الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تهاجرى .... لا تهاجر

منى نوال حلمى

2022 / 8 / 20
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


------------------------------
بالأمس ، كلمنى أحد الأصدقاء يدعونى الى حفل زفاف أخيه الطبيب . أخبرنى أنه متفوق فى دراسته ، ويجرى اتصالات لكى يأخذ هجرة الى كندا ، ويذهب مع زوجته ، للاقامة الدائمة هناك .
اعتذرت له عن عدم الحضور ، لأننى فى حالة اعتكاف قررتها بكامل اختيارى ، وقناعتى بأن " البعد عن الناس أكبر مكسب " . بالاضافة الى أننى لا أطيق صخب حشود البشر فى أى مكان ، أو لأى سبب كان ، حتى لو كان من أجل اصلاح الكون .
لم أقل له بالطبع ، أننى ضد حفلات الزفاف ، وكل أنواع ودرجات استعراض الفرح والسعادة . فهو لن يقتنع ، وسوف يشعر بالضيق ، وأنا لست فى حاجة الى ذلك . أؤمن أن الفرح الحقيقى لا يحتاج الى احتفالات واستعراضات وتقليد الآخرين فى عرض مشاعرهم وعواطفهم .
لكن استوقفنى أن أخيه الطبيب الشاب ، يقدم طلب هجرة الى كندا . وهذا أمر أصبح الشباب يقدم عليه من الجنسين ، ويعتبرونه حلما كبيرا ، يستحق الفخر .
لا أدرى ما الذى يستحق الفخر ؟؟. هل أن أترك بلدى التى تحتاجنى ، ومن خيراتها تربيت وتعلمت وكبرت ، وأطلب هجرة الى كندا أو أمريكا ، هو بالأمر الذى يدعو الى التباهى ؟؟.
أنا لا أعتقد أن " الحلم الأميركى " ، أو " الحلم الكندى " ، أو غيره ، هو طوق النجاة .
ان طوق النجاة للأفراد ، وللوطن ، أن يبقى المصريات والمصريين ، فى مصر ، وأن يردوا الدين فى خدماتهم وعلمهم ، للشعب الذى ينتمون اليه .
هذه ليست كلمات للوطنية التى نغنى لها الأغانى . انها فلسفة للعيش ، ومبادئ ترسم المصير .
ان كندا ، أو غيرها من البلاد الأكثر تقدما من مصر ، تبدو مغرية ومشجعة . لكننى دائما أتسائل ، لو مصر بلد محاصر بالأزمات والمشاكل والتحديات ، منْ الذى سيحميها ، ويواجه التحديات ويهزم المشكلات ؟؟.
لو أننا نريد لمصر التقدم الموجود مثلا فى كندا ، منْ الذى سيحدث هذا التقدم المأمول ؟؟. هل نستورد شعبا من الخارج ، ليصنع لنا التقدم ؟؟. لماذا الهجرة من الوطن ، الذى هو فى أمس الحاجة الى العقول ؟؟. هل نبقى فى الوطن فقط ، لأنه فى مصاف الدول المتقدمة ، واذا كان فى خلف الصفوف ، ميلزمناش ؟؟؟.
ان تحويل مصر ، من وطن " طارد " لأهله ، الى وطن " جاذب "
لهم ، لابد أن يتم بيد المصريات والمصريين .
مصطلح " المواطن العالمى " ، لا أرتاح اليها كثيرا . فالمواطن فى وطنه أولا . " عولمة المواطنة " ، أمر غير ممكن ، الا اذا تغير العالم ، وأصبح يؤمن حقا بالعدالة ، غير قائم على الاستغلال والتمييز ، واعتبار أن رأس المال هو القيمة وليس الانسان .
ان طموحى لمصر كبير . فأنا أحلم أن تكون وطنا ،
لا تختفى فيه ، الهجرة " غير الشرعية " فقط . لكن أيضا ،
" الهجرة الشرعية ".
حتى لو كانت الهجرة ، مُرخصة ، وقانونية ، ومسجلة ،
وآمنة ، فان مصر ، أولى بأهلها .
القضية كما أراها ، ليست فى نوع الهجرة ، شرعية ،
أو غير شرعية . القضية ، هى " لماذا أهاجر أصلا ، وأترك
وطنى ؟ القضية هى فى مبدأ الهجرة ، فى حد ذاته .
الاجابة التقليدية ، هى " بره فيه تقدم ، وتحضر ، ورقى ،
وكرامة ، وكل حقوق الانسان ".
وأنا أرى ، أن الوطن ، الذى علمنى ، وربًانى ، وأكلت ،
وشربت من خيراته ، له حق عليًا ... ليه مقعدتش فيه أنا وغيرى ،
عشان أخليه زى بلاد بره ، فيه تقدم ، وتحضر ، ورقى ، وكرامة ،
وكل حقوق الانسان ؟؟؟
ان المشاركة فى تقدم وطنى ، أكثر متعة ، من الاستمتاع
و" أعمق " ، المتع .
أبسط شئ ، فى هذه المتعة ، هو الوفاء بالدين .
نحن نغنى ، لحب مصر ، طول الوقت . لكن العبرة ، أن يكون هذا الحب ، مثمرا فى الواقع ، بما يفيد مصر ، ويغيرها ، الى
الأفضل . ونظل نكرر ، أننا نعشق " تراب " هذا الوطن . لكن
الأهم ، أننا " نبقى " ، فى الوطن ، لنحول ترابه ، الى ذهب .
ويتمادى عبد الوهاب ، شاديا ، على لحن فى منتهى العذوبة :
" حب الوطن فرض عليا " ، من تأليف ، أمين عزت الهجين .
وحب الوطن ، مثل كل أنواع الحب ، لابد أن " يصمد " ، فى أوقات
الشدائد ، والمحن ، . والا كان حبا " مزيفا " ، " هشا " ،
أو حبا " نفعيا " ، " انتهازيا " ، يجرى من الأزمات ، يهرب من
التحديات . ويأتى مع الانفراجات ، والازدهار .
هذا هو " حب الوطن " ، الذى يفيد الوطن . حب ، عن
" قرب " ، " مغروز " ، فى طين الأرض ، " معجون " بأنينها ،
" مختلط " بمائها ، وهوائها ، " ممتزج " بلون شمسها ،
وآلامها .
بعد أن ينجح الانسان وكسب الفلوس وامتلك الأشياء ، فى المهجر ، أقصد بعد أن يشبع ، تظل هناك فى قلبه حسرة ، واحساس بضريبة التهرب الوطنى ، وشعور بأنه ليس سعيدا فى حقيقة الأمر .
ليس هناك سعادة تماثل ، سعادة أن يكون الانسان دائما ، ولو مجرد طوبة واحدة ، لبناء وطنه ، أو درجة واحدة على سلم حضارة بلده .
هناك مثل يقول : " يعرف الصديق وقت الشِدة " . لنكن جميعا أصدقاء للوطن ، فى جميع الأوقات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحرية
عدلي جندي ( 2022 / 8 / 21 - 10:01 )
وطن
كرامة الإنسان وطنه
إحترام الإنسان وإحترام خصوصيته وحقوقه أوطان
الحلم مصر وطن للجميع
والحقيقة صارت مصر مرار طافح فيما عدا المقربين العاملون بجانب وسنيدة رجل السلطة والدين
إتفق أن من يبني الوطن .... المواطن المصري الحر
ولكن ......!!!!؟

اخر الافلام

.. بعد الهجوم على إسرائيل: كيف ستتعامل ألمانيا مع إيران؟


.. زيلينسكي مستاء من الدعم الغربي المحدود لأوكرانيا بعد صدّ اله




.. العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية: توتر وانفراج ثم توتر؟


.. خالد جرادة: ماالذي تعنيه حرية الحركة عندما تكون من غزة؟ • فر




.. موقف الدول العربية بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم