الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة الخلق الفلسفية

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2022 / 8 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
٢١ قصة الخلق الفلسفية


تقول أسطورة أخرى، أكثر عقلانية من الأساطير المذكورة سابقا، وقد رواها هزيود Hesiod في كتابه Theogony بأن الظلام Darkness كان أولاً، ومن الظلام نشأت الفوضى Chaos. من الإتحاد بين الظلام والفوضى نشأ الليل والنهار والطقس وإريبوس Eρεϐος إله الظلمة. من الإتحاد بين الليل وإريبوس نشأت كل الظواهر المعروفة والتي مازالت على الأرض إلى يومنا هذا كالمرض والشيخوخة والموت والقتل والإعتدال والنوم والأحلام والخلاف والبؤس والغضب والعداوة والفرح والصداقة والشفقة والأقدار الثلاثة Moirai، وحوريات هسبريدس الثلاثة. ثم من الإتحاد بين الهواء والنهار نشأت الأم الأرض والسماء والبحر. ومن إتحاد الهواء والأرض، نشأ العنف والرعب والحرفة والغضب والفتنة والأكاذيب والأقسام والانتقام والعصبية والتشاحن والمعاهدة والنسيان والخوف والكبرياء والمعركة، وأيضا الأوقيانوس Oceanus و Metis وبقية التيتان العمالقة مثل تارتاروس Tartarus وغيره. من الإتحاد بين الأرض والعالم السفلي Tartarus نشأ العمالقة. ومن الإتحاد بين البحر وأنهاره انبثقت نيريد Νηρηΐδες حورية البحر وإلهة المياه. ولكن، حتى الآن، لم يكن هناك سوى الآلهة والتيتان والحوريات أنصاف الآلهة، ولا بشر على الأرض. حتى شكلهم بروميثيوس Prometheus، ابن إيابيتوس، حسب بعض الأساطير على شكل يشبه الآلهة بموافقة الإلهة أثينا. وقد استخدم الطين والماء من أرض منطقة فوسيس Phocis في وسط اليونان، وأثينا هي التي نفثت الحياة في هذه التماثيل الطينية وحعلتها تتحرك وتأكل وتشرب وتصيح. وفي رواية أخرى نقلها أوفيد Ovid، إن إله كل الأشياء أيًا كان، مع أن البعض يسميه الطبيعة - ظهر فجأة في الفوضى، وفصل الأرض عن السماء، والماء عن الأرض، والهواء العلوي من الهواء الأسفل. وبعد تسليك العناصر من تشابكها وفصلها بعضها عن بعض، قام بتعيينها بالترتيب المناسب كما هي عليه الآن. قسّم الأرض إلى مناطق، بعضها شديد الحرارة، وبعضها شديد البرودة، والبعض الآخر يغلب عليه الإعتدال؛ شكلها في سهول وجبال، وكساها بالعشب والأشجار، وفوق الأرض وضع السماوات والنجوم، وخصص محطات للرياح الأربع، كما ملأ البحار والأنهار بالأسماك وملأ الأرض بالوحوش والحيوانات والسماء بالشمس والقمر والكواكب الخمسة، وفي النهاية صنع الإنسان - الذي، وحده من بين جميع الوحوش والكائنات، يستطيع أن يرفع وجهه إلى السماء ويراقب الشمس والقمر والنجوم.
لا شك أن هذه الروايات المختلفة والمتعددة، ما هي إلا بحث متواصل ومتعثر عن أصل الأشياء ومحاولة تفسير العالم، وترجع مصادرها الأساسية بطريقة لايمكن الشك فيها إلى أساطير بلاد النهرين ولا سيما ملحمة جلجامش وكذلك الديانة المصرية. ومن ناحية أخرى أثرت بطريقة لا شك فيها أيضا على الأساطير الدينية اللاحقة، أي الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية. ففى الرواية التلمودية لقصة الخلق، شكل رئيس الملائكة ميخائيل - وهو نظير بروميثيوس - آدم ككائن ذكري من التراب، ليس بأمر من الأرض أم جميع الأحياء، بل من يهوه Jehovah، ثم ينفخ يهوه الحياة فيه، وبعد ذلك يكوّن حواء لتصاحبه ككائن أنثوي ضروري لمواصلة الحياة البشرية، ولكن حواء مثل باندورا، تفتح خزانة الشر وتسبب الأذى للبشرية وذلك بسبب غواية الشيطان لها وعدم قدرتها على مقاومة نزواتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطائرات من دون طيار الفاعل الرئيسي الجديد في الحروب


.. سيول جارفة ضرب ولاية قريات في سلطنة عُمان




.. دمار مربع سكني بمخيم المغازي جراء القصف على غزة


.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: سنرد على إيران وقاعدة نيفاتيم




.. بايدن ينشغل بساعته الذكية أثناء حديث السوداني عن العلاقة بين