الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهر آب وذكرى شهداء الطلبة القاعديين الأبرار

عبد الحق الزروالي

2022 / 8 / 18
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


نقدم هذه المساهمة احتفاء بذكرى استشهاد ثلاثة من مناضلي الحركة القاعدية، حركة الطلبة القاعديين، النهج الديمقراطي القاعدي رأس رمح الحركة الطلابية وقوتها الضاربة.. وحيث لا بد من التذكير بشهداء الحركة الطلابية كافة ودون تمييز، والذين نحترمهم حقا ونقدّر عطاءاتهم وتضحياتهم السخية.. نخص هؤلاء الثلاثة بهذه الالتفاتة، مصطفى بلهواري وبوبكر الدريدي وعبد الحق شباضة، شهداء شهر غشت الحارق، شهداء أواسط الثمانينات من القرن الماضي.. فاختيارنا لهم لم يكن اعتباطيا بل لسبب بسيط إنبنى على وحدة الانتماء وعلى التجربة المشتركة التي خضناها وعشنا تفاصيلها مع هؤلاء الرفاق الأبطال.. تجربة نود من خلال هذه الإشارة والتذكير الخروج بخلاصات وعبر قيّمة عساها تفيد الرفاق الطلبة وطلائع الحركة الحاليين الذين ما زالوا متشبثين بالإطار العتيد إوطم ومقتنعين بأن عودته لواجهة الصراع ضرورية لا محالة، وبأن مهمة إعادة بناءه على نفس المبادئ والأسس الصلبة ـ الديمقراطية والتقدمية والجماهيرية والاستقلالية ـ أصبحت رئيسية وأساسية خلال هذه المرحلة بالذات، بل وهي على رأس المهام كلها باعتبارها السبيل القويم لإعادة الحركة الطلابية لموقعها الطبيعي بتوهجها المعتاد، وديناميتها النضالية الإيجابية، ارتباطا بقواعدها الجماهيرية واستعدادا للضرب بقوة لجميع أعداءها السافرين والمتستـّرين والمتربصين، جميعهم سواء بسواء.. ومن أجل كسب المعركة الطبقية وانتزاع المزيد من المطالب والحقوق، وتحصين وتثبيت المكاسب أيضا.
فالرفاق الشهداء كانوا قيد حياتهم طلبة يتابعون دراستهم بالجامعة، طلبة يرفضون ويناهضون الأوضاع المزرية التي كانت وما زالت تعيشها الجامعة، انخرطوا في صفوف الطلبة القاعديين وتحملوا مسؤولية التنظيم والتأطير بغرض النضال من أجل تحسين وتغيير أوضاع الجامعة وواقع التدريس بها، بما ينسجم مع البرنامج النضالي، المطلبي والمادي والديمقراطي والتنظيمي، للحركة الطلابية، والمضي به نحو أفقه الاستراتيجي لتحقيق التعليم الديمقراطي الشعبي العلماني والموحد، جنبا إلى جنب جميع القوى الديمقراطية والتقدمية، التواقة للحرية والاستقلال ودحض الإمبريالية وخردتها المحلية.
فلا نريد أن يحاسبنا أحد من الرفاق عن عدم الإشارة لقناعات الشهداء الفكرية والسياسية والتأكيد فقط على هويتهم القاعدية الطلابية، لأنه قيل الكثير في هذا المجال، ونحن من خلال هذه المساهمة المتواضعة، نود تسليط الضوء على تجربتهم الطلابية الغنية بالعبر والدروس، لضرورة منهجية.. إذ لا بد من التأكيد على هويتهم القاعدية قبل أي شيء والتي تميزوا بها خلال فترة كفاحهم وعطاءهم النضالي السخي.. فجميعهم ينحدرون من أسر شعبية، فقيرة، محدودة الدخل، بالكاد تجد ما تعيش عليه وتسد رمقها به، فهم على التوالي أبناء بروليتاري ومعلم وخادمة بيوت، أي مصطفى وبوبكر وعبد الحق. تلقوا تعليمهم بالمدارس العمومية ثم التحقوا بالجامعة بعد نيلهم لشهادة الباكالوريا، ليستكملوا دراستهم العليا وفق ما تطلعوا له وطمحوا إليه، ليصطدموا بظروف مستعصية ومناقضة لطموحاتهم، بدءا بالمنحة الهزيلة، وغياب السكن الجامعي، وضعف التأطير، وانعدام المرافق الضرورية، كالمصحات وحافلات الخرجات وفضاءات الترفيه والمكتبات..الخ مما استلزم منهم التضامن والتعاضد مع رفاقهم الطلبة، من أجل خوض النضال لانتزاع هذه المطالب، ومطالب أخرى متعلقة بالحريات الديمقراطية وسط الجامعة وفي القلب من المجتمع، وعلى رأسها الحق في التظاهر والانتماء والتنظيم..الخ والنضال من أجل المطالب التي كانت محط نزاع وصراع ونضال ضد أجهزة الدولة منذ السنوات الأولى للاستقلال الشكلي إلى الآن.
فهؤلاء الشهداء هم شهداء الطلبة القاعديين، وشهداء الحركة الطلابية، والحركة التقدمية المغربية في نفس الوقت. انخرطوا في صفوف الحركة الطلابية، دون أن يغضوا الطرف أو يغفلوا جذورهم الطبقية، إذ ظلوا مخلصين، لحظة حياتهم وكفاحهم، للفقراء والكادحين المحرومين أبناءهم من التعليم الأولي والابتدائي حتى.. فما بالك بمقعد جامعي يمكنهم من تحقيق طموحاتهم في الدراسة والبحث والظفر بمنصب شغل لائق يقيهم من البطالة وينتشلهم من الفقر والبؤس والحرمان.
لقد تم تغييب هؤلاء المناضلين قسرا خلال معركة غير متكافئة، معركة الأمعاء الفارغة والإضراب عن الطعام، وهم قيد الاعتقال بسبب من مواقفهم المعارضة للنظام القائم، ولسياسته التعليمية والاجتماعية.. وبسبب من التزامهم وانخراطهم التلقائي في الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية خلال يونيو 81 ويناير 84.. معركة كلفتهم حياتهم بعد شهرين من الإضراب عن الطعام، نتيجة التعنت والإهمال ورفض تلبية بعض المطالب البسيطة المرتبطة بالحق في اتمام الدراسة والزيارة المباشرة والاطلاع على الجرائد والتمتع بظروف سجنية لائقة بمعتقلي الرأي..الخ
لقد تم الانتقام منهم بكل حقد وشراسة ليتم تغييبهم نهائيا عن الساحة النضالية، وكم نحن في الحاجة لهم الآن كحركة تقدمية كحركة طلابية بالأساس.. نحن في الحاجة الآن للتعريف بتجربتهم، وبخبراتهم، وإنجازاتهم، وأدوارهم في النضال الطلابي القاعدي، وفي بلورة أطروحته التنظيمية المتميزة كبديل للأشكال البيروقراطية الهيمنية المتحكمة في مسار ومصير الاتحاد الطلابي المناضل.. لقد أصبحت هذه الأشكال التحكمية معيقة للأداء النضالي منذ خمسين سنة خلت أو أزيد ومعاكسة لحقيقة الأوضاع الطلابية المتطورة كمّا وكيفـّا، وهو الشيء الذي استلزم من الحركة الطلابية التفكير في أشكال تنظيمية أكثر نجاعة وقوة تضمن التعبئة والمشاركة الطلابية بشكل لا يمنع القواعد الطلابية عن تحمل المسؤولية على جميع المستويات التمثيلية.
إنها تجربة نضالية غنية تصلح بدرجة أولى لأخذ العبر واستخلاص الدروس، ولا تلزمنا بالانبهار والتقديس خلال هذه الظرفية.. التي تحتاج فيها الحركة الطلابية إطارا يوحد نضالاتها ويقود معاركها، دون حساب للخلافات السياسية والفكرية داخل الأوساط الفصائلية التقدمية.. فالحاجة الآن لإطار جماهيري يشبه الاتحاد الذي احتضن وصقل تجربة الشهداء، اتحاد جماهيري بنفس المبادئ الأربعة، يعيد الحركة الطلابية لسكة المعارك والنضالات ضد الأوضاع الجامعية والطلابية المزرية، وضد المخططات الطبقية المهددة للحق في التعليم، وفي مقعد جامعي لائق، وفي الحق في الشغل بعد التخرج.. عوض الاتجاه للتدرر وتعميق الشتات و"تقسيم مناطق النفوذ".. كتوجه ساد منذ عقود على الساحة الجامعية في انسلاخ تام عن القيم والمبادئ التي تربى عليها الرفاق الشهداء، بحيث تم مسخ الاتحاد، وتم تعويضه في غفلة منا، بتيارات طلابية تدّعي النضال في صفوفه، وهي في حقيقة الأمر تناضل باسمه، وتحتكره دون خجل أو حياء، لمصلحتها الخاصة الضيقة ضدا على المخالفين، والمنافسين، وجميع الخصوم السياسيين والفكريين.
لقد عايش الشهداء، لحظة حياتهم وإبَان فترة عطائهم الزاخر، عصر الاتحاد الجماهيري الذي يسمح قانونه الأساسي بانخراط عموم الطلاب في صفوفه وفي هياكله التنظيمية التي تؤهلهم جميعا وعلى قدم من المساواة للتمثيلية وتسلم المسؤولية مهما ارتفع شأنها، من لجنة القسم إلى التعاضدية أو اللجنة الإدارية، أو اللجنة التنفيذية.. عاش هؤلاء في جو من الديمقراطية الذي يسمح لأي طالب الذود عن مواقفه وأفكاره دون أن يعترضه في ذلك أحد.. عاش الشهداء وسط اتحاد تقدمي معارض، صريح ودون أدنى تحفظ، لسياسة الدولة التعليمية، بحيث كان ولا زال مدافعا شرسا عن حق أبناء الكادحين في مقعد جامعي وفي منصب شغل محترم يقيهم من شر البطالة والتهميش.. اتحاد يناصر جميع الكادحين والمحرومين في نضالاتهم ويشاركهم في احتجاجاتهم الشعبية الاجتماعية، من عمال وتلاميذ وشغيلة وفلاحين صغار..الخ اتحاد وفيّ وملتزم بقضية المرأة والدفاع عن حقوقها ونضالاتها من أجل الحرية والمساواة.. كان من أوائل الإطارات التقدمية المغربية التي اعتبرت القضية الفلسطينية قضية وطنية تستدعي الدعم والمساندة والانخراط الفعلي في كفاحها، مثلها مثل جميع الحركات التحررية العالمية المناهضة للاستعمار والرجعية والصهيونية والعنصرية والإمبريالية.
عاش رفاقنا جنبا إلى جانب رفاقهم في "النهج الديمقراطي القاعدي" وتربوا في كنف اتحاد ديمقراطي يؤمن بالاختلاف ويقدّسه ويلتزم بقيمه، في إطار صراع الأفكار والآراء وتفاعلها تماشيا مع منظومة وحدة ـ نقد ـ وحدة، دون مهادنة أو تواطئ مع الاتجاهات البيروقراطية التحكمية، التي لم يكن همّها سوى الهيمنة والسيطرة على مفاصل الاتحاد لتوجيهه وحشره في الركن الضيق خدمة لمصلحتها السياسية الموسومة بالإنتظارية وتجنب المعارك الطلابية والكفاح الطلابي المشروع.. وعلى هذا الأساس بلور رفاق الشهيد تصورهم التنظيمي القاعدي المتميّز ونافحوا من خلاله وعبره، عن حق الجماهير الطلابية في تسيير الاتحاد وتحمل المسؤولية داخل أجهزته. كان هذا الالتزام بمثابة نصرة حقيقية للقواعد الطلابية الجماهيرية ولم يكن مجرد ادعاء وبَروَزَة كما يفعل البعض وسط الساحة الطلابية الآن.
كان النهج الديمقراطي القاعدي في حياة الشهداء ورفاقهم، ملتزما وفيّا لمبدأ جماهيرية إوطم، يعمل بإصرار على توسيع قاعدته بما يضمن وجوده في الساحة الطلابية، ويساعده على ضمان حركته الكفاحية وممانعته الدائمة، دفاعا عن مطالبه وصيانة لحقوقه ومكاسبه. وهو عكس ما نراه الآن، حيث تغيب الهياكل تحت مبرر "الحظر العملي" وهو ما يُسهـّل تغييبها، وتغيب تبعا لذلك التجمعات العامة الجماهيرية كليا، لتعوض في غالب الأحيان بحلقة طلابية لا يتعدى الحضور لها عشرات الطلاب، يكون لها سلطة القرار والبث في مصير الطلاب، في مقاطعة الدراسة مثلا والامتحانات وإعلان السنة البيضاء.. دون استشارة القواعد الجماهيرية المعنية بالأمر في آخر المطاف..!
هي ذي مبادئ الاتحاد التي نريد التذكير بها خلال هذه المناسبة، مبادئ تربّى وعاش على قيمها وفي ظلها هؤلاء الشهداء الأبرار، مبادئ جرت في عروقهم وشرايينهم بكل سلاسة وصدق وإخلاص، التزموا بها وجسّدوها قولا وفعلا، وهو الشيء الذي افتقدناه الآن وسط الساحة الطلابية ومن داخل التيارات والفصائل التقدمية نفسها، التي عجزت صراحة، وبكل وضوح، عن إعادة بناء الاتحاد أو المساهمة في تشكيل لبنة من لبناته تساعده على الحوار والتفاعل والتنسيق والنقاش الديمقراطي، بين جميع المكونات والفعاليات الديمقراطية المكافحة، بناءا على هذه المبادئ التي أسست لاتحاد مناضل ومكافح ومقاوم وليس على شعارات ومواقف سياسية ومرجعيات إيديولوجية، يسارية، ثورية.. لا تليق كإسمنت يمكنه أن يلفّ ويوحد جماهير الطلاب المغاربة، مهما كانت مكانه هذه المرجعيات في أدمغة وتصورات الرفاق من طلائع وقيادات هذه الفصائل.
وبهذه المناسبة ننبه الرفاق الطلبة القاعديين بجميع توجهاتهم وتياراتهم بأن كل الظروف مواتية الآن لبعث الاتحاد من جديد، وإعادة تشكيله على أساس المبادئ نفسها التي اعتنقها وآمن بها هؤلاء الشهداء بمعية الرفاق في "النهج الديمقراطي القاعدي" ووسط الحركة الطلابية ككل.. فهي خطوة ومبادرة نضالية يمكن اعتبارها بمثابة إعلان عن الوفاء والإخلاص والتقدير لخط الشهداء، وحماية لإرثهم النضالي من النسيان والإهمال تحت ذرائع شتى تركز على غالبيتها على التزامات الرفاق الفكرية والسياسية دون الإشارة ولو لماما لعطاءاتهم النضالية في صفوف الحركة الطلابية، ارتباطا بالاتحاد ومن قلب الاتحاد.. فالرفيق مصطفى مثلا كان من مؤسسي المجلس القاعدي مباشرة بعد رفع الحظر عن المنظمة إوطم، وكاتبا عاما للتعاضدية بعدها وعلى دورتين، وعبد الحق ممثلا للجنة القسم خلال جميع سنوات دراسته الجامعية وكذلك الشأن بالنسبة لبوبكر.. فذكـّر لعلى الذكرى تنفع المناضلين القاعديين.!
فهي ذي مساهمتنا في هذه المناسبة، إحياء لهذه الذكرى وهذا الجرح الغائر الأليم، ووفاء لهؤلاء الشهداء، والشهداء كثر.. لكن قلة منهم من آمنوا فعلا بالتصور القاعدي، وعملوا جاهدين على تجسيده عمليا على الأرض، كطلبة مناضلين ديمقراطيين تقدميين وجماهيريين، مخلصين لمبادئهم ولمبادئ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.

غشت 2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.