الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة قارئ لا يستهان به!

فاطمة الحصي

2022 / 8 / 30
الادب والفن


كان الفنان المبدع نجيب الريحاني يشكل دويتو مع الكاتب
بديع خيري في إنتاج روايات مسرحيه وإعدادها لمسرح الريحاني كل عام وذلك عن طريق الاطلاع على أهم الروايات الانجليزيه وتحويل نصوصها إلى نصوص اقرب للبيئه المصريه أو ما عُرف بمصطلح (التمصير)؛والحق أنني انشغلت الأيام الماضية بإتهامات السرقات الأدبية التي وجهها أحدهم لأكثر من كاتب مصري،منهم المعروف إعلاميا ولا يملك موهبه ،ومنهم أصحاب المواهب الحقيقيه، المغمور و المشهور ..
والحق أن مسألة السرقات الادبيه بل والفكريه هى من القضايا الشائكة التي انتشرت بشكل كبير في الأوساط العربيه الثقافيه والعلميه،ويعود السبب الرئيسي لانتشارها في ظني إلى إشكالية التربيه والتعليم والأخلاق حيث أن رهان السارق في مثل هذه الحاله يكون منصب على معرفته الجيده بطبيعة عزوف شعبه عن الإطلاع وقراءة إنتاج الدول الأخرى ..
وكلنا يعرف أن الشعوب العربيه تعاني من قلة القراءه وهو أمر يرجع لأسباب أهمها إنتشار الاميه بين الطبقات الاجتماعية المختلفه،وعدم الحرص على بذر بذور حب القراءه منذ الصغر سواء بالمنزل أو بالمدرسه بل إنه من الملاحظ أن المدارس تساعد التلميذ على نبذ القراءه من خلال الضغط المكثف من أجل الحفظ والمذاكرة مما يولد شعور بكره الكتب والقراءه يوما بعد يوم ؛ وهو ما يؤدي إلى أمية المتعلمين انفسهم،كما لعب ارتفاع أسعار الكتب الورقيه دورا كبيرا في انحسار النسبه المئويه للقراءه في المجتمعات العربية.
أقول أن رهان البعض على ندرة التوجه نحو القراءه في المجتمعات العربيه ؛جعل بعض الكُتَاب يستبيحون رواياتٍ دوليه فيقتنص أحدهم لُب روايه أو الهيكل العام لقصه ما ومن ثم يعيد.كتابتها بشكل يتناسب والمجتمعات العربيه...

ومن المؤسف حقا أن أقول إن ضحالة القارئ " في ظني" هى التي تشجع الكاتب على الاستهانه بعقله..أعرف أحدهم ممن قرأ روايه وحيده في حياته ،وظل يمدح كاتبها على اعتبار أنه الأديب الوحيد في مصر الذي يحترمه ويُعجب بإسلوبه في الكتابه لا لشئ سوى أنها الرواية الوحيده التي قرأها وهو أمر لن يعترف به لأحد بكل تأكيد !!
اسوق هذا المثال كنموذج لهذه الضحاله..

هذه الندره في القراءه شجعت مبتدئي الكتابه وكل من شعر بنوع من الموهبه في الكتابه على (التبجح)والتوجه لاستنساخ أو تعريب أو تمصير "أيا كان المسمى" بعض الروايات أو القصص وإعادة كتابتها مرة أخرى بطريقه جديده مع إضافة توابل خاصه بمجتمعاتنا العربيه!!

ولست هنا في موقع إتهام أو تحقيق أو دفاع عن كاتب اوغيره ممن وُجهت إليه أصابع الاتهام بالسرقه الأدبيه،ولكنها مجرد أفكار تداعت و أفكر فيها مع القراء في هذه المسألة .
المؤسف أنني لاحظتُ هذا التوجه على بعض كُتاب الفكر ممن راهنوا على عدم إطلاع الشعوب العربية على كتابات فكريه من خارج المجتمع وتحولوا إلى مفكرين ذوي فكر خاص يشار له بالبنان وفَتحت لهم كبريات الصحف صفحاتها، على الرغم من كونهم ينقلون أفكار مفكرين أجانب أو عرب دون الإشارة إلى أصحابها الأُوائل فيظهرون للقارئ وكأن الفكره من بنات أفكارهم!
بمعنى آخر: لا يهمني مَن السارق!! بقدر ما يهمني تربية قارئ واعادته إلى القراءه العميقه التي تجعل الكاتب يضع عقل القارئ في اعتباره،ويتخوف من التساهل أو الاستهتار أو الاستهانه به..

الحل إذن هو خلق قارئ يمكنه أن يناقش ويحلل ويبارز الكاتب أو المفكر في القضايا التي يثيرها بأدوات منهجيه وعلميه حقيقيه ؛وهو ما يعيدنا مرة أخرى إلى ضرورة إعادة النظر في مثلث التربيه و التعليم والاخلاق وكيف يتم إعداد التلاميذ منذ الصغر للقراءه والنقد العلمي الممنهج من خلال تعليم لا يقتصر على تعلم الحروف والأرقام وكتابة الكلمات بقدر ما يبني عقل ناقد قارئ وصاحب منهج علمي للتفكير .
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا