الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم -برلين ، أنا احبك - مجموعة قصص ليس لها الصلة بثقافة برلين وتاريخها

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2022 / 8 / 30
الادب والفن


Berlin, I Love You

علي المسعود
"برلين، أنا أحبك" هي نسخة من سلسلة "مدن الحب"، وهي سلسلة من الأفلام التي أنشأها المنتج الفرنسي "إيمانويل بنبيهي "والتي تتكون من مجموعة من الأفلام القصيرة والتي تدور أحداثها في مدينة واحدة محددة، وقد تركزت الأجزاء السابقة حول باريس، نيويورك ، وريو ، والتي تمحور جميعها على الاحتمالات المختلفة في البحث عن الحب إمكانية العثور عليه هناك . ومثل بقية الأجزاء الأخرى ، فيلم ( برلين ، أنا أحبك )، تروي عشر قصص غير مترابطة ، وتسلط الضوء على مواضيع مختلفة بما في ذلك الحب والخسارة . الفيلم تصدى لكتابته مجموعة من الكتاب مع مجموعة من المخرجين من مختلف البلدان وتم إنتاجه عام 2019 . أفتتاحية الفيلم بكولاج لرسوم متحركة يصور جوانب من ماضي برلين المضطرب (الحروب وبناء وانهيار الجدار) والتطور في نهاية المطاف . ييدأ الفيلم بقصة ( مراحل أنتقالية) للمخرج جوزيف روسناك وتعكس القصة الفكرة العامة للفيلم و في النهاية تربط جميع القصص الأخرى . وتبدأ القصة مع الشابة سارة (رافاييل كوهين) وهي مغنية وكاتبة أغاني إسرائيلية تأتي إلى برلين لزيارة المنزل الذي عاشت فيه جدتها اليهودية قبل أن تهرب من النازيين ، تلتقي فنان االشارع (روبرت ستادلوبر) الذي يرتدي جناحي ملائكة ويحاكي تمثالا لملاك ، تأخذ المغنية مكانا بجانبه وتبدأ في الغناء ، مما يزعجه كثيرا يطلب منها مغادرة المكان ، لكن الاثنين يجدان بعضهما البعض مرة أخرى، سرعان ما ينجذبان إلى بعضهما البعض .
في القصة التي بعدها ( رحلة برلين ) ، للمخرج بيتر شيلسوم ومن بطولة جيم ستورجيس وبجور رجل جاء الى برلين كي يثمل حتى الموت بعد فشل علاقته العاطفية ، لكن يتعلم في برلين كيف يحب الحياة ويعيش تجربة الحب من جديد . بعض القصص لها سحر غريب ، مثل تلك التي تنطوي على شاب حزين القلب (جيم ستورجيس) الذي يجد سببا جديدا للعيش بفضل سيارة ناطقة معجزة ترفض السماح له بالانتحار عن طريق القيادة من فوق جسر . أالقصة الثالثة ، وحسب رأي من أجمل قصص الفيلم لانها تحمل معاني انسانية كبيرة ، القصة بعنوان ( تحت قدميك ) وكتبها الايراني ماسي تاج الدين ، وتدور القصة حول موظفة تعمل في مخيم للاجئين (كيرا نايتلي ) تصطحب طفلاً عربياً صغيراً تركته أمه وحيداً في الملجأ الى منزلها ، تلومها امها وتقوم بدورها الممثلة الانكليزية القديرة ( هيلين ميرين ) على هذا التصرف والتي تتمنى على إبنتها أن لا تحاول حل جميع مشاكل العالم بنفسها . أدت أزمة اللاجئين إلى نقاش عنيف ولاذع حول مكانة الأجانب المتصورين في المجتمع الألماني . من المنطقي أن يرغب المرء في التطرق إلى ذلك عند سرد قصة تدور أحداثها في برلين الحديثة. لكن تقديم مثل هذه القصة من خلال عيون امرأتين بريطانيتين يبدو غير واقعي ويقوض أي سبب لوضع القصة في برلين. كان بإمكان عامل إغاثة ألماني يعيد طفلا إلى وطنه أوإلى أحد الوالدين بدلا من ذلك الطرح ، وتساءلت ما هو الهدف من كل ذلك ؟.
من أشهر الكتاب المشاركين في المشروع هو على الأرجح نيل لابوت ، في قصة ( الحب في الجو ) التي أخرجها تيل شفايغر ، ويظهر فيها جيم رجل كبير السن ويقوم بدوره الممثل ( ميكي رورك) يحاول استمالة شابة امريكية هيثر (توني غارن) اصغر منه بكثير في حانة فندق ، وبعد أن أخبرها قصة حزينة عنه وعن ندمه الكبير لعدم تمكنه من معرفة إبنته منذ أن فقد حضانتها عندما كانت طفلة ، وافقت الشابة على الذهاب إلى غرفته في الفندق . وفي صباح اليوم التالي ، يكتشف روك أن الفناة قد رحلت ، تاركة له رسالة كتبتها على مرآة الحمام وبقلم أحمر الشفاه تقول فيها "أنا أسامحك يا أبي" . ويدخل الاب في نوبة من البكاء وهو في اقسى لحظات الندم .
في قصة ( أنا الثالثة ) للمخرجتين لستيفاني مارتين وكلوس كلوسن ، تتناول الحكاية قضية التحرش الجنسي، حين تجتمع مجموعة نساء (إيميلي بيشام، وفيرونيكا فيريس، وليلي غاتيان، وفيبي نيكولز) في مغسلة عامة لمناقشة مختلف أشكال الاستغلال في حياتهنّ على يد الرجال، ثم يزورهنّ رجل تجسيد حي لنماذج الرجال التي تتباهى في إغواء النساء مما يثير غضب النساء عليه .
في قصة( المخفي ) للمخرج داني ليفي تلاحق القصة لاجئاً ( الكسندر بلاك ) الهارب من الشرطة بعد تعرضه هو عائلته لهجوم من قبل مجموعة من المتطرفين أرادوا أحراق بيته مما اضطره الدفاع عنهم وقام بطعن أحد المهاجمين . ويختبئ تحت حماية عاهرة ( كارول شولر) التي تسكن في بيت للدعارة . أما مساهمة المخرج المكسيكي (فرناندو إيمبكي)، الذي ينقل لنا محادثة لمراهق يبلغ من العمر 16 عاما (مايكل أنجلو فورتوزي) الذي كان ينتظر قدوم والده ويصادف اليوم عيد ميلاده ، يلتقي بامرأة متحولة جنسيا (دييغو لونا) المضطربة التي انفصلت للتو عن صديقها ، الفتى مراهق يشكك بميوله الجنسية ويطلب المراهق بخجل قبلة – هدية عيد ميلاده .
في قصة (لوسيندا في برلين) تؤدي ديانا أغرون في هذه القصة دوراً مزدوجاً كمخرجة وشريكة في البطولة ، بعد أن وصلت مؤخرا إلى المدينة من أمستردام لتبدأ بداية جديدة بعد الفرار من زواج سيئ ، تفكر كاتارينا في أن برلين مدينة تعرف كيف تلم اجزاءها وتعيد ترتيب حياتها . فتجسّد شخصية مُحرّكة دمى وتقدم عروضها للاطفال في الحدائق العامة وتسهم في إعادة منتج منسيّ في هوليوود (لوك ويلسون) إلى الواجهة . بعد أن يستوحى من صانعة الدمى الشابة الجميلة ( كاتارينا ) أحياء ألامل ، إنها إشارة بسيطة بشكل تلخص تماما سبب كون مدينة برلين واحدة من أكثر المدن المحبوبة في العالم على الرغم من إرثها المضطرب. في الواقع، تقدم كاتارينا نظرة ثاقبة أكثر دقة حول ما يجعل برلين فريدة من نوعها من خلال سطر واحد من الحوار أكثر مما يتمكن بقية الفيلم من القيام به في ما يقرب من ساعتين . في الحكاية الاخيرة ( السفارة ) للمخرج جاستن فرانكلين ، تؤدي سيبيل كيكيلي دور فتاة تستعد كي تصبح صحافية لكنها تضطر للعمل كسائقة سيارة أجرة لإعالة نفسها. وفي احد الجولات تنقل رجلا تطارده سيارة سوداء ( دون معرفة هويتهم ) فيطلب منها توصيله الى السفارة ، وعند نزوله من السيارة يختطف بعد أن يترك ملفاً مهما في المقعد الخلفي الذي تجعله الصحفية بداية لأنطلاقة طموحة . تبدأ القصة الحقيقية حرفياً في المقعد الخلفي لسيارتها . ينتهي الفيلم بسقوط كل من الفنان ذو أجنحة الملاك ( روبرت ستادلوبر في أحضان المغنية سارة ( رافائيل كوهين ) بعد أدائها الصوتي المثير في حديقة تجتمع فيها كل شخصيات الفيلم في قصصه العشرة .
الفيلم سلط الضوء على ألمانيا من خلال مشاهد مختلفة ، وكيف يجد الأجانب برلين كموطنهم الثاني أو الجديد، وخاصة كون الفيلم عبارة عن مجموعة من الأفلام القصيرة التي بالكاد تكون محط تركيز حقيقي وأكثر ما يتعلق بالشخصيات، مع العلم ، تم رفع مشاركة المخرج الصني المعارض " آي ويوي " من القصص المختارة لفيلم "برلين، أنا أحبك" من النسخة النهائية ، وصرح منتجوا الفيلم بأن السبب في ذلك هو ضمان تسويق الفيلم في الصين والحيلولة دون المجازفة في منعه في الصين بسبب مواقف المخرج الصيني "ويوي" السياسية تجاه الصين .
يجمع هذا الشكل، مثل غيره من المسلسلات، قصصا متقاطعة من إخراج مخرجين عالميين – بما في ذلك بيتر تشيلسوم من إنجلترا والسويسري داني ليفي والإيراني ماسي تاج الدين والألماني تيل شفايغر – الذين تلتقط مقالاتهم القصيرة وجهة نظر خاصة وحسب رؤية كل واحد منهم ، تشترك جميع القصص القصيرة العشرة للفيلم في عناصر مشتركة، ولكنها تظل غير منسقة نغميا وغير متماسكة سرديا. بعضها موجز ومتميز، في حين أن البعض الآخر يتداخل ويتشابك ، وبالنظر إلى ماضي برلين المتصدع وتحديات الهجرة الألمانية في حاضر أنجيلا ميركل، فإن المكان يفسح المجال بالتأكيد لموضوعات الهوية والتسامح، ولكن غالبية القصص تثبت أنه يمكن الاستغناء عنها دون الكشف عن هويتها. تعطي "برلين" صورة جيدة بما فيه الكفاية عن مدينتها المضيفة ، وتتعمق في تاريخها المعقد وتعطي لمحات عن جمالها. لكن القليل من القطاعات تربطنا بسكانها وزوارها بأي طريقة ذات مغزى. نادرا ما تشعر شخصياته بأنها حقيقية للجمهور ، وهو خطأ من العديد من المخرجين والكتاب ، وأحيانا الممثلين.
مع هذا النوع من الأفلام ، ليس أمامك سوى بضع دقائق لجذب المشاهدين ، و "برلين" تقف عن غير قصد ، وتدفعنا بعيدا على الرغم من مبادراتها بكونها مكانا للحب و الرومانسية. مجموعة الكتاب والمخرجين وراء إنجاز فيلم" برلين ، أنا أحبك " - بما في ذلك ديانا أغرون (التي تقوم بواجب مزدوج كمخرج ونجم إلى جانب ويلسون) ، وجوستين فرانكلين ، وماسي تاج الدين ، وداني ليفي - تسلط الضوء على مجموعة من الأصوات الغنية والقصص المحتملة التي من الممكن أن تكون ذا تأثير أكبر لو تم اعطاءها زمناً أطول ، وكان الأفضل دمج بعض القصص بقصة واحدة .
ثمة مشكلة في الجو العام ، إذ لا تتماشى حكايات مرحة، على غرار( رقصة برلين ) أو قصة ( نزهة برلين ) مع قصص تعرض مآسي اللاجئين وهمومهم أو قضايا أخرى مثل قضية التحرش الجنسي. ربما يكتشف المشاهد أن فيلم برلين، أنا أحبك" صنعه أشخاص لا يعرفون الكثير عن برلين . الجميع تقريبا في برلين يتحدثون الإنجليزية طوال الوقت، هذه نظرة مشوهة بشكل أساسي للعالم. كان من الممكن استخدام معظم قصص الأجزاء العشرة في تجميع "دالاس ، أنا أحبك" أو " مانتشستر ، أنا أحبك" ، لأن برلين ليست أكثر من مشهد خلفي . حسن النية مثل موجة المشاعر والأداء العاطفي في " برلين،
أنا أحبك " لا تمنح مساحة أو شكل للإبحار حقًا . من خلال عشر قصص غيرمترابطة بشكل فضفاض – هي أن المرء لا يرى في الواقع الكثير من العاصمة الألمانية أو يشعر بالكثير من تأثيرها طوال الفيلم. تشعر الشرائح المختلفة في الغالب كما لو كان من الممكن أن تحدث في أي مدينة كبيرة أخرى في العالم . هناك القليل الذي يجعلهم يشعرون ببرلين بشكل فريد ، في جانب آخر، إمتاز فيلم "برلين، أنا أحبك" ، عامل الجذب الحقيقي هنا هو التصوير السينمائي ، وعلى الرغم من جمال الصور التي التقطها المصور السينمائي كولجا براندت (الشاب كارل ماركس) ، إلا أنها لا تمنح برلين شخصية مميزة وبدلاً من ذلك تقوم ببساطة بتغليفها برداء جميل دون الغوص في الجوهر . ويتساءل المشاهد ، ما الذي يجعل هذه القصص وثيقة الصلة بثقافة برلين وتاريخها؟ كيف يتم استخدام المناظر الطبيعية بشكل فعال لتضخيم القصة؟ . رغم ذالك ، استمتعت حقا بهذا الفيلم. اعتقدت أنها كانت لمحة سينمائية عن برلين بصريا، الفيلم ليس مخصصا بالكامل للحب الرومانسي ولكن للحب بجميع أشكاله، بما في ذلك التضحية والحب للغرباء والحب كقبول. استمتعت أيضا بالتمثيل ، الذي بدا طبيعيا جدا . يستحق دييغو لونا تقديرا خاصا لدوره الرائع - كماكان أداء الممثلة سيبيل كيكيلي متقن لتصويرها الجذاب لسائق سيارة أجرة تطمح أن تكون صحفية ناجحة، بالاضافة الى أداء الانكليزية القديرة (هيلين ميرين) رغم قصر دورها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة


.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با




.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية