الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جوهر

اسراء حسن

2022 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


يمضي العراق الآن أكثر من 10 أشهر بدون حكومة جديدة وهو رقم قياسي منذ عام 2003، ويصرف هذا الشلل الانتباه عن المشاكل الاخرى مثل ارتفاع أسعار الغذاء العالمية والجفاف إضافة إلى التدخلات الخارجية والتهديدات والهجمات من خارج الحدود التي تشنها جهات متربصة بالعراق وعابثة بأمنه.
ما يحدث في عراق اليوم من مظاهرات هنا وهناك وتلاسن حاد حول فشل الطبقة السياسية برمتها عن القيام بدورها لدرجة تجاوز كل الحدود والاعراف و ذهب بعيدا حتى وصل إلى تعرضه للمؤسسات القانونية والدستورية الشامخة بالاساءة والتشهير ، حيث أمسى صراع الكتل الطائفية والحزبية الي نقطة اللاعودة وما تزال التداعيات تتوالي وتتلاحق على نحو يصعب التكهن بعواقبه المحتملة..ومع انسداد الافق السياسي في العراق بهذه الصورة غير المسبوقة، .فانه لم يعد ثمة مجال لاي تنسيق او تشاور او حوار بين زعماء هذه الكتل الحزبية والطائفية بمكوناتها المختلفة.
ان الموقف السياسي المضطرب والملتهب قد يفلت زمامه ويخرج عن حدود السيطرة ، وهو ما قد يقود العراق إلى كارثة كبيرة، لقد عانى العراق كثيرا في الماضي ودفع ثمنا باهظا ولم يعد بوسعه الانزلاق من جديد نحو حرب اهلية او صراع داخلي مسلح لا تحمد عقباه وقد تمتد مضاعفاته لسنوات طويلة قادمة ولن يجني من ورائها سوي الخسائر.
تدهشني جدا الضجة المثارة الآن في العراق حول وضع البرلمان الحالي وما اذا كان يجب ان يحل ويرحل ويمهد لانتخابات مبكرة من وجهة نظري الشخصية ان هذه القضية بالذات لم تكن تستدعي بطبيعتها ان تكون القضية السياسية المحورية الاولي في العراق، َولا ان تدمر ََوحدة العراقيين وتشق صفوفهم بهذه الصورة المخيفة، وعذري في ذلك ان البرلمان العراقي الحالي او القادم هو كغيره من البرلمانات العربية الميتة او المهمشة او التي لا دور لها في الحياة السياسية لمجتمعاتها، إذ اصبح حضورها يتساوي فعليا مع غيابها، فهي صامتة تعيش في دائرة الظل مع نفسها حتي لم يعد احد يعرف ما يدور في كواليسها من نقاشات وحوارات ولا حتي من يحضر جلساتها، فهي الحاضر الغائب في غالبية انظمة الحكم العربية، واصبحت ادوارها الرقابية وصلاحياتها التشريعية في انحسار وتراجع.
لو ان قادة الكتل الحزبية كانوا واقعيين وصادقين بما فيه الكفاية مع انفسهم، لتحولوا بمؤشرات اهتمامهم في اتجاه آخر حتى يوفروا على الجماهير كل هذا العناء باعتصاماتهم المفتوحة والتي لن تفرز في النهاية سوي نسخة اخري من البرلمان الحالي وان كان بوجوه جديدة ، لن يحل اشكالا واحدا ، وانما قد يثير عاصفة سياسية اعنف واخطر من العاصغة الحالية بكثير... إن تحول الخلاف الى مباراة اما غالب أو مغلوب ولا مكان فيها للحلول الوسط والتنازلات المتبادلة، حيث مواقف الطرفين متصلبة الي أقصى حد والثقة بينهما معدومة وشروطهما تقف من بعضها على طرفي نقيض ، والتصريحات التي تصدر عنهما تتسم بروح التحدي والعناد وتنذر بانفجار كبير من الصعوبة تجنبه.
ويعبر هذا احد نماذج سوء ادارة العرب للازمات السياسية فهي ادارة غير رشيدة لأنها تركز نقاط الخلاف أكثر من القواسم المشتركة التي تجمع بين طرفي النزاع، بالإضافة إلى تضخيم وتعقيد المشاكل بشكل مستمر بوضع العقدة في المنشار، وتسخين متعمد للأجواء بدلا من التهدئة والاحتواء، كذلك وضع المصالح الحزبية والطائفية الضيقة فوق الصالح الوطني العام في تجاهل واضح للظروف الدقيقة التي يمر بها البلد، ولهذا تبدو كل الطرق نحو الخروج من هذا المازق السياسي الصعب مسدودة ، وكل قنوات الاتصال بين الفرقاء معطلة، فالعراق اليوم في قلب الخطر وعلي مفارق طرق قد تقوده الي مجهول كبير...
ها هو العراق اليوم بإنتظار معجزة تنتشله من الدوامة الرهيبة التي غرق فيها، ولا يُتوقع أن يخرج من هذه الأزمات، إلا حينما يقدّم سياسيوه تنازلاتٍ استثنائيةً عما يعتقدونه حقوقا لهم، مقدِمينَ مصالحَ البلد على مصالحهم، لكن مثل هذا الاستعداد للتنازل والاعتراف بالفشل غائب حاليا، أما بسبب عدم إدراكِهم المخاطرَ المحدقةَ بالبلد، وهذا محتمل، فمعظمهم يفتقر إلى الحنكة السياسية والخبرة الإدارية، أو حتى المؤهلاتِ الأكاديمية، أو بسبب تبعيتِهم المطلقة لدول أخرى، بحث أنهم لا يستطيعون أن يتخذوا القرارَ المناسب رغم وضوحِ المشاكل والحلول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف