الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 93

ضياء الشكرجي

2022 / 8 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إِنَّ الَّذينَ كَفَروا لَن تُغنِيَ عَنهُم أَموالُهُم وَلا أَولادُهُم مِّنَ اللهِ شَيئًا وَأُلائِكَ هُم وَقودُ النّارِ (10)
القرآن لديه مشكلة مستعصية مع من يسميهم «الَّذينَ كَفَروا» وعقدة مستأصلة تجاههم، فهم أصحاب النار وسكنتها ووقودها وحطبها ومعذَّبوها التعذيب الأبدي بلا انقطاع ولا فتور، حيث علمنا من خلال استجلاء القرآن إن مصطلح «الَّذينَ كَفَروا» القرآني لا يعني إلا غير المسلمين، وفي مقابله مصطلح «الَّذينَ آمَنوا» لا تعني إلا المسلمين. وإلا فما تقرره الآية بأن الثروة والأولاد والعشيرة والجاه والسلطان، وغيرها مما كان الإنسان يتمتع به من عناصر القوة في هذه الحياة، لن تنفعه في تلك الحياة، إلَّم يكن كل ذلك سبيلا لفعل الخير ونفع الناس، أو على الأقل ما لم يكن كل ما ذكر لم يحصل عليه بظلم، أو سخره لما فيه الظلم. لكن من الناحية العقلية فإن موازين الثواب والعقاب عند الله، بناءً على عدله المطلق، وبخلاف ما يقوله القرآن، وأديان أخرى، لن يؤخذ فيها بالإيمان بثمة حقيقة من حقائق ما وراء الطبيعة، أو عدم الإيمان، خاصة إذا كان عدم الإيمان كان لسبب عدم الاقتناع.
كَدَأبِ آلِ فِرعَونَ وَالَّذينَ مِن قَبلِهِم كَذَّبوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنوبِهِم وَاللهُ شَديدُ العِقابِ (11)
إذا كان ما يسميه القرآن بالتكذيب هو مجرد عدم التصديق بأمور لما وراء الطبيعة، لعدم الاقتناع، وليس تكذيبا من قبيل المعاندة والمكابرة لمصالح مادية، ولو على حساب مبادئ العدل، فهذا النوع من التكذيب لا يستحق أي مستوى من مستويات العقاب، ناهيك عن استحقاق كل ألوان العذاب الدنيوية والأخروية التي يصورها القرآن، ومن قبله العهد القديم، فهو عقاب بغير حق، أي عقاب على ما لا يُعاقَب عليه وفق موازين العدل، وبالتالي يكون ذلك (العقاب) ظلما، سواء كان دنيويا أو أخرويا، بينما يجب تنزه الله عن الظلم. نعم، سيقال إن فرعون وآل فرعون قد مارسوا ضد بني إسرائيل الظلم والقمع وأذاقوهم كل ألوان العذاب إذ كانوا «يُذَبِّحونَ أَبناءَهُم وَيَستَحيونَ نِساءَهُم»، فإن هذه الآية تذكر سببا رئيسا لتعذيبهم بذنوبهم، ذلك كونهم كذّبوا بآياته.
قُل لِّلَّذينَ كَفَروا سَتُغلَبونَ وَتُحشَرونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئسَ المِهادُ (12)
وهذه الآية تؤكد، كما العديد من آيات القرآن، إن مشكلة الله القرآني الرئيسة مع من لم يؤمن هو عدم إيمانه، الذي يسميه القرآن كفرا وغير المؤمنين كفارا، بكل ما تحمله الكلمة من أثقال العداوة والبغضاء. يمكن أن يقال هنا تعني الآية المشركين، أو عموم غير المسلمين من الجزيرة العربية، الذين عادوا المسلمين بسبب تحولهم من دين آبائهم إلى الدين الجديد. ربما يكون ذلك صحيحا، والتاريخ كله مشكوك فيه، مع هذا لنفرض صحة ما رواه المسلمون من تاريخ، لكن عندما قوي عود المسلمين وترسخ سلطانهم، وعندما تحول النبي من بشير ونذير إلى رئيس للسلطة السياسية في المدينة، والقائد العام للقوات المجاهدة في سبيل دينه الجديد، تحولوا من «لا إِكراهَ فِي الدّينِ» ومن «مَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر» إلى «مَن يَتَّخِذ غَيرَ الإِسلامِ دينًا فَلَن يُّقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الخاسِرين»، وإلى «قاتِلوهُم حَتّى يَكونَ الدّينُ كُلُّهُ للهِ»، أي ألا يكون دين في الجزيرة غير الإسلام.
قَد كانَ لَكُم آيَةٌ في فِئَتَينِ التَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ في سَبيلِ اللهِ وَأُخرى كافِرَةٌ يَّرَونَهُم مِّثلَيهِم رَأيَ العَينِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصرِهِ مَن يَّشاءُ إِنَّ في ذالِكَ لَعِبرَةً لِّأولِي الأَبصارِ (13)
دائما يكون قتال المؤمنين إيمانا مطلقا بعقيدة ما، سواء كانت دينية أو آيديولوجية أو حتى سياسية، يكون قتالهم شديدا وشرسا، وذلك من خلال انتزاعهم الخوف من الموت من قلوبهم، ويكون القتال أشرس وأشد وأعنف وأكثر إقداما، عندما لا يكتفون بانتزاع الخوف من الموت من قلوبهم، بل عندما تكون نفوسهم محبة للموت مشتاقة إليه، لأنه موت من أجل ما هو أغلى وأهم وأقدس من حياتهم ومن حياة الناس أجمعين. قد يكون الأمر الذي يبعث على هذه المشاعر هو الوطن، أو قائد محبوب، يصل حبه إلى الذروة فيكون معبودا، أو يكاد يكون كذلك، أو عقيدة يعتقد معتنقوها أنها الحقيقة المطلقة، التي لا حقيقة سواها، لكن يمكن أن يكون الدافع هو قيمة إنسانية عليا. وتصل هذه المشاعر الذروة، عندما يكون المقدس الذي يقاتلون من أجله، هو أقدس الأقداس، وهو المطلق، ألا هو الله، ولذا فهو قتال «في سَبيلِ اللهِ»، ومن هنا يعادل المقاتل الذي يعتقد جازما أنه يقاتل «في سَبيلِ اللهِ» مقاتلين من الجهة الأخرى، كما في هذه الآية، بل وسنجد في موقع آخر أنه يعادل عشرة مقاتِلَينِ من الطرف الثاني، وهذا الشعور بالغلبة لا يقتصر على من يعتقد أنه يقاتل «في سَبيلِ اللهِ»، بل ينعكس حتى على الطرف الثاني نفسيا، لأنهم يرون منهم هذا الإقدام على الموت والشوق إليه من هؤلاء. وهنا يحوّل مؤلف القرآن، وهو نفسه القائد الآيديولوجي والقائد السياسي والقائد العسكري، هذه الحالة النفسية إلى إعجاز إلهي، فهي «آيَةٌ»، بتحولها من حالة نفسية إلى واقع منعكس على الطرف الآخر، إذ «يَرَونَهُم مِّثلَيهِم رَأيَ العَينِ»، وإلى إرادة إلهية «وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصرِهِ مَن يَّشاءُ».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا ليت قومي يفقهون!!!
سمير أل طوق البحراني ( 2022 / 8 / 23 - 06:34 )
اشكرك جزيل الشكر على هذه الاضآءآت القيمة ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داود؟؟. لو ان المسلم يضع القدسية عن كتابه جانبا ويقراه بترو ويسال نفسه اسئلة منطقية واهمها هو: هل الله الخالق لجميع الكآئنات من اصغرها الى اكبرها بحاجة الى الدفاع عنه وهو الذي يقول للشيء كن فيكون؟؟. هل الله بحاجة الى اختبار البشر وهو من خلقهم وكيفهم حسب ارادته؟.هل عقلي وعقل البرت ايناشتين متساويان في الخلقة؟؟. حديثا ابتلى العالم بفيروس الـ Corona وفتحت المساجد والجوامع والكنائس وكل دور العبادة للدعاء ومن بين الداعين آبات الله والمتكلمين باسمه وكان اول الضحايا هم من يدعون التكلم باسمه فاين ( ان تنصروا الله ينصركم ؟؟). اليس القوانيين المسيرة للاكوان حسب ارادة الخالق هي المسيطرة والذكي هو من عرف استعمالها وتسخيرها لخدمة البشرية والشاهد على ذالك تقدم التكنولوجيا في جميع المجالات. اليس هذا دليل واضح على ان الاديان بشرية الهوى والهوية هدفها تركيع الانسان باسم السماء؟؟؟؟؟. سلام عليكم.


2 - اله الاسلام
كامل حرب ( 2022 / 8 / 24 - 02:26 )
مقال رائع يوضح لغه العنف والكراهيه والمراره تجاه الكفره المشركين اعداء الله والدين من قبل المسلمين اصحاب الحقيقه المطلقه فى الوجود , حاولت ان افهم كثيرا تعبير اعداء الله ؟ كيف يكون لله اعداء ؟ واضح ان هذه لغه بدويه بشريه دمويه ولاعلاقه لهذا الاله بهؤلاء البدو المجاذيب

اخر الافلام

.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية


.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في




.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو