الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في معنى وجود المجتمع المغربي

محمد بوجنال

2022 / 8 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي




لا أحد يمكن أن ينكر أن لكل مجتمع معناه في شكله العام وفي أشكاله الفرعية. والمعنى يعني مستوى ودرجة وعيه بدلالة القضايا المختلفة إن على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي وكذا مدى قدرته على التنبؤ بقضاياه المجتمعية. وعليه، يمكننا القول أن وعي مجتمع ما كالمجتمع المغربي يمكن أن يكون إيجابيا ويمكن أن يكون سلبيا.ومعلوم أن الوعي بصدد مجتمعنا المغربي لا يحصل من فراغ،بقدر ما أنه نتيجة شروط وظروف محددة ومؤطرة بعدد من العوامل التي منها العوامل الاقتصادية حيث سوء التوزيع،احتكار وسائل وأدوات الانتاج كالارض والموارد والمصنع والبحروالفضاء مما يعني إفقار جزء كبير من فئات المجتمع ماديا أو قل اعتبارهم جزء لا يتجزأ من أدنى مستويات الوجود لا يختلفون في ذلك عن الحيوان إلا لكونهم قوة عمل. وقد عمق هذا القهر المادي لمكونات الشعب المغربي عامل الجفاف وانتشار مرض الكوفيد حيث نذرة المواد وارتفاع الأسعار وخاصة بالبوادي التي تتموقع في منطقة النسيان أرضا وبشرا وحيوانا. فمجتمع، كالمجتمع المغربي، وضعه المادي على هذه الشاكلة لن يكون سوى في مستويات دنيا تختلف قليلا عن بعضها، فيكون بذلك مفتقرا إلى الأساس الذي يؤهله لفهم قضاياه.ومن العوامل تلك العامل السياسي حيث يوجد الشعب المغربي مشكلا بالصيغ التي تعتبره سلعة لا تختلف إلا جزئيا عن باقي السلع؛ لذلك نجده جاهلا لقوانين وتنظيمات وتكوينات كل المؤسسات السياسية حيث لا يتعدى وجوده كونه رهن الإشارة كلما ناداه الأسياد بمعنى أن الفرد المغربي مغيب عن المساهمة في صياغة محتويات المؤسسات تلك ومعرفتها ليبقى بعيدا عن القضايا السياسية لمجتمعه من قبيل معنى الأسعار،معنى الأجور،معنى التوزيع،معنى الضرائب،معنى القوانين،معنى الملكية،معنى السكن،معنى الصحة،معنى التربية والتكوين،معنى الدين،معنى الانتخابات،معنى البرلمان،معنى التدبير،معنى الإدارة،معنى الاقتراض،معنى الفوائد، معنى الشغل والتشغيل.للاسباب هذه، هناك من يقول أن المغربي لاجيء ببلده ونحن نقول أنه في درجة أقل من درجة اللاجيء بمعنى أنه كائنا ملغى أو بلغة الاستعارة كائنا مقتولا.مجتمع يفرض عليه هذا الوضع هو مجتمع مسلع لا يختلف عن درجة وجود العبيد؛ وهناك عوامل أخرى من قبيل العامل الثقافي حيث أن لا وجود إلا لثقافة التجهيل باعتماد أسلوبين يتمثلان في القوة وأشكال الأيديولوجيات واحيانا اعتمادهما معا.فالشعب ،في مجمله، مفصول عن الواقع؛ فهو لا يبصر هذا الاخير، ولا يفهم حقيقة أحداثه إلا بتصورات وفي تصورات وبلغة غريبة عن الواقع أو قل أن مجمل ساكنة الشعب المغربي توجد في كهف يزين ويزركش ويؤكد أن هو الواقع الحقيقي. فبعل مختلف الأيديولوجيات،تم تشكيل شخصية الكائن المغربي الذي أصبح لديه،وبقناعة،أن الواقع هو ما تصوره له اللغة، أما الواقع الحقيقي فقد أصبح هو الشيطان الذي يجب تجنبه ومحاربته؛ وهنا يكمن دور المؤسسات الثقافية التي يخضع لها كالأسرة والمدرسة والشارع ووسائل الإعلام والمسجد والدين والأخلاق.فبداخل هذه المؤسسات يولد المواطن المغربي، وفيها وبها تتشكل شخصيته التي ترفض الحقيقة أو قل تناصبها العداء وتصفها بالشيطنة؛والعامل المشترك بين ايديولوجيات بين أيديولوجيات كل هذه المؤسسات الثقافية هو التصور الديني وباللغة الدينية ذات المحتوى والشكل المسلعين والمسلعين.هكذا،فالأب المسلع المقتنع بشيطنة الواقع ينقل التسليع ذاك إلى الأبناء الذي يزكيه ويعمقه التعليم والشارع ووسائل الإعلام والأخلاق والعادات والتقاليد إذ كلهم يرون في الواقع/الشيطان خطر منعهم من دخول الجنة.ويسمي رولان بارت هؤلاء ب "الأحياء/الأموات".وباختصار،هذا هو معنى فكر وسلوك مكونات المجتمع المغربي:أرض خالية يمتلكها الأسياد،وأناس وهميون حاربوا ويحاربون واقعهم المادي.والخلاصة أن المجتمع المغربي مجتمع يمتلكه الأسياد طبيعة وبشرا وحيوانا ونباتا. وبصفة عامة،فالمجتمع المغربي مجتمع طبقي تشكله طبقة البورجوازية الكامبرادورية المقسمة إلى فئات متحالفة ومتصارعة في نفس الآن، وكذا بورجوازية متوسطة حيث تحتل الفئة العليا منها مرتبة مميزة على الرغم مما أصابها من تقهقر،وفئات أخرى متوسطة وصغرى تعرضت لشبه البلترة،ثم بقية مكونات الشعب من عمال وفلاحين وتجار صغار وباقي المعدمين.لكن على الرغم من هذا التشكل الطبقي،فما زالت الأسرة تلعب دور الحفاظ على الانسجام بين مكوناتها تارة،والعجز عن القيام بذلك تارة أخرى؛إضافة إلى الدور الذي لعبه ويلعبه الدين في الحفاظ على الانسجام والاعتقاد بكونه الحامي لهم من اشكال الشر. على الرغم من حصوله وهو ما يعني الاعتقاد في القوى الميتافيزيقية،وإنصافهم في الحياة الآخرة؛ هذا دون نسيان اعتقادهم في قدرات الموتى على التواصل والاتصال بالأحياء تحقيقا للانسجام وفرض الإنصاف.هذه العوامل السابقة الذكر هي ما يشكل شخصية الفئات المقهورة على المستويين الشعوري واللاشعوري على السواء،فتتحدد الشخصية تلك متأثرة بأشكال العوامل تلك ومحتوياتها؛والتحديد ذاك هو ما به يميز بين الصواب والخطأ،بين الخير والشر.

بصفة عامة،شكلت هذه العوامل،دون نسيان غيرها، الجهاز الذي به بقيت مكونات المجتمع المغربي،منفصلة عن الواقع،غارقة في الأوهام والإنشاءات اللغوية الماكرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي