الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعيدوا بناء حركتكم قبل فوات الأوان

صلاح بدرالدين

2022 / 8 / 23
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


مانحتاج اليه الان نحن الكرد السورييون ، وامام هذه المحنة التي نعيشها ، والازمة التي تتفاقم كل لحظة ، ليس اللطم على الأوجه ، او الشكوى ، والعتاب ، او انتظار – غودو – الذي لن يأتي ابدا ، او الاستكانة والاستسلام للامر الواقع ، بل ان نشمر عن السواعد ، ونواجه الواقع المر بشجاعة ، ونضع أيدينا على الجرح ثم نداويه بما يلزم ، ولنعلم جميعا ان انصاف الحلول لم تعد تجدي نفعا ، وليس امامنا سوى الحسم الذي سيفتح طريق معالجة قضايانا القومية ، والوطنية .
كل الدلائل تشير الى وصول الكرد السوريين لبداية مرحلة الافتراق النهائي مع أحزابهم الراهنة في طرفي الاستقطاب ، بعد جنوح بعضها نحو خندق من يعتبرون من الأعداء ، والخصوم ، واستعدادات بعضها الآخر لسلوك نفس المسار ، بالداخل الوطني ، وخارجه ، واختيارها طريق البحث عن مصالحها الذاتية ، والحزبوية الضيقة الخاصة ، على حساب مصالح مجموع الشعب ، واتخاذها مواقف وسياسات بعيدة كل البعد عن ما تتطلبها القضايا المصيرية القومية ، والوطنية ، والحياتية ، وصولا الى تهديدها لأواصر التماسك المجتمعي ، والعبث بعوامل ، وشروط التشكل القومي الطبيعي ، والوجود الجيوسياسي بغية فقدان شعبنا استحقاقاته السياسية ، والدستورية المستندة الى مبدأ حق تقرير المصير ، ومن ثم التضحية باالامن الفردي والجماعي ليس في المناطق الحدودية فحسب بل في أعماقها ، وجوانب تخومها ، مما ينذر كل ذلك بوقوع كارثة الافراغ التام ، والهجرة الجماعية ، وتحول مناطقنا الى ارض بلاشعب ، كماارادت النظم الشوفينية ، وحكم البعث ، وكما خطط لذلك منظروه الفاشييون أمثال – محمد طلب هلال - ، وهلل له الى درجة التواطؤ ( اكراد النظام ) منذ عقود ، من تيارات حزبية معروفة ، انتهاء بالسيد – اوجلان – وكان التاريخ يعيد نفسه الان بوطني .
أحزابنا الراهنة غير محصنة تغرد خارج اسوار التاريخ
تشكل الأحزاب السياسية لدى أي شعب أدوات وآليات العمل والتعبئة ، والتنظيم ، وهي وسائل وليست الهدف ، في مختلف المراحل التاريخية ، خلال الكفاح الوطني ضد الاستعمار ، وبناء الدول ، وإنجاز الاستقلال ، وإرساء قاعدة النضال الاجتماعي ، والاقتصادي ، ومن اجل تحقيق الديموقراطية ، وضد الاستبداد ، وتتبدل الأحزاب ، وبرامجها السياسية ، وقياداتها ، وأسماؤها او تزول ، وتقام غيرها حسب الظروف والاحوال والمتطلبات ، وتبقى الشعوب ، والاوطان ، والاهداف المتجددة ، والآمال ، والطموحات .
الحركة السياسية الكردية السورية المنظمة الاصيلة بدأت من عشرينات ، ومنتصف خمسينات القرن الماضي ، اما الأحزاب الراهنة وبالرغم من صلات القربى الواهية جدا فانها لاتشبهها ، فهي حديثة ظهرت في السبعينات ، والثمانينات ، والتسعينات ، وغالبيتها نتيجة ظروف استثنائية ، وولادات مشوهة في جنح ظلام اقبية – محمد منصورة - وارهاصات عوامل خارجية ، سلوكها غالبا ما يتعارض مع السمات الأساسية لشكل ومضمون الحركة الكردية السورية التي قامت عليها ، من حيث طابعها السلمي المدني ، وتقاليدها الديموقراطية ، ونزاهتها ، والحوار السلمي بين تياراتها المتباينة واحترام المقابل المخالف ، ومنطلقها المبدئي المستند الى حق تقرير المصير ، والتلاحم النضالي مع الحركة الديموقراطية السورية المعارضة للاستبداد ، والقابلة لسوريا تعددية والحقوق الكردية المشروعة والشراكة ، واستقلالية القرار النابع من الشخصية القومية والوطنية الكردية السورية ، ونحن هنا نتحدث عن موضوع عام ، ونستثني حالات فردية والعديد من المناضلين ، وذوي النوايا الحسنة دائما وفي كل حزب ، وفي مختلف المراحل .
أحزاب طرفي الاستقطاب تعيش في فراغ فكري واسع ، وتفصلها هوة سحيقة عن التاريخ النضالي لحركتنا ، وتعاني من ازمة الهوية والانتماء في المجالين القومي ، والوطني ، هل هي أحزاب كردية سورية أم غير ذلك ؟ هل تعتبر نفسها تعمل في مرحلة تحرر وطني وتمتلك مزاياها ، وتطبق شروطها ، ام أحزاب حاكمة او شريكة في سلطة افتراضية ؟ او أحزاب معارضة ولكن لمن ؟ هل هي أحزاب مدنية تتمسك بالعمل السلمي ، ام فصائل مسلحة ، او لها أذرع عسكرية ، تحضيرا للكفاح المسلح من اجل تحقيق أهدافها بالعنف ، والقتال وهي ليست اهداف قومية ووطنية واضحة ؟ ، هل تدرك هذه الأحزاب حقيقة الواقع السوري ، والظروف الخاصة بالحالة الكردية ؟ ، هل تؤمن حقا بضرورة إعادة بناء الحركة الكردية المفككة ، وبأن الغالبية الساحقة من الوطنيين الكرد والمنتجين من الشباب ومتوسطي الاعمار في مجالات الحياة العامة ، والعيش بكرامة ، وعلى اصعدة الفكر ، والثقافة ، والعمل الإبداعي قد فقدت الثقة بها ، وهي في مرحلة التحضير لتقديم الأفضل ؟ .
صفحات تاريخ الحركة السياسية في منطقتنا مليئة بالدروس ، وبتجارب أحزاب كبرى ، وعظمى قامت ، وغابت ، اما بعد انتهاء مهامها ، وانتقالها الى مراحل جديدة ، او بسبب فسادها ، واخفاقاتها ، بعض تلك الأحزاب قادت الكفاح التحرري لشعوبها ، وبعضها اقام دولا مستقلة ، وأخرى أخفقت في تحقيق الهدف النهائي ، ثم ظهرت البدائل المناسبة في الكثير من الحالات ، وعلى سبيل المثال اين حزب " جبهة التحرير الجزائرية " الان ؟ وماذا حل بحزب " المؤتمر الهندي " حزب غاندي ونهرو وانديرا ؟؟ وماذا حصل لحركة فتح الفلسطينية ؟؟ وأين الأحزاب الشيوعية بالمنطقة ؟ وكذلك حركة القوميين العرب .
المغزى من هذا الكلام ان تلك الأحزاب غابت عن المشهد ، او تراجعت ، او فقدت الدور والمكانة ولكن الشعوب ، والدول ظلت ، والحياة لم تتوقف بل استمرت وفي بعض الأحيان افضل من السابق ، وفي وضع شعبنا ، وحركتنا المشخص الذي لايحسد عليه ، يكاد يكون هناك شبه اجماع على وضع اللائمة على الأقل منذ عشرة أعوام من التراجعات ، والاخفاقات ، والغياب الكامل لاي بصيص امل على عاتق أحزاب الطرفين المتصدرة للمشهد ، ليس ذلك فحسب بل ان كل الدلائل تشير الى ان الحالة الكردية مقبلة على كارثة حقيقية مادامت هذه الأحزاب متشبثة بالمواقع ، والمصالح ، وان المعادلة الراهنة بلغت حد الاختيار بين الشعب من جهة وبين تلك الأحزاب من الجهة الأخرى ، فاحزاب الطرفين تكمل وظيفيا بعضها الاخر ، وتتبادل الأدوار ، وتتفق على إدارة الازمة والامتناع عن حلها ، وعرقلة كل المساعي ، والمشاريع ، والمبادرات التي تصدر باشكال مختلفة عن الوطنيين المستقلين ، والشباب ، والناشطين ، فهل يعتقد المتنفذون بهذه الأحزاب التي لاتشبه الأحزاب بشيئ ان القضية ملك لهم ، والشعب من رعاياهم ؟ .
وسائل اعلام أحزاب طرفي الاستقطاب ( ب ي د و ب د ك – س ) وجدت لها هذه الأيام ماتشغل نفسها بها ، فاعلام الطرف الأول اعلام حربي يتابع القصف التركي ويسجل اعداد ضحايا الجنود الاتراك ؟! ويدعو الناس الى المقاومة والصمود ، والاستمرار بحفر الخنادق .
اما اعلام الطرف الثاني فكأنه يظهر الوضع في البقية الباقية من الساحة الكردية السورية بالأمان ، والاستقرار ،والحريات العامة ، ويغطي تحضيرات – افتراضية - لمؤتمر الانكسي الذي سيصنع المعجزات ؟! .
ومن دون الخوض في مدى صدقية اعلام الطرفين فهو اعلام جبان لامكان فيه للرأي الآخر ، واكثر من ذلك لايظهر فيه – المتنفذون – بل يتم تكليف اشباه صعاليك من كتبة التقارير المعروفين منذ بداية الثورة السورية الذين لامصلحة لهم في تغيير الوضع ، كما اود الإشارة الى مسالة بغاية الأهمية وهي ان هناك قطاع واسع من وطنيينا المستقلين ، ونشطائنا لايتفقون مع مواقف ، واطروحات ، اعلام الطرفين الحزبيين ، ومايرميان اليه ، ان كان في مجال سلامة المناطق ، او بخصوص – المؤتمر - ولكن من دون طرح ، وشرح الحلول البديلة لجلب السلام والامان لشعبنا ، ومعالجة ازمة الحركة ، وهذا موقف ضعيف لايعتد به ، وعلى أصحابه السكوت ، ففي مثل هذه الحالة الاستثنائية التي يعيشها شعبنا احوج مانكون الى الوضوح والحسم ، فلامفر من خطوة استثنائية ، انقاذية لحل الازمة ، وهي التوافق الفوري بين الوطنيين المستقلين – وهم غالبية شعبنا – والأحزاب لتشكيل لجنة تحضيرية للاعداد لمؤتمر كردي سوري جامع لمواجهة جميع التحديات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024