الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في صواب مصطلح الهاشمية السياسية 5-5

قادري أحمد حيدر

2022 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


قادري أحمد حيدر








في صواب مصطلح "الهاشمية السياسية".


(5-5)




3-الإمامة، والهاشمية السياسية:


في تقديري أن العقل النقدي المستنير من أي مكان صدر هو الذي يحفزنا، ويشجعنا ويفتح شهيتنا للقراءة والكتابة، وللنقد وهو الأهم، وما أقل حضور ذلك العقل المنير والمستنير اليوم في حياتنا، وهو ما تستدعيه وتتطلبه المرحلة/ اللحظة السياسية الراهنة، وقد وجدت أن عنوان(مقال),في خطأ القول بمصطلح" الهاشمية السياسية", مدخلاً مناسباً لملامسة،أو للعبور إلى بحث ومناقشة جملة من المشكلات والإشكاليات الهامة والحساسة التي تمس صلب حياتنا اليوم، ونمر عليها مرور الكرام ، مع أنها تطال جوانب هامة من حياتنا الفكرية والسياسية والثقافية، والتعليمية ، بل وحتى المذهبية والطائفية والدينية والاجتماعية/القبلية، وفي المقالات الأربع التي نشرتها تحت هذا العنوان،هي محاولة أولى للدخول إلى بحث ومناقشة بعض القضايا الفكرية والسياسية ذات الطابع الراهني والتاريخي، والتي ما تزال تكتسب أهمية وحيوية معينة، تطال حياتنا الخاصة والعامة، دلالة على أننا ما نزال نتحرك في العديد من اشتغالاتنا الفكرية والسياسية والحياتية، ضمن دوائر الماضي(الذي كان), والذي مع الأسف، ما يزال يلاحقنا ويفرض ظله الكئيب علينا ، ما يزال يأتي، كما قالها شاعر اليمن الكبير/عبدالله البردوني ، " لماذا الذي كان مازال يأتي/لأن الذي سوف يأتي ذهب ", وهي ذات صلة بالقضايا المبحوثة، ومن هنا كانت خلاصة حديثي، من أنني
لا أتفق مع النتائج السياسية والفكرية والتاريخية التي توصل إليها، ولا مع مفتتح العنوان/ القراءة التي بدأ فيه العزيز/ عيبان مقالته، وبالنتيجة لست مع الاستنتاجات التي اختتم بها مقالته، مع تأكيدي كذلك، أنني لا أتفق مع ارتكازه من نقطة انطلاقه في تخطئته مصطلح "الهاشمية السياسية"، وكل ذلك التأكيد في القول: لا يعني مطلقاً، أن ما كتبه خطأ وأن ما أقوله أو اكتبه هو الصواب. فلست ممن يذهبون هذا المنحى، والمذهب في القراءة والبحث والنقد، ليس لأنني لم أتعود ولا أحبذ التقليل من شأن أي رأي أو فكرة أو كتابة، بل فقط لأنني أجد في ما كتبه يستحق البحث والمداولة، وأرى في ما أكتبه مقاربة كتابية أخرى مقابلة، لمقاربات أخرى، ومنها مقاربة العزيز/ عيبان، أي أنني أفارقه القول بخطأ مصطلح "الهاشمية السياسية"، وفي بعض الاستنتاجات التي توصل إليها لأنني رأيت – وقد أكون مخطئأ – أنه خلط دون قصد .

- لا اعرف - بين "الهاشمية"، كمكون وبين المنطقة الزيدية، وبين "الهاشمية السياسية" كمشروع سياسي طائفي سلالي، وهي هنا "الإمامة الهادوية السياسية"،هذا في أحسن التأويلات، وهي،أي الإمامة الدينية، التي أفرزت وأنتجت حالة وظاهرة "الهاشمية السياسية" في تلاوينها المختلفة ، كتنويع على الأصل الإمامي التاريخي الواحد، أي "الهادوية" التي ارتبط اسم الزيدية في اليمن بها، وهي قطعا النقيض الجذري لزيدية الإمام زيد بن علي رضي الله عنه.

حيث آراء وافكار ورؤى الإمام زيد بن علي، مدونة في جميع المصادر التاريخية، معلومة ومعروفة لجميع المهتمين والمتخصصين، كما أن هناك بعض المفكرين الكبار من أبناء المكون الهاشمي، والزيدي عموماً المعاصرين، مثل الكاتب والسياسي والمؤرخ/زيد بن علي الوزير يكتب حول هذا المعنى التالي : " إن القاسم، والهادي خالفا زيداً مخالفة واضحة فيما يتعلق بحصر الإمامة في البطنين...",
انظر زيد بن علي
آلوزير، مجلة/"المسار" بحث في ( الدعوة والانتخاب عند الزيدية الهادوية) ،مركز الدراسات والبحوث اليمني .

وحول ذات الفكرة والمعنى، يقول القاضي عبدالله بن عبدالوهاب المجاهد الشماحي التالي : " وقد كان الإمام زيد بن علي، أبعد نظراً من الهادي، فقد أبى أن يأخذ بنظرية حصر الخلافة على أبناء جدته فاطمة الزهراء،ثم يربط بهذه الإمامة مذهبه . ويبني عليه دعوته ودولته ،حتى قوله:" إن مما يثير الاستغراب عدم إدراك الهادويين لما تحمله دعوة حصر الإمامة في الفاطميين من مشاكل عليهم، بل وعلى الدعوة وعلى المجتمع " أنظر، عبدالله بن عبدالوهاب المجاهد الشماحي كتاب ( اليمن الإنسان والحضارة), دار الكلمة/صنعاء، ١٩٨٤م،ص١٠٠ ١٠١
وفي نفس الاتجاه يكتب، الأستاذ/أحمد محمد الشامي،قائلا: " ولعله من واجبي لا كمؤرخ بل كناصح يتحرى الصواب، أن أفصح عن وجهة نظر اقتنعت بها منذ أمد بعيد وأشرت إليها مرارا في بعض كتبي واشعاري، وفحواها أنه لا خير لمن حُرمت عليهم الزكاة من أهل البيت، في " الولاية العامة" بلًّه الإستئثار بها واحتكارها "
أحمد محمد الشامي،كتاب(تاريخ اليمن الفكري في العصر العباسي), الجزء الأول ،دار النفائس/بيروت،منشورات العصر الحديث،ط(١)، ١٩٨٧م،ص ١٢١,
ما سبق رأي زيد بن علي آلوزير، ورأي العلامة/القاضي الشماحي ورأي سياسي وشاعر ومؤرخ، اصطف مع الإمامة، ضد الجمهورية،حتى عودته،بعد ما يسمى " المصالحة", بعد اتفاقية جدة مارس،١٩٧٠م، عضواً في المجلس الجمهوري، وهناك اليوم من يجاهد لعودة الهاشمية السياسية، والقول علناٌ في حقه بـ"الولاية"، بل والأخطر أن هناك من ينكر وجودها، أو على الأقل لا يقبل بتسميتها بالأسم، والمسمى الذي لا تعترض هي عليه، لأنها ترى فيه حقيقة نفسها .


حقا، لقد صبغت الهادوية في صورتها السياسية المذهبية والطائفية المنطقة الزيدية بها (الجغرافية والديمغرافية)، مع وضعنا في الاعتبار أن ليس كل المنطقة الجغرافية والديمغرافية (شمال الشمال) هي هاشمية ، وبالنتيجة لا يمكننا اعتبار "الهاشمية السياسية"، ممثلة ومعبرة لجميع أبناء المنطقة الزيدية، ناهيك عن المكون الهاشمي ذاته، فقد واجهت الإمامة الهادوية تاريخيا، وما تزال، مقاومة سياسية وعسكرية عنيفة من القبائل ومن زعماء القبائل ومن الرموز السياسية شبه الاقطاعية المستقلة بحكم مناطقها في ذلك الحين، - وحتى اليوم ما تزال تواجه بمقاومة منها كتابتي هذه - وهي مقاومة بدأت مع دخول الهادي الأول (280هــ) والثاني (284هــ)، حتى وفاته تحت تأثير جراحات تلك الحروب، حروب لم تتوقف مع "آل يعفر"، و"آل طريف"، و"أل الضحاك"، و"آل الدعام"، و"الأكيليين". وتقول العديد من المصادر إنها معارك وحروب وصل تعدادها إلى أكثر من ثمانين معركة، كما اشارت إلى ذلك الباحثة د. اشواق غليس في كتابها "التجديد في فكر الإمامة عند الزيدية في اليمن"،/رسالة ماجستير، وهو ما تقوله معظم المصادرة التاريخية.

وبقي النزوع الاستقلالي الذاتي لحكم الزعماء شبه الاقطاعيين القبليين لمناطقهم قائماً ضد الإمامة، ومعها (تحالف وصراع، وحدة واختلاف)، بمن فيهم القبائل التي استدعته (الهادي)، في المرتين، للقدوم إلى صعدة كَحكَم أو محكم، وليس كَحاكِم.

هذا ما كان في التاريخ السياسي الإسلامي اليمني من نهاية الربع الرابع للقرن الثالث الهجري.. تاريخ حكمته الصراعات والحروب "الخروج"، حضر فيها "الجهاد"، و"الجبايات" باسم المذهبية والطائفية والسلالية وغابت فيه وعنه الدولة، وكأن الإمامة، وإضعاف وتمزيق المجتمع، وانعدام الإستقرار السياسي، وغياب الدولة وجوه مختلفة لحقيقة واحدة، هي "الهاشمية السياسية
الهادوية"،التي ينكرها ويلغي بل وينفي حقيقة وجودها في الأمس الذي كان، حتى اليوم البعض منا، مع أن جماعة "الهاشمية السياسية", تقولها اليوم وبوضوح أنني المعبر والممثل والمجسد لروح ومعنى " الهاشمية السياسية", شاء من شاء ويرفض من يرفض، أني هنا بحكم حقي الديني والشرعي والتاريخي ، بالولاية العامة .

علينا أدراك أن قوى وجماعات التمذهب السياسي والطائفي، سواء كانت سنية، أو شيعية أو وهابية، أو أخوانية، أوسلفية، أو جماعات جهادية تكفيرية "قاعدة"، "داعش"، حوثيون، "أنصار الله"..إلخ جميعها قوى سياسية طبقية "حزبية"، تنشد اهدافاً ومصالح خاصة بها، واصطراعاتهم، أو اختلافاتهم فيما بينهم البين وحتى حين توظف لخدمة مشاريع إقليمية ودولية، فإنهم يتفقون ويتوحدون في عداوتهم للديمقراطية والتقدم الاجتماعي، وجميعهم ضد دولة المواطنة والحقوق، لا فرق بين السني والشيعي، بين "النواصب" و"الروافض".

لقد حل التفكير المادي والجدلي التاريخي النظرة للصراعات المذهبية والطائفية والقبلية باعادتها إلى جذرها الأصل، أي "الصراع الطبقي"، بعد أن أوضح ماركس وانجلز، روح المادية الجدلية الاجتماعية التاريخية، بأن التفكير المادي، وليس الاقتصادي المجرد، هو مدخلنا لمعرفة المجتمع والتاريخ، بكشفهم البعد السياسي الاجتماعي الطبقي/ الاقتصادي، للصراعات المذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية، بأنها في الجوهر صراع سياسي طبقي، في كل حالة على حدة؛ فقد أماط ماركس وانجلز اللثام عن معنى ومحتوى الصراع الطبقي ولم يخترعاه.

إن المنهج المادي الجدلي والاجتماعي التاريخي، أوضحا لي، أو علماني وأفهماني أن أقرأ الواقع كما هو في حركته، في عمقه الديناميكي/ الديالكتيكي، علماني أن أرى صورة الواحد في المتعدد، وأقرأ الصواب والحقيقة من الاختلاف، "بضدها تتميز الأشياء"، "فالضد يظهر حسنه الضد"، وأن أقر بحق الآخر، ليس في الاختلاف بل وفي حقه في الخطأ، وأن أقبل بها جميعاً في تعددها وتنوعها، دون اسقاطات ذاتوية من عندياتنا، وهو ما قد يساعدنا جميعاً على معرفة الآخر كما هو، والذي بدونه لن نعرف أنفسنا، واين نحن بالضبط نقف .

أتصور أنه من المهم أن نتوقف عن عادة أن نأخذ من الآخر ما يعجبنا، ونكره ما يعجبه وما يريده، بل وننكر عليه ما يحبه هو أياً كان هذا الآخر، على سبيل المثال، أن نأخذ من الغرب العلم، والمواد التطبيقية في شكلها الخارجي (التحديث) ونرفض إن لم نكفر الإطار المعرفي والسياق الفلسفي/ الفكري التاريخي(الحداثة)، الذي مهد لإنتاج كل التقدم العلمي والصناعي والتكنولوجي، وثورة المعلومات والاتصالات الحاصلة اليوم، ومن هنا بقاؤنا خارج شرط العلم، والتقدم المعرفي والعلمي، وخارج التاريخ والعصر. والبداية تكون في اعترافنا بالمغاير والمختلف في داخلنا: هاشمياً وزيديا وشافعيا وقبلياً وبرجوازياً وعمالياً ومهمشاً، وحتى أقطاعياً – أقصد على مستوى التفكير – بما فيه حق الآخر في الخطأ.

يمكنني القول إن الطائفية,(وحتى الأصولية الدينية), ليست ظاهرة معاصرة، بل هي ظاهرة تاريخية وجدت في عصور مختلفة، وتشمل جميع الأديان، تنشأ وتظهر حين تخرج من دائرتها الخاصة: المذهب والطائفة لتلتحق بركب الصراع السياسي على السلطة والثروة، أو على ما يشبه أو يوازي معنى السلطة، صراعات حدودية، صراع على ملكية، رغبة في الغلبة على الآخر بالقوة.. وعموما فإن جميع المذاهب والطوائف هي ظواهر ومظاهر ما قبل وطنية وما قبل الشعب والدولة بالمعنى الحديث والمعاصر. وهنا أرى أن الطائفية السياسية في تمظهراتها وتجلياتها الراهنة القائمة، هي حالة معاصرة للطائفية لها ارتباطاتها كظاهرة بالوجود الاستعماري، دون تجاهل أو نسيان التوظيف المبكر (تاريخياً)، والمحدود للطائفية السياسية في صورة الصراع المسيحي اليهودي بين البيزنطيين المسيحيين، وبين توظيف الفرس لليهودية في صراعهم معهم، حيث اليمن كانت بهذه الصورة أو تلك ساحة للصراع الطائفي/ الديني المسيحي اليهودي، بين الطرفين البيزنطي/ الروماني والفارسي. على أنه لا يمكننا الاتكاء على هذه الحالة للحديث عن الطائفية السياسية كظاهرة، لأن الطائفية السياسية بمعناها ومفهومها المنظم والممنهج كظاهرة واسعة الانتشار تم انتاجها(بهذا الشكل الموسع), مع تحول الرأسمالية إلى امبريالية وإلى ظاهرة استعمارية، وجدت في الدين والمذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية، ومن خلال مؤسسات الأبحاث المختلفة بما فيها مراكز الأبحاث الاتثروبولوجية والدينية، أدوات لخدمة مصالحها، ولتقسيم المجتمعات المعدة لتكون مستعمرات لها.

ألم يتم غزو العراق والعدوان عليه تحت شعار جلب الديمقراطية، وتدمير أسلحة الدمار الشامل الكاذبة، والنتيجة هي تدمير البوابة الشرقية للعرب، وصولاً لتقسيم العراق على أساس مذهبي وطائفي، خدمة للمصالح الاستعمارية الغربية، والصهيونية ، ولن يتوقف الأمر – بعد تقسيم السودان – إلى جنوب وشمال على أساس الطائفية الدينية (مسيحي/ مسلم)، عند هذا الحد فالقائمة مفتوحة لتشمل الجميع، بما فيه بلادنا اليمن، وحتى السعودية، التي تتأمراليوم على تقسيمنا، ، ومشاريع التقسيم على هذا الأساس المذهبي والطائفي والقبلي والمناطقي مطروحة على طاولة المناورات السياسية، تذهب وتعود، حتى يحين آوان تنفيذها على الأرض وفقا لما هو مرتب له ، ووفقاً لما هو حاصل في بلادنا اليوم، من بعثرة وتقسيم ومصادرة للدولة واستبدالها بالمليشيات المذهبية والطائفية والمناطقية والجهوية.

إن مواجهة قضايا الحاضر لا تكون إلا من خلال فهم الواقع، والتاريخ في تفاصيله المعقدة التي يقبع في بعض تفاصيلها الشيطان، فهم الواقع ابداعياً وجدلياً بهدف اصلاحه أو تغييره هو حلمنا، وهذا لن يتأتى إلا من خلال امتلاكنا منهجية بحث علمية عقلانية نقدية. وبهذه الروحية من الفهم ومن القراءة أحاول فهم المذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية، وكذلك فهم مصطلح "الهاشمية السياسية" كما صاغتها التجربة المعرفية والنظرية والفكرية والحياتية للناس في بلادنا. ذلك لأننا إذا اعتبرنا "الهاشمية السياسية" مصطلحاً، فهذا يعني أنه لم تنتجه مراكز أبحاث منظمة، ولا يمكننا حسبانه على هذا الكاتب أو ذاك، فهو اصطلاح صكته الخبرة والتجربة المعرفية والحياتية للناس في سياق التحديات التي تواجههم في الواقع فيجيبون عليها بطريقتهم الخاصة التي تتحول عبر التناول المتكرر، والتداول في الخطاب العام، إلى مفهوم أو مصطلح.

وبهذا المعنى أرى أن مصطلح "الهاشمية السياسية" في معناه وفي مبناه وفي تسميته (الشكل/ والمضمون)، لا يقول إنك أمام اصطلاح مهمته تكريس المذهبية والطائفية، أو أنه نتاج لفكر طائفي مضاد، فهو في مفردته الأولى - كما سبقت الإشارة- يذكر الهاشمية دون أن يلحقها بعنف لفظي، ودون وصفها بالعنصرية والسلالية على سبيل المثال، فقط يلحق الهاشمية بالسياسية، وهنا المصطلح لا يتكلم عن المكون الاجتماعي الثقافي الهاشمي، بل عن ظاهرة سياسية طبقية تعمل لمذهبة وتطييف ذلك المكون، ومن خلاله مذهبة وتطييف المجتمع والدولة، بل وحتى مذهبة منطق التفكير العام للناس ، ومحاولة قولبة ونمذجه طقوسهم الاجتماعية ، بما فيه اختيارهم لملابسهم الخاصة رجال ونساء، إلى طريقة حلاقة شعر الراس، إلى منع احتفالات الطلاب والطالبات بمناسبة تخرجهم الدراسي،إلى الحديث عن " المحرم", وفرض "شعار الصرخة",على المدارس، وفي المساجد، والاحتكار المذهبي للمساجد، إلى تلفيق تهم قذرة للناشطات المدنيات، وسجنهن وقائمة المحظورات الاجتماعية باسم المذهبية والطائفية والدين، اطول من أن يستوعبها هذا المقال، وهو ما نرى ونقرأ مطالع ووقائع صوره ونماذجه اليومية في صورة ما يجري على الأرض ومن هنا قيمة هذا المصطلح:

هو محاولة لقراءة البعد السياسي السلطوي الاستبدادي للهاشمية حين تتحول إلى سياسة وإلى رغبة في احتكار السلطة دوناً عن بقية مكونات المجتمع الغالبة، وهو ما حاولته الإمامة الهادوية حين جعلت من الإمامة أصلاً من أصول الدين، وحين حصرت الإمامة في شرط البطنين من أبناء فاطمة من الإمام علي تحديداً دون سواهم من الأبناء.. والحديث حول ذلك متشعب ولا تتسع له هذه القراءة.

إن تاريخ الإمامة السياسي في اليمن الإسلامي والحديث وحتى المعاصر، يقول لنا كيف احتربت واصطرعت الإمامة الهادوية، أو الهاشمية السياسية، فيما بينها، وصولاً للاستنجاد بالأجنبي - في أكثر من مرحلة - ضد بعضها البعض، بقدر ما احتربت وتقاتلت مع وضد طبقات وفئات وشرائح المجتمع المختلفة طيلة القرون السالفة، والتي لم تتوقف إلا لتبدأ، في صورة غلبة أحدهم على الأخر، وهكذا دواليك .

في ضوء الإشارات المكثفة السالفة التي يحتاج بحثها إلى أكثر من كتاب، فإنني أرى أن مصطلح "الهاشمية السياسية"، لا يستغرق مجموع المحتوى الاجتماعي الثقافي "العددي/ السكاني " لهذا المكون، بل هو يحدد أو يشير إلى قسم منه، القسم أو الجزء الذي حلم بالسلطة / الإمامة، واحتكارها في اسمه الخاص، أو باعتبارها ليس حقا سياسيا يتم بالاتفاق والعقد والاختيار، "البيعة"، بل كونه حقاً إلهيا، بوصية "خفية"، أو علنية "جلية"، وهو الأمر الذي بدأ التأسيس له مع الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الرسي، جد الإمام يحيى بن الحسين (الهادي)، وهو ما لا نتفق معه فكرياً وسياسياً في الأمس وفي محاولة البعض إعادة نتاجه اليوم.

إن التعبير الأيديولوجي والسياسي المباشر للقول بالإمامة السياسية كما وردت في خطاب الزيدية الهادوية، ، هو ذاته القول بــ"الهاشمية السياسية" في تمظهراتها السياسية والمذهبية الخالصة، كما عرفناها في تاريخ الإمامة السياسي. ولذلك لا أرى في مصطلح "الهاشمية السياسية" خطأ أو نزوعاً نحو تكريس العصبية المذهبية والدينية، ولا
" كسلاً ",ذهنياً قدر ما هي محاولة لإعمال العقل السياسي النقدي، ومحاولة لوضع المكون الاجتماعي والثقافي والمذهبي الهاشمي في اطاره الواقعي وفي سياقه التاريخي، بعيدا عن توظيف واستخدام المكون الهاشمي سياسيا وأيديولوجيا. هي دعوة لعدم الخلط بين الاجتماعي والسياسي والمذهبي، ولا أقرأ في استخدام مصطلح "الهاشمية السياسية" أي خطأ معرفي أو فكري وسياسي، ولا أجد في ذلك أي محاولة لتكريس المذهبية والطائفية واعادة انتاجهما من خلال استخدام هذا المصطلح في الكتابة السياسية التاريخية.

إن مصطلح "الهاشمية السياسية"، هو، في أسوأ الأحوال، تدخل ناعم في قلب صراع سياسي ودموي محتدم، يحتاج تدخل جراحي، تم الاستعاضة عن ذلك التدخل الجراحي الذي قد يكون قاسياً، في اصلاح الجزء الفاسد من الجسم بذلك المصطلح الناعم الذي لا أقرأ بين دفتيه ما يدل على عنف لفظي، وبهذا المعنى أفهم وأقرأ مصطلح "الهاشمية السياسية".

ولذلك لا أجد تفسيراٌ في إصرار البعض على الوقوف عند المدلول السلبي الذي يعطيه البعض للمصطلح، من خلال الاستخدام السيء له من قبل البعض، وكأن هناك تضامن سلبي بين الكتابتين ؛ اقصد تضامن ؛ بين الكتابة المنتجة في واقع الممارسة " للهاشمية السياسية",والكتابة الناقدة أو المخطئة لمصطلح " الهاشمية السياسية", بتحميل المصطلح، خطايا " الهاشمية السياسية" !!

ولذلك ، كما تلاحظون أنني اتعمد أن أكرر الحديث من أن الخطأ ليس في المصطلح وإنما في توظيفه واستخدامه السيء في قراءات خاطئة (عصبوية مذهبية طائفية مضادة)؛ فهذا أنا أمامكم، في خطابي الذي بين أيديكم في حلقاته الخمس، استخدم مصطلح "الهاشمية السياسية" فهل قرأتم أو وجدتم بين سطوره أي بعث للعصبيات، أو دعوة لثقافة العنف والكراهية ، أو اعادة إنتاج للمذهبية والطائفية والقبلية؟!

اتصور – ولا أجزم - أنني أقدم رؤية معارضة ونقيضة للمذهبية والطائفية والقبلية، ولمن يقول بخطأ مصطلح" الهاشمية السياسية", ولم يحد المصطلح من قوة اندفاعي العقلاني والنقدي في هذا الاتجاه، وللقارئ الكريم أن يحكم على ذلك بعقله البسيط، ولا أقول بعقله النقدي الاختصاصي للتمييز بين الكتابة الطائفية، ونقيضها .

أي أن الخطأ ليس في المصطلح بل في القراءات المشحونة بالعصبيات المذهبية والطائفية والقبلية بعد تحويلها إلى ايديولوجيات سياسية عنصرية في صورة "هاشمية سياسية"، أو "قحطانية سياسية"، أو" يمنية / قيسية / مضرية"، أو قبائلية سياسية، كما في حديث البعض عن "القومية اليمنية"، و"ثورة الاقيال السياسية القبائلية"، وهي مفاهيم سياسية تاريخية، تتحول - مع الأسف - من قبل البعض في ضوء الصراع المتخلف الجاري، إلى مفاهيم عرقية في مواجهة العنصرية "الهاشمية".

إن العودة للقبائلية والأقيالية (الأقيال/ التبابعة)، هي عودة لمعالجة مشاكل الراهن السياسي بعرقيات عصبوية تاريخية لا معنى لها، هو استنجاد بالتاريخ القبلي (الأقيال)، لمواجهة عنف الهاشمية السياسية المعاصرة، وهو ما يعكس أزمة في الرؤية (التفكير السياسي) وفي الموقف (الممارسة).. هي من بعض جوانبها امتداد لأزمة الواقع، وأزمة الفكر، ولأزمة الحركة السياسية الديمقراطية اليمنية في صورتها الكالحة التي نراها اليوم تراقب المشهد السياسي من بعيد وكأن ما يحصل في البلاد من دمار وخراب عظيم لا يهمهم ولا يعنيهم.

والسؤال، هل "الهاشمية السياسية" كنظام سياسي تخدم، وتحقق مصالح أبناء الطائفة الهاشمية ؟, والجواب السياسي والمباشر، بالتأكيد/ وقولا واحدا، لا تخدم سوى مصالح الجماعة الطبقية في قمة هرم النظام السياسي، فِ "الهاشمية السياسية" في التحليل الأخير هي سلطة سياسية طبقية، شبه أقطاعية، شبه برجوازية (رأسمالية متخلفة)، كما هي اليوم ،ولكنها شكلاً تحكم باسم الطائفة، وتوظف الطائفية لخدمة مصالحها ولتكريس استمرار حضورها في قمة السلطة وهذا ينطبق على ما كان قبل قرون بمعاني ودلالات مختلفة، بقدر ما ينطبق على ما يحصل اليوم.

فقط، لو بذل البعض جهدا بسيطا في قراءة معنى مفهوم"الولاية", بعيدا عن الجدل " السوفسطائي", والتعصب للرأي ،لوجد نفسه مباشرة وجه لوجه،أمام واقع مكتمل الأركان ،ل "الهاشمية السياسية ", ولكنه كما يبدو هناك إصرار مسبق وغير مفهوم لتخطئة المصطلح، كمدخل لإنكار واقع " الهاشمية السياسية", تاريخياً وراهناً ، وهنا تكمن المشكلة !!

صفوة القول:

إن من يفكك الخطاب الوطني، ومن يدمر بسلوكه السياسي، ومواقفه العملية المعنى الوطني العام على الاصعدة كافة، إنما هي الجماعة الانقلابية ورموز وقوى "الدولة العميقة" التي ما تزال ممسكة ومتحكمة بإدارة الامور في قسم واسع من البلاد، إلى جانب ما نسميه كذباً وزوراً بـ "الشرعية"، وهي التي تساهم عمليا في جعل البلاد / أرضاً وبحراً وسماءً، حالة مستباحة للقوى الاجنبية الرجعية / والاستعمارية، بعد أن ارتضت التفريط بالقرار السياسي الوطني المستقل، وبالسيادة (الارض / والجزر والثروة والمواني والمطارات) وبمصادرة ما تبقى من الدولة بين جماعات مليشوية مختلفة ومتخلفة سنية، شيعية، وهابية أخوانية، سلفية، وقبلية، ومناطقية، وتحت قيادة وأمرة دول أجنبية، هي فعلاً من تحتل بعض أهم المواقع الاستراتيجية السيادية من أرضنا وهو السبب الحقيقي لقدومها إلى بلادنا، بعيداً عن الشعار الزائف حول "استعادة الدولة"، وهي عملياً من تتحكم بمصادر ومفاصل القرار السياسي في البلاد، وهم معاً من يكرسون ويعيدون إنتاج المذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية والجهوية، بل والتبعية السياسية المطلقة لكل اليمن للخارج. ويجهزون بلادنا لتقسيمها إلى دويلات صغيرة مليشوية: مذهبية طائفية قبلية مناطقية جهوية وهو ما نطالعة في مشاريع مبادراتهم لتقسيم البلاد ليدخل أبناء اليمن من جميع الأطراف والمكونات في حالة حروب مستدامة لا تتوقف إلا لتبدأ ليسهل لهم وضع يدهم على كل اليمن لعقود طويلة قادمة، أو على الأقل جعله يعيش حالة احتراب وعدم استقرار سياسي داخلي لزمن طويل، بتمويل خارجي، تكون نتيجته وحصيلته العملية غياب الدولة ،لصالح هيمنة دويلات المليشيات المذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية، وهو ما يتم هندسته لبلادنا. هنا يصبح معه كلامنا وخطابنا عن خطأ مصطلح "الهاشمية السياسية" تحصيل حاصل، هو كلام فائض عن المعنى، وعن الحاجة في واقع أوضاع مأسوية تفتك وتدمر كل شيء في الوطن، من الإنسان إلى الأرض والدولة، وحتى التاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة