الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من غياب المصداقية إلى التحريف الممنهج لتاريخ الكورد في الجزيرة مثالا المحاميين (موسى الهايس وعبدالله السلطان) -الجزء السادس والأخير

محمود عباس

2022 / 8 / 30
القضية الكردية


بينا سابقا ببحث، مسنود بمصادر وإثباتات، ضحالة المفاهيم التي روجها أولئك الكتاب، وقد نوهنا حينها إلى الجهات التي تتبناهم، ومدى خطورة ما ينشروه، ليس بالنسبة للشعب الكوردي بل للقبائل العربية الأصيلة التي هاجرت من شبه الجزيرة العربية في نهايات القرن الثامن عشر وبدايات القرن الماضي، وسكنت الجزيرة الكوردستانية.
لذا لن نعود إلى تكرار ما قدمناه سابقا، بل سنقف وبعجالة على ما ذكروه عن تاريخ عشيرة الطي ومساكنهم الأصلية والحالية، كمثال عن بقية القبائل المذكورة في الدراسة:
يقول أبو العباس القلقشندي 1355م (في كتابه (نهاية الأرب في معرفة قبائل العرب) الصفحة (300)عن قبيلة الطي "قبيلة من كهلان من القحطانية يمنية الأصل، سكنت شمال الجزيرة العربية، أحد أشهر أبنائها هو حاتم الطائي، وزيد بن الخيل بين المهلل الصحابي الذي وفد على رسول الله...فأسلم فسماه الرسول الكريم زيد الخير" سكنت تحديدا منطقة حائل التي كانت تعرف قديما باسم بلاد الجبلين، وهو ما سمي لاحقا بجبال شمر في عالية نجد الشمالية، هاجرت بعض فروعها بأعداد واسعة إلى مصر في عصر الدولة الفاطمية، وكان لهم دور كبير في تعريب مصر، كما وأسكن الوزير الفاطمي اليازوري أحد فروعها والتي تعرف بالسنابسة في جنوب فلسطين.
كما ويقول في الصفحة (301) من نفس الكتاب "منهم الأن أمم تملأ السهل والجبل حجازاً وشاماً وعراقاً" كما وجاءت على ذكرهم، وتواجد بعض خيمهم مع قطعانها على أطراف مصب الخابور مع الفرات (الليدي آن بلنت) البريطانية في كتابها (قبائل بدو الفرات عام 1878م) وهي عن رحلتها من اسكندرونه إلى بغداد بمسيرة مع ضفاف الفرات، ففيها تتحدث عن معظم القبائل العربية التي كانت تجول البادية السورية، وبعضها كانت تبلغ أطراف حلب الشرقية وجنوبها. ولا تأتي على ذكر أية قبيلة عربية في شمال نهر الفرات، باستثناء فرع من الطي، وقسم من الشمر، الذين كانوا في العراق شمال شرقي منطقة الأنبار وجنوب جبل سنجار وعلى ضفاف مصب الخابور إلى الفرات.
تقول في كتابها، الصفحة (47) "تستوطن بوادي الضفة اليسرى من نهر الفرات قبيلة (الشمر)، وهي قبيلة قوية كثيرة العدد بدوية خالصة، وهم أساسا من قبائل منطقة العراق، بينما الضفة اليمنى لنهر الفرات قد سيطر على بواديها (العنزة)...وكثيرا ما تعبر سرايا الغزو النهر من كلا الجانبين للسلب وقطع الطرق" وفي الصفحة (55) تتحدث عن الهجرة السنوية للعنزة باتجاه نجد، وعودتهم إلى مضاربهم الصيفية في البادية السورية العليا، دون أن يجتازوا الفرات وتقول "قررنا أن ننطلق فورا اذا كان البدو قد شرعوا برحلة جدية، وقررنا أن ننضم إلى العنزة حيثما يكونون. فهم قد رحلوا عن جوار حلب، ويفترض بأنهم الأن في الجنوب الشرقي بين تدمر والفرات".
بعدها وفي الفصل الرابع تتحدث عن أمجاد قاطع الطرق الكوردي (كرو) وشيمه وبطولاته ومساعدته للفقراء في منطقة حلب، وتعود في الفصل الخامس لتتحدث عن معارك قبيلة العنزة والشمر والرولة، وتوابعهم كالسبعة والفدعان والولدة والعقيدات، وجلها تدور في جنوب الفرات وفي البادية ولا تذكر أية حالة أو معركة في شمال نهر الفرات.
وعند عودتها من بغداد، مارة بجنوب سنجار، وحيث وجهتها مضارب (الشيخ فارس) من الشمر فيما بين الشدادة ومصب الخابور في الفرات. أما عن مضارب الطي فتقول في الصفحة (252-253) "أخبرونا أن مضارب قبيلة الطي تقع غربنا، فعزمنا على الذهاب إليهم لأن داثان أخبرنا بأن أم فارس منهم، وأن أسم شيخهم هو عبد الرحمن، ويبلغ تعدادهم حوالي ألف خيمة. عند الساعة الثانية عشرة والنصف قطعنا طريقا يقال أنه يقود من نصيبين إلى مسلحة بويران وأن نصيبين تقع على مسيرة ثلاثة أيام من هنا، وعند الساعة الواحدة عدا ولفرد بصحبة صياح ليحصلا على معلومات عن خيام طي التي ادركناها) والشيخ عبد الرحمن هو ذاته الذي أنتقل من جنوب الشدادة في عام 1878م ليخيم بجنوب قامشلو بعد الاستعمار الفرنسي، وتم نفيه إلى نصيبين لفترة ما في بداية العشرينات من القرن الماضي، أي أخذت من قبيلة الطي قرابة نصف قرن لينتقلوا من مناطق مصب الخابور في الفرات إلى جنوب قامشلو.
أحيانا يكون من العبث الحوار على حقائق يتم تحريفها بتخطيط وفي وضح النهار، كالبحث في أصل القبائل العربية المتواجدة الأن في الجزيرة، وجميع المؤرخين الإسلاميين والمهتمين بتاريخهم وأنسابهم وأصولهم ومواطنهم الأصلية، لا يشكون لحظة على أن حاضنتهم حتى بداية الإسلام كانت شبه الجزيرة العربية، تحديداً في نجد ومن ثم منطقة حائل حتى المنتصف الثاني من القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، وبدأت المرحلة الثالثة من التغيير الجغرافي لتلك القبائل بعد حروب الشمر والعنزة، أي بين آل الرشيد وآل السعود، والتي امتدت من 1790 بداية المد السلفي الوهابي على الجزيرة العربية إلى سقوط حائل في عهد محمد الطلال الرشيد عام 1919م .
فالتحريفات التي تطال مساكن الطي على أنها كانت الجزيرة السورية منذ بدايات الإسلام وبعضهم يعيدها إلى بداية الميلاد، كالتي أوردتها الدراسات المستنسخة عن بعضها، مدمرة لماضيهم، وطعن في لقائهم بالرسول الكريم، وفي قول النبي عن موطنهم نجد. ومن الغرابة أن يتم ذلك لغايات سياسية عنصرية، رغم أن جميع المؤرخين يعلمون أنه لم تكن للقبائل العربية حضور في أية من الحضارات أو الممالك التي نشأت في منطقة الجزيرة الكوردستانية، باستثناء استقرار بعض المجموعات بعد الغزوات الإسلامية-العربية، كالتي تمت على أطراف الرقة بعد موافقة عمر بن الخطاب وبشروط، وكانت حينها للرقة اسم آخر.
حتى وأن التسميات الثلاث ديار بكر وديار ربيعة وديار مضر، مجازية لا أسس جغرافية ديمغرافية أو إدارية لها، ويدرج مؤرخو الأنساب العربية، بنو ربيعة وبنو بكر ضمن القبيلة ذاتها ومضاربهم كانت نجد انتقلوا إلى شمال الجزيرة العربية، وجنوب العراق، بسبب ويلات الغزوات بين القبائل، منهم الشاعر الكبير طرفة بن العبد، والأعشي، الأول ولد في بادية البحرين، ينتمي لقبائل بكر وكانت مضاربها بين شمال الجزيرة العربية وبادية البحرين، قضى الشاعر معظم أوقاته بين قومه، وفي بلاط ملك الحيرة. والثاني من بني ربيعة ولد في بلدة منفوحة في ديار القبائل البكرية التي تمتد من البحرين وحتى حدود العراق، حيث قضى الشاعر أيامها فيها ما عدى فترات الترحال، ولكون المنطقة كانت ضمن سيطرة الإمبراطورية الساسانية، وتجواله، تأثر باللغة الفهلوية الشرقية والتي تصرف جدلاً بالفارسية ومفرداتها كثيرة في أشعاره.
وأبعد ما يمكن إدراجه في سياق الجغرافية العربية خارج الجزيرة العربية، هما مملكتي الغساسنة والمناذرة، ومواقعهما أكثر من معروفة، علما هناك شكوك حول انتماء الغساسنة اللغوي-العرقي إلى العرب.
ولئلا نعود إلى الجدالات العقيمة، نذكر السادة الكتاب الذين لا يتوانون في إعادة المنسوخات ذاتها، أن هذه الدراسات تفاقم من الشرخ وتعمق العداوة بين الشعبين العربي والكوردي، وتعمق الكراهية بين مكونات الجزيرة، وما يتم التغطية عليه بالوطنية لا تجدي نفعا لأن المطروح تفضح المخفي. أملين من حملة هذه الهجمة العنصرية العودة إلى الذات والعمل على تنقية ثقافتهم الخاطئة التي غرستها الأنظمة الشمولية العنصرية، في أذهان مجموعات من مجتمعنا السوري وخاصة المكون العربي. وفيما إذا كانوا فعلا يريدون الشراكة في بناء وطن عصري يحتضن الجميع، عليهم شكر الشعب الكوردي على ما قدموه من حسن الضيافة وحماية المهاجرين، والأعتراف بالكورد كقومية ثانية في سوريا لها ما للقومية العربية من حقوق، والتخلي عن تحريف تاريخ الكورد والجزيرة تحت إملاءات قوى لا تريد الخير للعرب والكورد معا. 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تجتاح الجامعات الأميركية في أ


.. السعودية تدين استمرار قوات الاحتلال في ارتكاب جرائم الحرب ال




.. ماذا ستجني روندا من صفقة استقبال المهاجرين غير الشرعيين في ب


.. سوري ينشئ منصة عربية لخدمة اللاجئين العرب




.. غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح