الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسفة الماركسية من أجل التنوير والتغيير والثورة على كل أشكال القهر والاستغلال الطبقي .......

غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني

2022 / 8 / 20
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



تتجلى أهمية الفلسفة الماركسية في كونها تجمع بين إعمال الفكر والعقل من أجل التغيير والنهوض والثورة على كل أشكال الاضطهاد والاستغلال والقهر خصوصاً... وهي بالتالي تجيب على كل أسئلتنا إذا ما استخدمنا منهجها المادي الجدلي وطبقناه على واقعنا الفلسطيني والعربي بصورة جدلية وواعية... وهو هدف لا بد أن يحمله ويناضل من اجله كل مثقف تقدمي، إذ اننا أمام تحديات هائلة.. تحديات الصراع مع العدو الصهيوني وتحديات العولمة الإمبريالية.. تحديات التبعية والتخلف الاجتماعي والأصولي.. تحديات الواقع الفلسطيني والعربي المفكك والمهزوم... تحديات الاقتصاد والتنمية المستقلة والأمن الغذائي والمياه.. تحديات البطالة والفقر... تحديات المستقبل الذي تسوده الحرية والعدالة الاجتماعية والاشتراكية والوحدة العربيـة.
غني عن القول بأن "شعوبنا لم تعش، بعد، المرحلتين التنويرية، للدين، ولم تنهض الثورات العلمية، والفلسفية، والسياسية"، آخذين بالاعتبار أن الديمقراطية لن تهبط علينا بالمظلَّة، ولن تَنْبُت شيطانيًا من الأرض، بل هي تحتاج إلى حراك نهضوي طليعي يمكِّننا من تجاوز كل مظاهر التخلف وامتداداته، العقلية، والثقافية، والقانونية السائدة. هنا نلمح العلاقة المباشرة بين الفلسفة، المعاصرة ومفاهيم الديمقراطية والتقدم والثورة، فهي علاقة وثيقة متبادلة، وتأسيسية، ذلك إن الخطاب الفلسفي السديد يتعامل مع المستقبل، والمجتمعات الناهضة، لن تحملها سوى قوى ديمقراطية، تقدميه ثوريه، تمتلك جرأة التغيير الجذرية، تلتزم بالفلسفة الماركسية، في سياقها التطوري المتجدد، والبعيد عن الجمود، لإقامة صروح جديدة على أنقاض القديم. وعلى هذا الطريق، فإننا مطالبون بتحقيق المهمات الحضارية التي حققتها الثورة العلمية في أوروبا، وتتلخص هذه المهمات في الاتي:
1- تحرير الإنتاج المعرفي، وبخاصةً الإنتاج العلمي، من هيمنة مراكز السلطة الأيديولوجية على اختلاف أنواعها. وبعبارة اخرى، فالمطلوب هو السعي نحو منح مؤسساتنا العلمية والمعرفية استقلالاً ذاتياً يقيها من تزمت الفئات التقليدية ومن التقلبات السياسية والاجتماعية.
2 -وضع العلم في مركز الصدارة على صعيد الفكر والمعرفة، بمعنى اكسابه بصفة المرجع النهائي والحكم الفيصل في المسائل الأساسية في نظر جميع الفئات والهيئات، سواءً أكانت رسميةً أم شعبية.
3- خلق جماعات علمية قومية ضمن إطار الجماعة العلمية العالمية، تنتج المعرفة العلمية عبر مؤسسات ولغة وطرائق وطرق نظرية ومعتقدات وقيم ومناظرات وأساليب ومقاييس مشتركة.
إن تحقيق هذه المهمات، يستلزم مشاركة جماهير الشعب، في جميع قطاعاته، مشاركةً فعالة، فالتقدم المنشود لا يمكن أن تحرزه الصفوة وحدها بمعزل عن جماهير الشعب، كما أنه ليس في مقدور الجماهير وحدها، المشاركة في هذه العملية الحضارية الضرورية ما لم تُهَيأ لذلك مادياً ومعنوياً، وخاصة امتلاك عوامل التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بالمعنى التنويري النهضوي، كمقدمة لا بد منها لعملية النهوض الديمقراطي التقدمي.
ولكن لا بد لنا – في هذا السياق – من أن نطرح سؤالاً حوارياً.. أليس من واجب المثقف العربي التقدمي الملتزم، أن يعيد النظر – أقصد بالعقل الجمعي – بهدوء وعمق، في كثير من جوانب ومعطيات الماركسية التي تلقيناها ودرسناها بشكل ميكانيكي تابع إلى حد بعيد لكل ما صدر عن المركز في موسكو، دون أي نقاش أو تحليل نقدي، بحيث أصبح واقعنا الاجتماعي الاقتصادي العربي في واد، والنظرية – عبر تلك العلاقة – في واد آخر، ودون إدراك منا لأهمية إعادة دراسة عملية التطور التاريخي لبلدان وطننا العربي، والعالم الثالث أو بلدان الشرق عموماً، وهو تطور يختلف جوهرياً عن تلك التشكيلات الاجتماعية في أوروبا، وتسلسلها الذي تناولته المادية التاريخية. من ناحية ثانية، لماذا بقي المثقف العربي – في معظمه – متلقياً للمعرفة، عاجزاً عن إنتاجها؟
لا شك أن الأسباب كثيرة، ولكن يبدو أننا جميعاً – كما يقول المفكر العربي الراحل محمود العالم "لا نملك المعرفة الحقيقية بالماركسية" وعلينا أن نعترف بأن "معرفتنا الحقيقية بالماركسية، معرفة محدودة، مسطحه، واليوم ونحن نتساءل عن مصير الماركسية وأزمتها، فإن تساؤلاتنا وإجاباتنا ستكون بالضرورة محدودة بحدود معرفتنا بالفكر الماركسي".. لقد غلب الفكر العملي (البراجماتي) والفكر النظري الانتقائي والتوفيقي في ثقافتنا الراهنة، وهذا هو بداية التناقض الرئيسي (أو الطلاق) مع الماركسية، فالماركسية تقف من حيث جوهرها ضد أمرين: ضد التجريد المطلق من ناحية، وضد التجريب البراجماتي من ناحية أخرى. إن "مادية ماركس، تعني معرفة الأشياء والوقائع كما هي في تحققها الفعلي لا في تصوراتها الوهمية" ولا في جزئياتها المنعزلة عبر النقل الميكانيكي لها.
على أنه – كما يضيف محمود أمين العالم بحق – "برغم ما حدث خلال السنوات الماضية، وبرغم البلبلة الفكرية التي تغذيها ترسانة البلاد الرأسمالية ضد الفكر الاشتراكي عامة، والماركسي خاصة، فلم تبرز الحاجة إلى الاشتراكية وإلى الفكر الماركسي كما تبرز إليه هذه الأيام، فالحكم على الاشتراكية لا يكون بما أصاب التجربة السوفيتية من انهيار، وإنما الحكم الصحيح على الاشتراكية والماركسية يكون بما تعانيه الرأسمالية العالمية اليوم من عجز عن تقديم حلول للمشكلات الأساسية للواقع الإنساني، بل وبشراستها العدوانية والاستغلالية إزاء شعوب العالم الثالث بوجه عام". وعليه "تتجلى الحاجة الملحة إلى بناء عقل حركة التحرر القومي العربية لكي تملك هذه الحركة الأدوات الفكرية، التي تمكنها من الانفتاح على الحقبة الحديثة والواقع الذي تعيشه بالفعل من جهة، وعلى تراثها الممتد في أعماق التاريخ من جهة أخرى".
دافعية النظرية الماركسية وتحفيزها للرفاق
بالقدر الذي نؤمن بأن الماركسية إذا ما كفت عن تجديد نفسها إنما تكف عن أن تكون نفسها، لذلك فإن جميع الماركسيين في كافة الأحزاب والحركات اليسارية على الصعيدين العربي والأممي، مطالبون بدراسة واقع بلدانهم وتطبيق النظرية على هذا الواقع تطبيقـاً خلاقـاً .إن أهمية هذه الرؤية، مرتبطة بما يجري من أزمات سياسية واقتصادية عالمية من جهة، ومزيد من محاولات الاستغلال والسيطرة الإمبريالية على مقدرات شعوب البلدان الفقيرة عموماً وبلدان وطننا العربي خصوصاً، بما يؤكد على عودة الماركسية المتطورة، المستفيدة من كل خطايا وأخطاء التجارب السابقة من جديد وعلى الاشتراكية كخيار وحيد للمستقبل.
في إطار هذه الضرورة، ووعينا لها، تتبدى الماركسية كمنهج للتحليل وكنظرية في التغيير الثوري، إلى جانب الاستفادة من المسار التطوري والتجديدي للفكر الماركسي ما بعد لينين إلى يومنا هذا عبر العديد من المفكرين والمثقفين الماركسيين الذين قدموا إضافات نوعية في الفلسفة والعلوم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، أغنت الماركسية كنظرية في التغيير الثوري وكمنهج للتحليل، الأمر الذي يضع أحزاب وفصائل اليسار العربي أمام خيارين لا ثالث لهما، إما استلهام ووعي المسار التطوري المتجدد للماركسية أو دخول هذه الأحزاب مرحلة التفكك والاندثار في انتظار الجديد، الذي سيولد حتماً من بين صفوفها أو من خارجها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ


.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا




.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟