الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دروس كونيّة من المنتدى الفكريّ :

عزيز الخزرجي

2022 / 8 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


دروس كونيّة من المنتدى الفكري :
هذا الدرس يفيد القائمين على المنتديات الفكرية و أساتذة الجامعة خصوصا الفروع الأدبية و العلمية و الفلسفية و الأجتماعية و الدينية و غيرها لتقديم صورة عن ما هو مطلوب لتأسيس الدولة الكونية العادلة والتخلص من الأنظمة الحالية خصوصا أنظمة دولتنا الفاسدة وآلدول العربية و العالمية الأخرى:
كما يهدف مقالنا إلى التدرّب على الكتابة الفلسفية و النقاش حول أهم موضوع عصري ما زال العالم في حيرة منه:
قول : الدولة الفاضلة؛ تعني, [ان دولة اهل الخير يبدأ اولها من قوم علماء حكماء و أخيار فضلاء يجتمعون على رأي واحد ، ويتفقون على مذهب واحد ودين واحد ، ويعقدون بينهم عهدا وميثاقا أن لا يتجادلوا ولا يتقاعدوا عن نصرة بعضهم بعضا ، و يكونون كرجل واحد في جميع أمورهم ، وكنفس واحدة في جميع تدبيرهم فيما يقصدون من نصرة الدين وطلب الآخرة بتطبيق العدالة التي هي أهم صفة في الوجود بعد العشق الإلهي ] .
و قد ورد مضمون ما طرحناه بشكل مقارب في رسائل أخوان الصفا.
راجع:
إخوان الصفا / الرسائل ،ج1 .
أولاً : على الباحث البدء في شرح ذلك القول الآنف مبيناً الاشكالية التي يطرحها.

ثانياً : مناقشة و مقارنة موقف اخوان الصفا بموقف الفارابي في الموضوع نفسه من مسألة الدولة الفاضلة .

ثالثاً : هل التفكير بدولة مثالية و البحث عن كيفية تأسيسه؛ مجرد حلم و محض خيال جادت به مخيلة الفيلسوف, إم إنه أمر يمكن تحقيقه ؟

أم انه نابع أساساً من ضرورة حياتية للانسان في اي مكان وجد؟
مع عرض الأدلة و تبرير الأجوبة التي تطرح.

أما الحلول المقترحة :

أ - المقدمة :

- اهتمام الفلاسفة بنشوء دولة مثالية قديم قدم الفكر الفلسفي، بدءاً بافلاطون مرورا بأغسطينوس والفارابي واخوان الصفا ووصولا الى فلاسفة عصر النهضة الاوروبي ... و إنتهاءاً بآلفلسفة الكونية العزيزية

- اخوان الصفا اذا من بين هؤلاء الذين اهتموا ببناء مدينة فاضلة اسموها (دولة اهل الخير) .

- و هذا القول الذي بين ايدينا يعالج فيها (اخوان الصفا) هذه المسألة .

أما الاشكاليّة :

ما هو سبب اهتمام (اخوان الصفا) بالمدينة الفاضلة ؟
و ما هي شروط واصول بنائها ؟
و هل بالامكان اساسا قيام مثل هكذا دولة ؟
أ لَم يذهب الاخوان بفكرهم بعيداً في الحديث عن هذه المدينة؟

ألشّرح :

عمل اخوان الصفا في فلسفتهم السياسية لغرض سياسي بحت اذ كانت الدولة العباسية في ذلك الوقت قد انهارت و كان لا بد من نظام بديل و لذلك اهتموا باعداد فلسفة لمثل هذا النظام .. اضافة الى الانحلال والفساد الاخلاقي الذي شاع في ذلك الوقت و كان دافعاً قوياً لطرح دولة أخوان الصفا.

إانطلق الاخوان من فكرة اساسية ان التغيير لا يمكن ان يكون الا باعداد جيل مثقف وواع ولذلك قاموا باعداد نظام تربوي يهتم باعداد الناشئة وتهيئة المناخ الفكري لاستقبال انقلابهم على النظام الحاكم .

يبدأ بناء الدولة الفاضلة بازالة الاسباب التي أدت الى مشكلات العصر تلك واهمها الجهالات المتراكمة التي هي اصل الشرور .. و القضاء على هذه الجهالات لا يمكن ان يحدث الا بالتوعية والتعليم واعادة بناء العقلية الذهنية لدى عامة الناس و هذا الامر مرهون بوجود الحكماء الذين يقومون بتلك المهمة فهم وحدهم القادرون على ذلك ...

اضافة الى وجود الحكماء؛ لا بد من قيام تعاون حقيقي بين الناس أنفسهم :
فقد قسم اخوان الصفا الناس الى اربعة مراتب :
مرتبة ذوي الصنائع
– ومرتبة ذوي الرئاسات
– مرتبة الملوك ذوي الامر والنهي
– مرتبة الالهيين ذوي المشيئة .
والتعاون بين اهل المدينة يتمّ في اطار تلك المراتب الاربعة فيتعاون ابناء اهل المدينة الفاضلة او مدينة اهل الخير على : مذهب واحد وراي واحد و دين واحد ويكونون يدا واحدة يبتغون من وراء اجتماعهم الفوز برضوان الله .

و هكذا يُشدّد الاخوان على ضرورة ان يكون اهل الدولة الفاضلة تلك قوماً اخياراً فاضلين حكماء مُدركين لامور النفس و الجسد و بذلك تتجسد القيم والفضائل الاخلاقية في تصرفات الناس و قادتهم على الصعيدين العملي و النظري.. فيقضى على كل مظاهر الفساد والانحلال الاخلاقي ....

ب- المناقشة :

إذ يرى الاخوان ان الهدف من السياسة هو [صلاح الموجودات على أفضل الحالات و اتم الغايات] . فهم قد رسموا خطة لنشر أفكارهم في أوساط المجتمع المختلفة بشكل تدريجي متوافقة مع مستويات الناس ...

و القيمة الحقيقيّة لدولة الاخوان (إخوان الصفا) تظهر في :

- نظرتهم الى مدينتهم الفاضلة : بحيث قدموا لنا وصفاً لواقع المجتمع العباسي ، و بينوا حقيقة النظام السياسي القائم في عهدهم و بيان اسباب و مبررات عدم شرعيته, و بآلتالي طرحهم للبديل الأمثل.

- وضعهم نظرية جديدة في الحكم تقوم على نظرة غارقة في المثالية لما ينبغي ان يكون.

- تركيزهم على فكرة التعاون و أهمّيتها الاجتماعية و الإنتاجية .

- ايلاء مبدأ الكفاءة في تولي الفرد لوظيفته اهمية كبرى...

و يظهر تأثر الاخوان بآراء افلاطون : فكرة التنشئة التربوية و اهميتها في بناء الدولة ، و اعتبارهم (حب الرئاسة) غريزة فطرية يجب تهذيبها، و ربطهم للفضيلة بالمعرفة ، و فكرة التخصيص في العمل ...

اما بالنسبة للفارابي فالمدينة الفاضلة عنده؛ هي نموذج لمجتمع يؤدي فيه كل فرد وظيفته الخاصة ، التي تتلاءم مع كفاءاته و حاجات المجتمع في اطار من التكامل و التعاون التام بين افراد المجتمع ، لتحقيق هدف مشترك هو بلوغ السعادة الحقيقية . وهنا يبرز الفارق بين توجهات الاخوان و الفارابي : ففي حين يعتبر الفارابي ان التعاون بين افراد المجتمع يكون بهدف تحقيق السعادة؛ يعتبر اخوان الصفا ان التعاون بين ابناء المدينة هدفه نيل رضوان الله بتحقيق السعادة للمجتمع ...

ان عصر الفارابي المليء بالنزاعات السياسية و الحركات الانفصالية و الثورية جعلته يبحث عن تصور لمدينة فاضلة قائمة على الفضيلة والاخلاق و خالية من عيوب المجتمع القائم ، حيث يتعاون أفراده فيما بينهم على بنائه في اطار من العدل والتكامل و الوحدة في توزيع العمل و يسوسه رئيس فاضل متصل بمصادر الهية متأثراً في ذلك بالفلسفة اليونانية (افلاطون و الرواقيون وافلوطين و قبلهم جميعأً سقراط) و نظرتهم في هذا الشأن.

تصور الفارابي مدينته على شكل الجسد البشري و أيضا النظام الكوني حيث يقوم على تراتبية تتدرج من اعلى مرتبة الى ادنى مرتبة في المجتمع البشري وان كل الاعضاء مرتبطين بالعضو الرئيس او القلب ... وان تشبيه الفاربي لتلك التراتبية وعلاقتها ببعضها البعض بالبدن يذكرنا بنظرية سبنسر ...

اذا تترتب المدينة الفاضلة و تتصل أركانها ببعضها كما يجري على صعيد الموجودات ( البدن – الفيض ) و السعادة التي تنشدها الموجودات لا تتحقق الا اذا انتظمت أجزاؤها و ترتبت وفقاًللنظام الكوني .. و هذا يعني ان فلسفة الفارابي السياسية هي استكمال لفلسفته النظرية ...

جعل الفارابي الثقافة الواحدة والتعليم الواحد الرباط الاجتماعيّ الذي يشدّ أبناء المدينة الفاضلة بعضهم الى بعض .. و هنا نجد ان هدفه من توحيد التعليم هو تأمين التعاون بين ابناء المدينة الفاضلة لتحقيق السعادة ..
في حين ان (الاخوان) يهدفون من توحيد النظام التربوي اعداد جيل التغيير ...

يتفق الاخوان مع الفارابي في أهميّة ان يكون الرئيس في المدينة الفاضلة هو النبي ولكنهما و لعدم إيمانهم بقضية المرجعية الحقة التي تمثل الأمام الثاني عشر (ع) في المذهب الجعفري أيام الغيبة الكبرى ؛ فطنا الى ان الانبياء لم يعد لهم وجود بعد نبوة محمد (ص) لذلك إقترحَ كلّ منهما حلاً :

الاخوان ؛ رأوا ان الامام المعصوم والذي هو من سلالة النبي ينبغي ان يتولى مسؤولية الدعوة واستنباط الاحكام الدينية و يتولى امر هداية الناس الى الدّين الصحيح و يكون الملك هو المتصرف بشؤون الرعية المادية .

اما الفاربي ؛ فهو في تشديده على وجود الرئيس يؤكد أيضاً على ضرورة ان يكون ذلك الرئيس هو النبي او الفيلسوف و يستدرك صعوبة تحقق هذا الشرط ، فيقترح وجود رئيس ثان و ثالث و مجلس رؤساء تماما كما يقترح الاخوان ...

و فكرة ان يكون الفيلسوف او النبي هو الرئيس سببها ايمان الفارابي بكون صلاح الدولة يكون بصلاح الرئيس على عكس الاخوان الذين يرون ان اعداد الاخوان النفسي والتربوي والديني هو السبيل الوحيد لاحداث التغيير الاجتماعي والسياسي والديني...

ج- اجابة حرة ومعللة للطالب مع مراعاة جودة العرض والتبرير ..

و لعل أبرز و أفصح و أقوى إجابة لهذا الموضوع الأهم في حياة البشرية :
هي أن الله تعالى و لأنه أحكم الحاكمين و أصدق القائلين و أرحم الراحمين فأنه لم يترك هذا الأمر بلا جواب و بيان .. لأن تركه لذلك يعني أنه غير حكيم و غير رحيم و غير رؤوف بمن خلق!
لذلك لا بد و أنه وضع حلاً لهذا الأمر من الأساس ..
و لعل الفيلسوف هنري كاربون Henry Corbin المستشرق الفرنسي و الذي كان رئيسا لقسم الفلسفة في جامعة السوربون و صاحب الفيلسوف (روجيه كارودي) قد توصل لهذه الحقيقة بشكل فطري أيام وجوده في الشرق لعشرة أعوام زار خلالها معظم الدول العربية و الأسلامية و كان لقائه بآلسيد محمد حسين الطباطبائي فصل الختام في إيران التي كانت محطته الأخيرة .. عندما قال: [أن تسلسل وجود الأئمة بعد النبي هو النهج الأصوب للأرتباط بآلسماء بشكل حيوي و دائم] .. بعكس جميع الأديان و المذاهب التي ظهرت بعد رحيله (ص)
فآليهودية إنقطعت علاقتهم بآلسماء بموت النبي موسى و خليفته.. و هكذا السيد المسيح و حواريه و هكذا الرسول و خلفائه الأربعة .. لذلك لا بد من وجود إتصال حي مع السماء و هذا ما يعتقد به مذهب الأمام الصادق(ع) الذي بيّن و من جاء بعده تلك الحقيقة المتمثلة بآلأئمة الأثني عشر حتى ظهور و غياب صاحب الامر (عج).
لكن الخلاف الجاري الآن هو عن مسألة تأسيس الدولة الأسلامية (ولاية الفقيه) و هل هي واجبه أم مستحبة أم حرام, و هذا الخلاف ظاهر و متجسد بشكل واضح بين الفريق التقليدي بقيادة مرجع الشيعة الاعلى في النجف و بين الولي الفقيه الأعلى في طهران, و فيه مباحث عميقة يرجى مراجعة صفحتنا الكونية على موقع نور و غيره بعنوان: [ألسياسة و الأخلاق ؛ من يحكم من؟].
ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح