الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقتدى الصدر هو أمل الولايات المتحدة الأفضل

عباس منعثر
شاعر وكاتب مسرحي عراقي

(Abbas Amnathar)

2022 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


فورن بولسي
-سابقاً، كان رجل الدين الشيعي عدو واشنطن الأخطر في العراق، لكنه الآن يقدّم أفضل فرصة لتأمين المصالح الأمريكية.
إنشال فوهرا/ ترجمة: عباس منعثر

في الانتخابات النيابية العامة، إتخذ العراقيون خطوة غير مسبوقة برفض التحالف الذي تدعمه إيران من الميليشيات الشيعية المسلحة، بينما أظهروا تفضيلًا واضحاً لمقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي الذي يدعم أجندةً وطنية. لقد تراجع الفتح، وهو تحالف يضم ميليشيات مختلفة أو قوات الحشد الشعبي بقيادة هادي العامري الموالي لإيران، من الحصول على 48 مقعداً برلمانياً في الانتخابات السابقة عام 2018 إلى 15 مقعداً فقط في هذه الانتخابات 2021. أثناء ذلك، برز تحالف سائرون بزعامة الصدر كأكبر الفائزين، حيث إزداد عدد مقاعده من 54 إلى 73 مقعداً. وهكذا يمكن اطلاق مصطلح (صانع الملوك) على مقتدى الصدر في تشكيل البرلمان العراقي القادم.

لقد اتضح تفوق جماعة شيعية تدّعي العلمانية (التيار) على جماعة شيعية طائفية ومسلحة (الاطار). بدأت وحدات الحشد الشعبي كقوة مناهضة لداعش، لكنها متهمة منذ ذلك الحين بالتحول إلى رجال عصابات محليين يديرون عمليات ابتزاز وينفذون عمليات قتل خارج نطاق القضاء. وعلى العكس، يعزز الصدر دعمه ووعوده بإجراء إصلاحات سياسية تتوهن الجماعات الطائفية، لبناء مجتمع أقرب الى العلماني، وتنهي التدخل الإيراني مع إخراج القوات الأمريكية عن البلاد.

من المؤكد أن مقتدى الصدر قد برهن على أنه عدو لأمريكا؛ وقد اكتسب سمعة سيئة بعد الغزو الأمريكي بسنوات حيث أطلق للميليشيات الطائفية العنان تحت سيطرته ضد القوات الأمريكية. رغم ذلك، ينبغي أن تكون حكومة الولايات المتحدة هي الأكثر سعادة بمكانة الصدر الجديدة كزعيم وطني. هناك الكثير من الشكّ في إمكانية تحقيق الصدر لأجندته؛ لكن ما لا جدال فيه هو أن الصدر قد انبثق كزعيم سياسي وحيد في العراق يتمتع بشعبية كافية ليجعل التغييرات التي تحتاجها البلاد ممكنة، بما في ذلك تفكيك التحاصص الطائفي لمكاتب الأحزاب السياسية المعروفة باسم (نظام المحاصصة) واحتواء الميليشيات المدعومة من إيران. في هذا السياق بالتحديد، يمكن القول إن صعود الصدر يناسب المصالح الأمريكية.

أولاً، سيتعين على الصدر أن يتفاوض حول الأغلبية في البرلمان العراقي المؤلف من 329 عضواً. تقول مصادر مقربة من الصدر إنه بالإضافة إلى 73 مقعدا لائتلافه، يمكنه الاعتماد على دعم 10 مرشحين مستقلين انضموا إلى دعوات الإصلاح السياسي كانوا قد شاركوا في الاحتجاجات التي عمّت أرجاء البلاد في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فإن المفاوضات حول تشكيل الحكومة ستستغرق شهوراً، ولم يتضح بعد الشكل الذي ستبدو عليه الكوكبة النهائية (التحالف) - لأسباب ليس أقلها أن عمق التزام الصدر بالإصلاح السياسي يصعب تقييمه.

تقول لاهيب هيجل: (( لقد انقلب الصدريون على الاحتجاجات الشعبية في أوائل عام 2020 وكانوا مسؤولون أيضاً عن جزءٍ من العنف المُرتكب ضد النشطاء)). وأضافت: أنها تشكّ بأمكانية الصدر على تشكيل حكومة تستبعد تحالف الفتح أو الميليشيات الإيرانية تماماً. واختتمت بالقول: ((سيسبب ذلك المواجهة)). وتكمل: ((إن التنافس بين التيار الصدري والميليشيات المدعومة من إيران هو صراع على النفوذ، لكن عندما كان من فائدتهما التصالح كما حدث في الماضي، سيتصالحون ويدفنون خلافاتهم ويتوافقوا)). وأضافت هيجل: ((حدث في عام 2018، أن توّصل الصدر إلى اتفاق مع هادي العامري بشأن تشكيل الحكومة)).

يقول السياسي المقرب من الصدر ضياء الأسدي: إن الصدر يمكن أن يشكل ائتلافاً فائزاً من خلال استبعاد جميع الفصائل المدعومة من إيران – ويشمل ذلك تحالف فتح الذي يجمع الميليشيات المسلحة بقيادة العامري وكذلك المجاميع السياسية غير المسلحة والمدعومة من إيران بقيادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والذي حصل على ثالث أكبر عدد من المقاعد (37 مقعداً) في الانتخابات الأخيرة.

يضيف الأسدي: ((أولئك الذين يفكرون بطريقة المالكي سيعارضون الصدر، لذا لا يمكن للصدر والمالكي أن يكونا حلفاء))، ويكمل بالقول: ((من المحتمل أن يصطف الصدريون مع الكتلة السنيّة، والتي تضم 38 مقعداً، ومع الأكراد والمستقلين وربما الأحزاب الشيعية الأخرى الأصغر حجماً)). وأوضح الأسدي أن مثل هذا التحالف مكلف للغاية ((إذ أن السنة والكرد راضيان بنظام المحاصصة حيث يمكّنهم من القوة ويمنحهم التمثيل المناسب، ولن يكون سهلا أن يتمّ التخلّص من هذا النظام المحاصاصتي فوراً. لذلك يسعى السيد الصدر الى إحداث إصلاحات متأنية. على سبيل المثال، يبلّغ السيد الصدر حلفاءه أن منحَ جميع المكونات تمثيلاً، لا يتعارض مع اختيار الاكفأ والأفضل لشغل المناصب الحكومية في المؤسسات. ولكن حتى هنا تكمن المشكلة: إذ تُفضّل معظم الأحزاب أن تختار أكثر الرجال ولاءً وليس كفاءةً للحفاظ على النفوذ)).

ويؤكد محللون إنه على الرغم من أنّ التيار الصدري كان جزءاً من عدة حكومات سابقاً، فإنه لم يكن فعّالاً في الضغط من أجل تحقيق الإصلاحات، وبدلاً من ذلك فإن التيار نفسه متهم بممارسة العنف والفساد. يُقال إن الصدر ليس صانع سياسة محنّك ولكنه مجرد شعبوي يرتدي عباءة المجتمع المدني.

يقول إيلي أبو عون إنّ الصدر فشل في إثبات نفسه، ويضيف: ((حتى قبل 2018، كان الصدر جزءاً من المؤسستين التشريعية والتنفيذية من خلال أعضاء مجلس النواب والوزراء الذين رشّحهم بنفسه. وعلى الرغم من هذا الوجود القوي نسبياً في المؤسستين، فلا يمكن لتياره أن يدّعي أنه انهمك في مبادرات جديّة للإصلاح. كان معظم ما فعله محصور في مجال النقد والاعتراضات فقط)).

يضيف أبو عون أن مرشحي الصدر قد توّرطوا في بعض الحالات بقضايا فساد فاضحة، وفي حالات أخرى، قبلوا بممارسات سيئة كانوا ينتقدونها أمام الشارع. ويضيف: ((باختصار، لا أفهم لماذا يتغير الآن أيٌّ من العوامل التي منعته من اجراء الإصلاح في السنوات العشرة الأخيرة)). ويكمل: ((أتوقع منه أن يواصل العمل المزدوج: كزعيم معارضة شعبوي، وكجزء من جميع مؤسسات الحكم في العراق)).

ومع ذلك، يقول آخرون إنه على الرغم من تناقضات الصدر العديدة وسجلّه غير المشجع في الضغط من أجل الإصلاح، فإنه يمثل نموذجاً سياسياً جديداً ينبغي أن يكون مصدر إلهام للعراق والمنطقة. يكشف صعود الصدر أن بإمكان قادة الميليشيات الطائفية أن يغيروا مسارهم ويستخدموا شعبيتهم لخلق الانسجام في المجتمعات المنقسمة عميقاً على أسس دينية بالإضافة إلى التركيز على القضايا المدنية التي تؤثر على حياة الناس اليومية. وفي خضّم معركة تغيير النظام السياسي المبني على المحسوبية والمكافأة حسب الولاء، يمكن لمعلّم (Guru) كثير الاتباع مثل الصدر أن يلعب دوراً حاسماً في هذا الشأن.

من جهة الولايات المتحدة، يمثل الصدر فرصة لتحقيق الاستقرار بشكل دائم في بلد كان الامريكان قد غرقوا في مستنقعه منذ ما يقرب من عقدين. يقترح الصدر أنه قد يقبل الوجود الاستشاري للقوات الأمريكية في العراق، وبالتالي يمنح إدارة بايدن طريقة لحفظ ماء الوجه في سحب غالبية قواتها من البلاد. يقول الأسدي: ((قالت الإدارة الأمريكية السابقة أنها ستراقب إيران من العراق، فإذا سحبت الإدارة الجديدة قواتها من العراق وغيّرت سياساتها تجاه العراق وإيران، فلن يكون لدى إيران ولا مؤيدوها أيّ عذر لتهديد أو مهاجمة المصالح الأمريكية في المنطقة)).

إنّ مقتدى الصدر ليس رجل أمريكا، لكنه ليس رجل إيران أيضاً. وطموحه لإبعاد إيران يتداخل مع طموح أمريكا وحلفائها في المنطقة. يعلم العراقيون أن الصدر ليس لديه الدواء الشافي لأزمات البلاد المتعددة، ولن تختفي سياسة المحسوبية ولا الفساد بين ليلة وضحاها. لكنّ صوت الصدر القوي يُضاف إلى جوقة الجماهير اليائسة والضعيفة التي تسعى إلى التغيير والمشاركة في ثروة البلد النفطية على شكل وظائف، وبيوت أفضل وكهرباء كافية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة