الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش... من المراحل السوداء في تاريخ العراق

اسراء حسن

2022 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


(داعش) تنظيم مسلَّح يتبع فكر جماعات السلفية الجهادية، ويهدف أعضاؤه إلى إعادة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة من خلال ما تُسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام.
كنتبجة لتفشي الفساد وسيادة حالة الانقسام المجتمعي على أسس طائفية وقومية وايديولوجية دخل التنظيم الإرهابي الى العراق بسهولة في 9 حزيران/يونيو 2014 واحتلال كل من الموصل والانبار وصلاح الدين وكركوك، فعاث فيها الخراب والفساد وحولها لساحة حرب أنهى بواسطتها البنى التحتية لتمسي أماكن منكوبة حيث وصل حجم الدمار ذروته.
كان الوضع القائم في الداخل صعب للغاية اذ سادت روح التشرذم والفوضى والانقسام فهذا طالب وذاك مطلوب واستبيحت الارواح تحت ذرائع واهية اساسها الحقد والتعطش للدماء كان اغلب ضحاياها المواطن البسيط. تسببت الحرب على التنظيم بنزوح ملايين العراقيين عن ديارهم، إذ أصبح السكان بين نازح ومهاجر وسبايا يتم استغلالهن أو بيعهن في سوق النخاسة والرق.
بات الملايين من المهجرين يسكنون الخيام دون أن تتوفر أبسط متطلبات العيش بالإضافة لعدد كبير يقطن في مناطق عشوائية مثل مبان مهجورة أو غير مكتملة ومجمعات حكومية سابقة تعود إلى ما قبل عام 2003. جدير بالذكر ان أكثر من ستة ملايين شخص نزحوا داخل العراق بين عامي 2014 و2017 خلال الحرب مع داعش، حيث تجاوز عدد المخيمات 20 مخيم يسكن فيها عشرات الآلاف من العائلات موزعة على عدة محافظات منها بغداد وإقليم كردستان ونينوى والأنبار بشكل رئيس وفي محافظات أخرى على نحو أقل، هذا في ظل اهمال حكومي قالت عنة الأمم المتحدة (آخر شيء تفكر بةِ الحكومة العراقية هو اللاجئيين والمهجرين ).
وعن الحياة داخل مخيّمات النزوح فالمأساة تتكرّر في فصل الشتاء من كل عام بدءا من انخفاض درجات الحرارة وإغراق المخيمات بمياه الأمطار والأوحال وبسبب السكن في خيام مهترئة تنتشر الأمراض، ناهيك عن محاولات الحصول على الدفئ بوسائل بدائية التي قد تُعرّض حياتهم وصحتهم للخطر، ويتذكّر نازحون مناسبات عدّة عاشوها في مخيّماتهم، من بينها ما هو حزين ومؤلم، كفقدانهم أقاربهم أو جيرانهم في خيام أخرى توفوا نتيجة إصابتهم بأمراض خلال الشتاء أو احتراق خيّم بالعوائل التي تسكنها نتيجة استعمال الحطب لتدفئتهم من برد الشتاء القارص. والصيف ليس بأفضل حال من الشتاء إذ يعاني الأهالي بسبب درجات الحرارة المرتفعة وهبوب العواصف الترابية. ولا يمكن توفير الكهرباء بشكل مستمر لاستعمال المراوح أو أجهزة التكييف ما يتسبب بمعاناة كبيرة وما زاد معاناتهم أكثر هو توقف المساعدات الحكومية إذ لا يستطيع معظم سكان المخيمات من توفير متطلباتهم الأساسية.
بأت نازحون العراق الذين يعيشون في الداخل بين مطرقة الحرمان من الحقوق وسندان العودة المحفوفة بالخاطر، فهناك صعوبة كبيرة في إعادة جميع النازحين، إذ أن بعضهم سلبت منازلهم وأراضيهم وأعمالهم، أما مرحلة ما بعد اعلان تحرير العراق من سيطرة داعش سعت الحكومة الى لإغلاق المخيمات وإعادة النازحين إلى مناطق سكناهم إذ لم يعد بالأمكانِ توفير احتياجاتهم على مدار السنة بعد سرقة التخصيصات المالية والمساعدات من قبل بعض المسؤولين في الدولة ، لكن الكثير منهم لا يريدون العودة والأسباب مختلفة، أبرزها سيطرة فصائل مسلحة على مناطقهم، ورفضهم الانسحاب منها تحت ذرائع مختلفة، بالإضافة إلى أمور تعرقل عودة العوائل الى سكناهم منها الفصل العشائري والتكفل بإعطاء الدية، وبعضهم مهدّد بالقتل من قبل أهالي مناطقهم على خلفية انتماء أو إتهام بانتماء أبنائهم لتنظيم "داعش".
أن مشكلة النازحين لا تكمن فقط في إغلاق المخيمات، بل العقبات تأتي بعد الإغلاق والتي تتعلق بالناحية الاجتماعية والاقتصادية والمالية والخدمات والتأهيل، علاوة على الناحية الأمنية وعمليات التغيير الديموغرافي والابتزاز السياسي وملف التعويضات، فإذا حققت الحكومة تقدما في تلك الملفات حينها يمكن الحديث عن بداية لحل أزمة النزوح التي تحتاج سنوات من المعالجة. ، إن من يتصور أن أزمة النازحين مرهونة بمخيمات هنا أو هناك فهو واهم، لأن أزمة النزوح هى أزمة كبيرة وعميقة، والحل الجذري لها يتطلب خطوات ومهام كثيرة واقعية وعملية وتعويضية على الأرض فيها الكثير من الالتزامات الحكومية الواجب تطبيقها، فالأمر ليس كما يفهم الآن بأن غلق مخيم ماهو نهاية الأزمة، ففي الحقيقة أن إغلاق مخيم هو عملية انفتاح على أزمات أخرى متداخلة "أخلاقية- اجتماعية- مالية - اقتصادية".
في الحقيقه والواقع ان أزمة النازحين لم ولن تنتهي لعدة أسباب، أهمها هو أن، إغلاق المخيمات هو حالة من الإعادة القسرية للنازحين، وذلك لأن مناطقهم لا تزال تعاني من الدمار، ولا توجد منازل صالحة للسكن وبعض النازحين يسكنون في خيم أمام منازلهم المدمرة، ولا تزال المناطق تفتقر إلى الخدمات الأساسية، والأمن. بطبيعة الحال لا توجد هناك خدمات مثالية، فغالبية المدن العراقية تعاني من نقص

الخدمات، فهي مشكلة عامة أصبحت وليست مقتصرة على المناطق التي شهدت عمليات نزوح.
أما عن الملف الأهم والواجب تسليط الضوء عليه وهو أوضاع الأطفال النازحين، وبيان مستوى الحرمان الذي يعانيه هؤلاء الأطفال داخل المخيمات وخارجها يثير القلق، والسبب في ذلك هو العجز عن الالتحاق بمنظومة التعليم الرسمي بسبب الافتقار إلى الوثائق الثبوتية الشخصية أو بسبب القيود المفروضة على الحركة، وهو ما يقود إلى ظهور جيل من الأطفال المهمشين حيث يعاني معظمهم من الصدمة النفسية جراء أعمال العنف التي عاشوها .
ولا يخفى ان هناك عشرات الآلاف من "أطفال داعش" الذين بايعت عائلاتهم التنظيم، منبوذون اجتماعيا ووجودهم أصبح غير معترف به قانونيا في العراق بعد انهيار ما يسمى بالدولة الإسلامية لا يستطيعون الاستفادة من النظام الصحي بدون بطاقة شخصية ولا يحصلون على المساعدات الغذائية، ولا تتاح لهم فرصة الذهاب إلى المدرسة. هناك عدد قليل فقط من المنظمات غير الحكومية تحاول مساعدتهم. حيث يلتقون بجيل تحمّل حكم ما يسمى بالدولة الإسلامية وعايش الحرب والعنف الذي نتج عنها، وهذا الجيل يحاول الآن تأمين مستقبل يتراوح ما بين المقاومة والرغبة بالثأر بسبب الأوضاع النفسية والمعيشية المزرية التي يقاسونها على جدران مخيمات التطرف والتي تنتج قنابل موقوته لا تعرف مصيرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور الغندور ترقص لتفادي سو?ال هشام حداد ????


.. قادة تونس والجزائر وليبيا يتفقون على العمل معا لمكافحة مخاطر




.. بعد قرن.. إعادة إحياء التراث الأولمبي الفرنسي • فرانس 24


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضرباته على أرجاء قطاع غزة ويوقع مزيدا




.. سوناك: المملكة المتحدة أكبر قوة عسكرية في أوروبا وثاني أكبر