الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أضاءة عن هدم الكنائس في الأسلام

يوسف يوسف

2022 / 8 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أن هدم الكنائس في بلاد المسلمين ، وأعادة بنائها أو ترميمها ، من أعقد المواضيع و أكثرها أشكالية ، وسوف لن أغوص بما جاء من أوامر بذلك ، من نصوص التراث الأسلامي ، ولكني سأقدم مجرد لمحة وافية عنها ، ومن ثم سأسرد قراءتي الخاصة لموضوعة الكنائس - التي لا زال المسلمين من عصر الأسلام المبكر ، لحد الأن يهدمون و يحرقون بها !.
الموضوع :
بداية ، لا بد لنا من الأطلاع على أحكام بناء الكنائس أو هدمها من أمهات المراجع ، فقد جاء في موقع / الحركات الأسلامية ، التالي وأنقله بأختصار (( ذهب أبن القيم فى كتابه " أحكام أهل الذمة " ، إلى أن حكم بناء الكنائس أو هدمها يتوقف وفقا للبلد الموجودة فيها ، حيث قسم ابن القيم البلاد التى تفرق فيها أهل الذمة إلى ثلاثة أقسام : الأولى - بلاد أنشأها المسلمون فى الإسلام ، والثانية - بلاد أنشئت قبل الإسلام ، فافتتحها المسلمون عَنوة وملكوا أرضها وساكنيها مثل مصر والشام ، والثالثة - بلاد أنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمون صلحاً ، ثم يسترسل فيقول أبن القيم : (1)عن البلاد التى أنشأها المسلمون فى عصر الاسلام .. لا يحق له أن يسمح لهم ببناء كنيسة وإن اشترط عليه أهل الذمة ذلك يصبح العقد بينهم فاسدا . (2) أما عن حكم الكنائس المبنية فى البلاد التى فتحها المسلمون عنوة مثل مصر ، فلا يجوز أن يستحدث فيها شىء من الكنائس ، أما ما كان فيها قبل الفتح فاختلف الآئمة حول تركه أو هدمه ، فهناك قولان فى مذهب أحمد ابن حنبل الأول يوجب ازالة تلك الكنائس ، والثانى يجوز بناؤها . (3) وأما القسم الثالث وهو : ما فتح صلحاً ، وهذا نوعان : الأول أن يصالحهم على أن الأرض لهم ولنا الخراج عليها أو يصالحهم على مال يبذلونه وهي الهدنة ، فلا يمنعون من إحداث ما يختارونه فيها ، لأن الدار لهم ، كما صالح رسول الله أهل نجران ، ولم يشترط عليهم ألا يحدثوا كنيسة ولا ديراً ، أما النوع الثاني : أن يصالحهم على أن الدار للمسلمين ويؤدون الجزية إلينا ، وبالتالي يكون فيه الحكم بإحداث أو بناء كنيسة يعود للمسلمين في هذه الحالة بالمنع والرفض أو الإجازة بالبناء )) . أما في موقع / الدرر السنية - ومشرفه : عَلَوي بن عبد القادر السَّقَّاف ، يحدثنا عن هدم الكنائس من قبل خلفاء المسلمين ، فيسرد ( فقد روى عبد الرزَّاق في " مُصنَّفه " عن عمِّه وهب بن نافع ، قال : كتب عُمرُ بن عبد العزيز إلى عُروة بن محمَّد : أنْ يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين ، قال : فشهدتُ عروة بن محمَّد ركِب حتى وقَف عليها ، ثم دعاني فشهدتُ كتابَ عمر ، وهدْمَ عروةَ إيَّاها ، فهدمها . ورَوَى عن مَعمَر ، عن إسماعيل بن أُميَّة ، أخبره: أنَّه مرَّ مع هشام بحِدَّة ، وقد أُحدثت فيها كَنيسة ، فاستشار في هدْمها ، فهدَمها هشام . وروَى عن الحسن البصريِّ قال : من السُّنَّة أن تُهدم الكنائس التي بالأمصار القديمة والحديثة . ) . وحول فتاوى هدم الكنائس - بين الدكتور شوقي علام ، مفتي مصر ، أن دار الإفتاء المصرية اكتشفت وجود 3 آلاف فتوى تحرض على هدم الكنائس في مصر .. قال أبو الحسن الأشعريُّ : إرادة الكُفر كفرٌ ، وبناء كنيسة يُكفَر فيها بالله كُفر ؛ لأنَّه إرادة الكفر . الإمام محمَّد بن الحسن - صاحبُ أبي حنيفة ، قال : ليس ينبغي أن تُترك في أرض العرب كنيسة ، ولا بِيعة .. الإمام الشافعيُّ ، قال : ولا يُحدِثوا في أمصار المسلمين كنيسةً ، ولا مجتمعًا لصلواتهم . أي وجود أجماع تام بهدم الكنائس بين شيوخ الأسلام ( فقد قال أبو بكر الطرطوشي : وأما الكنائس ، فإنَّ عمر بن الخطاب أمَر بهدْم كلِّ كنيسة لَم تكن قبل الإسلام ، ومنَع أن تُحَدَّث كنيسة ، وأمَر ألاَّ يظهر علية خارجة من كنيسة ، ولا يظهر صليبٌ خارج من كنيسة إلاَّ كُسِر على رأْس صاحبه . وقال السُّبكي : إنَّ بناء الكنيسة حرام بالإجماع ، وكذا ترميمُها ./ نقل من موقع طريق الأسلام ) .
القراءة :
1 . ما ذكر غيض من فيض ، ولكن المهم أن ما جاء من فتاوى وأحاديث ومرويات حول هدم الكنائس لم يأتي من عدم ، لأن كل ما ذكر ، لا بد من أنه يستند الى نصوص قرآنية أو أحاديث نبوية ! . فمثلا : ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ 19 / سورة آل عمران ) و ( قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ/ سورة التوبة 29 ) . هذين النصين دليل على أن رب القرآن يوصي بألغاء أي دين عدا الأسلام . كذلك الحديث التالي يصب بهذا الأتجاه ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل./ الحديث صحيح رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أبن عمر) . * وعندما يحرم الموروث أي دين عدا الأسلام ، فمن المؤكد أن تهدم أماكن العبادة الخاصة بهذا الدين ، ألا وهي الكنائس .

2 . من جانب أخر ، وفي نظرة لبعض النصوص القرآنية نلحظ ، هناك تضاددا وتقاطعا ومن ثم تناقضا ، مثلا : ( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ .. / 256 سورة البقرة ) و ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ / 82 سورة المائدة ) و ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ .. / 48 سورة المائدة ) . فكيف لقرآن محمد أن ينص بانه لا أكراه في الأعتقاد ، وأن محمدا جاء مصدقا للكتب / للتوراة والأنجيل .. ، ويمدح كهنة المسيحية من القسس والرهبان ، وكيف له بذات الوقت أن يهدم أماكن عبادتهم ! ، فهذه أدلة دامغة على التغيير في النهج القرآني ، وعلى أن القرآن يكتب وفق وضع وحالة وقوة بأس محمد ، فعندما كان ضعيفا ، نراه مهادنا ، وعنما قويت شوكته ، كان معاديا ! .

3 . ولو تركنا كل الموروث الأسلامي جانبا ، ومنه " حديث عبدالله بن عباس : ( لا تكون قبلتان في بلد واحد ) وفي لفظ : (لا تصلح قبلتان في أرض واحدة ) رواه أبو داود ، وحديث عائشة : ( لا يترك بجزيرة العرب دينان ) رواه أحمد ، وحديث أبي عبيدة ابن الجراح : ( لا يبقين دينان بأرض العرب ) رواه البيهقي . / نقل من موقع صيد الفوائد " . وكل ما سبق ذكره من آيات وأحاديث وفتاوى ، أجمالا فهو موروث ماضوي مجهول ، كتب بزمن وظرف ومكان معين ، فهل يعقل ونحن في القرن 21 أن نطبق نهج ما نصت عليه نصوص غير متأكدين من كاتبها ، أو من أحاديث لم نتيقن من قائلها ! .

4 . ونحن في هذا المقام أود أن أسرد بعضا من أحداث هدم أو حرق الكنائس أو الأعتداء على المصلين في مصر ( في زمن العهد الملكي : حرق كنيسة الزقازيق في مارس 1947 م ، حرق الكنيسة القبطية بالحضرة بالإسكندرية فى شهر أبريل سنة 1947 م .. في زمن أنورالسادات : الاعتداء على جمعية النهضة الأرثوذوكسية بسنهور 1972 م ، قام المسلمين بحرق جمعية الكتاب المقدس فى 6 نوفمبر عام 1972 ، فى سنة 19/3/1979م حرقت كنيسة قصرية الريحان بمصر القديمة التى تعتبر من الآثار المسيحية الهامة لأقباط مصر حيث أتت عليها النيران بالكامل ولم يبق منها شيئا .. في زمن حسني مبارك : أحراق كنيسة بورسعيد .. أواخر شهر يوليو 1990 م ، إحراق كنيسة مار جرجس - مركز منيا القمح - محافظة الشرقية 15/4/1990م . حريق كنيسة الأنبا ابرام ، بالعزب الفيوم في 19/4/1996 م .. والقائمة تطول في زمن مرسي والسيسي ، نقل من / موسوعة تاريخ أقباط مصر ) .. هذا مجرد بعضا مما ذكر من أحدث الأعتداء على أماكن عبادة أقباط مصر .. وجهل المسلمين آية ( وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ / 190 سورة البقرة ).

أضاءة : لو وضعنا كل ما سبق في جانب ، وجادلنا محور واحد ، ألا وهو " أن معظم الموروث هو كلام الله - أي القرآن ، عدا الفتاوى / والتي هي أيضا مستندة على نصوص أو أحاديث ، وحتى أن أحاديث محمد هي من الله ، وذلك لأن محمدا : ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى / سورة النجم : 3، 4 ﴾ ، وتفسير ذلك " على حجيَّة السنَّة ؛ لأنَّ الآية في نظرهم عامَّة لكل ما يَنطق به الرسول ، سواء كان قرآنًا أو غيـرَ قرآن .. / نقل من موقع الألوكة " . نخلص من كل ذلك أن هدم أو حرق أو عدم تشييد الكنائس هي من الله ، وهنا أيضا نتساءل أن المسيحيين هم أيضا عباد الله ، وأن المسيح هو ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرَوُحٌ مِنْهُ / 171 سورة النساء ) ، فكيف يكون المسيح الذي هو كلمة الله وروح منه ، والله ذاته يلاحق أتباعه ويأمر بهدم وحرق كنائسهم .. أرى أن كل الموروث الأسلامي ، فيما يتعلق بموضوع الكنائس ، بعيدا عن المنطق ، لأنه موروث هش هلامي تكفيري ، غايته ألغاء كل ما هو غير أسلامي ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا


.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س




.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و