الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابعاد فكرية

ثامر كلاز

2022 / 8 / 27
المجتمع المدني


يحدثنا التاريخ عن نجاحات كثيرة لدول ومؤسسات كبرى وحتى أحزاب سياسية لكن الشيء اللافت للنظر ان معظم هذه النجاحات التي تتحقق تأخذ في بداياتها بالصعود والرقي وتحرز انتصارات تلو الأخرى وعند الوصول الى القمة او الذروة بيدأ المسار بأخذ منحى آخر يتصف بالجمود وفي اكثر الأحيان بالهبوط ويصل لحد الانكسار والاندحار... ان لهذا الإخفاق أسبابه الحقيقية والا لا يمكن ان يحدث مثل هكذا امرا بشكل عبثي وبالمصادفة فلو تفحصت ودرست واقع الحال جيدا سترى ما يلي ان تحصل بعض الحكومات او المؤسسات وحتى الأحزاب على ( الثقة الزائدة بقدراتها الذاتية والاعتماد على نفسها أولا وأخيرا) ان هذا الانغلاق على الذات وعدم النظر بعين الفاحص لما يدور في الخارج والتعايش معه يؤدي بك الى عزلة وهي البذرة الأولى للضعف وبالتالي السقوط عليك ان تعلم ان المحيط الخارجي هو عالم متحرك وليس عالماً جامداً ان هذا التطور السريع الذي يحدث من حولك في مجالات الحياة وانت قابع ومنعزل عنه ولا تتفاعل وأياه هو الموت البطيء بعد الركود والجمود ان التلاقح مع ما يدور في العالم بجدية يعطيك المؤشر الواقعي عن وضعك الصحيح ويمنحك (البوصله) لتدلك على المسيرة الناجحة.
وعكسه اذا عزلت نفسك ورحت تسير في واد والعالم في واد اخر فهذا الغرور والاعتماد الزائد والزائف على القدرة الذاتية سيجلب في النهاية الخراب والرماد، اعلم انك جزء من العالم وعليك ان تتعامل معه شئت ام ابيت!!!.
ومن الأسباب الأخرى هو (التغافل وعدم التعامل مع الابطال الحقيقيين الذي يمتلكون القدرات الفائقة) فمثل هؤلاء لهم الدور الإيجابي في حياة الشعوب، هم أصحاب الابداع وهم أصحاب الحلول وهم من يرسم المستقبل... ان ابعاد مثل هؤلاء عن المشهد والتعامل مع غيرهم سيجعل العمل حتماً غير مدروس وبدون ضوابط مع خطط عشوائية والنتيجة هي (الإخفاق) والطامة الكبرى عندما تكون القرارات الفاشلة في الأمور الاستراتيجية ( ان الدول اذا اخذت قرار استراتيجي فاشل) هذه الكارثة بعينها ان هذا الإخفاق قد يدفع بعض الدول والمؤسسات الى ان تعيد صياغة المشهد من جديد وإعادة (الهيكلية) لبناء وترميم ما حدث وقد تتكرر الأخطاء نفسها بسبب الاعتماد على صيغ قديمة وجاهزة نابعة من بعض مفكريها الكلاسيكيين والمخضرمين واكثر هؤلاء لا يتعامل بالجديد وما يدور في العالم ويبقى متمسكاً بالقديم كأنه (المقدس) الذي لا مفر منه ورغم ذلك عندما تظهر الثغرات هنا وهناك وتحل الهزيمة وكما هو معروف (الهزيمة يتيمة) هنا الكل يحاول ان يبرئ نفسه ويضع اللوم وسبب الفشل على عوامل عديدة أهمها (ترنيمة المؤامرة) والدسائس الخارجية ان هذا السلوك يؤدي الى الانهيار والسقوط لا محالة مما يدفع الدول والأحزاب والمؤسسات الى إيجاد حلول والتي تكون في الغالب (ترقيعية) للحد من التدهور بأتخاذ قرارات آنية وسريعة لا يقاف حالة الضعف والعزلة والنضال في سبيل البقاء على قمة النجاح او الرجوع الى ما كانت عليه سابقا... لكن هيهات لان الواقع الجديد قد فرض نفسه ولهذا تلجأ الدول والأحزاب والمؤسسات الى التحالفات مع الاخرين على امل استعادة النشاط والحيوية والمحافظة على المكانة المرضية على الأقل وعدم الانزلاق اكثر الى الهاوية... يمكن اعتبار طريق التحالفات هو الاسلم وهو حقنة الإنعاش والا حلت المصيبة تماما... هنا علينا فعلا ان نعالج الأسباب وإيجاد الحلول وليس معالجة النتائج... ان انحدار المجتمعات كما اسلفنا أسبابها واضحة جدا فنحن جزء من عالم مفتوح في حالة تماس مع الاخرين مهما اختلفت أفكارهم ومشاربهم من الامراض التي تعانيها (نحن نائمون) عقولنا مستقيلة في سبات واسرى الى الماضي نعم الماضي كان ( تليداً ومشرفاً) لكن ماذا أضفنا له هل علا بنيانه نحن لا زلنا لا نقدم الى العالم سوى (خطاب ديني) وهو خطاب يؤسف له بائس ولا يشارك في مسيرة الحضارة لقد افرغنا الدين من محتواه العظيم وعطلنا القوة الهائلة التي يكتنزها من قيم روحية ومادية وقدمناه عبارة عن روايات وخزعبلات تصل لحد الضحك واشبعنا عقول الشباب بهذه الخرافة ولا زلنا اسرى هذه الافكار التي انتهت واندرست ولم يفهم الناس ابدا ان مهمة الدين ليس ادخال الناس الى الجنة وانما ادخال الجنة في قلوب الناس من خلال توعيتهم وتعبئتهم بما هو جديد من فكر متمدن يساعد على زرع المحبة والالفة والاخلاق السامية... لقد صح لسان (محمد ابراهيم عضو البرلمان السوداني عندما قال .... الحاكم المسلم لم يدخلني الجنة والحاكم الملحد لا يخرجني منها المهم ان يؤمن لي الحاكم الحياة الكريمة وانا سأقف معه) ان دخول الجنة وعدمه شأن فردي لهذا على السلطة ان توفر خدمات الى الناس وتهيء فرص عمل وتؤسس لحياة مجتمع بكامله... ان مجتمعنا يعيش حالة الاحباط تراه كسولاً لا يملك الحافز ( عندما تغلق باب في وجهة الاحرى به ان يفتح باب اخرى المشكلة انه يطيل النظر وتقتله الحسرة على الباب المغلق)
كأنما الحياة ليس فيها منافذ اخرى... علينا ان نكون واقعيين وايجابيين مع ما يدور في الحياة، الحياة تحتاج دراية وفكر وقليل من الشجاعة ولهذا قيل ( لو نزل اثنان البحر سينجو الذي يعرف السباحة مهما كان دينه ومذهبه) من جماليات الحياة انها تكون حلوة لو عشنا في الجانب الصحيح منها قد تحدث هناك اخطاء وربما تكون غير مقصودة ولكنها تبقى مؤذية ويقال (الأطفال مثل الافكار) انك ترى طفلك اجمل الاطفال وكذلك الحال مع فكرتك التي تراها هي العظمى على الاطلاق، وهذا منطق غير صحيح الحقائق في الحياة ليست مطلقة وانما تستطيع ان تتوصل اليها من افواه وكتابات الاخرين لان كل واحد يمتلك جزءاً منها... عليك ان تعمل وتجتهد وتثابر وحافظ على كيانك ولا تخسر شخصيتك لان استعادتها بعد فقدانها امرٌ في غاية الصعوبة... ومن الملاحظ ايضا عندما يكون الرجل اكبر من المنصب تراه متواضعا وعادلا ومنتجا اما عكس ذلك ترى الجاهل ظالما ومغرورا واحمق ان امثال هؤلاء يعيش ويموت بفخره الزائف ولا يشكل سوى جسد متعفن... ان حياة الفرد تتشكل بواسطة الكتب اكثر مما يساهم البشر في تشكيلها لان مع الانسان يعيش مع المطالعة اكثر من حياة ويصبح اكثر دراية وفهما للأمور ويعلم عندما يرمي البذور ستظهر العصافير وعندما يرمي العظام ستظهر الكلاب وعندما يرمي نفسه سيظهر الاصدقاء والقراءة تعلمك كيف تتجول بعقول الانبياء والمفكرين والمبدعين والفلاسفة...
في القراءة ستمر على مئات بل آلاف العبارات الجميلة من فلسفية الى علمية الى رومانسية خذ مثلا تولستوي في الرواية الشهيرة (آنا كارنينا) يقول عن البطلة آنا كارنينا (اجمل ما فيها بصيرتها التي كادت ان ترى فيها كل شيء حتى في الظلام) هنا تظهر الفطنة والذكاء لكن بأسلوب رومانسي.
اما الكاتب ارسكين كادويل يقول في رواية (ارض المآسي) (التفت، سبنس، فوجد حبيبته تراقب الشمس وهي تغرب، كأن النور الذهبي الدافئ يومض في عينيها، وعندما اوت الشمس الى مضجعها واطبقت علينا العتمة بكت حبيبتي (مود) مثل طفل صغير وارادت ان تنقلب راجعة الى اهلها) هذه الصورة عليك ان تعطيها المساحة الحقيقية في ذهنك ومخيلتك والربط بين قرص الشمس والمغيب والبكاء... وعن تيموجين القائد المغولي الذي اشتهر ب (جنكيز خان) عندما اراد ان يختار زوجة له جاء في الرواية (اختار ذات الوجه المسطح الشبيه بماء البركة وذات العيون الضيقة لان ذوات العيون الواسعة يسكنها الاشرار والشياطين وستؤدي بك الى الجنون) هذه المقتطفات من ثقافات مختلفة كل واحد له نظرة في الحب ونوع الجمال... هكذا القراءة تعمل في الانسان تفتح افقه الى كل العالم.
علمت ايضا ان الحياة تتعامل مع الناجحين الذين يستيقضون في بواكير الصباح اما الفاشلون هم الذين يعتقدون ان الجميع يركز عليهم ومنشغل بهم والحقيقية هي لا احد يهتم وانما هي المخيلة المريضة عند هؤلاء... عود نفسك على التجاهل لان هناك الكثير لا يستحق الرد عش يومك لأنه هدية اضافية لا تضيعه بالقلق على المستقبل والحسرة على ما مضى كن ابن يومك واعمل بما يؤمن لك حياة مريحة... هنا يحضرني قول الى الامام الحسن البصري (عندما قال للرجل الواقف الى جانبه وهم يوارون التراب على امرئ رحل عنهم توا في رايك لو اعيدت اليه الحياة من جديد ماذا سيعمل اجاب الرجل بدون تردد سيعمل في كل دروب الخير ويتجنب المعاصي اجابه الحسن البصري اذن اعمل بها انت ما دمت حياً الفرصة بيديك اما هو فقد فاتته) كلام بليغ وتذكير عظيم لا تضيع اي فرصة جميلة في الحياة ما دامت تعود عليك وعلى الناس بالخير... ويقال ايضاً ان القلوب دائما تحتاج الى مفاتيح حتى تعرف ما بداخلها لكن هناك كثيراً من القلوب المفتوحة تستطيع ان تقرأها من آلاف الى الياء بسيطه وسهلة وعامرة بالحب والايمان وصادقة وهناك قلوب سوداء لا تعرف ما تخفي وراء عتمتها وعصارتها حسداً وحقداً انها قلوب مخفية تعيش المرارة والوحدة، وهناك قلوب لا تناقش ولا تقبل الجدال ولهذا قيل ( لا تناقش عاشقاً ولا متعصباً) الاول يحمل قلبا اعمى والثاني يحمل قلبا مغلقا... وهناك اناس من صنف الجبناء اذا اتتهم الفرصة كان انتقامهم فضيعاً هؤلاء (البصاق الذي على الارض انظف منهم) وتتمنى ان تسحل رؤوسهم بذيل حصانك وعلى عكسهم هناك من يسامح عند المقدرة هؤلاء رجال لا تحس بوجودهم الا في المواقف العظيمة كن صديقهم ولا تثرهم لان الكثير يحاول خطا ان يثير الصغير الضعيف حسب تصوره وهو لا يعلم قد يكون هذا الصغير الضعيف نمراً هنا تحل الكارثة ولهذا عليك ان تعامل الناس بأريحية وشفافية هذه المعاملة تكسب قلوب الطيبين وتلين قلوب الصعبين لا زالت القلوب الرقيقة مظلومة لأنها الاسرع في فتح الابواب اما القلوب الغليظة فيخافها الكل ولن يطرق بابها احد ولهذا يعلوها الصدأ... وقد تعلمت ان الطامة الكبرى هو (الجهل) قد تكون الجيوب فارغة لكن بأمكان اصحابها ان يدركوا النجاح بعقولهم الراجحة... اما اصحاب العقول الفارغة فمصيرها الفشل لا محالة يقول رشيد رضا (ان الثائر لأجل مجتمع جاهل كالذي اضرم النار في جسده ليضيء الطريق لشخص ضرير) ويقول بوذا (الجهل اقذر انواع النجاسة جرد نفسك منه وكن طاهراً).
عندما كان العرب يطلبون العلم من المهد الى اللحد وحتى ولو كان في الصين تركوا ارثا ثقافيا وحضارياً في ذلك العصر لا يدانيه اي ارث لاي حضارة في العالم لهذا اقول علينا ان تقوم من سباتنا ونوقظ العلم الذي ذهب في زوايا النسيان ليس هناك سلاح بديل عن العلم والمعرفة... يقول انشتاين العالم الفزيائي (لا تجعل من طالب العلم وعاء تملؤه وانما هو شعله عليك ان توقدها) هكذا تضحي الشعوب وتتقدم خاصة عندما تنشد الحقيقة لا الزيف من ضحايا الحقيقة الكثيرين لقد شرب سقراط السم بأرادته وقتل المسيح صبراً على صليبه وتدفأ جسد جان دارك بسعير النار وفقأ اوديب عينيه الما وندما وتوضأ الحلاج بدمه على احد جسور بغداد في سبيل العشق الالهي) كل هؤلاء اناس حقيقيون واجهوا الامر حفاظا على المبدأ والحقيقة.... وعن الفواجع في الحياة قيل كم في العرس ابهى من العروس لكن للعروس الدهر ساعد وكم من هزيمة انتزعت من براثن الانتصار من سوء التقدير.... وكما قال الشاعر...
خنافس الارض تجري في اعنتها وسابح الخيل مربوط الى وتد
وكم من شجاع اضاع الناس هيبته وكم من جبان يهاب هيبة الاسد
ومن قاتلات الرجال (الحنين) انه عاصر القلب والوجدان والكثير عندما يهزه الحنين يتنحى منفردا ليبتلع عباراته حتى لا يراه احد الحنين طبول تدق على ابواب الصدور تحبس الانفاس وتنزل الدموع مدرارا من الحنين تلتمس فلا تجد الا اطيات الأماكن ووجوه الاحبة خيالا الحنين يعمق الجراح لتصبح قروحا لا تندمل ويبقى الحنين توأماً مع حلم العودة مهما طال البعد يبقى ذلك الطائر المهاجر لا يتآلف الا مع صباحات صباه ولم يزل متأبطاً حقيقبه السفر على ارصفة الغربة ينتظر قطار العودة الحنين قاتل يلهب ويشعل ذكريات تتصورها خبت وانطفأت ابداً انما هي جمرات تتقد تحت رماد الذكريات مثل العناكب زاحفات على الصدور ينسجن ماضي الزمان وشماً ونقشاً ابدياً بين حلاوة الايام ومرارتها هكذا تظل تعيش بين المذاقات ولهذا ليس هناك قرار الا العودة وما اشقاها كأنها رحلة (سمك السلمون) عكس التيار يضع بيوضه مكان ولادته ليموت في ارضه (ارض الميعاد) وقد يكون حال الناس مثل النباتات تعمل الاقدار على نموه ونضجه ولكن كثيراً ما تذوي زهرة الشباب ولا يلبث ان يطوى شبابها ومن بديهيات الطبيعة كلما زاد جمال المخلوقات زاد موتها سريعاً هنا تآمر الزمن السفيه مع الفناء ليصبح الشباب ليلاً بهيماً.
يقول الفيلسوف غوته الالماني (جامل من يأتيك عند فراغك وقدر من يأتيك وقت فراغه، وتمسك بمن يفرغ نفسه للقائك) الحالات كلها تؤكد على سمو الخلق والتعامل الجميل مع الناس قال حكيم العرب لابنه (العلاقة مع الناس بالتغاضي والمسامحة وتزداد قوة بالتراضي والمصافحة وتمرض بالتدقيق وتموت بالتحقيق) وقيل بالابتسامة تتجاوز الحزن وبالصبر تتغلب على الهموم وبالصمت تعلو على الحماقات والكلمة الطيبة تمحو الكراهية.
ابدع وتميز بما شئت ولا تتكبر واكتب ما تحب ولا تنتقص من احد وانتقد ولا تطعن روعة الانسان ليس بما يملك وانما بما يقدم بهذه الصورة قد تصل الى مرتبة الانسان الذي يشكل لبنة صالحة في المجتمع لان الارحام عمرها لم تكن غرف تعذيب ولا اماكن لتأهيل مجرمين وانما الناس هم المسؤولون عن ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشرة إيجاز – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة محتومة في


.. العراق يرجئ مشروع قانون يفرض عقوبة الإعدام أو المؤبد على الع




.. رئيسة -أطباء السودان لحقوق الإنسان-: 80% من مشافي السودان دم


.. إسرائيليون يتظاهرون عند معبر الكرامة الحدودي مع الأردن لمنع




.. الألعاب الأولمبية 2024: منظمات غير حكومية تندد بـ -التطهير ا