الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس- الهجرة غير النظامية

الطاهر المعز

2022 / 8 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


خبر وتعليق

الخَبَر:
أعلنت وكالة الأنباء الرسمية (تونس أفريقيا للأنباء – وات)، يوم الرابع عشر من آب/أغسطس 2022 ، أن حرس السواحل التونسي أحبط محاولة من قبل ستمائة شخص كانوا على وشك عبور البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا.
التّعليق:
أصبحت تونس دولة عبور للمهاجرين من جنوب الصحراء الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا، عبر البحر الأبيض المتوسط، خاصة منذ عدوان الناتو وتدمير مؤسسات الدّولة في ليبيا، ما تسبب في فقدان الوظائف لما يقرب من ثلاثة ملايين شخص من المهاجرين الأفارقة الذين كانوا يعملون في ليبيا، كما يخاطر العديد من التونسيين بحياتهم هربًا من البطالة والفقر والبؤس، ليصل عدد التونسيين والتونسيات الذين وصلوا بطريقة غير نظامية إلى سواحل إيطاليا 18 ألف رجل وامرأة تونسيين عن طريق البحر سنة 2021، ويُتوقّع أن يتجاوز العدد عشرين ألفًا، سنة 2022، فيما تقدّر الأمم المتحدة عدد الوفيات المعروفة بسبب الغرق في البحر الأبيض المتوسط بأكثر من ألفين سنويًا.
أما أسباب ارتفاع عدد المُخاطِرِين بحياتهم، فتتلخّصُ في إغلاق الحدود الأوروبية وصعوبة الحصول على التأشيرات، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية في تونس، إذْ فَرَضَ الإتحاد الأوروبي اتفاقيات اقتصادية غير عادلة على البلدان المغاربية، مما سمح للشركات الأوروبية متعددة الجنسيات بنهب الثروات والسيطرة على الأسواق، دون تقديم أي تنازلات، بل على العكس من ذلك، إذ انخفض هناك عدد الطلاب وعدد المنح الجامعية، وعدد السائحين أو العاملين من المغرب العربي في أوروبا، ويتعرض المغاربيون الذين يعيشون ويعملون في أوروبا لحملات استفزاز واستهزاء من قبل السلطات العامة (من خلال القوانين والإعلانات الرسمية والمضايقات الإدارية) ومن قبل وسائل الإعلام التي هي ملك لشركات تستغل ثروات المغرب العربي والقارة الأفريقية.
لقد نقل الاتحاد الأوروبي حدوده إلى المنطقة المغاربية، لتتحوّل قوى الأمن الداخلي التونسية إلى حرس حدود للاتحاد الأوروبي من خلال اعتراض القوارب في البحر، وتُراقب شرطة الحدود التونسية تأشيرات المسافرين القاصدين أوروبا بالطائرة أو بالباخرة، ومُساعدة أوروبا على الحد من عدد المهاجرين، في حين أن ذلك ليس من مهامها، بل وجب أن تتكفّل الشرطة الأوروبية بمراقبة تأشيرات السفر وحماية حدودها...
لقد انتفض المواطنون التونسيون منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر 2010، وأعربوا عن أملهم في أن يؤدي رحيل رمز النظام القمعي والفاسد (بن علي) في الرابع عشر من كانون الثاني/يناير 2011، إلى تحسين الظروف المعيشية، لكن عَشْرِيّة حُكم الإخوان المسلمين (2012 - 2021) كانت أسوأ من العقد السابق، ما أدّى إلى ارتفاع عدد الراغبين في الهجرة غير النظامية، وهي الطريقة الوحيدة للوصول إلى أوروبا، على أمل العثور على وظيفة ومصدر دخل هناك، ولم تظهر بوادر التغيير بإزاحة راشد الغنوشي وتنصيب قيس سعيّد كرئيس ذي صلاحيات واسعة.
تُشير الأرقام والتوقعات إلى ارتفاع عدد المهاجرين غير النظاميين انطلاقا من سواحل تونس نحو أيطاليا، سنة 2022، مُقارنة بسنة 2021، لتشمل الهجرة غير النظامية، منذ سنة 2014، فئات عديدة من المجتمع، بمساعدة الأُسْرَة والأقارب، لجمع تكاليف الرّحلة التي تُقارب عشرة آلاف دولارا، وقَدّر بعض الباحثين التونسيين عدد المهاجرين من ذوي الخبرات والمُؤهّلات (أطباء أو مهندسين أو خبراء في مجالات الإعلامية والإتصالات) بنحو عشرة آلاف سنويا، من 2011 إلى 2021...
تعود أسباب الهجرة غير النظامية إلى تفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في تونس وإغلاق حدود الاتحاد الأوروبي، فكانت شبكات التهريب هي المستفيد الأول، ولم تحل الحكومات المتعاقبة في تونس بعد انتفاضة 2010/2011 أيًا من المشاكل التي كانت السبب المباشر لثورة المواطنين. على العكس من ذلك ، فقد تضاعف حجم الدَّيْن العام الخارجي خلال عشر سنوات، وبالغ النظام الضريبي في مُحاباة الأغنياء وإلحاق الضّرر بدخل الأُجَراء والموظفين والمُزارِحين وصغار الحِرَفِيِّين، وانهارت منظومة الصحة والتعليم والتدريب لتصبح مخصصة لمن يستطيع الدفع.، فيما ترتفع أسعار السلع والخدمات الضرورية والأساسية، بالتوازي مع انهيار قيمة الدّينار وانخفاض القيمة الحقيقية لدخل الأجراء وصغار المزارعين والحرفيين، وفقد الشباب، بمن فيهم خريجو التعليم العالي، الأمل في العثور على عمل، واضطرُّوا للعمل في الاقتصاد غير الرسمي الذي يمثل ما يقرب من 50% من الناتج المحلي الإجمالي.
تدهور الوضع السياسي والاقتصادي على مر السنين، ولم يتغير الأمر بإزاحة الإخوان المسلمين وحلفائهم من رجال أعمال فاسدين وشرائح من النظام السابق، ولم يُطْلِق قيس سعيد وُعودًا لتحسين أوضاع العاطلين عن العمل أو الفقراء، بل اكتفى بخطب غامضة عن محاربة الفساد، ولكن لا شيء يشير إلى أن لديه برنامجا اقتصاديا يهدف إلى القضاء على البطالة والفقر، بل على العكس من ذلك، فإن حكومته تتوسل للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بشروط شديدة القسوة، مما سيؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي ومصادرة مستقبل الأجيال القادمة، فما العمل، غير المقاومة والنضال دون هوادة من أجل مجتمع يُساهم فيه الجميع بجهودهم لإنتاج ما يحتاجه المواطنون، ويحصل الجميع على حاجتهم من السلع والخدمات والتعليم والثقافة والترفيه...
تتحمّل قيادات النهضة وحلفاؤها في جبهة الخلاص الوطني"، مسؤولية مسار ما قبل 25 تموز/يوليو 2021 وتتحمل النهضة تتحمل مسؤولية الديمقراطية الشّكلية والزائفة وما أنتجته من فساد وارتفاع الأسعار والبطالة والفَقْر والدُّيُون الخارجية وشَرْعَنت قيادات النهضة نهب موارد البلاد، واعتبرت المال العام غنيمة حرب تتقاسمها هذه القيادات "تعويضًا على ما فات"، وتحالفت مع رُمُوز نظام الحُكْم السابق (اتفاق الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي في باريس- آب/أغسطس 2013) وأصدرت عفوا عن أركان النظام السابق وعن الأثرياء ورجال الأعمال والمسؤولين عن الفساد والسرقة والتهرّب الضريبي، قبل الإنتفاضة، ومع ذلك فإن الرئيس قيس سعَيّد لم يطرح بديلاً لمكافحة الوضع الذي أدّى إلى انتفاضة 2010/2011، ثم إلى الإحتجاجات والمظاهرات ضد فساد الإخوان المسلمين (النهضة)، ولا تزال حكومة قَيْس سعَيِّد تُهْمل المشاغل الحقيقية لأغلبية المواطنين الذين فقدوا حوالي 50% من قيمة الدّخل الحقيق، مع انخفاض قيمة الدّينار بنحو 60% خلال الفترة 2020 - 2022، وارتفاع الأسعار والفقر والبطالة، ولم تُعلِنْ حكومة ما بعد 25 تموز 2021 عن خطة إصلاح اقتصادي، وتتسوّل قرضًا من صندوق النقد الدّولي، ويُشارك جيشها في مناورات عسكرية بالمغرب مع الجيش الأمريكي والصهيوني...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام