدة مالية وسياسية واجتماعية تعتاش عليها السلفية ، ان فلسفة ليسنغ نجدها مدينة لسبينوزا كما يتجلى ذلك في كتابه (حول حقائق الاشياء خارج الله) وهذا الموقف المتحرر جدا من اللاهوت القديم دفعه الى الدخول في معارك فكرية مع العديد من رجال الدين وبالاخص القس( غويز) وعقيدته ملخصة في كتابه الذي اصدره قبل موته ( تربية الجنس البشري) وملخص اطروحته ( ان البشرية خلال تاريخها الطويل تمشي من وحي الى وحي ، وبمعنى اخر فانها انتقلت من مرحلة الشرك وتعددية الالهة الى مرحلة الوحي الموسوي، والى مرحلة الوحي المسيحي فالمسيح دشن المرحلة الاخلاقية الثانية من تاريخ البشرية وغدا قد يظهر عصر ثالث للبشرية ن حيث يصبح البشر واعين تماما بقدراتهم ويفعلون الخير من اجل الخير لا رغبة في الثواب الاخروي ولا خوفا من العقاب الالهي والواقع ان ليسنغ كما يشير هاشم صالح تنبأ بالعصر المقبل قبل ان يحصل فالبشرية الاوربية المستنيرة اصبحت تتبع المبادئ الاخلاقية في المعاملة حتى بعد خروجها من اللاهوت ، وربما لانها خرجت منه بهذا المعنى فان ليسنغ كان استاذا للاجيال القادمة .
كما علينا الانتباه الى ان التربية كانت هي الشغل الشاغل لفلاسفة التنوير في القرن الثامن عشر ، ومنهم جان جاك روسو وكتابه (اميل ، او في التربية) حيث كان هؤلاء الفلاسفة يهدفون الى تخليص الاوربيين من ظلمات الجهل عبر ايجاد وعي معرفي حقيقي من خلال التنوير للمتعلمين.
ملحوظتان:
1- علينا الحذر من الارثذوكسية في كل الاديان ونعني بها السلفية المقيتة اينما تواجدت نعمل على تفكيك بنيتها لانها بنية خطيرة ومؤذية للمجتمع تعتمد التصرفات السلبية التي تؤذي وتعمل على ايجاد بدائل خراب فيها تحت مسمى المؤسسة الدينية السلبية .
2- ليسنغ او جان جاك روسو او فولتير او غيرهم من فلاسفة التنوير هم امثلة معرفية نسوقهم في كتاباتنا والا فغيرهم كثير ممن اغنوا الساحة المعرفية العلمية والادبية واعطوا دروسا في نهضة انسانية كبرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري


.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد




.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ


.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف




.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب