الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مباراة الطامحين : صراع الملف النووي الإيراني

اسراء حسن

2022 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


من الصعب ان تعرف كيف يفكر الايرانيون لانفسهم، او القاعدة التي يبنون عليها حساباتهم وتوقعاتهم ويساومون منها خصومهم، او الحقيقي من اهدافهم من غير الحقيقي حتي تصدقهم او لاتصدقهم، او حتي تعرف من هو صاحب القرار الاخير في مثل هذه الامور الستراتيجية والامنية بالغة الحساسية، وهذه الدوامة من الادوار والمواقف والتصريحات هي التي توقع خصوم ايران في حيرة شديدة.
تم إطلاق برنامج إيران النووي في فترة خمسينيات القرن العشرين بمساعدة من الولايات المتحدة كان ذلك جزءا من برنامج "الذرة من أجل السلام". الى ان قامت الثورة الإيرانية واطاحت بشاه إيران 1979 ليتسلم المنصب الخميني الذي أمر بحل ابحاث الاسلحة النووية لكنه اعاد تشغيل البرنامج اثاء حربه مع العراق وبعد وفاته 1989 خضع البرنامج لتوسيع كبير الى ان تم افتتاحه رسمياً في 12 سبتمبر / أيلول 2011.
لا يُستبعد ان ايران سوف تكون الطرف الرابح من كل ما يجري في فيينا الآن سواء وقعت الاتفاق المعروض عليها او لم توقع عليه، فهي تعرف طريقها الى ما تريده.... اما بالنسبة لإسرائيل فيبدو انها لآ تدع دولة غيرها في هذه المنطقة، عربية او غير عربية، تحوز اسلحة نووية، فقد راينا كيف بالغوا وضخموا وهولوا في تصويرهم للخطر النووي الايراني منذ ان كان لا يزال مجرد احتمال بعيد، في وقت لم يكن لهذا البرنامج اية معالم محددة يمكن بها تقييمه والحكم على ما ينطوي عليه من اخطار وتهديدات ... لكنهم يتتبعوه ويلاحقوه حتى يخمدوه ويزيلوه وليجعلوا منه درسا قاسيا لاي دولة في المنطقة تحاول ان تحذو حذو ايران لانها تعرف ما سوف تكون عليه النتبجة سلفا
من الواضح بصورة جلية ان إيران لا تقبل تحت اي ظرف تفكيك برنامجها النووي ونزع انيابه ومخالبه واغلاق ملفه نهائيا لا باتفاق فينا ولا بغيره من الاتفاقات، ايضآ من غير المعقول انها تقبل بتسليم اجهزة الطرد المركزي المتطورة التي دشنتهتا في مفاعلاتها النووية الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتتصرف فيها ولتضيع عليها الجهود التقنية الخارقة التي بذلتها في هذا الصدد، ولن تقبل بتخفيض نسب تخصيب اليورانيوم الى اقل من اربعة بالمائة بعد ان زادتها في السنوات الماضية الي ستين في المائة ورفعت سقف الرهانات الدولية حول اقترابها من العتبة النووية اي من نقطة النهاية وانتاج سلاحها النووي الاول، بالإضافة إلى استبعاد فكرة تسليمها الى الوكالة الدولية ما يزيد عن المخزون المحدود الذي سوف يسمح به لها من اليورانيوم وهو ثلاثمائة كيلوجرام كضمان للحد من قدراتها النووية ، و اصرارها على عدم فتح ابواب مفاعلاتها في كافة مواقعها ليصبح كل ما يجري فيها في متناول اجهزة المخابرات وهو ما سوف يضرب لها امنها القومي في الصميم.. ثم ان مشكلة الضمانات التي ستقدمها الولايات المتحدة لايران بما تتضمنه من تعهدات والتزامات ومراجعتها من قبل الطرف الايراني والتدقيق فيها لاخلائها من الثغرات والعيوب التي قد تسهل التحايل عليها لتفريغها من مضمونها، لن تكون بالبساطة التي نتصورها، وانما ستحتاج الي صياغات قانونية دقيقة ومحكمة حتي تقبلها ايران كعنصر اساسي من عناصر هذا الاتفاق، وهو ما قد يستغرق الكثير من الوقت والجهد وقد يفشل في نهاية الامر. ولتعود العملية التفاوضية الي نقطة الصفر....فكل هذه ما تزال احتمالات واردة.
حتي لو حدث ووقع الايرانيون علي هذا الاتفاق المعدل انطلاقا من رؤيتهم لمصالحهم، فان هدفهم العاجل والاهم منه، سوف يكون في الرفع الفوري للحظر الاقتصادي المفروض عليهم، والغاء العقوبات الدولية التي عانوا بشدة من تداعياتها، والافراج عن ارصدتهم المالية المجمدة في الغرب والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات ، و السماح لهم بتصدير كميات ضخمة من النفط الايراني الي الاسواق العالمية، ليصبحوا لاعبا مهما في سوق النفط الدولية من جديد، كذلك استئنافهم لعلاقاتهم التجارية مع الكثير من دول العالم والمتوقفة منذ عام ٢٠١٨..... ومع كل هذه التحولات الاقتصادية المهمة، سوف يتغير الكثير بعدها علي كافة الاصعدة الداخلية والخارجية.
يبدو لي حتي لو وقعت ايران علي اتفاق نووي جديد مع الدول التي تتفاوض معها في فيينا حول شروطه وضماناته، الامر الذي ما زلت استبعده ولا ارجحه من واقع لعبة المناورات والمماطلات التي تدور هناك والتي برع الايرانيون فيها الي الحد الذي استطاعوا معه استنزاف طاقة خصومهم على الاستمرار والمساومة في عملية تفاوضية ممتدة ومفتوحة علي كل الاحتمالات... وهي السياسة التي يصفونها بسياسة الصبر الاستراتيجي والتي برعوا فيها واجادوها الى حد الاحتراف.... وتبقي ايران بنهجها المميز في التفاوض، الطرف الذي سوف يخرج من هذه العملية الشائكة والمعقدة وقد حققت الحد الاقصي من المكاسب التي كانت تاملها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست